أخبار متجددة | 砥砺奋进的五年

صحراء كوبوتشي على درب الحياة الرغيدة

2016-11-01 09:00

كوبوتشي هي سابع أكبر منطقة صحراوية في الصين. وإذا كان الشائع أن الظروف الجغرافية والمناخية القاسية تعني صعوبة الحياة، فإن الأمر يختلف في كوبوتشي التي تغطي الأشجار ثلث مساحتها وتمتد فيها الطرق العامة، بفضل جهود استصلاح الأرض الصحراوية. الرعاة هنا يسكنون في قرى جديدة ويمارسون أعمالهم بجد واجتهاد، بينما يدرس أبناؤهم في مدارس حديثة بسعادة وسرور.

الطريق سبيل النجاة

منغ كه دا لاي، البالغ من العمر ثمانية وثلاثين عاما، واحد من الرعاة في كوبوتشي، ارتبطت حياته بإنشاء الطريق العام في المنطقة. قبل اثنتين وعشرين سنة، عندما أصيب أبوه بالتهاب الزائدة الدودية، لم يكن ممكنا علاجه في المستشفى الصغير في قريته على يد الطبيب الذي يفتقر إلى الخبرة. لم يكن من بد غير الذهاب إلى مستشفى أكبر بمحافظة وويوان في بباياننور، بعد اجتياز الفيافي الشاسعة وعبور النهر الأصفر الهادر، في رحلة استغرقت بضعة عشر يوما بسبب عدم وجود الطرق العامة. وبينما كان منغ كه دا لاي ينتظر فوق كثيب رملي كل يوم عودة أبيه وأخيه الذي رافق الأب في رحلة العلاج، كان يحلم بنفق طويل يمتد من قريته إلى العالم الخارجي. كلما يتذكر منغ كه دا لاي تلك الأيام العصيبة، لا يستطيع أن يمنع نفسه من البكاء.

في عام 1996، وبدعم من الحكومة المحلية، جمعت مجموعة إليون للموارد (China Elion Resources Group) 28ر1 مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7ر6 يوانات) لإنشاء خمسة طرق عامة طولها الإجمالي 343 كيلومترا في صحراء كوبوتشي. وفي العام التالي، اقترح رجل الأعمال وانغ ون بياو شق طريق في وسط الصحراء. في ذلك الوقت، ظن منغ كه دا لاي، وكان فتى في السابعة عشرة من عمره، أن هذا الأمر قصة خيالية مثل قصص ألف ليلة وليلة. كان يذهب إلى موقع العمل كل يوم ليرى ما يجري هناك. هذه القصة مازالت حية في ذاكرته حتى اليوم.

في العام السادس بعد الألف الثانية للميلاد، ومن أجل حماية البيئة الطبيعية في صحراء كوبوتشي، ناشدت الحكومة المحلية الرعاة المبعثرين في الصحراء الانتقال للإقامة في قرية جديدة بلغت تكلفت إنشائها أكثر من عشرة ملايين يوان. انتقل منغ كه دا لاي إلى بيت جديد، طالما راوده في أحلامه. أنشأ مطعما وأعطاه اسم "أسرة الصحراء"، ثم اشترك مع آخرين في شراء ثلاث عشرة سيارة جيب للعمل في مجال السياحة الصحراوية التي تجذب كثيرا من السياح للتمتع بالمناظر الصحراوية. مع مرور الوقت، تضاعف دخله، ووصل إلى ثلاثمائة ألف يوان سنويا. قال منغ كه دا لاي بكل ثقة إن الأيام القاسية قد ولت إلى غير رجعة. يعود إلى القرية العديد من شبابها الذين هجروها لإقامة مشروعات لهم فيها.

أعجوبة إنشاء الطرق العامة في الصحراء، جعلت الرعاة هنا يتمسكون بروح الصحراء المتمثلة في الكفاح المرير والمثابرة والصبر والشجاعة فأصبحت هذه الروح ثروة نادرة لهم.

 

حلم في الصحراء

أو ته كونار، رئيسة قرية دوتقاتشا في صحراء كوبوتشي. بسبب العواصف الرملية والترابية المتكررة، تعودت ارتداء قبعة وكمامة كلما خرجت من بيتها حتى إذا كان الجو صافيا.

