دعم من الأبطال
"صندوق الأبطال الخيري ببكين"

قاو مين، حاملة لقب "ملكة الغطس"، الفائزة بأكثر من سبعين ميدالية ذهبية في المسابقات الدولية بما فيها ذهبيتان أولمبيتان عامي 1988 و1992، استيقظت مبكرا في صباح الرابع عشر من فبراير 2017، وانطلقت برفقة زملائها من "صندوق الأبطال الخيري" ببكين إلى شانغهاي، لزيارة أول رياضي حصل على مساعدة الصندوق.

"صندوق الأبطال الخيري ببكين"، الذي تأسس في الثالث عشر من أغسطس 2016، وبدأ تشغيله الرسمي في الثامن والعشرين من نوفمبر نفس العام، يسعى إلى تقديم الدعم للرياضيين الصينيين الجرحى والمرضى والمعاقين، وأيضا تشجيع ممارسة الرياضة البدنية ونشر مفهوم حماية البيئة.

باسم الأبطال الصينيين

تشن رونغ تشيوان، أول رياضي حصل على مساعدة من "صندوق الأبطال الخيري ببكين"، ولد في عام 1994، وكان لاعب غطس ممتازا بالمنتخب الصيني للغطس.

أصيب تشن رونغ تشيوان بالحمى في أوائل مارس عام 2015، لكنه لم يهتم بهذا الأمر كثيرا وشارك في مسابقات بكندا والمكسيك وبورتوريكو. بعد عودته إلى الصين، توجه إلى أحد مستشفيات بكين، فاكتشف أنه مصاب بفشل كلوي حاد.

قالت قاو مين: "قد قمت بأعمال خيرية كثيرة في السنوات الأخيرة، لكن معظمها لم يكن موجها للرياضيين الصينيين. في الحقيقة، كثير من اللاعبين مصابون بأمراض أو جروح، ولا يعيشون حياة جيدة حاليا، لكنهم مازال نشيطين ومجتهدين، وينبغي لنا أن نقدم ما في وسعنا لهم."

حتى منتصف إبريل 2017، حصل "صندوق الأبطال الخيري ببكين" على حوالي مائة طلب معونة، وقدم مساعدات لخمسة عشر رياضيا معتزلا مريضا وجريحا. يبلغ عدد أعضاء هذا الصندوق واحدا وسبعين فردا، منهم خمسون بطلا أولمبيا وبعض الرياضيين للألعاب غير الأولمبية وبعض شخصيات الأعمال، لذا يعد هذا الصندوق المنظمة الخيرية التي تضم أكبر عدد من نجوم الرياضة الصينيين.

قاو مين، وهي صاحبة الدعوة لإقامة الصندوق، قالت إن الصندوق يهتم بمساعدة اللاعبين المعتزلين، وأعربت عن أمنيتها بأن يقوم الأبطال الآخرون ببعض الأشياء المفيدة للمجتمع ومساعدة بعض اللاعبين المعتزلين، لأنهم لن ينسوا مساعدة شركائهم في التدريبات وزملائهم.

من المعروف أن كل الرياضيين المتخصصين يقومون بتدريبات شاقة، ولكن عددا قليلا منهم يستطيع صعود منصة توزيع الميداليات، فما هو مستقبل الرياضيين المجهولين؟ في الحقيقة، كثير منهم لا يستطيع الحصول على وظيفة توفر له حياة عادية بعد الاعتزال، بسبب الأمراض والجروح التي أصيبوا بها خلال التدريبات.

وضع الصندوق ثلاثة شروط لتقديم المعونة، وهي: الأول، أن يكون الرياضي المعتزل قد مارس أي لعبة ثلاث سنوات على الأقل؛ الثاني، أن يكون الرياضي المعتزل مصابا بجروح أو مرض أو معاقا وغير قادر على العمل بشكل عادي، ولا يصل دخله الشهري إلى 3500 يوان (الدولار الأمريكي يساوي 9ر6 يوانات)؛ الثالث، أن يكون الرياضي المعتزل قد جرح في التدريبات جرحا شديدا يؤثر على حياته بصورة خطيرة. باختصار، الصندوق يهتم بصعوبات واحتياجات الرياضيين، ولا ينظر إلى نتائجهم الرياضية.

نشر الروح الرياضية

ماو جيون، البالغ من العمر اثنتين وأربعين سنة، كان سائق دراجات في مقاطعة جيانغسو. أصيب بالشلل بعد جرحه في حادث مرور خلال تدريباته اليومية عام 1995، بعد اعتزاله، اقترح عليه البعض أن يمارس الألعاب الأولمبية للمعاقين، لكنه غادر الملاعب أخيرا، لأنه كان من الصعب أن يشفى بعد التدريبات القوية، بسبب ضعف الدورة الدموية.

