لاعب كرة السلة الصيني المعروف ياو مينغ، المولود في سبتمبر 1980، لعب في الدوري الأمريكي لكرة السلة للمحترفين مع نادي هيوستن روكتس، ومازال حتى الآن يحمل لقب أطول لاعب في هذا الدوري (229 سم). في الخامس من إبريل عام 2016، أعلنت الرابطة الوطنية لكرة السلة (NBA)الأمريكية رسميا إدراج ياو مينغ ضمن عشرة أشخاص في قائمة نايسميث التذكارية لمشاهير كرة السلة 2016، ليصبح أول لاعب صيني يحصل على هذا الشرف. تم تأسيس قائمة نايسميث التذكارية لمشاهير كرة السلة في عام 1959، وتهدف للمحافظة على ذكرى لاعبي كرة السلة والمدربين والحكام وغيرهم الذين أسهموا بمساهمات كبيرة في كرة السلة. وقد أدرج 345 من المشاهير على القائمة حتى الآن.

فخر للصين

بدأ ياو مينغ المولود في شانغهاي حياته لاعبا في نادي شانغهاي، وضمه نادي هيوستون روكيتس في عام 2002. وفي ذروة مسيرته الرياضية واهتمامه بالخدمات الاجتماعية والبيئية والإنسانية حصل على المزيد من الاعتراف والاهتمام العالمي.

كان لاحتراف ياو مينع دور كبير في تعلق الكثيرين من الصينيين بكرة السلة. وقد تجلى ذلك ليس فقط في النتائج التي حققها الدوري الأمريكي للمحترفين طيلة الفترة الماضية، وإنما في صورة الصين القوية التي قدمها ياو مينغ للعالم منذ انضمامه للفريق. كما أن إعجاب شعوب العالم به جعلهم يهتمون بمعرفة الصين أكثر. لم ينظر الناس إلى ياو مينغ كلاعب عملاق يتجاوز طوله مترين فقط، وإنما أيضا كنموذج للشعب الصيني. كما كان ظهور ياو مينغ ومجموعة من الصينيين على الشاشة الكبيرة في نيويورك بالولايات المتحدة الأمريكية، هو بحد ذاته إعلان عن الصين. ويمكن القول إن هذه الشخصيات لعبت دورا هاما في السياسة الدولية والعلاقات الصينية- الأمريكية اقتصاديا وثقافيا، وفي مجالات أخرى.

ياو مينغ يمثل الصين، فمهارته وقدراته في كرة السلة وإثبات وجوده بين مشاهير هذه الرياضة في العالم وابتسامته أمام المشجعين أعطى صورة إيجابية عن بلاده، واكتسب حب مشجعي ومحبي هذه الرياضة في أنحاء العالم.

وقد قال لاعب كرة السلة الأمريكي المشهور كوبي براينت، إن ياو مينغ هو الجسر الذي يربط بين كل واحد منا. ياو مينغ كان له دور كبير في تعلق الصينيين بكرة السلة، وحبهم للدوري الأمريكي للمحترفين، كما أن دعابة ياو مينغ في الملعب غيّر من سوء الفهم الكثير حول الصين في الماضي.علاوة على ذلك، فإن هذا النوع من التبادل العميق بين البلدين تبعه تبادل قوي بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية في المجالات الثقافية والرياضية والاجتماعية، كما استطاع الأمريكيون رؤية الإعلانات الصينية في كل موسم للدوري الأمريكي للمحترفين. وقد شهدنا في السنوات الأخيرة قدوم عدد كبير من لاعبي الدوري الأمريكي للمحترفين إلى الصين برغم بُعد المسافة، وشهدنا تأثير ياو مينغ في تطور مستوى المنتخب الوطني الصيني للعبة التي لاتعتبر من ألعاب التميز التقليدية للصينيين، مثل الغطس والجمباز وتنس الطاولة.

عقد ياو مينغ مؤتمرا صحفيا في العشرين من يوليو عام 2011، وأعلن فيه اعتزاله اللعب في دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين، وقال: "قلت إن مسيرة احترافي لكرة السلة سوف تنتهي في يوم ما. أتمنى أن يكون ذلك بداية جديدة في حياتي. اليوم، سأعتزل اللعب، لكنني لن أترك كرة السلة."

