وو هاي لونغ:
مسؤوليات الصين تتعاظم مع ازدياد حقها في الكلام عالميا

مع تطور العولمة الاقتصادية والتكامل في العالم يوما بعد يوم، تلعب الصين دورا متزايدا على المسرح الدولي. يهتم العالم بالصين، بينما تواصل الصين تعديل أسلوب تعاملاتها الدولية.

في مقابلة خاصة مع ((الصين اليوم)) أثناء "الدورتين" (دورة المجلس الوطني لنواب الشعب الصيني ودورة المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني) السنويتين لعام 2017، شرح وو هاي لونغ عضو المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني ورئيس الجمعية الشعبية الصينية للشؤون الخارجية تغيرات السياسة الخارجية الصينية وثوابتها في العصر الجديد. السيد وو عمل من قبل سفيرا للصين لدى الاتحاد الأوروبي ومندوب الصين لدى مقر الأمم المتحدة في جنيف والمنظمات الدولية الأخرى في سويسرا.

مساهمة الحكمة الشرقية للعالم

لوحظ في الفترة الأخيرة، أن الصين كدولة دائمة العضوية في مجلس الأمن بالأمم المتحدة، شاركت بالتصويت السلبي أو الامتناع عن التصويت أكثر من السابق، فهل ذلك يتعلق بقوة الدولة المتزايدة للصين؟ أوضح وو هاي لونغ أن الصين تحدد موقفها وفقا لصواب وخطأ القضية وتتخذ سياسات تتوافق مع المصلحة الصينية من أجل معالجة القضايا العالمية. ويرجع ذلك إلى ثقتها في سياستها الخارجية.

أضاف وو هاي لونغ: "حق الكلام في المنظمات الدولية يرتبط ارتباطا وثيقا بقوة ومكانة الدولة. في الماضي، لم يكن لدينا حق الكلام بسبب مكانتنا المنخفضة؛ أما اليوم، فيزداد حق الكلام للصين مع تعاظم مساهماتها للعالم. هذه العلاقة تشبه العلاقة بين الموج والسفينة، إذ ترتفع السفينة مع ارتفاع الموج."

وأوضح وو هاي لونغ أن توسع حق الصين للكلام يتجلى في ناحيتين: أولا، أن الصين كدولة نامية عليها أن تساعد الدول النامية الأخرى في التعبير عن آرائها للمحافظة المشتركة على مصالح الدول النامية؛ ثانيا، أن ثمة نقاطا مشتركة كثيرة بين الصين والدول المتقدمة في القضايا العالمية مثل القضية النووية والمواجهة المشتركة لقضية تغير المناخ والتعامل مع الهجرة غير الشرعية للاجئين وغيرها من قضايا الأمن غير التقليدية. ويمكن أن تتعاون الصين مع الدول النامية والدول المتقدمة في ذلك.

خلال أكثر من أربعين سنة من العمل الدبلوماسي، يدرك وو هاي لونغ بشكل عميق أن الصين تلعب دورا إيجابيا في الدبلوماسية المتعددة الأطراف، على سبيل المثال، ساهمت الصين بالحكمة الشرقية في ((اتفاق باريس للمناخ)) وغيره من القرارات الهامة للأمم المتحدة ووثائق المؤتمرات الدولية الهامة، ولعبت دورا هاما في إنجاحها.

في ناحية المشاركة في معالجة القضايا الدولية المعقدة والشؤون المتعددة الأطراف، تطورت الصين من موضع المتعلم في البداية إلى مكانة المشارك والمساهم. وفي بعض المجالات، أصبحت الصين رائدا هاما. تولي كل الدول اهتماما متزايدا بدور الصين وتأثيرها، وتأمل أن تجد مفاهيم الصين وحلولها. وذلك فرض المزيد من المتطلبات على الأعمال الدبلوماسية الصينية. قال وو هاي لونغ: "كلما ازداد حق الكلام، تعاظمت المسؤوليات والمهام."

الصين تدفع تطور العولمة

تدفع الصين بثبات تطور العولمة. يرى وو هاي لونغ أن قضية العولمة ينبغي النظر إليها بشكل شامل. تطور العولمة هو تيار العصر، ومناهضة العولمة لا تعني اللاعولمة.

قال السيد وو: "على سبيل المثال، انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من الشراكة العابرة للمحيط الهادئ لا يعني أنها ترفض حرية التجارة، بل تبحث عن اتفاقية للتجارة الحرة تفيد الولايات المتحدة الأمريكية أكثر. فيعكف الجانب الأمريكي على إعادة النظر في المفاوضات مع الدول المعنية لوضع اتفاقية جديدة للتجارة الحرة."

ويعترف وو هاي لونغ أن بعض المشكلات قد بزغت في مسيرة العولمة. وعلى سبيل المثال، حققت النخب الاجتماعية مكاسب كثيرة، بينما لم تحصل الطبقة المتوسطة والدنيا على مزيد من الفوائد والمنافع، الأمر الذي أثار استياء عامة الناس. بالإضافة إلى ذلك، ظهرت مشكلة عدم المساواة في التوزيع وعدم التوازن في المصالح خلال مسيرة العولمة. ولكن وو هاي لونغ يرى أيضا أن مسيرة تطور العولمة لن تتوقف بسبب هذه المشكلات، ولا مفر من مواجهة بعض التقلبات والمنعطفات في مسيرة تطور العولمة. ستعود العولمة إلى الاتجاه الرائد الذي يتطور إلى الأمام.

