حرب الصين ضد وباء فيروس كورونا الجديد < الرئيسية

التعاون في مكافحة كوفيد- 19.. شركة صينية تفتح مصنعا للكمامات في مصر

: مشاركة
2020-07-02 16:31:00 الصين اليوم:Source تشيوي شيانغ يوي:Author

شاءت الأقدار أن يزور المواطن الصيني هو شياو جيون مصر، ثم يفتتح مشروعا فيها. وصل السيد هو  إلى مصر قبل أربعة أشهر، وخلال هذه الفترة أصبح لون بشرته أسمر وصار ذا صوت أجش. قال بصراحة إنه يعتقد أن هذه الشهور الأربعة بالنسبة له أطول من أربع سنوات. ذهب هو شياو جيون إلى مصر لشراء الكمامات خلال فترة انتشار فيروس كورونا الجديد (كوفيد- ١٩) في الصين حين كان الوضع خطيرا، بعد ذلك، استعد لتأسيس مصنع للكمامات في مصر. أخيرا، نجح في تشغيل أربعة خطوط إنتاج إلكترونية لتصنيع الكمامات. في ظل انتشار الوباء، اكتشف هو شياو جيون الطريق الأمثل لتحويل الأعمال التجارية لمؤسسة خاصة من أجل مواجهة آثار فيروس كورونا الجديد.

تذكر هو شياو جيون تلك الأيام، وقال إنه تمكن من تحقيق النجاح لأنه حريص على التمسك بمبادئ التشاور والبناء المشترك والتمتع بالفوز المشترك.

البقاء في مصر في فترة صعبة

انتشر فيروس كورونا الجديد في ووهان في نهاية يناير من عام ٢٠٢٠، ثم تفشى في أنحاء الصين، مما تسبب في وضع خطير يتطلب ضرورة الوقاية من الفيروس والسيطرة عليه، فازداد الطلب بشكل كبير على الكمامات ومواد تصنيعها. يعمل هو شياو جيون كمدير عام في شركة جياشانغ للاستيراد والتصدير المحدودة بمدينة نينغبوه. وقد أوكلت حكومة مدينة هايكو إلى الشركة شراء الكمامات من شركة مصر للملابس الطبية (MEDIC)، فسافر هو شياو جيون إلى القاهرة في منتصف فبراير لإتمام أمور الشراء.

قال هو شياو جيون: "أردتُ شراء جميع الكمامات التي تعهدت شركتي بشرائها لحكومة هايكو في البداية، لكن كل ما حدث بعد ذلك تجاوز توقعاتي." كما أشار إلى أن تفشي الفيروس في الصين بشكل واسع ومتزايد في بداية فبراير، لكن القليل من الناس كان يتوقع الانتشار السريع للوباء في العالم وزيادة الطلب على مواد الوقاية من الفيروس وضوابط التصدير في مصر.  أضاف: "إذا نظرنا إلى الوضع من زاوية أخرى، أعتقد أن هناك فرصا سانحة كثيرة في ظل تلك الظروف الخطيرة." يرى هو شياو جيون أن جميع الدول ينبغي لها المحافظة على الاقتصاد والصحة في نفس الوقت بغض النظر عن الظرف والحالة التي تواجهها تلك الدول، بالإضافة إلى وجود أساس متين للتعاون بين الصين ومصر.

منذ نهاية فبراير، أخذ هو شياو جيون يدرس السوق المصرية، ووجد أن مصر دولة رئيسية في إنتاج مواد الوقاية من الأوبئة بمنطقة الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا. فقرر التعاون مع شركة يوروميد للصناعات الطبية بمصر لبناء خطوط إنتاج لتصنيع الكمامات المعقمة في المنطقة الحرة العامة بمدينة نصر بالقاهرة. رغم ذلك، ظل هو شياو جيون يشعر بشيء من القلق بعد قرار بناء خط الإنتاج. فشجعه أحد المسؤوليين الصينيين في السفارة الصينية لدى مصر، إذ قال له: "نتمتع بأساس متين في مجال التعاون بين الصين ومصر، وهذا لن يتغير في أي حال من الأحوال. إذا ترغب ببناء خطوط الإنتاج في مصر، فسوف تفي الصين بمسؤولياتها المستحقة."

