فتاة ويغورية تتحدى الصعاب في هارفارد من أجل الوطن

باهرية أشرف طالبة ويغورية حصلت على العلامة الكاملة في امتحان مادة الرياضيات في امتحانات القبول للجامعات بالصين في عام 2011، كما حصلت على المركز الأول في شينجيانغ في الاختبار الوطني للقبول بالجامعات. ومن ثم التحقت بكلية علوم البيئة في جامعة بكين، فصارت حديث الناس في منطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم. في عام 2015، تسلمت إخطارات للقبول بالدراسات العليا من خمس جامعات أمريكية، من بينها هارفارد وييل وستانفورد.

 سافرت باهارية، البالغة من العمر اثنتين وعشرين سنة، إلى الولايات المتحدة الأمريكية للدراسة في أغسطس عام 2015.

 

الحلم يغير الواقع

قالت باهارية عن طموحها الأكاديمي: "كان حلمي هو أن أدرس في جامعة بكين. ولكن، عندما أتيت إليها لم أستطع التكيف مع البيئة الجديدة. كنت أدرس في شينجيانغ باللغة الصينية واللغة الويغورية، وكان مستواي في اللغة الإنجليزية ضعيفا، فكنت أغبط زملائي الآخرين الذين يجيدون اللغة الإنجليزية. جامعة بكين بها طلاب ممتازون من أنحاء الصين، كل منهم يدرس بجد واجتهاد. لم أحقق نتيجة مرضية في الفصل الدراسي الأول للسنة الأولى. ولعل السبب هو أنني لم أجد الطريق الصحيح للدراسة، وقلة تواصلي مع الأساتذة."

في الحقيقة، لم تستطع باهارية التكيف مع بيئة المعيشة في الجامعة، فقد كانت الطالبة الوحيدة من قومية الويغور في كُلِيتها وسط زملاء وزميلات من قوميات الصين الأخرى. قالت: "في تلك الفترة، كنت أشعر بالانقباض والخيبة والضغوط، وكنت أشتاق إلى أسرتي وموطني في شينجيانغ، فأعود إلى أسرتي في العطلات الشتوية والصيفية."

بيد أن الفتاة الويغورية استطاعات الخروج من تلك الحالة، وكانت كلمة السر هي "المثابرة". قالت: "لم أستسلم، لأن إراداتي قوية." بينما قالت أمها، السيدة زيخان هشام الدين إن ابنتها نشيطة وقوية الإرادة وواضحة الأهداف، وتعرف كيف تعدل حالتها الذهنية.

بعد تفكير عميق، وضعت باهارية خطة جديدة للدراسة. قررت أن تذاكر لمدة اثنتي عشرة ساعة كل يوم، وأن تخصص ثلاث ساعات يوميا لحفظ المفردات الإنجليزية. قالت: "أدركت أنه إذا كانت حصيلتي من مفردات الإنجليزية محدودة لن أفهم المحاضرات باللغة الإنجليزية." خلال الفصل الدراسي الأول للسنة الجامعية الثانية، اجتازت الاختبار الوطني للغة الإنجليزية بالمستوى الرابع. وفي الفصل الدراسي الثاني لنفس السنة، اجتازت نفس الاختبار بالمستوى السادس، بإجمالي ستمائة وعشرين درجة من سبعمائة وعشر درجات. بعد ذلك، بدأت باهارية تستعد لاختبار الإنجليزية كلغة أجنبية (TOEFL) واختبار سجل الدراسات العليا (GRE)، وبعد ثمانية أشهر من الجهود، اجتازت الاختبارين، بمجموع درجات مائة وثلاث عشرة من مائة وعشرين درجة في الاختبار الأول، وثلاثمائة وثماني وعشرين درجة من ثلاثمائة وأربعين في الاختبار الثاني.

في نفس الوقت، تحسنت نتائجها الدراسية في الجامعة تدريجيا، وصارت ضمن الأوائل بين زملائها، وحصلت على منحة دراسية في كل فصل دراسي.

 

لعب ورقص في وقت الفراغ

باهارية التي يعتبرها زملاؤها "أميرة الدراسة"، ليست "دودة كتب" وإنما فتاة جميلة لطيفة وموهوبة ونشيطة، ترأس رابطة جامعة بكين لنشر وتبادل ثقافة منطقة غربي الصين، المعنية بالتعريف بثقافة منطقة شينجيانغ. تضم الرابطة في عضويتها أعضاء من شينجيانغ وغيرها من مناطق الصين. في بداية نشاط الرابطة، واجهت باهارية أسئلة مثل: "هل كنت تذهبين إلى المدرسة بالحصان؟" و"هل عدد أبناء هان في شينجيانغ كبير؟" قامت باهارية بنشر وتعميم المعلومات حول شينجيانغ بين الزملاء. وفي صيف ذات السنة، نظمت الرابطة لأعضائها زيارة تفقدية إلى منطقة شينجيانغ.

