كلنا شرق < الرئيسية

منتدى التعاون الصيني- العربي.. نموذج للتعاون بين دول "الجنوب العالمي"

: مشاركة
2024-05-07 14:53:00 الصين اليوم:Source دينغ لونغ:Author

يصادف عام 2024 الذكرى السنوية العشرين لتأسيس منتدى التعاون الصيني- العربي، ففي الثلاثين من يناير عام 2004، أعلنت الصين وجامعة الدول العربية معا عن إنشاء منتدى التعاون الصيني- العربي، الذي عقد تسعة اجتماعات وزارية حتى الآن. ويضم منتدى التعاون الصيني- العربي الصين واثنتين وعشرين دولة عربية، تمثل ما يقرب من ربع إجمالي سكان العالم، وتلعب دورا محوريا في الاقتصاد العالمي والتجارة الدولية وأمن الطاقة، فضلا عن السلاسل الصناعية وسلاسل التوريد وسلاسل القيمة. بعد عشرين عاما من التطور، أصبح منتدى التعاون الصيني- العربي منصة مهمة لتعزيز التبادلات الصينية- العربية وتعزيز التعاون الصيني- العربي، ومعيارا للتضامن والتعاون بين الدول النامية، ونموذجا لتعاون الجنوب- الجنوب، ورمزا لنهوض دول "الجنوب العالمي".

ارتفاع مطرد في مستوى التعاون المؤسسي

على مدى السنوات العشرين الماضية، أنشأ منتدى التعاون الصيني- العربي سبع عشرة آلية، بما فيها ندوة العلاقات الصينية- العربية والحوار بين الحضارتين الصينية والعربية في إطار منتدى التعاون الصيني- العربي، والمنتدى الصيني- العربي للإصلاح والتنمية، ومؤتمر رجال الأعمال الصينيين والعرب وندوة الاستثمارات، ومؤتمر التعاون الصيني- العربي في مجال الطاقة، ومؤتمر الصداقة الصينية- العربية، ومنتدى التعاون الصيني- العربي في مجال الصحة. وقد عززت هذه الآليات التبادلات المنتظمة بين الجانبين على جميع المستويات وفي مختلف المجالات، ومكنت التبادلات والتعاون بين الجانبين من التقدم المطرد بطريقة مخططة، ووسعت نطاق المشاركة في التعاون الصيني- العربي، وشجعت الجانبين على تنفيذ التعاون في مختلف المجالات على مستوى التصميم الرفيع المستوى وتنسيق السياسات، وحققت نتائج مثمرة.

في إطار منتدى التعاون الصيني- العربي، ظل التعاون يتوسع بين الصين والدول العربية في ظل مبادرة "الحزام والطريق" وغيرها من الآليات. في نوفمبر عام 2023، ومع توقيع مذكرة التفاهم حول البناء المشترك لـ"الحزام والطريق" بين الحكومة الصينية والحكومة الأردنية، وقعت الصين وثائق تعاون بشأن البناء المشترك لـ"الحزام والطريق" مع جميع الدول العربية الاثنتين والعشرين وجامعة الدول العربية. وأعلنت سبع عشرة دولة عربية دعمها لمبادرة التنمية العالمية، وأصبحت خمس عشرة دولة عربية أعضاء في البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية، وشاركت أربع عشرة دولة عربية في مبادرة التعاون بين الصين وجامعة الدول العربية في مجال أمن البيانات. وبالمقارنة مع آلية التحالف التقليدية، فإن آلية منتدى التعاون الصيني- العربي تتميز بمرونة أكبر وإلزامية أقل وتكلفة منخفضة وفائدة كبيرة. ويلعب المنتدى دورا مهما في التعاون من خلال "دعم التعاون المتعدد الأطراف للتعاون الثنائي".

زعماء الجانبين يقودون الطريق

في الحقيقة، إن السبب المهم لنجاح منتدى التعاون الصيني- العربي يرجع إلى صواب إرشاد زعماء الجانبين، فبتوجيه من دبلوماسية زعماء الجانبين، زاد التعاون الصيني- العربي من ارتفاع الكم إلى ارتقاء الجودة، ومن تفعيل مخزون التنمية الموجود إلى إصلاح حجم زيادة التنمية، وقد تحققت سلسلة من الإنجازات البارزة والاختراقية في مختلف المجالات، وتم إثراء وتعميق نمط التعاون الشامل والمتعدد المستويات والواسع النطاق بشكل مستمر.