بالنسبة لبعض الآراء الأحادية الجانب التي ظهرت مؤخرا، أكد وو هاي لونغ أن موقف الصين في دعم التجارة الحرة ومعارضة الحمائية التجارية واضح. وقال: إن الصين استفادت كثيرا من العولمة فعلا، وفي نفس الوقت قدمت مساهمات كثيرة هامة في مسيرة العولمة، مثلا، نحن دفعنا بناء "الحزام والطريق" للتنمية المتناسقة مع الدول الواقعة على طولهما، وهذا يلعب دورا إيجابيا في دفع مسيرة العولمة. وقد ذكر رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ في تقرير أعمال الحكومة لهذا العام أن "نسبة إسهام الصين في نمو الاقتصاد العالمي تتجاوز 30%"، وذلك نتيجة ممتازة جدا، فالصين مستفيدة ومساهمة ودافعة نشيطة للعولمة.

الدبلوماسية الشعبية تعزز التفاهم بين الشعوب

في عام 2016، استقبلت الجمعية الشعبية الصينية للشؤون الخارجية أكثر من 1300 شخص ضمن مائة وأربعين وفدا، وعقدت ستة وأربعين مؤتمر حوار وندوة ومنتدى للتبادل العميق حول مختلف الموضوعات التي تهم الصين والدول الأخرى.

قال وو هاي لونغ: "من بين الضيوف الذين دعوناهم رؤساء سابقون ورؤساء وزراء سابقون وأعضاء برلمان، وعلماء مشهورون وصحفيون وطلاب شباب. ولعبت التبادلات الواسعة مع هؤلاء الأفراد من مختلف الفئات ومن مختلف الدول دورا هاما في تعزيز التفاهم والتواصل معهم."

وأضاف وو هاي لونغ أن الدبلوماسية الشعبية تعتبر جزءا هاما من أعمال الشؤون الخارجية، ومن السهل أن يقبلها عامة الشعب، حيث أن الدبلوماسية الشعبية تستهدف شتى الطبقات الاجتماعية التي تتحدث معا بشكل عميق وشامل وصريح خلال التبادلات، فيمكن القول إن الدبلوماسية الشعبية دبلوماسية عميقة إلى حد ما، وأشكالها متنوعة، وتشتمل على مؤتمرات الحوار والندوات والمنتديات والمقابلات الصحفية والحفلات وغيرها. وبالإضافة إلى ذلك، يمكن للدبلوماسية الشعبية أن تحسن العلاقات الحكومية، حيث أن الدبلوماسية الشعبية تؤثر على الدبلوماسية الحكومية، وتدفع تطور الدبلوماسية الحكومية وتخفف وتحل الصعوبات والأخطار والخلافات التي تواجه الدبلوماسية الحكومية إلى حد ما.

عام 2016 كان عام الانتخابات الأمريكية، وبعد أن أصبح دونالد ترامب رئيسا، أصبحت موضوعات مثل كيفية تطوير العلاقات الصينية- الأمريكية والسياسة الخارجية الأمريكية تجذب اهتماما عاليا من الأطراف المختلفة. في هذه اللحظة الفارقة، دعت الجمعية الشعبية الصينية للشؤون الخارجية السيد هنري كسينجر لزيارة الصين، وقامت الأجهزة المعنية بتبادلات عميقة معه، الأمر الذي عكس ثقة الجانب الصيني في تطور العلاقات الصينية- الأمريكية.

الجمعية الشعبية الصينية للشؤون الخارجية لها اتصالات مع جميع الدول المجاورة تقريبا، وتعقد نشاطات تبادل دورية كل سنة. في عام 2016، دعت الجمعية الشعبية الصينية للشؤون الخارجية وفدا فلبينيا لزيارة الصين قبيل تحوّل العلاقات بين الصين والفلبين، حيث عرّف الجانب الصيني الوفد الفلبيني بسياسات وموقف الصين من قضية بحر الصين الجنوبي على نحو شامل، ليفهم الوفد هذه القضية بشكل أعمق. بالإضافة إلى ذلك، أقامت الجمعية الشعبية الصينية للشؤون الخارجية نشاطات تبادل متنوعة في السنوات الأخيرة، بهدف تفسير وتوضيح مبادرة "الحزام والطريق" بشكل متزايد. وبفضل الجهود الدؤوبة لسنوات عديدة، عرفت الدول المجاورة معرفة أكثر وأعمق استراتيجية التنمية الصينية وأهداف سياساتها.

في استعراضه لتأثير السياسة الخارجية الصينية على العالم، أكد الدبلوماسي المخضرم وو هاي لونغ أن الصين تنتهج سياسة خارجية للتنمية السلمية وتلعب دورا هاما في دفع سلام واستقرار وتقدم العالم، خاصة تنمية الدول النامية وتحقيق المنفعة المتبادلة والفوز المشترك وإنشاء رابطة المصير المشترك. وفي ناحية تحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة لعام 2030، قدمت الصين مساهمات هامة أيضا.