كان حلمها الأكبر أن تتحول الصحراء إلى واحة خالية من الرمال، وأن تتحسن حياة الناس هنا. عندما طرحت الحكومة فكرة تشجير الصحراء، لم تصدق في البداية أن ذلك ممكن. لكن تجربة التشجير حققت إنجازات فاقت توقعاتها. الآن، كلما جاءت فترة التشجير في فصل الربيع، ذهبت أو ته كونار إلى مقاطعة قانسون لتستأجر سبعين أو ثمانين عاملا لمساعدتها على التشجير. في صحراء كوبوتشي، يصل عدد فريق التشجير إلى مائتين تقريبا. في عام 2009، التحق فريقها للتشجير بمجموعة إليون للموارد وكسبت أموالا كثيرة فزاد دخلها من بضعة آلاف يوان كل سنة إلى مئات الآلاف.

قالت أو ته كونار: "نحب هذه الأرض وندعم أعمال التشجير. هذه الأشجار ترمز لأملنا وأمنياتها في قريتنا في المستقبل."

 

حياة جديدة لرئيس القرية القديم

تشن نينغ بو، رئيس قرية دوتقاتشا سابقا، قال وهو يشير إلى دار قديمة مبنية بالطوب اللبن: "هذه الدار شاهدة على تحول هذه الأرض من صحراء إلى واحة. في السابق، كانت الصحراء تحيط بالقرية الصغيرة، وتتراكم الرمال والأتربة يوما بعد يوم حتى يصل ارتفاعها إلى ارتفاع هذه الدار. كثير من الناس قرروا الانتقال إلى مكان أفضل."

كان تشن نينغ بو مترددا في الانتقال وعندما جاءت شركة لاستصلاح الأراضي للقيام بأعمال تشجير في هذه الصحراء، قلق كثير من الرعاة في البداية، خشية أن تضر هذه الأعمال بمصالحهم. بيد أن تشن نينغ بو أراد أن يفهم هؤلاء الرعاة قيمة وفائدة تلك الأعمال، فحاول إقناعهم بصبر وأناة. بمساعدته، استوعب الرعاة الأمر، وبفضل أعمال استصلاح الصحراء التي قامت بها مجموعة إليون للموارد، صار الناس هنا أكثر ثراء وأسعد حالا، والتحق أبناؤهم بمدارس يتعلمون فيها.

في عام 2013، أجر تشن نينغ بو قطعة من الأرض الصحراوية لإحدى الشركات مقابل أكثر من ستمائة ألف يوان.

ابنة الصحراء

أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ مرات على أهمية التعليم في المناطق الفقيرة لتفادي عودة الفقر للجيل القادم. التعليم وسيلة هامة للقضاء على الفقر. محو الأمية هو أساس القضاء على الفقر. مستقبل صحراء كوبوتشي في أيدي الأطفال. بسبب العواصف الرملية كانت فرص التحاق الأطفال بالمدارس قليلة. في السنوات الأخيرة بدأت هذه الظاهرة في الانحسار، فقد خصصت شركات أعمال محلية مائة وعشرة ملايين يوان لإنشاء سلسلة مدارس إيليون دونغفانغ في الصحراء. تضم المدرسة روضة أطفال ومدرسة ابتدائية ومدرسة إعدادية ومدرسة مهنية. حصل أكثر من ثلاثة آلاف طفل في المنطقة الصحراوية على فرصة الدراسة، والتحق أكثر من مائة طالب بالجامعات.

أبناء المنطقة هنا يكنون مشاعر عميقة تجاه هذه الصحراء الواسعة، وهي مشاعر قد لا يستطيع غيرهم فهمها. كلما جاء الربيع، يشعر الأطفال هنا بالسعادة، إذ أن الربيع هو بداية حياة جديدة. شعور الناس في الواحة يشبه شعور الطفل في حضن أمه. هذا ما قالته قاو يانغ، التلميذة التي تعيش في هذه الحصراء منذ صغرها. رغم أن أمها ماتت وهي طفلة صغيرة، تواجه الحياة بكل ثقة وشجاعة. تعتز قاو يانغ بالدراسة في مدرسة إليون دونغفانغ في الصحراء وتشعر بالفخر كونها ابنة الصحراء.