المزيد من مناطق التجارة الحرة في الصين

قررت الحكومة الصينية إنشاء سبع مناطق تجريبية جديدة للتجارة الحرة في مقاطعات لياونينغ، تشجيانغ، خنان، هوبي، سيتشوان، شنشي، ومدينة تشونغتشينغ. وقد أشار محللون إلى أن إعلان الصين عن توسيع نطاق مناطق التجارة الحرة قبيل افتتاح قمة مجموعة العشرين بمدينة هانغتشو، في سبتمبر 2016، كان رسالة واضحة من الحكومة الصينية إلى أعضاء مجموعة العشرين بأن الصين تدعم تحرير التجارة وتعارض الحمائية التجارية، وأن إقامة الصين المزيد من مناطق التجارة الحرة يعكس دعمها لتحرير التجارة على المستوى الوطني.

تضم قمة مجموعة العشرين أكثر الدول تقدما والاقتصادات الواعدة في العالم، ما يجعلها مجموعة من الدول ذات تأثير كبير. قبل قمة هانغتشو لمجموعة العشرين، أعلنت الصين زيادة عدد مناطق التجارة الحرة لتقول للعالم إنها ستواصل تمسكها بالانفتاح على الخارج وطريق التنمية اللذين يقودان توجهها نحو السوق، وستدفع تحرير التجارة، وستبدع في بناء اللوائح والأنظمة مستفيدة من تجارب تحرير التجارة الدولية. وفي الوقت نفسه، جاء الإعلان عن إقامة المزيد من مناطق التجارة الحرة في هذا الوقت، معبرا عن هدف الصين بجذب التقنيات والأكفاء ورأس المال والشركات للمشاركة في بناء مناطق التجارة الحرة، لاستكشاف الموارد ذات الجودة العالية في مدن الصين الداخلية، ودفع اقتصادها إلى المسار السريع.

قال سون يوان شين، نائب رئيس أكاديمية مناطق التجارة الحرة في جامعة شانغهاي للمال والاقتصاد، إن مناطق التجارة الحرة الجديدة والمناطق التجريبية للاقتصاد المنفتح الجديدة تعكس عزم وخطة الصين لتوسيع انفتاحها على الخارج. إن إنشاء سبع مناطق تجارة حرة جديدة، إضافة إلى اثنتي عشرة منطقة تجريبية للاقتصاد المنفتح يظهر أن الخطة العامة للإصلاح الاقتصادي المنفتح خلال فترة الخطة الخمسية الثالثة عشرة للتنمية أكثر شمولا.

خصائص مختلفة 

المناطق التجريبية السبع الجديدة للتجارة للحرة لها خصائص ومهمات تنمية مختلفة.

تسعى مقاطعة لياونينغ لتنفيذ توجيهات الحكومة المركزية بالإسراع في الإصلاحات الموجهة نحو السوق والإصلاح المؤسسي، ودفع إعادة الهيكلة، وخلق محركات نمو جديدة لرفع القدرة التنافسية الكلية ومستوى الانفتاح على الخارج للقاعدة الصناعية القديمة في شمال شرقي الصين.

تعكف مقاطعة تشجيانغ على تنفيذ توجيهات الحكومة بالعمل على "بناء منطقة ميناء تشوشان للتجارة الحرة"، ودفع تحرير تجارة السلع الرئيسية ورفع قدرة توزيع السلع الرئيسية في العالم.

تعمل مقاطعة خنان على تنفيذ توجيهات الحكومة المركزية بالإسراع في بناء منظومة المواصلات الحديثة الثلاثية الأبعاد، ومنظومة تداول البضائع الحديثة لربط الشمال بالجنوب وربط الشرق بالغرب، وتركز على بناء مركز شامل وحديث للمواصلات يخدم بناء "الحزام والطريق".

تجتهد مقاطعة هوبي في تنفيذ توجيهات الحكومة المركزية بالمتابعة المنتظمة لنقل الصناعات في منطقة وسط الصين وإنشاء دفعة من الصناعات الاستراتيجية الناشئة وقواعد الصناعات ذات التقنيات العالية، لتلعب دورها النموذجي في تنفيذ استراتيجية نهوض منطقة وسط الصين ودفع بناء الحزام الاقتصادي لنهر اليانغتسي.

تسعى مدينة تشونغتشينغ لتنفيذ توجيهات الحكومة المركزية بأن تلعب هذه المدينة دورا هاما باعتبارها الركيزة الاستراتيجية وبوابة منطقة غربي الصين، وأن تدفع تعميق تنفيذ استراتيجية تنمية غربي الصين.

تثابر مقاطعة سيتشوان على تنفيذ توجيهات الحكومة المركزية بجعل سيتشوان بوابة منطقة غربي الصين وبناء حزام دعم لاستراتيجية انفتاح مناطق الصين الداخلية، وخلق منطقة اقتصادية منفتحة في المناطق الداخلية، وتحقيق التنمية المتناسقة بين المناطق الداخلية والمقاطعات الساحلية.

وتركز مقاطعة شنشي جهودها في تنفيذ توجيهات الحكومة المركزية في أداء دور القيادة لبناء "الحزام والطريق" في تنمية غربي الصين على خير وجه وجعلها بوابة منطقة غربي الصين، وخلق منطقة جديدة لتنفيذ سياسة الإصلاح والانفتاح في مناطق الصين الداخلية، واستكشاف أنماط جديدة للتعاون الاقتصادي والتبادل الإنساني بين المناطق الداخلية والدول التي يمر بها "الحزام والطريق".

