دفع التعاون الفعلي بين دول بريكس من خلال رفع مستوى العلاقات البينية

بدأ في عام 2017 "العقد الثاني" لآلية تعاون "بريكس". وفي هذه اللحظة الهامة، ينبغي أن ندرك بوضوح النقاط الهامة للتعاون بين دول بريكس في المستقبل، وأن نعمل لرفع مستوى علاقات التعاون بينها، وليس من أجل توسيع عضوية بريكس ببساطة،. يتعين على دول بريكس تتخذ موقفا موحدا في معاملة الدول الأخرى، وتتعاون معها وفق نمط "بريكس+" مع توسع دائرة الأصدقاء، متمسكة بروح بريكس المتمثلة في "الانفتاح والتسامح والتعاون والفوز المشترك"، من أجل تقديم مساهمات إيجابية في بناء رابطة المصير المشترك للبشرية.

العلاقة بين الأعضاء أساس ثابت للإدارة الفعالة لآلية تعاون "بريكس"

تعتبر الثقة الاستراتيجية المتبادلة والرغبة في التعاون بين الأعضاء حجر الأساس لكي تلعب آلية "بريكس" دورها. إن الثقة السياسية المتبادلة والتوافق في العمل اللذان تم بناؤهما خلال عشر سنوات من التعاون بين الأعضاء، ثروة استراتيجية ثمينة. وفي ظل التشكيك الخارجي في إنجازات دول بريكس والقلق على مستقبل تطورها، فإن دول المجموعة إذ لم تتوصل إلى توافق حول المفهوم الاستراتيجي، فسوف يؤدي ذلك إلى زعزعة أساس آلية تعاون "بريكس"، بل وتدمير ثمار التعاون التي لم تتحقق بسهولة خلال العشر سنوات الماضية. من الطبيعي أن تكون هناك اختلافات في الرأي بين دول بريكس حول مضوضوع أو آخر، ولكن ينبغي حل المشكلات عن طريق التنسيق والتواصل والتبادل والبحث والمناقشة للتوصل إلى التوافق تدريجيا، مما يدفع آلية تعاون "بريكس" لتلعب دورا أفضل وأكثر فعالية.

الربط والتفاعل بين استراتيجيات التنمية نقطة هامة لرفع العلاقات البينية. في الوقت الحالي، ثمة ترابط منسجم بين استراتيجيات التنمية الاقتصادية لروسيا والبرازيل وجنوب أفريقيا، وهذه الدول الثلاث تدعم مبادرة "الحزام والطريق" وتشارك فيها بنشاط. ومن ثم، فإن الربط بين استراتيجيات التنمية للصين والهند أصبح النقطة الأهم في العلاقات البينية لأعضاء "بريكس". حاليا، الهند لديها خطتان استراتيجيتان واضحتان لتطوير علاقات الجوار؛ أحدهما خطة "طريق التوابل" والأخرى "خطة الرياح الموسمية". هناك تطابق بين مبادرة "الحزام والطريق" والخطتين الهنديتين، ومن ثم فإن المهمة العاجلة هي أن تقوم الأجهزة الحكومية المعنية الصينية والهندية بحوار استراتيجي بنشاط حول الربط بين استراتيجيات التنمية الإقليمية للبلدين في إطار "بريكس"، وأن يتفهم كل طرف خطة التنمية للطرف الآخر ويوافق عليها، ويتوصلان إلى توافق حول التكامل العالي المستوى والدفع المتبادل لمبادرة "الحزام والطريق" وخطتي الهند.

تعميق تعاون بريكس ليس مجرد توسيع العضوية

في الآونة الأخيرة، اقترح بعض الخبراء أن تضم "بريكس" إليها المزيد من الدول من بين أعضاء مجموعة العشرين. واقترح آخرون انضمام خمس دول هي: تركيا وإندونيسيا والمكسيك ومصر وكوريا الجنوبية إلى "بريكس"، وصولا إلى ما يسمى بـ"عصر بريكس" أو "BRICS TIMES"، في إشارة إلى الحروف الأولى لأسماء الدول الخمس بالإنجليزية.

بعض الاقتصادات الناشئة لديها قوة دافعة ورغبة للمشاركة في التعاون مع مجموعة "بريكس"، بهدف دفع التنمية الاقتصادية الذاتية واغتنام فرص تنمية "بريكس"، مما يبين ارتفاع جاذبية آلية تعاون "بريكس". بيد أن توسيع العضوية قد يؤدي إلى تضخم الاختلافات والصعوبة في توحيد الآراء والنقاش دون التوصل إلى قرارات والبطء في تنفيذها وغيرها من المشكلات.