على الرغم من أن مصر لم تشهد بعد نقطة تحول لانتشار الفيروس، فمازال حوالي ثمانية آلاف صيني موجودين فيها، ومنهم العاملون بالشركة الصينية المحدودة للهندسة الإنشائية (CSCEC) والعاملون بشركة هواوي، فهم يثقون في العلاقات الدبلوماسية بين الصين ومصر.

قال هو شياو جيون إنه لم يبق مع أولئك المواطنين الصينيين في مصر لمساعدة بعضهم بعضا فقط، بل من أجل التمتع معهم بالمصالح والثمار المشتركة. عندما علم هو شياو جيون أن بعض الصينيين في مصر يواجهون صعوبات في شراء مواد الوقاية من الفيروس، قام بالتنسيق مع الأطراف المصرية المعنية على الفور وتقديم طلب لبيع منتجات المنطقة الحرة العامة بمدينة نصر في القاهرة في السوق المحلية. قال هو شياو جيون: "نجاحي في تصنيع الكمامات في مصر مرتبط  بمساعدة مواطنينا خلال الفترات الصعبة من انتشار المرض."

جودة المنتجات أولا في التعاون لمكافحة الفيروس

على مدى السنوات الأخيرة، أدار هو شياو جيون شركة جياشانغ للاستيراد والتصدير المحدودة بشكل جيد على الصعيد المحلي؛ لذا شعر أصدقاؤه بالدهشة حول قراره بتصنيع الكمامات خارج البلاد.

قال هو شياو جيون: "أسست شركة لبيع وشراء الملابس في الخارج. لذا، إقامة مصنع للكمامات في الخارج يعني أنني أعمل في مجال غير مألوف تماما. سألني الكثير من أصدقائي بمزاح إذا كنتُ مجنونا، لكن أعتقد أنني اتخذت قرارا صائبا تماما."

وأوضح هو شياو جيون أسباب اتجاهه لتصنيع الكمامات في مصر بقوله: بالإضافة إلى نقص قدرة الإنتاج على تصنيع الكمامات في مصر والتعريفات التفضيلية لمنتجاتها الصناعية،  التي يقدمها الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الاقتصادات الرئيسية الأخرى، فإن أهم أسباب تحوله إلى العمل الجديد هو أن الصين سيطرت على انتشار الوباء مبدئيا، ويتفشى الوباء في أنحاء العالم، فتبذل الصين كل جهودها لتعزيز التعاون الدولي لمكافحة الفيروس ومد يد العون للعالم.

قال هو شياو جيون: "بدأ الوباء بالانتشار في الشرق الأوسط منذ نهاية فبراير، ثم تأثرت مصر به في بداية مارس هذا العام. في إطار نقص مواد الوقاية من الفيروس، هيأت الثقة السياسية المتبادلة بين الصين ومصر الظروف المؤاتية لحث المؤسسات الصينية على الاستثمار في تصنيع مواد الوقاية من الوباء." من شراء الكمامات إلى تصنيعها، واصل هو شياو جيون تأكيد استخدام الأقمشة غير المنسوجة المنصهرة لتصنيع كمامات عالية الجودة. ومن خلال هذا العمل، يمكنه كسب الأرباح بالعملة الأجنبية من خلال عملية التصدير وتقديم مساهمات للمحليين في مكافحة الفيروس في نفس الوقت.

قال عمر عبد الله، مسؤول شركة يوروميد بمصر: "يمكننا تصنيع أفضل الكمامات في مصر بفضل استخدام معدات الأتمتة المتقدمة الصينية واتخاذ إجراءات المراقبة الصارمة خلال عملية الإنتاج." كما قال السيد عمر إن الكمامة المصنوعة في مصنعه هي الكمامة الجراحية الطبية تتكون من ثلاث طبقات من القماش، الطبقة الأولى هي القماش غير المنسوج والمضاد لنفاذ الدم، والطبقة الثانية هي القماش المركّب غير المنسوج المنصهر، والطبقة الثالثة هي القماش غير المنسوج. تُنتج الكمامات وفقا لمعايير الاتحاد الأوروبي، وقد تم اعتمادها من قبل مؤسسة اختبار ألمانية. تتعاون الصين مع مصر لتقسيم الأعمال في تصنيع الكمامات: الجانب الصيني مسؤول عن توفير الأموال ومعدات الإنتاج والتجهيزات الإضافية مثل دعامة الأنف وأشرطة الأذن. والجانب المصري مسؤول عن شراء جزء من الموارد لتصينع الكمامات وورش الإنتاج وتوظيف العاملين.