من لاعب إلى مستثمر

جذب ياو مينغ الأنظار على نطاق واسع بعد أن قاد فريق شانغهاي إلى التتويج بالدوري الصيني في موسم عام 2002 وفاز بلقب "أفضل لاعب" في الدوري الصيني لذلك الموسم. بعد تحقيق هذه النتائج، غادر ياو مينغ الملاعب الصينية إلى الولايات المتحدة للانضمام إلى نادي هيوستون روكتس، حيث أصبح نجما بارزا على مستوى العالم خلال تجاربه المتميزة. ولكن، بعد مغادرة ياو مينغ هبط مستوى فريق شانغهاي لمدة سبع سنوات. في سنة 2009، مد ياو مينغ يد العون لفريقه الأصلي، فقام بشراء أسهم في الفريق، ليصبح مستثمرا في فريق لكرة السلة لأول مرة. عن تحوله من لاعب إلى مستثمر، قال ياو مينغ: "أحتاج إلى تحمل المزيد من المسؤوليات ومعالجة المزيد من الشؤون. أواجه المزيد من الضغوط والتحديات، والفوز هنا لا يمكن تحقيقه إلا بالاجتهاد في اللعب. الدراسة أهم شيء باعتباري مستثمرا جديدا." في الحقيقة، إضافة إلى مهارة لعب كرة السلة المتفوقة، يمتلك ياو مينغ عقلية مرنة في الأعمال التجارية بفضل محبته لقراءة الكتب في هذا المجال، فقد قام بفتح موقع موسيقي على شبكة الإنترنت ومطعم للمأكولات التقليدية الصينية في مدينة هيوستون، الأمر الذي ساعده على كسب أرباح كثيرة. وبعد شرائه لفريق شانغهاي، حقق عمله التجاري نجاحا كبيرا مرة أخرى، وفي موسم دوري كرة السلة الصيني 2009- 2010، حقق فريق شانغهاي تحت قيادة ياو مينغ تقدما مدهشا، حيث حقق سلسلة من الانتصارات المتتالية وقفز إلى المراكز الأمامية. عزا مشجعو الفريق هذا النجاح إلى الإصلاح الكبير وأعمال تقوية القدرة الفنية للفريق التي قام بها ياو مينغ، حيث تم تكليف المدرب الأمريكي المشهور بوب دونوالد بالإشراف على التدريب الفني. ولكن ياو مينغ مازالت لديه طموحات كبيرة لتحقيق الازدهار الدائم لفريق شانغهاي، حيث استقدم عددا كبيرا من الخبراء المحليين والأمريكيين ليتولوا التدريب البدني للاعبين وتحليل المباريات والبحث عن الموهوبين. كما يسعى لإقامة آلية سليمة وعلمية ومتميزة في الفريق، تجمع بين أساليب اختبار اللاعبين الشبان كل سنة ودراسة الفنون الجماعية من خلال تحليل الأرقام المعنية، إضافة إلى اقتباس الأسلوب الحديث في (NBA) لاستكشاف الموهوبين في كل أنحاء البلاد والعالم وجمعهم في شانغهاي وتطوير المدينة كمهد رئيسي مستقبلي للموهوبين في كرة السلة.

دفع تطور كرة السلة الصينية

في السادس عشر من أكتوبر عام 2013، أعلنت الرابطة الوطنية لكرة السلة (NBA)الأمريكيةوياو مينغ عن تعاونهما في تأسيس نادي (NBAYao Basketball Club) رسميا، ويسعى هذا النادي إلى وضع خطط خاصة لطلاب المدارس الموهوبين في كرة السلة الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أعوام وثمانية عشر عاما لتدريبهم في أوقات فراغهم.

قال ياو مينغ إن الهدف الرئيسي لتأسيس هذا النادي هو تحقيق الاندماج بين الرياضة والتعليم ومساعدة الشباب على التنمية الشاملة. وقال إن المشاركين في النادي لا يتعلمون مهارات لعب كرة السلة فقط، وإنما أيضا الأخلاق الممتازة التي تضمن روح الاحترام والتعاون والمثابرة، وغيرها.

ياو مينغ، الذي مارس كرة السلة في الصين والولايات المتحدة الأمريكية، أدرك أن عدد موهوبي كرة السلة في الصين ليس كبيرا. ولذا، يبذل جهودا كبيرة في تعاونه مع (NBA) للاستفادة من موارده المتفوقة وقدراته الاحترافية لدفع تعميم رياضة كرة السلة بين الشباب الصينيين وتوسيع عدد محبي كرة السلة بما يخدم تطور كرة السلة في الصين. وقد دعا ياو مينغ بعض اللاعبين في الدوري الأمريكي لكرة السلة للمحترفين إلى زيارة نادي (NBAYao Basketball Club) لتبادل التجارب والخبرات مع الشباب الصينيين وتشجيعهم على المثابرة في مواجهة الصعوبات.

إضافة إلى تأسيس النادي، تولى ياو مينغ منصب رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لشركة أندية الدوري الصيني لكرة السلة للمحترفين التي تم تأسيسها في الرابع عشر من فبراير 2016. قال ياو مينغ: "نسعى إلى تنظيم الدوري الصيني لكرة السلة للمحترفين بشكل أفضل، وهدفنا الأخير هو رفع مستوى الفريق الوطني الصيني لكرة السلة."

أوضح ياو مينغ أن الدوري الصيني لكرة السلة للمحترفين يشمل عناصر عديدة، منها اللاعبون والمدربون والموظفون المتخصصون في الإدارة والمستثمرون، ولكل من هذه العناصر متطلبات مختلفة وآراء خاصة حول إدارة الدوري. وقد تأسست شركة أندية الدوري الصيني لكرة السلة للمحترفين من أجل تشكيل برنامج مقبول من كافة الأطراف حول نمط تطوير الدوري الصيني لكرة السلة للمحترفين.

انضم ثمانية عشر ناديا من عشرين ناديا في الدوري الصيني لكرة السلة للمحترفين إلى شركة أندية الدوري الصيني لكرة السلة للمحترفين. تسعى الشركة إلى التنسيق بين الأندية وتنظيم الدوري لتحقيق الفوز المشترك للجميع، وتهدف إلى تحقيق الاستثمار المشترك بين العشرين ناديا والإدارة المشتركة لها في المستقبل، كما هو الحال في الدوري الأمريكي لكرة السلة للمحترفين. لكن الأندية الصينية تختلف عن الأندية الأمريكية في الدوري الأمريكي لكرة السلة للمحترفين، لأن بعض الأندية الصينية أهلية والبعض الآخر تديره الحكومة أو بالتعاون بين الحكومة والمؤسسات الأهلية، ولكل ناد نظام مختلف. من أجل تأسيس هذه الشركة، أمضى ياو مينغ أكثر من نصف سنة في زيارات للأندية وتبادل الآراء مع مسؤوليها، وفي النهاية أثمر عمله الشاق، ورأينا الخطوة الكبيرة التي حققها إصلاح الدوري الصيني لكرة السلة للمحترفين.