"الحضض" يقود هايشي على طريق التنمية الاقتصادية والاجتماعية

خلال جولته التفقدية بمقاطعة تشينغهاي في أغسطس 2016، أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى أن الميزة الأكثر قيمة وأهمية في تشينغهاي هي بيئتها الإيكولوجية، التي تفرض عليها مسؤولية أكبر وتتيح لها إمكانيات أعظم. وقد أكد الرئيس شي غير مرة على ضرورة المحافظة على البيئة الإيكولوجية من أجل التنمية الاجتماعية الشاملة الطويلة المدى.

مكافحة التصحر

البيئة الطبيعية في هضبة تشينغهاي- التبت رائعة ومثيرة للخيال، بما فيها من مناظر طبيعية خلابة لم تتعرض لعبث البشر. محافظة هايشي الذاتية الحكم لقوميتي منغوليا والتبت بمقاطعة تشينغهاي، تقع في شمالي الهضبة. الجزء الأكبر من هايشي يقع في حوض تشايدام، وتحيط بها من الشمال سلسلة جبال تشيليان، ويحدها من الجنوب جبل كونلون. ويمكن الوصول بسهولة من هايشي إلى مقاطعة قانسو ومنطقتي شينجيانغ والتبت.

حوض تشايدام، واحد من أكبر ثماني مناطق صحراوية في الصين، كما أنه أكبر منطقة صحراوية وأكثرها وعورة في تشينغهاي. وقد حققت هايشي نجاحا كبيرا في مكافحة التصحر، إذ استصلحت أكثر من مليونين ومائتي ألف مو (الهكتار يساوي 15موا) من الأراضي الرملية حتى نهاية عام 2015. فارتفعت نسبة الأرض المغطاة بالغابات وانخفضت المساحات الصحراوية. وبفضل هذه الجهود، تخلصت هايشي من الحلقات المفرغة لإدارة البيئة الإيكولوجية عندما كان يعود التصحر بعد مكافحته.

خلال جهود التنمية الاقتصادية، التي تجمع أعمال مكافحة التصحر والوقاية منه مع شق الطريق لتحقيق الثراء للمزارعين والرعاة، اكتشفت هايشي طريقا مربحا للجميع، وهو زراعة وتصنيع الحضض الصيني، "قوتشي" بالصينية.

"قوتشي"شجيرة خشبية معمرة يصل ارتفاعها إلى حوالي مترين، ثمارها حمراء اللون عند النضوج، حلوة المذاق، لها قيمة طبية كبيرة.

ازدهار اقتصاد "قوتشي"

استنادا إلى استراتيجية المقاطعة في بناء بيئة إيكولوجية مثالية قوية، أولت تشينغهاي اهتماما كبيرا بتطوير زراعة قوتشي، حتى بلغ إجمالي المساحة المزروعة بهذا النبات أكثر من 27 ألف هكتار منذ عام 2008، وصارت هايشي ثاني أكبر منطقة منتجة لقوتشي في الصين، لا تسبقها غير منطقة نينغشيا الذاتية الحكم لقومية هوي. 

الفترة الطويلة لسطوع الشمس، والفرق الكبير في درجة الحرارة بين الليل والنهار، والتربة الغنية بالبوتاسيوم والنتروجين، عوامل تجعل هايشي أفضل مكان لزراعة قوتشي مقارنة مع المناطق الأخرى. وقد حصل قوتشي هايشي المجفف على تصديق "المنتج العضوي"، من مراكز اعتماد الجودة في الصين والولايات المتحدة الأمريكية واليابان والاتحاد الأوروبي، ويصدر حاليا إلى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والعديد من الدول الآسيوية. وتساهم هايشي بتسعين في المائة من صادرات الصين من ثمار قوتشي المجففة.

 حوض تشايدام من أكبر المواقع التي تنتج ثمار الحضض الصيني، تزرع فيه عشرة أنواع منه، وبه بعض أشجار الحضض عمرها أكثر من ثلاثمائة سنة، منها قوتشي الأسود، وهو نوع نادر يتميز بقيمته الطبية النفيسة. وبالرغم من هذه المزايا، لم تتم الاستفادة منه بشكل مناسب.

في عام 2008، اتخذت حكومة محافظة هايشي زراعة الحضض كالزراعة الرئيسية للتنمية المحلية، فتوسعت المساحات المخصصة لزراعته حتى وصلت إلى 29 ألف هكتار. حاليا، وبفضل سياسات الدعم الملائمة وتشجيع الزراعة العلمية وإدخال المعايير الصناعية، يصل حجم صادرات المحافظة سنويا من قوتشي إلى ما بين 800 و900 طن.

في عام 2015، بلغت القيمة المالية لعلامة قوتشي التجارية ثمانية مليارات يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7ر6 يوانات). ويساهم قوتشي بنسبة 50% من قيمة الإنتاج الزراعي في هايشي، ونحو 30% من دخل الفرد للمزارعين والرعاة المحليين. وفي نفس الوقت، بُذلت جهود حثيثة لتطوير تصنيع ومعالجة ثمار قوتشي.

