محتويات العدد 2 فبراير (شباط) 2004
الرجل

رجل في بيتي .. يشتري الخضار! الرجل

يانغ جيان فن

الصين دولة تساوي بين الرجل والمرأة، فالمرأة مثل الرجل لها عمل خارج البيت. ولكن عندما يكون الاثنان داخل جدران البيت الرجل هو رب الأسرة وصاحب البيت والركن الأساسي في الأسرة. زوجي لا يتحمل من مسئوليات البيت سوى كسب المال، معتقدا أن هذا يكفي الرجل. زوجي مشغول في عمله بشركة تجارية وليس لديه الوقت الكافي للاهتمام بالشئون المنزلية، وخاصة الأعمال المنزلية، ولا يريد أن يهتم بها في الحقيقة. لشراء

أنا المسئولة الحقيقية عن شراء مستلزمات البيت اليومية برغم أنني أعمل في مجلة "الصين اليوم"، وهذا يتعبني فعلا. لشراء

ذات يوم تشاورت مع زوجي، واقترحت عليه أن يشتري هو الخضار في عطلة نهاية الأسبوع وأشتريه أنا الأيام الخمسة الأخرى. وافق على اقتراحي. لم أقل له أكثر من بعض الإرشادات لكيفية شراء الخضار، كأن يشتري الأفضل بعد أن يقارن الأسعار بين مختلف البائعين، وكيف يساوم البائعين في السعر. ولما كان زوجي رجلا متوسط العمر مثلي ظننته يعرف جيدا كيف يؤدي هذه المهمة السهلة. لشراء

في صباح يوم السبت نهضت من نومي مبكرا كعادتي ولأول مرة لم أذهب إلى سوق الخضار. جلست أنتظر زوجي يفيق من نومه ليشتري الخضار. بعد ساعة تقريبا استيقظ زوجي وبعد ساعة أخرى خرج من البيت، فيما توقعت أنا أنه ذاهب إلى سوق الخضار. بعد قليل عاد بعلي حاملا فاصوليا ذابلة وبطاطس وطماطم تحتاج إلى مجهر لتحديد معالمها. لشراء

جلس زوجي مزهوا موجها كلامه لي بأنه اشتري هذا الخضار بسعر أرخص مما أشتريه. سألته: من أين اشتريت هذا الخضار، الذي فعلا رخيص نسبيا ولكن نوعيته رديئة، وأردفت بأن المهم هو الجودة وليس السعر. أجابني بأنه اشتراه من كشك الخضار الذي يقع عند بوابة المجمع السكني. ولكن لماذا لم تذهب إلى السوق، سألته، فالسعر هناك أرخص والنوعية أفضل والخضار طازج غالبا. قال إن المرأة مخلوق دقيق مدقق وصمت. لشراء

أدركت أن زوجي يتعامل، مثل معظم الرجال الصينيين، مع الشؤون المنزلية بقليل من الاكتراث، لأن الرجل الصيني يسمى دانانرن أو نانتسيهان، أي الرجل الحقيقي، ولا يشغل نفسه بأمور البيت؛ كبيرها وصغيرة حتى لا يقال عنه نيانغنيانغتشيانغ، أي الرجل الشديد الدقة الذي يتكلم بلسان المرأة، تعلمت أنا الدرس ولم أعد أتحدث معه في مسألة الخضار. لشراء

بعد أكثر من شهر فوجئت ذات يوم بابننا البالغ من العمر عشر سنوات، وليس زوجي، ينهض من نومه قائلا إنه سيذهب إلى الكشك ليشتري الخضار! سألته: لماذا أنت، وليس أبوك. قال الطفل إن أباه طلب منه أن يشتري الخضار بدلا منه لأنه متعب من العمل، ولا يريد أن ينهض مبكرا. لشراء

هذا ما كان متوقعا، فأنا أعي جيدا أن زوجي رجل من هذا النوع ولكنني لا أريد أن يصبح ابني مثل أبيه في المستقبل. كوني أما، مثل كثير من الأمهات اللاتي لديهن طفل واحد، لم أكن أتمنى أن يصحو ولدي مبكرا لشراء الخضار ولكنني رأيت أن علينا أن نتيح لهم الفرصة للتجربة ولو في شيء بسيط مثل شراء الخضار، فهذه بداية لتعلم الانخراط في المجتمع. لشراء

قلت كثيرا من الإرشادات للطفل قبل أن يخرج لشراء الخضار وطلبت منه أن ينتقي الأفضل، ويساوم مع البائعين، وينتبه للوزن. وعاد ابني حاملا نفس الخضار الذي حمله أبوه، وهذا ما كان متوقعا أيضا، وحاولت أن أكرر إرشاداتي بلهجة ناقدة أولا، ولكنني لاحظت منه عدم قبول لانتقاداتي مفاخرا بأنه يفعل ذلك لأول مرة في حياته، بل شعر بأنه يتحمل مسئولية بيته كرجل مثل الرجل الكبير، هنا تحولت من النقد إلى الثناء. بعد فترة صار ابني بارعا في  شراء الخضار، وقد فاق أباه في هذا، على الأقل في نظري. لشراء

--+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-+-

 

 

 

 


 

 

قصة في صورة
موضوع تسجلي

 

Address: 24 Baiwanzhuang Road, Beijing 100037 China
Fax: 86-010-68328338
Website: http://www.chinatoday.com.cn
E-mail: chinatoday@263.net
Copyright (C) China Today, All Rights Reserved.