مستقبل
واعد للعلاقات الصينية المصرية
آن
هوي هو سفير الصين لدى مصر
سابقا

النيل
الذي ينبع من هضاب شرق أفريقيا قاطعا الجبال والغابات
والصحراء ليصب في البحر المتوسط أثمر واحتضن الحضارة المصرية
القديمة الباهرة، التي تقف الأهرام العظيمة والأقصر الساحرة
شاهدة لها. وبالمثل فإن النهر الأصفر ونهر اليانغتسي اللذين
ينبعان من هضبة تشينغهاي-التبت ويمران بالأودية والمروج
والصحراء والسهول أثمرا واحتضنا الحضارة الصينية
الباهرة، التي يشهد بها سور الصين العظيم وتماثيل الجنود
والخيول الصلصالية والأدوات الجنائزية في سانشينغدوي.
قدمت الحضارتان العريقتان إسهاما عظيما لتطور الحضارة
العالمية وتقدم البشرية. قبل ألفي عام، ربط طريق الحرير
القديم هاتين الحضارتين، وبدأ الشعبان الصيني والمصري
اتصالاتهما وصداقتهما. والتنمية
إلى
القرن العشرين، شهد هذان البلدان تغيرات هائلة، حيث دحر
الشعب الصيني بعد كفاح دموي المعتدين اليابانيين، وأطاح
بحكم الكومينغتانغ الرجعي وأقام جمهورية الصين الشعبية
عام 1949، بينما قام الشعب المصري بثورة 1952 بنجاح ثم
أقام جمهورية مصر العربية، التي كانت أول دولة أفريقية
وعربية تعترف بالصين الجديدة عام 1956 فدخلت علاقات التعاون
الودي بين البلدين مرحلة هامة للتطور. تتمسك مصر بسياسة
"الصين الواحدة" وتدعم الصين في استعادة حقوقها
المشروعة في الأمم المتحدة. وتؤيد الصين مصر في نضالها
العادل لحماية الاستقلال القومي وسيادة الدولة، وتدعم
الدول العربية لاستعادة الحقوق الفلسطينية المشروعة. تتبادل
الصين ومصر التعاطف والتأييد سياسيا وتتعاونان على أساس
المنفعة المتبادلة اقتصاديا، وتعززان التبادل والاستفادة
المتبادلة ثقافيا. الزيارات المتبادلة على المستوى الرفيع
كثيفة مع زيادة متواصلة في التبادلات الشعبية. والتنمية
بعد
تولي حسنى مبارك رئاسة مصر عام 1981 شهدت العلاقات الثنائية
تطورا شاملا راسخا ومستقرا، حيث زار الرئيس مبارك الصين
8 مرات، والتقى مع قادة الصين من كل الأجيال. عندما زار
الصين عام 1999 وقع مع الرئيس الصيني السابق جيانغ تسه
مين البيان المشترك حول إقامة علاقات التعاون الاستراتيجي
نحو القرن الحادي والعشرين. بالنسبة لهذا القرار الهام
أرى أن نقطتين تستحقان اهتماما خاصا؛ الأولى رفع علاقة
الصداقة والتعاون بين الصين ومصر إلى مستوى استراتيجي؛
الثانية علينا أن نرى هذه العلاقات من زاوية القرن الحادي
والعشرين الجديد، وتحديد مضمون التعاون الاستراتيجي انطلاقا
من الوضع الدولي والمحلي الجديد أمام القرن الجديد، ويجب
رسم خريطة التعاون الاستراتيجي للبلدين بعين القرن الجديد.
والتنمية
بعد
أحداث 11 سبتمبر، اتخذت الولايات المتحدة من مكافحة
الإرهاب وحظر انتشار أسلحة الدمار مهمة أولى لسياستها
الخارجية والأمنية، فشنت في العالم حربا لمكافحة الإرهاب
وانتشار أسلحة الدمار الشامل، وجعلت ميدان الحرب الرئيسي
في الشرق الأوسط. ومحور السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط
هو مكافحة الإرهاب وانتشار أسلحة الدمار وتعميم الديمقراطية
لأنها تعتقد أن هذه السياسة يمكنها أن تستأصل الإرهاب
وترسخ وتعزز مكانتها الرئيسية في الشرق الأوسط لتسيطر
على البترول في هذه المنطقة. لذلك شنت الحرب ضد العراق
غير آبهة بمعارضة المجتمع الدولي وبدون تفويض من الأمم
المتحدة. حققت انتصارا عسكريا في هذه الحرب، لكنها
تواجه تدهور الوضع الأمني وتباطؤ الإعمار السياسي وصعوبة
الإعمار الاقتصادي. وأصبح العراق مسرحا للقوى العراقية
المناهضة لأمريكا وهجوم القوى الإقليمية المعارضة للقوات
الأمريكية. وتتزايد من جديد بعد حرب العراق الأعمال الإرهابية
الدولية التي خفت لفترة بعد حرب أفغانستان. لهذا يشهد
الوضع في الشرق الأوسط توترا واضطرابات مستمرة؛ ويزداد
عنف الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بين حين وآخر؛ وخريطة
الطريق للسلام في الشرق الأوساط لا يمكن تطبيقها؛ وتواجه
كثير من دول الشرق الأوسط تهديدا وضغطا من القوة العظمى،
تعيش في توتر وقلق محاولة إيجاد حل لحماية أنفسها. والتنمية
مصر
إحدى الدول الكبيرة في الشرق الأوسط، تحمي مصالح الأمة
العربية دائما، وتدفع التضامن في العالم العربي، تبذل
جهودا كدودة لتحقيق السلم والاستقرار والتنمية الإقليمية.