عبّر هو شياو جيون والسيد عمر عن نفس الرأي والهدف بلغتين مختلفتين، فقالا: "على الرغم من أن الأرباح أمر هام بالنسبة للشركة، لكن المشروع التعاوني لمكافحة الفيروس بين الصين ومصر يهدف إلى احتواء تفشي الوباء رئيسيا، فيجب علينا تصنيع منتجات عالية الجودة لمكافحة الوباء." كما قال السيد عمر إن أي موظف في المصنع يجب عليه القيام بتطهير ورش الإنتاج كل ثلاث ساعات، والقيام بتطهير المعدات بالكحول الطبي كل ساعة سعيا لتحقيق بيئة إنتاج معقمة. يجب على جميع الموظفين ارتداء ملابس العمل المعقمة والمرور بالغرفة الخاصة للتطهير وارتداء أغطية القدم والقفازات وأغطية الرأس قبل الدخول إلى الورش. أما من هم  خارج المصنع، فيجب عليهم ارتداء الملابس الواقية. خلال انتشار الوباء، يعمل المصنع على مدار ٢٤ ساعة، ويتناوب الموظفون في نوبات عمل نهارا وليلا. قبل بداية العمل، ينبغي لجميع  الموظفين قياس درجة حرارتهم. إذا شعر أحدهم بالمرض، فعليه البقاء في غرفة العزل على الفور، ثم يقوم المصنع بتطهير كامل للمصنع.

قال السيد عمر: "الكمامات المصنوعة في مصنعنا أغلى من الكمامات الأخرى من المنتجات المماثلة في مصر، لكنها أيضا أكثر المنتجات فعالية من ناحية التكاليف." وفقا للسيد عمر، يتلقى المصنع باستمرار استفسارات وحصل على طلبيات كثيرة من وزارة الصحة المصرية ووزارة الداخلية المصرية وغيرها من الوزرات الرئيسية المسؤولة عن مكافحة الفيروس وبعض المؤسسات المتعلقة بشراء المستلزمات الطبية العامة. تخطط الحكومة المصرية الآن شراء الكمامات لتقديمها للعاملين الطبيين الذين يقومون بعلاج المصابين بالفيروس، من أجل تقليل مخاطر إصابة الأطقم الطبية والعاملين المخالطين للمصابين.

التمسك بمبدأ "التشاور والبناء المتشرك وتقاسم المنفعة"

قال هو شياو جيون: "تعتمد مصر على استيراد كمامات N95 والكمامات الجراحية الطبية العالية الجودة دائما، فتعاني من نقصها. إذا واصلنا شراء الكمامات في السوق المصرية جزافا، فقد يظن البعض أننا نزاحم في سوق الموارد الطبية." كما أشار إلى أن طرح المصنع الكمامات في السوق المصرية، يمكن أن يسد الفجوة في نقص الكمامات. بعد تشغيل جميع خطوط الإنتاج الخمسة (واحد منها قيد البناء)، بإمكان المصنع إنتاج ثلاثمائة ألف كمامة كل يوم. في حال زيادة المصنع خطوط الإنتاج إلى عشرة خطوط، فيمكنه تصنيع ستمائة ألف كمامة في اليوم. كما يمكن للمصنع تعديل نسبة المبيعات المحلية بموجب حالة الوباء في مصر. قال هو شياو جيون: "نحن نتمتع بالسياسة التفضيلية في المنطقة الحرة العامة بمدينة نصر لتصنيع المنتجات، فإذا ركزنا على بيعها من أجل كسب العملات الأجنبية فقط، فإنه أمر غير مناسب أيضا."

يري هو شياو جيو، كمسؤول في الشركة الخاصة، أنه لا يمكن تحقيق الأهداف بشكل فعال إلا بالتمسك بمبدأ التشاور والبناء المشترك وتقاسم المنفعة، عند مواجهة البيئة التجارية المعقدة في الخارج، وقال: "نحتاج إلى الاندماج في المجتمع المحلي بنشاط، إذا كنا نقوم بأعمال تجارية فيه."