لم تكن لجامعة بكين خبرة في تنظيم مهرجانات ثقافية للقوميات الصينية، فتعاونت باهارية مع بعض زملائها من الأقليات القومية في تنظيم الدورة الأولى لمهرجان الثقافة القومية في جامعة بكين في مايو عام 2014. قالت باهارية: "كان المهرجان ضخما وحقق نجاحا كبيرا وحظي بإقبال من الزملاء." بالإضافة إلى ذلك، أقيم في جامعة بكين "ركن اللغة الويغورية" كل يوم جمعة، حيث كانت باهارية تعلم زملاءها اللغة الويغورية، وتشعر بسعادة بذلك.

علاوة على ذلك، تمارس باهارية في وقت فراغها هواياتها، مثل التزلج ورقص شينجيانغ، والمشاركة في النشاطات التي ينظمها اتحاد طلاب الجامعة؛ والتي تعلمت من خلالها السباحة واليوجا والزومبا. قالت: "في الفترة التي كنت أستعد فيها لاختبار اللغة الإنجليزية وأشعر بضغط شديد، كنت أخصص خمسين دقيقة كل يوم للقيام بالرياضة البدنية، مثل الركض ولعب كرة الطاولة لتخفيف الضغوط والحفاظ على الصحة."

بعد أن ذاع خبر وصول إخطارات قبول لها من خمس جامعات أمريكية، دعيت باهارية لإلقاء محاضرة عن تجربتها في جامعة القوميات المركزية ببكين، تشجيعا للطلاب. فتحت باهارية حسابا على تطبيق التواصل الاجتماعي الصيني ويتشات لنشر ما تعلمته في الدراسة. قالت: "أحب المشاركة الجماعية وبث الطاقة الإيجابية بين الجميع".

عندما تحدثت باهارية عن جهود مكافحة الإرهاب في منطقة شينجيانغ، عبرت بوضوح عن موقفها الداعم للحفاظ على استقرار المجتمع ومعارضتها للنزعات الانفصالية العرقية، وقالت إن من يدعون إلى الانفصال على أساس عرقي عددهم قليل، ومعظم الناس يحرصون على السلام والاستقرار والتضامن والتنمية.

 

التطلع إلى المستقبل

اختارت باهارية جامعة هارفارد في النهاية، وسافرت إلى الويالات المتحدة الأمريكية في أغسطس 2015. ولكن باهارية تواجه مشكلة، فقد قبلتها جامعة هارفارد، ولكنها لم تقدم لها منحة دراسية، وتبلغ تكلفة الدراسة لمدة سنتين نحو مليون يوان (الدولار الأمريكي يساوي 4ر6 يوان)، كما أن باهارية ترغب في مواصلة الدراسة في هارفارد لنيل درجة الدكتوراه بعد حصولها على الماجستير، في حين أن دخل والديها، اللذين يعملان بمعهد شينجيانغ المهني للبناء، محدود. قال أبوها، أشرف محسود، إنه سيبذل كل جهوده لمساعدة ابنته على تحقيق حلمها، ولن يبخل عليها بأي شيء. باهارية تعي جيدا الوضع المالي الصعب لأسرتها، وتتصل بالأصدقاء والزملاء في الولايات المتحدة الأمريكية للبحث عن عمل لها بجانب الدراسة، لتخفيف الأعباء المالية على أسرتها.

في الثالث من مايو عام 2015، أقيمت في شينجيانغ ندوة، حضرها تشانغ تشون شيان، أمين لجنة الحزب الشيوعي في شينجيانغ، ونواب شبان من القوميات المختلفة والأوساط المختلفة في المنطقة، حث خلالها أمين لجنة الحزب الشباب من القوميات المختلفة في شينجيانغ على تطوير روح شينجيانغ وتبني الثقافة الحديثة والمحافظة على تضامن القوميات واحترام القانون وتطبيقه، وإقامة المشروعات والابتكار وتحقيق الإنجازات.

الطريق إلى الحلم مملوء بالأشواك، ولا يمكن تحقيق الحلم إلا بالاجتهاد والمثابرة. ترجو باهارية أن تعمل في مجال البحث العملي في المستقبل، وأن تقدم مساهماتها لوطنها بعد إتمام الدراسة. باهارية نموذج لـ"جيل الشباب الجديد في شينجيانغ"، لأن إرادتها القوية وعزيمتها الصلبة تعكس روح شينجيانغ، وتجربتها المشجعة تثبت مرة أخرى أنه "لا أحد يمكن أن ينجح بسهولة".