هناك أنماط عديدة لمشاركة الاقتصادات الناشئة في آلية تعاون "بريكس". وأعتقد أنه ينبغي التركيز على التمتع المشترك بفوائد تنمية "بريكس" وركوب "قطار تنمية دول بريكس" لتحقيق التنمية المتناسقة. في الحقيقة، من السهل أن يؤدي زيادة عدد الأعضاء إلى وضع حرج يتمثل في "صعوبة التنسيق وبطء الحركة". ويرى جيمس أونيل، أول من طرح مفهوم "بريكس" أنه لا ينبغي توسيع حجم مفهوم "بريكس". وباعتبارها منصة تعاون بين الاقتصادات الناشئة، يمكن لمجموعة "بريكس" أن تتبنى موقفا منفتحا من توسيع موضوع ومجال ونطاق التعاون، ولكن ليس من المستحسن أن تزيد عدد أعضاء "بريكس" في المستقبل القريب.

رفع مستوى العلاقات البينية مسألة جوهرية

لتعميق التعاون الفعلي بين أعضاء "بريكس"، فإن الأولوية الملحة حاليا، هي الدعوة إلى نمط التعاون الجوهري الموجه نحو التنمية. على الدول الخمس الأعضاء أن تلعب كل منها دورها القيادي الذاتي، وتدفع التنمية الإيجابية للاقتصادات الناشئة، وتحقق مصالح ملموسة للاقتصادات الناشئة. وأعتقد أن هناك خمسة جوانب على الأقل يمكن أن نفعل شيئا فيها. أولا، إنشاء مكتب أو أمانة عامة لتعزيز التعاون والتنمية لمجموعة دول "بريكس"، وإقامة صندوق للتعاون الصناعي الدولي، والتركيز على دفع التعاون الصناعي بين الاقتصادات الناشئة وجلب المصالح الفعلية الاقتصادية ومصالح التنمية الصناعية للاقتصادات الناشئة. ثانيا، إقامة آلية للاستجابة السريعة ومواجهة المشكلات الهامة والأخطار للوقاية من مخاطر تراجع تأثير التعاون بين دول "بريكس" وانخفاض التماسك بينها، وتحسين التماسك والتوصل إلى التوافقات. ثالثا، إقامة آلية لتسهيل تعويض الاستحقاقات بين دول "بريكس" وتحقيق التوازن بينها، لتعويض الجانب الذي تتعرض مصالحه للضرر القصير الأمد وتعزيز التبادلات والتواصل والتنسيق لحل النزاعات بين دول المجموعة. رابعا، تقوية دور المؤسسات العابرة الحدود في آلية تعاون "بريكس"، لتوظيف الدور الإيجابي للمؤسسات، وتعزيز الربط بين المؤسسات العابرة الحدود وآليات التعاون القائمة لبناء آلية كاملة لخدمة التنمية الدولية للمؤسسات. خامسا، تنظيم آليات التعاون الإقليمية القائمة لبناء آلية تنسيق دولية شاملة لدول "بريكس" لرفع مستوى تيسير التجارة والاستثمار والسياحة.

إن "بريكس" باعتبارها كيانا متكاملا، يتعين عليها أن تباشر تعاونها وكأنها دائرة متحدة المركز. ونقترح نموذج "بريكس+ دول أخرى" لتوسيع دائرة الأصدقاء. بعبارة أخرى، يتعين على الدول الخمس، كونها محورا، أن توسع تعاونها مع الاقتصادات الأخرى ككل. ويمكن للاقتصادات الناشئة الأخرى أن تشارك في التعاون في إطار "5+N"، مما يضمن الاستقلالية والمرونة والفعالية لآلية "بريكس"، ومن ثم ضخ طاقة إيجابية للحوكمة العالمية.

تجاوز تعاون بريكس الطرق والأفكار والمفاهيم القديمة للعلاقات الدولية واللعبة الاستراتيجية التقليدية، وتتبع المجموعة مفهوما جديدا يتمثل في "المنفعة المتبادلة والمصالح المتبادلة والتعاون والفوز المشترك"، وقد تشكلت روح "بريكس" المتمثلة في "الانفتاح والتسامح والتعاون والفوز المشترك". تعتبر روح بريكس أساس التعاون وتتطور من خلال التراكم والتكثف والتصعيد والنضوج خلال عشر سنوات، وتحتاج أن تمتزج مع الفلسفة المعرفية لدى كل الناس في دول "بريكس"، مما يحفز القوة الحيوية للتعاون والتنمية داخل الدول الأعضاء. وفي المستقبل، ينبغي تعظيم "روح بريكس"، من خلال الأعمال الواقعية وإسهام حكمة بريكس في بناء رابطة مصير المشترك للبشرية.

--

البروفيسور تساي تشون لين، مدير مركز دراسات دول بريكس التابع لجامعة الصناعة بمقاطعة قوانغدونغ، وعضو المجلس الصيني لتعاون مراكز الفكر لدول "بريكس"، ورئيس جمعية دراسات الاقتصادات الناشئة، ورئيس معهد دراسات "الحزام والطريق" بمقاطعة قوانغدونغ