عقدت القمة الصينية- العربية الأولى في الرياض، عاصمة السعودية، في ديسمبر عام 2022، حيث اجتمع قادة الصين والدول العربية لمناقشة تنمية العلاقات الصينية- العربية، إيذانا ببداية حقبة جديدة لمنتدى التعاون الصيني- العربي بتوجيه قادة الجانبين. وأصدر الاجتماع "إعلان الرياض للقمة العربية- الصينية الأولى"، و"الخطوط العريضة لخطة التعاون الشامل بين الصين والدول العربية"، و"وثيقة تعميق الشراكة الإستراتيجية الصينية- العربية من أجل السلام والتنمية". وخلال الاجتماع، اتفق الجانبان الصيني والعربي على بذل كل جهد ممكن لبناء رابطة المصير المشترك الصينية- العربية للعصر الجديد.

وتعد القمة الصينية- العربية أعلى درجة من الاجتماعات بين الصين والدول العربية منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني- العربي قبل عشرين عاما، وهي نتيجة طبيعية للتعاون الصيني- العربي في مختلف المجالات بعد أن وصلت إلى مستوى عال من السعة والعمق. وتعد القمة علامة فارقة في العلاقات الصينية- العربية، مما يدل تماما على أن المستوى المؤسسي لمنتدى التعاون الصيني- العربي قد ارتقى إلى ربوة جديدة، وأن التعاون الصيني- العربي قد شرع في رحلة من نقطة انطلاق تاريخية جديدة.

ثمار التعاون العملي

منذ تأسيس منتدى التعاون الصيني- العربي، حقق التعاون بين الصين والدول العربية اختراقات كثيرة، وحقق الجانبان باستمرار نتائج مثمرة في مجالات الاستثمار والبنية التحتية والطاقة والعلوم والتكنولوجيا والتمويل. الصين هي أكبر شريك تجاري للدول العربية لسنوات عديدة. كان حجم التبادل التجاري بين الصين والدول العربية 7ر36 مليار دولار أمريكي في عام 2004، عندما تم إنشاء منتدى التعاون الصيني- العربي، وارتفع إلى أكثر من 430 مليار دولار أمريكي في عام 2022. وخلال السنوات العشرين الماضية، زاد الاستثمار الصيني- العربي في الاتجاهين بشكل كبير، وتوصل الجانبان إلى أكثر من مائتي مشروع تعاون واسع النطاق في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، استفاد منها ما يقرب من ملياري شخص. وتثبت النتائج المثمرة للمنتدى تماما الثقة المتبادلة وامتزاج المصالح في التعاون الصيني- العربي، وهي المورد الأكثر قيمة للعلاقات الصينية- العربية.

ومنذ طرح مبادرة "الحزام والطريق"، استجابت الدول العربية بشكل إيجابي، ودخل التعاون العملي الصيني- العربي الطريق السريع. وتحمل الصين والدول العربية الروح الودية المتمثلة في "التضامن والتآزر والمساواة والمنفعة المتبادلة والشمول والاستفادة المتبادلة"، وتضيف قوة إلى التعاون في التبادلات الاقتصادية والتجارية والترابط والتواصل والاقتصاد الأخضر والتعاون الزراعي من خلال مبادرة "الحزام والطريق". وفي إطار مبادرة "الحزام والطريق"، زاد الاستثمار الثنائي الاتجاه بين الصين والدول العربية بسرعة، وتم تنفيذ عدد كبير من مشروعات البنية التحتية والزراعة والصناعة تدريجيا.

على الساحل الغربي للمملكة العربية السعودية، تساعد مصفاة ينبع الاقتصاد السعودي على التحول والارتقاء، مما أفاد معيشة السكان المحليين؛ وفي مناطق جبال الأطلس، شق الطريق السريع كـ"الشريان الرئيسي" الحاجز بين شمال الجزائر وجنوبها لتسهيل النقل والمواصلات؛ وعلى صحراء أبو ظبي الشاسعة، تشكل سلسلة من الوحدات الكهروضوئية لمحطة الظفرة للطاقة الشمسية "واحة طاقة" للإمارات العربية المتحدة؛ في الفضاء السحيق الذي تتناثر فيه النجوم، يوفر القمر الاصطناعي "مصر سات- 2" الصيني الصنع خدمات لمسح موارد الأراضي والمحافظة على المياه والزراعة وغيرها من المجالات، وهو أمر ذو أهمية كبيرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في مصر وتحسين معيشة الناس. من الترابط والتواصل إلى التنمية الخضراء، وإلى التعاون في اقتحام الفضاء، يستمر التعاون الصيني- العربي في التوسع والتعمق، لبناء "حزام التنمية" و"جسر الربط" و"طريق السعادة" بين الصين والدول العربية.