زيادة عدد مناطق التجارة الحرة جزء من الاستراتيجية الوطنية للصين، وتتمتع مناطق التجارة الحرة التجريبية السبع الجديدة بمكانة رائدة في تنمية اقتصاد المقاطعات والمناطق التي تقع فيها، وستلعب دورا بارزا في تنمية الاقتصاد والانفتاح على الخارج وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتحقيق هدف استكشاف طريق لتعميق الإصلاح وتحويل النمط، وتنشئة وإقامة الصناعات الرائدة لرفع قدراتها التنافسية. وستلعب هذه المناطق دورا نموذجيا للتخطيط الاستراتيجي الإقليمي والإصلاح الإقليمي والتنمية الإقليمية.

مبادرة "الحزام والطريق"

تأسست أول منطقة تجارة حرة في الصين، وهي شانغهاي للتجارة الحرة، في التاسع والعشرين من سبتمبر عام 2013، وقد دشن تأسيس هذه المنطقة لدورة أخرى من سياسة الإصلاح والانفتاح؛ بعد ثلاثين سنة من إنشاء "المناطق الاقتصادية الخاصة" في ثمانينات القرن العشرين. هدف الحكومة الصينية من إنشاء  منطقة شانغهاي للتجارة الحرة هو أن تكون "منطقة تجريبية للتجارة الحرة على مستوى عالمي، لتيسير الاستثمار والتجارة وتحويل العملات، واتخاذها كأداة هامة لاستكشاف الأفكار والطرق الجديدة لتوسيع الانفتاح وتعميق الإصلاح.

خلال الممارسة الواقعية، شكلت منطقة شانغهاي للتجارة الحرة دفعة من الأنظمة الأساسية والمحورية يمكن محاكاتها وتعميمها في إدارة الاستثمار ومراقبة وإدارة التجارة والإبداع المالي والإدارة الحكومية، وغيرها من المجالات، بشكل مطرد. حاليا، تم تشكيل مركز شانغهاي المالي الدولي، الذي يلعب دورا هاما في إبداع أنظمة مالية جديدة. وحسب تقرير مشترك لمركز بحوث التنمية التابع لمجلس الدولة الصيني وغيره من الهيئات المعنية بمنطقة شانغهاي للتجارة الحرة، فإن 82% من الشركات لاحظت تقدما واضحا في بيئة الإدارة التجارية، كما أن أكثر من 95% من الشركات تتطلع إلى تطور المنطقة اللاحق. وأظهر استطلاع أجري في هذا الشأن، أن الشركات راضية عن فعالية الخدمات وتسهيلات إقامة الشركة وشفافية عمل الأجهزة الحكومية في المنطقة التجريبية للتجارة الحرة.

في إبريل عام 2015، تم توسيع نطاق مناطق التجارة الحرة في الصين للمرة الأولى، ووقع الاختيار على مدينة تيانجين ومقاطعة قوانغدونغ ومقاطعة فوجيان للاستفادة من تجربة شانغهاي. وقد شكلت كل منطقة تجارة حرة في تلك المناطق خصائص ذاتية بارزة لها، انتشرت عبر الصين وشكلت أنماطا جديدة للتنمية.

من خلال تجاربها، تسعى مناطق التجارة الحرة الأربع لاستكشاف سبل دفع بناء "الحزام والطريق" (الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين). وقد أقامت منطقة شانغهاي التجريبية للتجارة الحرة شبكة ميناء إلكترونية نموذجية لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ، وأقامت منطقة قوانغدونغ التجريبية للتجارة الحرة علاقات تعاون مع مناطق للتجارة الحرة في إيران وماليزيا وإندونيسيا وغيرها من الدول؛ وتطبق منطقة تيانجين التجريبية للتجارة الحرة أنظمة تيسير الفحص والحجر الصحي الخاصة بالبضائع العابرة الحدود لـ"الحزام والطريق"؛ واندمجت منطقة فوجيان التجريبية للتجارة الحرة في مبادرة "الحزام والطريق"، مستفيدة من تشغيل خط الصين- أوروبا للسكك الحديدية (شيامن (الصين)- لودز (بولندا))

بالإضافة إلى مناطق التجارة الحرة التجريبية التي قررت الحكومة إقامتها، تعمل الصين حاليا على إنشاء اثنتي عشرة منطقة تجريبية للاقتصاد المنفتح في مقاطعة جيانغسو ومنطقة قوانغشي الذاتية الحكم لقومية تشوانغ وغيرها من الأماكن، والتي تتحمل مهمة إصلاح النظام الجديد للاقتصاد المنفتح. مناطق التجارة الحرة والمناطق التجريبية للاقتصاد المنفتح هما عجلتا إصلاح وانفتاح الصين على الخارج، كل منهما مرتبط بالأخرى ومكمل لها، وتركز كل منهما على جوانب مختلفة، فالمناطق التجريبية للتجارة الحرة تركز على تحقيق الترابط مع الأنظمة الجديدة للاستثمار والتجارة في العالم، أما الاثنتي عشرة منطقة تجريبية للاقتصاد المنفتح، فتركز أكثر على تحسين نظام وهيكل وتخطيط الاقتصاد المنفتح بشكل متزايد، وتشكيل قوة محركة للنمو الداخلي.