حكايات المرآة

هوه جيان ينغ

 

المرآة، الآن، أداة مثل غيرها من أدوات الحياة اليومية، غير أن المرآة، التي كانت تصنع من لوح برونز، شحذ وجهه، وحفر زهور عليه من الخلف، لها في تاريخ الصين حوادث وقصص شيقة كثيرة. الصينيون 

حكم البلاد بالمرآة

وي تشنغ --  الوزير الفاضل لإمبراطور أسرة تانغ، لي شي مين، الملقب تانغ تاي تسونغ كان مشهورا بتقديم النصيحة المخلصة للإمبراطور. في عام 643 م. انتقل وي تشنغ إلى رحاب الله واصاب الإمبراطور غم كبير، فموت الوزير كان خسارة كبيرة للدولة. الإمبراطور، وجه حديثا لوزرائه الآخرين معبرا عن مصابه في وزيره المخلص فقال " أمام المرآة أستطيع أن أرتب وأهندس لباسي، ووفاة وي تشنغ وفاة لمرآتي النفيسة". الصينيون 

عندما كان لي شي مين ينظر في المرآة لم يكن يرى ملامحه فحسب، بل يدرك مبادئ حكم البلاد. كان وي تشنغ المرآة  التي يرى فيها الإمبراطور أخطائه فيصوبها، وعيوبه فيعدلها. الصينيون 

كان وي تشنغ شخصية نزيهة، وكان مثقفا ضليعا؛ بحث وحلل ازدهار وانحطاط الأسر قبل أسرة تانغ، ويلخص العبر والتجارب لتطوير وترسيخ أسرة تانغ. كان دائما يضع مصلحة الدولة والشعب في المقام الأول، وكان يمتلك الجرأة والشجاعة على قول الصدق والحق غير مبال بما قد يلحق به من ضرر. كان ينصح الإمبراطور كثيرا بأن: "يستعد للخطر في وقت السلام"، وأن يختار المسؤولين " وفقا لأخلاقهم وكفاءاتهم"،وبأن "يخفف الضرائب والسخرة" الخ. كان ينصح الإمبراطور كثيرا حتى بعد أن أصبح الوزير الأول. الصينيون 

بلغ عدد النصائح التي أسداها وي تشنغ أكثر من مائتي تاركا "كتب النصائح" بعد وفاته، ذلك الكتاب الذي لم ينته من مسودته، ويتحدث فيه عن موضوع اختيار الشخصيات للوظائف العامة. الصينيون 

لقد أصبح إمبراطور لي شي مين أعظم إمبراطور في تاريخ الصين، ودشن أكثر عصورالمجتمع الإقطاعي الصيني ازدهارا بفضل تشجيعه حرية الرأي وجرأته على تصويب كل خطا وزيغ. الصينيون 

المرآة عادت مجبورة

شهدت الصين فترة من الفوضي نتيجة الحروب، في الفترة من القرن الخامس إلى القرن السادس الميلادي. في عام 589 م، احتل جيش أسرة سوي (581- 618 م) مملكة تشن الصغيرة التي كانت مدينة نانجينغ عاصمة لها بقيادة القائد الأعلى يانغ سو. الصينيون 

تعرضت نانجينغ لفوضي كبيرة؛ فقد فر سكانها مذعورين. وكان في قصر مملكة تشن يوجد زوجان عاشقان، هما الأميرة الجميلة الذكية لهتشانغ وزوجها شيوي ده يان، ولكنهما اضطرا للانفصال، ولهذا شقا المرآة البرونزية، وأخذ كل منهما نصف المرآة، واتفقا أن يبيع كل منهما نصف مرآته في السوق البلدية لعيد الفوانيس أملا في اللقاء مرة أخرى. أسر جيش سوي الأميرة وأرسلها إلى بيت القائد الأعلى يانغ سو، فأصبحت الأميرة ضرّة ليانغ سو. الصينيون 

في عيد الفوانيس في السنة التالية، وصل شيوي ده يان إلى السوق البلدية ومعه نصف المرآة، ولكنه لم يلقاها فاصابه الكدر والهم، غير أنه لمح نصف المرآة في يد خادم في السوق. إنه نصف مرآة الأميرة بالضبط! الخادم أخبر  شيوي ده يان عن حال الأميرة، فاغرورقت عيناه بالدمع وطفق يكتب الشعر على على نصف مرآة الأميرة. الصينيون 

أعطى الخادم نصف المرآة إلى الأميرة بعد عودته، فانهمرت دموعها بعد أن علمت أن زوجها مازال على قيد الحياة. اكتشف يانغ سو ما حدث، ولكنه لم يغضب وتأثر بمشاعر الحب العميق بين هذا الزوجين. وأرسل الأميرة إلى بيت شيوي ده يان. الصينيون 

هذه الحكاية أجملها القول الصيني  "المرآة عادت مجبورة". الصينيون 

تعليق مرآة صافية عاليا

قديما كان الصينيون يعلقون في قاعات الحكم لولايات الدولة لافتة مكتوب عليها "تعليق مرآة صافية عاليا"، تعبيرا عن الرغبة في نزاهة ونظافة يد ولسان الموظف العام. الصينيون 

يحكي أن الإمبراطور تشين شي هوانغ كانت لديه مرآة من البلاد الواقعة غرب الصين وكان يطلق عليها "مرآة تشين". كان يرى فيها قلوب الناس فيميز الثمين من الغث. وكان الموظفون الحكوميون يعتقدون في وجود هذه المرآة ومن ثم يدققون في أعمالهم وأقوالهم. الصينيون 

وفي أسرة سونغ (عام 998-  1022 م)، كان لدى أحد الموظفين مرآة برونزية قديمة مصنوعة في البلدان الواقعة غرب الصين أيضا، وقيل كان ممكنا رؤية مائة كيلومتر عبر هذه المرآة. وقد أراد هذا الموظف تقديم المرآة العجيبة  للوزير الأعلى ليوي منغ تشنغ لتوثيق العلاقة بينهما. قال ليوي منغ تشنغ: "ليست بي حاجة للمرآة التي تستطيع أن ترى منها مائة كيلومتر، لأن وجهي صغير!"  رفض ليوي منغ تشنغ العرض غير الشريف بذكاء. الصينيون 

منذ القدم وإلى الآن يحب الصينيون المرآة، فهي بالنسبة لهم ليست أداة يومية فحسب بل رمز للنور. الصينيون      

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

Return to top