قال السيد عمر: "إن تعاوننا مع الأصدقاء الصينيين طيب للغاية. بناء خطوط الإنتاج يساعدنا على حل المشكلات الكبيرة في الوقاية من الفيروس. تصنيع المزيد من الكمامات يعني مساعدة عدد أكبر من المصريين على مكافحة الوباء." عملية الإنتاج بأكملها جيدة الترتيب، تم تشغيل خطوط الإنتاج الأوتوماتيكي بعد تصحيح أخطائها، حيث يتم قطع الأقمشة غير المنسوجة المنصهرة والأقمشة غير المنسوجة بالإنصهار، ثم يتم تشكيل الكمامات أوليا ونقلها إلى معدات اللحام والضغط لتثبيت أشرطة الأذن، بعد ذلك، يقوم العاملون بالتعبئة بتغليفها. أغلب العاملين في المصنع هم المحليون باستثناء عدد قليل من المهندسين."

لقد اتخذت مصر إجراءات حظر التجول وتعليق الرحلات الدولية منذ أواخر مارس سعيا إلى السيطرة على تفشي الوباء، مما أدى إلى مشكلات في نقل المعدات وإلغاء الرحلات الدولية للتقنيين الصينيين الذين عليهم الذهاب إلى مصر لإصلاح المعدات.

 قال باسم خلف الله، مدير قسم الهندسة في شركة يوروميد بمصر: "استغرقنا شهرا واحدا تقريبا لتنفيذ هذا المشروع التعاوني بين الصين ومصر، ولم يكن من الممكن تحقيقه إلا عبر تعاون الموظفين الصينيين والمصريين والدعم القوي من الحكومة الصينية والحكومة المصرية." وأشار خلف الله إلى أنه قد اتصل بالتقنيين الصينيين عبر الفيديو فقط لتوجيه تعديل المعدات في البداية. كان تركيب المعدات وتعديلها وتدريب العاملين خلال فترة قصيرة كهذه يعد تحديا كبيرا في حياته المهنية. عندما واجه السيد خلف الله مشكلة في خطوط الإنتاج، تحتاج بشكل عاجل إلى الدعم في الموقع من الخبراء الصينيين، قام المكتب الاقتصادي والتجاري للسفارة الصينية لدى مصر بتقديم الدعم والمساعدة له في الوقت المناسب، وحث المؤسسات الصينية المعنية على إرسال التقنيين لتعديل المعدات؛ كما استجابت الإدارات المصرية المعنية للمذكرة الدبلوماسية الصينية، وسمحت للتقنيين الصينيين بالدخول إلى مصر، بعد معرفة المشكلة. أخيرا، حل المصنع مشكلة تصحيح المعدات بفضل مساعدة العديد من الأطراف المعنية. يعتقد العامل المصري أحمد جمال، الذي يعمل في الشركة منذ ثلاث سنوات، أن هذا العمل يمثل تحديا بالنسبة له، قال:" رغم صعوبة الظروف، أبذل كل جهودي، عندما أفكر في حقيقة أن المنتجات التي أنتجها في هذه الشركة، يمكنها مساعدة المزيد من الناس وإنقاذ حياتهم."

قال هان بينغ، الوزير المفوض الاقتصادي والتجاري بسفارة الصين لدى مصر: "تشغيل خطوط الإنتاج لتصنيع الكمامات سوف يكون مفيدا لتحسين القدرة على الوقاية من الوباء خلال هذه  الفترة الخاصة، أتمنى أن نتمكن من التغلب على هذا العدو المشترك للبشرية."

بينما أعرب السيد شريف، رئيس قسم العلاقات العامة في مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء المصري، عن تقديره للتعاون المصري- الصيني في بناء خطوط الإنتاج لتصنيع الكمامات. وأشار إلى أن مصر تواجه الآن خطر انتشار الوباء، وتقدم الصين لها المساعدة لحل المشكلات العاجلة، مما يعكس متانة علاقات الصداقة بين البلدين. وقال: "مشروع خط إنتاج تصنيع الكمامات له أهمية كبيرة للوقاية من الوباء في مصر. أرجو أن يعمل البلدان معا لمكافحة الفيروس وتحقيق الانتصار قريبا في هذه المعركة ضد الفيروس."

--

تشيوي شيانغ يوي، صحفي في صحيفة ((الشعب اليومية)) الصينية.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4