فتح ماو جيون محلا صغيرا، وعاش مع أبيه. كان يتمنى أن يوفر له هذا المحل حياة كريمة، لكن تكاليف أدوية علاج أمراضه الحالية والتي تتجاوز خمسة آلاف يوان، تفوق دخل هذا المحل بكثير.

قامت قاو مين بزيارة ماو جيون بعد زيارتها للشاب تشن رونغ شينغ، وقالت: "تحدثت مع ماو جيون حول التدريبات، وقد ظل ماو جيون يؤكد على أهمية التدريبات. في الحقيقة، لا أحد يستطيع أن يفهم مغزى وأهمية التدريبات إلا الرياضي." قاو مين وماو جيون كلاهما لاعبان، لم تعرف قاو مين قصة ماو جيون فقط، وإنما أيضا أدركت تأثير الرياضة عليه: الثبات والتفاؤل وعدم التراجع. إن ذلك يتفق مع الهدف الأصلي من إنشاء "صندوق الأبطال الخيري ببكين"، وهو أن الرياضيين المرضى والمعاقين يحتاجون إلى مساعدة المجتمع من ناحية؛ ومن ناحية أخرى، أن الروح الرياضية التي تجسدها أجساد الرياضيين جديرة بأن تُعرف وتنشر.

قالت قاو مين: "نحن نهتم دائما بنتائج المسابقات وكيفية الحصول على الميداليات الذهبية. أعتقد أن واجب اللاعب هو بذل كل ما في وسعه لإكمال هذه الألعاب في المسابقات. أما الفشل أو النجاح أو الحصول على الميداليات ليس أهم شيء للاعب. علينا أن نبذل أقصى جهودنا في الملعب، مهما كانت النتيجة، نغادر كأننا أبطال. المثابرة هي الروح الرياضية وقوة دافعة في مواجهة الحياة."

تشجيع من الأبطال

في الثاني والعشرين من فبراير 2017، انطلق ممثلو "صندوق الأبطال الخيري ببكين" إلى مدينة تاييوان بمقاطعة شانشي لزيارة لاعب الووشو ما فنغ تيان، وقدموا له معونة قيمتها عشرة آلاف يوان.

ولد ما فنغ تيان في أسرة فقيرة بقرية صغيرة بمدينة تياييوان عام 1997، وبدأ تعلم الووشو وعمره إحدى عشرة سنة. بالنسبة له، الووشو ليس هواية فحسب، وإنما أيضا طريقة لتحسين معيشته.

في أوائل فبراير 2017، ذهب ما فنغ تيان إلى المستشفى فاكتشف أنه مصاب بسرطان الغدد الليمفاوية في المرحلة الأخيرة. قال أبوه إنه لم يكن يتصور أن ابنه مريض بهذا المرض، وإنه رافقه إلى المستشفى ومعه ألف يوان فقط.

تكاليف علاج هذا المرض كبيرة، وتعني ضغطا اقتصاديا هائلا على أسرة ما فنغ تيان الريفية. لم تكن مدخرات الأسرة كافية، فاقترض الأب بعض الأموال من المدربين والأقرباء.

طرح تشاو تشينغ جيون، عضو الصندوق، اقتراحا بتقديم مساعدة لما فنغ تيان. قالت وو تشيان، الأمينة العامة لصندوق الأبطال الخيري ببكين: "اختيار ما فنغ تيان لتقديم المساعدة له، لا يرجع إلى اقتراح العضو تشانغ تشينغ جيون فقط، وإنما أيضا لاعتقادنا بأن مساعدتنا تتمتع بأهمية كبيرة لهذه الأسرة التي تكافح مع المرض الخطير وتنقصها الأموال للعلاج. في الحقيقة، نحن أبطالا أولمبيين مع أعضاء الصندوق لزيارة من يحصلون على المعونات. نريد أن نقدم تشجيعا لكل الرياضيين المرضى والجرحى والمعاقين، ونريد أن نقول لهم: لا تستسلموا ولا تيأسوا رغم الصعوبات الضخمة التي تواجهكم. الأبطال الرياضيون يزورونكم، ما يعني أن الرياضة الصينية تهتم بكل الرياضيين، ولن تنسى أحدا منهم."

يجلس سون تشانغ تينغ، بطل أولمبياد المعاقين، بجانب سرير ما فنغ تيان ويضم يده قائلا: "أخذنا بعض المال لك للتعبير عن مشاعرنا الودية تجاهك. لا بد أن تكون قويا. انظر إليّ، فقدت ساقا في أحد السباقات. بعد اعتزالي، أثابر على الجري لمسافة خمسة كيلومترات كل يوم. عليك أن تثق بنفسك."