مسلمون صينيون < الرئيسية

ضرب الجذور في الأرض الخصبة للثقافة الصينية والتمسك باتجاه توطين الإسلام في الصين

: مشاركة
2018-04-03 12:51:00 الصين اليوم:Source يانغ فا مينغ:Author

طرح الأمين العام شي جين بينغ، في تقريره المقدم للمؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، مطلبا هاما يتمثل في أن "علينا التطبيق الشامل لسياسة الحزب الأساسية حول الشؤون الدينية، والتمسك باتجاه تصيين الأديان في بلادنا، والمبادرة إلى إرشاد الأديان للتكيف مع المجتمع الاشتراكي". بنظرة بعيدة المدى، أشار السيد شي إلى طريق مشرق واسع للتنمية السليمة للأديان في بلادنا. وباعتبارنا الأوساط الإسلامية الصينية، نعلن تأييدنا من صميم القلب، واستجابتنا الفعالة له.

على مر تاريخ البشرية، ظل بقاء وتطور أي عقيدة دينية مرتبطا بالاعتراف المتبادل بين الدين والدولة التي يوجد فيها، وتكيفه مع مجتمعها وثقافتها. إن تاريخ تطور الإسلام في الصين الذي يرجع إلى أكثر من ألف وثلاثمائة سنة خير دليل لذلك.

خلال المسيرة الطويلة للتنمية المتكاملة، تطور الإسلام بعد دخوله إلى الصين إلى دين ذي خصائص صينية يؤمن به معظم أبناء عشر أقليات قومية، منها قومية هوي وقومية الويغور. في فترة أسرة مينغ (1368- 1644م)، امتزجت الثقافتان الإسلامية والكونفوشية الصينية التقليدية بعمق، فالغالبية العظمى من المسلمين الصينيين من الأقليات القومية يتكلمون اللغة الصينية وقد بدلوا أسماء عائلاتهم إلى أسماء صينية ويرتدون الأزياء الصينية، واستمر الإسلام في الصين وضرب جذوره فيها، من خلال السير في طريق يتفق مع واقع المجتمع الصيني. في فترة أسرة تشينغ (1644- 1911م)، واصل المثقفون المسلمون "شرح الكتب الكلاسيكية الإسلامية بالنظرية الكونفوشية"، حيث اشتملت محتويات ذلك على الفلسفة والأخلاق والحياة وغيرها، ودعت إلى "أن الإخلاص لله والإخلاص للحاكم، تصرف سليم"، فبلغ امتزاج الثقافتين الإسلامية والكونفوشية ذروته في التاريخ. في العصر الحديث، يعزز المسلمون من مختلف الأقليات القومية وعيهم بحب الوطن بشكل مطرد، وينفذون الإرشاد المتمثل في "أن حب الوطن جزء من العقيدة"، لا سيما بعد اندلاع حرب مقاومة الشعب الصيني ضد العدوان الياباني، إذ خاض المسلمون مع أبناء القوميات الأخرى معركة دامية، بقلوب مفعمة بحب الوطن وعزيمة قوية على مقاومة العدوان، فسجلوا صفحات بطولية مؤثرة.

بعد تأسيس الصين الجديدة، ظل المسلمون، رجالا ونساء من مختلف قوميات بلادنا، يتقاسمون السراء والضراء تحت قيادة الحزب الشيوعي الصيني، وكرسوا أنفسهم للقضية العظيمة لبناء وإصلاح وتطوير الاشتراكية، حتى دخلوا العصر الجديد على قلب شخص واحد لتحقيق حلم الصين. في مسيرة توطين الإسلام في الصين، يواصل إثراءه بمفاهيم جديدة، ويسجل صفحات جديدة، الأمر الذي يجسد خلق الرصانة الشاملة الحميدة للإسلام الصيني، كما يبرز أمام العالم تجربة الصين في توطين الدين الإسلامي.