التعلم المتبادل بين الحضارات يعزز التفاهم المتبادل

أشار الرئيس شي جين بينغ إلى أن "الحضارتين الصينية والعربية شهدت عبر التاريخ تفاعلا وتبادلا. ويعمل الجانبان الصيني والعربي اليوم على الاستفادة من الحكمة والثروة لحضارة الجانب الآخر". يتمتع كل من الجانب الصيني والجانب العربي بتاريخ طويل من الحضارة والموارد الثقافية والفنية الغنية. إن تعزيز التعاون الثقافي وسيلة فعالة لتقوية التبادلات والإفادة والاستفادة بين الحضارات وربط قلوب الشعوب ومواصلة خلق مستقبل أفضل. وفي إطار منتدى التعاون الصيني- العربي، حققت الصين والدول العربية إنجازات ملحوظة في تعزيز التبادلات البشرية وتقوية الروابط بين الشعوب.

شهدت الدول العربية في السنوات الأخيرة ظاهرة "الولع بالصين". بحلول نهاية عام 2022، بلغ عدد معاهد كونفوشيوس في الدول العربية عشرين معهدا، وأدرجت مصر والسعودية والإمارات ودول عربية أخرى اللغة الصينية كلغة أجنبية ضمن مناهجها التعليمية الرسمية. قام الجانبان الصيني والعربي ببناء الموقع الإلكتروني للمكتبة الرقمية الصينية- العربية ونفذا الترجمة المتبادلة للأعمال الكلاسيكية والحديثة والمعاصرة. وتلتزم الصين بدعوة مائة عالم شاب من العالم العربي إلى الصين لإجراء البحوث العلمية والتبادلات الشعبية، وثلاثة آلاف شاب لإجراء التبادلات الثقافية الصينية العربية، وعشرة آلاف من الأكفاء العرب لإجراء تدريب مهني في مجال التخفيف من حدة الفقر والصحة والتنمية الخضراء. تعد فعالية "طريق الحرير للفنون" مشروع تبادل ثقافي مهما في إطار منتدى التعاون الصيني- العربي، من عام 2009 إلى عام 2023، عقدت إحدى عشرة دورة، ودعي أكثر من مائة فنان من اثنتين وعشرين دولة عربية لزيارة الصين وتم إبداع ما يقرب من خمسمائة لوحة وعمل نحت وزخرفة. في معرض الرياض الدولي للكتاب 2023، التقت مجموعة من الكتب الصينية المتميزة مع قراء من الدول العربية، وعقدت عدة أنشطة للتبادل الثقافي الصيني- السعودي، مما ضخ زخما جديدا في تعزيز التعاون في مجال النشر الصيني- العربي وتعزيز التبادلات والاستفادة المتبادلة بين الحضارات. وفي أنشطة التبادلات البشرية في إطار منتدى التعاون الصيني- العربي، التقى الجانبان وتحاورا والتقيا وتعلما من بعضهما البعض ومارسا مبادرة الحضارة العالمية وأصبحا نموذجا للتعلم المتبادل بين الحضارات.

إن الصين والدول العربية، باعتبارها من دول "الجنوب العالمي" المهمة في العالم وقوة مهمة على الساحة الدولية، اتخذت من منتدى التعاون الصيني- العربي معيارا للتنفيذ المشترك لمبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمي ومبادرة الحضارة العالمية، ودعم بعضها البعض على الساحة السياسية الدولية لفترة طويلة، وتواصل التعاون المربح للجانبين في تيار العولمة الاقتصادية. تعاني الدول العربية من تدخل القوى الكبرى والصراعات الجيوسياسية. وبوساطة الصين النشيطة، حققت السعودية وإيران مصالحة تاريخية، وانطلقت "موجة من المصالحة" في الشرق الأوسط. منذ اندلاع الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، وقفت الصين بحزم إلى جانب الإنصاف والعدالة، وقامت بحملة من أجل وقف إطلاق النار ووقف العنف، وبذلت قصارى جهدها لحماية المدنيين. كما تعمل الدول العربية في شراكة مع الصين لاستبدال الأولويات الأمنية بأولويات التنمية، والصين مستعدة للمشاركة مع الشركاء العرب في التبادلات والتعاون في مجال التنمية. كما تدعم الدول العربية بحزم جهود الصين لحماية سيادتها وأمنها ومصالحها التنموية.

استشرافا للمستقبل، تتسارع وتيرة التغيرات الكبيرة التي لم يشهدها العالم منذ قرن. ستستخدم الصين والدول العربية منتدى التعاون الصيني- العربي كمنصة لتطوير التعاون العملي في مجالات الأمن والسياسة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والمجالات البشرية والثقافية، والتمسك بمفهوم العلاقات الدولية الجديد القائم على الاحترام المتبادل والإنصاف والعدالة والتعاون المربح للجانبين، والعمل معا لتحقيق حلم الرخاء الوطني والنهضة الوطنية، والعمل معا لبناء رابطة مصير مشترك صينية- عربية في العصر الجديد.

--

 

دينغ لونغ، أستاذ في معهد دراسات الشرق الأوسط بجامعة شانغهاي للدراسات الدولية.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4