بالإضافة إلى ثمار قوتشي الطازجة والمجففة، طورت المنطقة أكثر من خمسين نوعا من المنتجات ذات العلاقة بهذا النبات، ومنها العصائر والمشروبات والكحول والمساحيق والزيوت، فظهرت سلسلة صناعية متكاملة، وارتفعت كثيرا القيمة المضافة لهذه الصناعة، وتجاوزت قيمتها الإنتاجية سبعة مليارات يوان.

مزرعة نوموهونغ للحضض الصيني، دخلت موسوعة غينيس للأرقام القياسية باعتبارها أكبر مزرعة لقوتشي، بإجمالي 5533 هكتارا، وتبلغ قيمة إنتاجها 800 مليون يوان سنويا.

مدينة كيلوكي التي تمتد في الصحراء على مساحة 1333 هكتارا، قاعدة لتصدير ثمار قوتشي العضوية. في عام 2015، باع مزارع واحد إنتاجه من قوتشي لشركة كانغبو للتكنولوجيا الحيوية المحدودة في تشينغهاي مقابل اثنين وتسعين ألف يوان. في قرية لونغيانغ، في مدينة غولمود، يعيش المزارعون في بيوت تشبه الفيلات، ولديهم سياراتهم الخاصة. هذا الثراء تحقق بفضل ثمار قوتشي، التي صارت مثل حبات ياقوت صغيرة تجلب المال والثراء للمزارعين المحليين.

تأثير بيئي رائع

بالإضافة إلى فوائدها الاقتصادية الضخمة، أثبتت تجربة زراعة الحضض الصيني أن لها تأثيرا كبيرا على البيئة الإيكولوجية، خاصة فيما يتعلق بالمحافظة على المياه. شجرة قوتشي قصيرة ومقاومة للجفاف وملوحة التربة. يمكن زراعة أشجار قوتشي من صنف ساكسوال ونايتريا على مساحات شاسعة، وهي تساهم في تعزيز الواحات والحد من التصحر، وبالتالي الوقاية من التصحر والمحافظة على المياه والتربة. وفي الوقت نفسه، تساهم في تحسين معيشة السكان وظروف العمل في هذه المنطقة.

 

يحتاج الحضض الصيني إلى كميات قليلة من المياه، وباستخدام الري بالتنقيط لا يتجاوز حجم استهلاك الهكتار من الحضض الصيني 450ر3 أمتار مكعبة من المياه، ما يعني توفير 500ر10 أمتار مكعبة مقارنة مع الري بالطرق التقليدية. وذلك له أهمية كبيرة في حوض تشايدام الذي يعاني من نقص المياه.

وقد استفاد المزارعون والرعاة مباشرة من التحسن البيئي الناجم عن زراعة قوتشي، المتمثل في قلة الرياح المحملة بالغبار وتثبيت الرمال. في عام 2004، تم نقل أبناء قرية شياوشياتان وبلدة شيانغريده إلى محافظة هايدونغ. كانت الصحراء تحيط بالقرية والبلدة من ثلاث جهات وتهب عليهما الرياح المحملة بالرمال يوميا في الشتاء والربيع، فتدفن براعم الزرع. كانت الحياة قاسية والدخل متواضعا، ففكر المزارعون في الانتقال من قراهم عدة مرات. في عام 2011، بدأت قرية شياوشياتان، بتوجيه من الحكومة المحلية، تطوير زراعة قوتشي، فشهدت القرية تغيرات جذرية. بعد تحويل الأراضي الصحراوية إلى أراض زراعية، صار الدخل السنوي للفرد في القرية  يتجاوز عشرة آلاف يوان. شياوياتان واحدة من قرى عديدة في محافظة هايشي، استطاعت زيادة ثروتها من خلال مكافحة التصحر وتحويل البيئة الصحراوية.

تأثير اجتماعي

أسهمت زراعة قوتشي في تطوير سلسلة صناعية متكاملة وشاملة في هايشي، تجمع بين الزراعة والصناعة والخدمات. أولا، عززت زراعة قوتشي تطور العديد من القطاعات الأخرى مثل الدواجن والأغنام والعلف الحيواني وإنتاج العسل، وبالتالي تكوين دورة زراعية صديقة للبيئة في هايشي.

ثانيا، جذبت زراعة قوتشي استثمارات كبيرة لتصنيع ومعالجة ثمار قوتشي، فظهرت منتجات مصنعة جديدة، وبالتالي توسعت السلسلة الصناعية. حاليا، تم تطوير ما يزيد على خمسين من المنتجات، ووضع أساس متين للصناعات البيولوجية في هايشي. في الوقت نفسه، تم تعزيز الصناعات التحويلية والخدمات اللوجيستية والسياحية، وتعزيز التكامل بين مختلف الصناعات. ثالثا، تنشيط سوق العمل في أماكن عدة، مثل هايشي، هايدونغ وهايبي، وبالتالي معالجة مشكلة العمالة الفائضة للريفيين، وأيضا زيادة دخل المزارعين. في عام 2015، بلغت عائدات هايشي من منتجات قوتشي إلى 517 مليون يوان.

وفي الوقت الذي تحقق فيه زراعة قوتشي فوائد اقتصادية واجتماعية وبيئية في هايشي، أصبحت مسار تنمية مربحا نحو مستقبل أفضل.