في السنوات الأخيرة، وفي ظل تأثيرات الوضع الدولي المتغير والمعقد، ظهر بعض المشكلات التي لا يمكن تجاهلها في مجال الدين الإسلامي في بلادنا، ومنها التقليد الأعمى للأنماط الأجنبية في أسلوب بناء بعض المساجد، والإفراط في تعميم مفهوم "الحلال"، وتدخل الدين في الحياة العلمانية المجتمعية في بعض المجالات، والاهتمام بالشريعة الإسلامية وحدها وإهمال قوانين الدولة، وإدراك البعض أنهم مسلمون مؤمنون مع عدم إدراك أنهم مواطنون، وغيرها. يجب علينا أن نحفاظ على اليقظة التامة لذلك.

إننا ندرك إدراكا تاما، أن التمسك باتجاه توطين الإسلام هو تلخيص للتجارب الناجحة للدين الإسلامي الصيني، وأنه الأساس الثابت للتنمية السليمة لقضية الدين الإسلامي الصيني في الظروف التاريخية الجديدة. يتطلب التمسك باتجاه توطين الإسلام رفع الراية العظيمة لحب الوطن والدين عاليا، وتوحيد الجهود في سبيل تحقيق حلم الصين بالنهضة العظيمة للأمة الصينية. ومن أجل التمسك باتجاه توطين الدين الإسلامي، ينبغي أن نغمر الدين الإسلامي بثقافة الصين التقليدية الممتازة، وأن نحافظ معا على النبع المعنوي للأمة الصينية. يتطلب التمسك باتجاه توطين الإسلام بناء مناهج العلوم الإسلامية في الصين تحت قيادة مفهوم القيم الجوهرية الاشتراكية؛ وإدراك ومعالجة العلاقة بين قوانين الدولة والشريعة الإسلامية بشكل صحيح، والاجتهاد في رفع وعي جماهير المسلمين بسيادة القانون؛ وإذكاء تقاليد الدين الإسلامي الحميدة المتمثل في حب الوطن والتضامن ومبدأ الوسطية والتراحم، ونبذ الأفكار المتطرفة بحزم؛ والاهتمام البالغ بإعداد الأكفاء ذوي المستوى المرتفع المحبين للوطن والدين.

لذلك، تدعو الجمعية الإسلامية الصينية إلى ما يلي:

أولا، الدعوة إلى دخول التوعية حول مفهوم القيم الجوهرية الاشتراكية إلى المساجد؛ ثانيا، الدعوة إلى دخول الثقافة الصينية التقليدية الممتازة إلى المساجد؛ ثالثا، الدعوة إلى دخول ((محاضرات الوطنية للمسلمين)) إلى المساجد؛ رابعا، الدعوة إلى تجسيد المزايا والأساليب والأنماط الصينية في المراسم الدينية والثقافة الدينية والبنايات الدينية؛ خامسا، دعوة الأوساط الإسلامية إلى اتخاذ دحض التطرف الديني والوقاية منه عملا رئيسيا في أعمال تفسير القرآن الكريم، لنبذ الشر وتمتين العدالة وحل المشكلة من جذورها.

سوف تنفذ الجمعية الإسلامية الصينية ((لوائح الشؤون الدينية)) بشكل عميق، وتدفع الأوساط الإسلامية للقيام بالنشاطات الدينية وفقا للقانون واللوائح، وتوجه جماهير المسلمين لتعزيز وعيهم القانوني حول الدستور بشكل متزايد، والالتزام بالقانون واللجوء إلى القانون عند مواجهة المشكلة، والاعتماد على القانون في سبيل معالجة المشكلة، واستخدام القانون للحفاظ على الحقوق والمصالح.

النقطة المفتاحية لدفع توطين الإسلام هي التمسك بالجمع بين حب الوطن وحب الدين. ينبغي للمسلمين أن يتخذوا تحقيق حلم الصين بالنهضة العظيمة للأمة الصينية كالمصلحة الأعلى للدولة والأمة، وتوحيد جهودهم للانخراط بنشاط في الإصلاح والانفتاح وبناء التحديثات الاشتراكية.

ومع دخول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إلى العصر الجديد، فإن الجمعية الإسلامية الصينية تتوارث الماضي وتشق طريق المستقبل، وستظل متمسكة باتجاه توطين الإسلام، وتسير في هذا الطريق الحتمي، الذي يضرب جذوره في موطنه ويتطور بلا انقطاع.

--

الكاتب: يانغ فا مينغ، عضو المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، ورئيس الجمعية الإسلامية الصينية.

 

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4