تجاه الوضع الخطير الحالي، تتمسك مصر بالمبادئ وتتجنب
المجابهة؛ وتعزز التشاور وتدفع التضامن؛ تواجه الوضع الجديد
بموقف إيجابي وبمبادرة؛ تعمل على تحقيق السلم والحفاظ
على الأمن. والتنمية
الصين
كونها دولة اشتراكية كبيرة وبلدا ناميا، ترى أن السنوات
العشرين الأولى من القرن الحادي والعشرين هي فترة الفرصة
الاستراتيجية للسلم والنهوض. الصين التي تعي أنه لن تنشب
حرب عالمية، ويمكن للعالم أن يعيش في سلام واستقرار بصورة
عامة مع عدم انقطاع الحروب الإقليمية والجزئية والتوتر
في بعض الأقاليم، تعمل على حماية السلم العالمي
وتعزيز التنمية المشتركة للدول النامية. ويحتاج نهوض الصين
السلمي إلى بيئة دولية سلمية. ندعو إلى ديمقراطية العلاقات
الدولية، ونعارض سياسة القوة والنزعة الانفرادية؛ نعارض
الإرهاب بكل أشكاله، ولا نوافق على اصطناع صدام الحضارات
باسم مكافحة الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول
الأخرى والاعتداء على سيادة الدول الأخرى، وفرض أي بلد
قيمه ونظامه الاجتماعي على الآخرين. والتنمية
تيار
العولمة الاقتصادية لا يقاوم ولن يتراجع توجه الأقطاب
المتعددة. يشكل توسع الفجوة بين الجنوب والشمال يوميا
تهديدا خطيرا للسلم العالمي والتطور المتوازن للبشرية.
وأصبحت الأمراض والمخدرات وتلوث البيئة وغيرها من عوامل
الأمن غير التقليدية مشاكل مشتركة تواجه البشرية جمعاء.
والتنمية
تجاه
هذا الوضع العالمي هناك كثير من المواقف المشتركة بين
الصين ومصر تحتاج إلى التنسيق والدعم المتبادل؛ وكثير
من المصالح تحتاج إلى التعاون المتبادل والحماية المشتركة.
تبادل قادة البلدين الزيارات بينهم ليس طبيعيا فقط، بل
ضروري، تجاه الوضع الدولي المعقد والمتغير، المهمة الأكثر
إلحاحا للصين ومصر وكل الدول النامية هي أن تصبح متطورة
وقوية، ليعيش أبناؤها حياة رغيدة. كما علينا أن نتقدم
مواكبي العصر ونطور الإصلاح ونسرع بالتنمية. في هذه الناحية
هناك أشياء كثيرة يمكن للصين ومصر أن يتعلم من بعضهما
البعض. علينا أن ندفع تطور العلاقات الاقتصادية والتجارية
بين البلدين بنظرة بعيدة المدى، ونحل المشاكل التي تظهر
أثناء عملية تطور التعاون الاقتصادي والتجاري بصورة إيجابية
وبشكل مناسب في مسعى لتحقيق المنفعة المتبادلة. في عام
1994 كان حجم التبادل التجاري بين البلدين حوالي 300 مليون
دولار، ثم ارتفع إلى 750 مليون دولار، وتجاوز 900 مليون
دولار عام 2001. ولما كان الميزان التجاري يميل لصالح
الصين فإن البلدين يعملان معا على زيادة صادرات مصر إلى
الصين، التي وصلت قيمتها 100 مليون دولار في الأشهر
التسعة الأولى من عام 2003، بزيادة أكثر من 50% عن نفس
الفترة من عام 2002، مما حقق تقدما مشجعا. في عام 2000
استثمرت المؤسسات الصينية 62ر16 مليون دولار في مصر، وصلت
53 مليونا حاليا، بمعدل زيادة كبير للغاية. للتعاون الاقتصادي
والتجاري بين الصين ومصر مستقبل مشرق، وعلينا أن نعزز
أيضا التبادل الثقافي والشعبي لزيادة التعارف وتعميق الصداقة
لتستفيد الحضارتان العظيمتان بعضهما من بعض في سبيل التكامل
المتبادل والتنمية المشتركة. والتنمية
تاريخ
العلاقات الدبلوماسية بين البلدين حوالي 50 عاما. خلال
هذه الفترة حافظ البلدان دائما على علاقات تعاون تتمثل
في التضامن والمودة والدعم المتبادل والتنسيق للمساهمة
في السلم والاستقرار والازدهار العالمي والإقليمي. هذه
العلاقات تتفق والمصالح الأساسية للشعبين، لذلك هذه العلاقات
ذات حيوية قوية. تنهض الصين حاليا، وستنهض مصر أيضا. في
السنوات الخمسين القادمة وعلى المدى الأبعد، ستلعب علاقات
التعاون الاستراتيجي بين الصين ومصر دورا إيجابيا في نهوض
البلدين، وفي السلم والتقدم العالمي والإقليمي. والتنمية