مقالات من المجلة | منتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي

المشروعات الصينية تجلب فرصا جديدة في كازاخستان

2017-02-28 14:42

أكتوجاي، بلدة صغيرة في شرقي كازاخستان، تمر بها عشرات الآلاف من القطارات كل سنة، كونها عقدة مواصلات هامة على الجسر الأوراسي البري الجديد. يقصد بهذا الجسر، خطوط السكك الحديدية التي تربط بين قارتي آسيا وأوروبا، مرورا بدول آسيا الوسطى. هذه البلدة، التي نشأت بفضل مرور القطارات، تكتسي بملامح جديدة بفضل الثروة التي اكتشفت تحت ثراها من النحاس الذي يقدر الاحتياطي منه بمليار وثملنمائة وخمسين مليون طن. وبمساعدة الصين، تجري حاليا أعمال بناء مصنع لتجهيزالنحاس. هذه الثروة سوف ترفع الحجاب على وجه أكتوجاي أمام العالم.

تقنيات حديثة وصناعة جديدة

كازاخستان من أكبر الدول الداخلية في العالم، وتجاور الصين. وبرغم أن كازاخستان دولة شاسعة المساحة وافرة الثروات، فإنها لأسباب تاريخية، لا تمتلك بنية تحتية صناعية شاملة، ما يحد من قدرتها على تحويل ثرواتها إلى منتجات عالية القيمة عبر التصنيع. لذا، حددت الحكومة الكازاخستانية التنمية الصناعية هدفا لتحقيق تنمية الدولة. في سبتمبر عام 2013، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ، أثناء زيارته الرسمية إلى كازاخستان، إلى بناء "الحزام والطريق"، وقد لبت كازاخستان هذه الدعوة بحماسة. توصلت قيادتا البلدين إلى توافق الآراء بشأن استراتيجية التنمية. والآن، تعمل الشركات الصينية بنشاط في كافة المجالات في كازاخستان.

في نهاية عام 2014، وقعت كازاخستان اتفاقا قيمته خمسمائة وثلاثين مليون دولار أمريكي مع الشركة الصينية للهندسة وصناعة المعادن غير الحديدية (NFC) لبناء مصنع لتجهيزالنحاس. تغلب الجانب الصيني على ضيق الوقت ومشقة العمل والاجراءات المعقدة، ونجح في إنجاز التجهيزات الأساسية، وسوف يبدأ تشغيل هذا المصنع بشكل رسمي في مارس عام 2017.

في أحد مواقع تنفيذ المشروع، ترى أحزمة نقل طولها ثلاثة آلاف متر، وبنايات المصنع العالية، وأكوام من خام النحاس. قال مدير قسم الإدارة مصنع أكتوجاي للنحاس وي يوي قوانغ، إن الخرسانة المسلحة في هذا المشروع استخدم فيها 113 ألف متر مكعب من الأسمنت و17 ألف طن من الفولاذ، ومد 512 ألف متر من الكابلات. يطبق هذا المشروع المعايير الغربية لتحقيق هدف "الجودة الأوروبية والسرعة الصينية".

يخدم هذا المصنع أبناء بلدة أكتوجاي وتنميتها الاقتصادية. كوشيموف، الذي يعمل مسّاحا في هذا  المشروع، قال: "أعمل في هذا المشروع منذ أكثر من سنة، وأتقاضى راتبا مرضيا. تعاملت مع زملائي الصينيين وتعلمت اللغة الصينية منهم. بعد إنجاز بناء المصنع، ستبلغ قدرته الإنتاحية خمسمائة الف طن من النحاس باستخدام 30 مليون طن من الخام، وسيوفر ألفي فرصة عمل للمحليين. الأهم من ذلك، أنه مع إتمام بناء المصنع سوف تنشأ هنا بلدة جديدة على أساس الصناعة الجديدة والتقنيات الحديثة."

تجديد وتحديث بأجهزة وتقنيات صينية

بافلودار مدينة صناعية تقليدية في شمال شرقي كازاخستان، حيث يقع فيها ثالث أكبر مصنع للبتروكيماويات في كازاخستان. ومن أجل تحسين جودة المنتجات البترولية، وحماية البيئة، تجري حاليا أعمال تجديد هذا المصنع، بالأجهزة والتقنيات الصينية.

وقعت شركة NFC اتفاقا قيمته مائة وسبعون مليون دولار أمريكي في يوليو عام 2016 مع الجانب الكازاخي لتجديد وتحديث أجهزة المصنع. قال المدير العام للمشروع، تشانغ جيان بين، إن 95% من معدات وأجهزة هذا المشروع مصنوعة في الصين، وتُستخدم في المشروع التقنيات الصينية. وأضاف: "تتميز الأجهزة الصينية بنضوج التقنيات وسهولة التشغيل وانخفاض معدل التعطل، وقد وصلت جودة بعض الأجهزة منها مستوى عالميا متقدما."

قال نائب مدير المشروع، تشانغ تشنغ وو: "نقوم بتعديل وتجديد معدات الكبرتة، التي تعالج المياه والغازات العادمة أثناء تصنيع البترول. بعد تجهيز هذه المعدات، سوف يصل معدل انبعاثات المصنع إلى معايير الدول المتقدمة." بالإضافة إلى حماية البيئة، يمكن لهذه المعدات أن تحول الغازات الضارة المنبعثة من المصنع، مثل ثاني أكسيد الكبريت، وكبريتيد الهيدروجين إلى الكبريت. يبلغ حجم إنتاج الكبريت بهذه الطريقة ستين ألف طن.

وقال مراقب المشروع وكبير مهندسي مصنع بافلودار للبتروكيماويات، نيداشكوفسكي: "نتعاون مع الجانب الصيني بشكل سليم، وهذا هو ثالث مشروع تعاون مع الجانب الصيني. أقدر جودة وسرعة العمل للصينيين، فقد اجتازت أجهزتهم التجارب من كل نوع. بفضل نظرائنا الصينيين، سوف نتمتع ببيئة أكثر نظافة."

بالنسبة للشركات الصينية التي تذهب للخارج اعتمادا على الجودة العالية والفعالية العالية، سوف يكون المستقبل أكثر إشراقا. وقد تفقد رئيس وزراء كازاخستان السابق كريم ماسيموف مشروع تجديد وتحديث مصنع بافلودار للبتروكيماويات في أغسطس عام 2016، وأثنى عاليا على دور الجانب الصيني في المشروع. قال نيداشكوفسكي: "أعتقد أن الجانب الصيني سيكون اختيارنا الأول للتعاون معنا في الخطوات القادمة لإصلاح وتحديث المصنع."

هناك كثير من المشروعات المشابهة التي تجسد التعاون بين الصين وكازاخستان في مجال البناء. وقد أكد سفير الصين لدى كازاخستان، تشانغ هان هوي، أن الصين وكازاخستان تعملان على تعميق التعاون بصورة شاملة. وقد بلغ عدد مشروعات التعاون بين البلدين في زيادة قدرة الإنتاج والاستثمار واحدا وخمسين مشروعا، قيمتها الإجمالية 8ر26 مليون دولار أمريكي، في قائمة المشروعات التي قد تم إنجازها في المرحلة الأولى. وأشار السفير تشانغ إلى أن مبادرة "الحزام والطريق" و"التعاون في مجال قدرة الإنتاج" يهيئان فرصا جديدة للعلاقات بين البلدين بدعم القيادتين، وأن الجانب الصيني على استعداد تام للتعاون مع الجانب الكازاخي من أجل مستقبل أكثر إشراقا.