أخبار < الرئيسية

العنصرية تُمسك بحلقوم "الديمقراطية على النمط الأمريكي"

: مشاركة
2021-07-20 14:30:00 شبكة الصين:Source وانغ يوي:Author

يعج سجل حقوق الإنسان للولايات المتحدة بالعديد من الانتهاكات السافرة لهذه الحقوق، ولكنها تمثل دور "المدافع عن حقوق الإنسان" بوقاحة في جميع أنحاء العالم، وتعتبر نفسها قاضيا للاخلاقيات، وتنتقد بالقوة الشؤون الداخلية وأوضاع حقوق الإنسان للدول الأخرى. إن حكومة الولايات المتحدة بارعة في اللعب بـ"المعايير المزدوجة"، وتغض الطرف عن العنصرية داخل البلاد، لكن أصحاب البصيرة الأمريكيين لديهم فهم عميق لهذا الأمر ويتمسكون بالعدالة ويكشفون عن نفاق حكومة الولايات المتحدة و"الديمقراطية على النمط الأمريكي".

العنصرية تصبح أداة سياسية في الولايات المتحدة

كان غضب المجتمع الدولي ضد إدارة دونالد ترامب قوياً بشكل خاص في منتصف عام 2018، عندما فصلت الولايات المتحدة قسراً الأطفال المهاجرين عن والديهم على حدودها الجنوبية ووضعت هؤلاء الأطفال في معسكرات الاعتقال. وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن تحرك الولايات المتحدة هذا "ينتهك الضمير".

ويرى جون فيفر، مدير موقع "السياسة الخارجية تحت المجهر" الأمريكي، أن الرئيس الأمريكي ترامب يستخدم العنصرية كأداة لتدمير أي التزام أمريكي دائم تجاه الليبرالية الدولية. وكانت هناك عوامل عنصرية دائماً في سياسة ترامب الخارجية، فعلى سبيل المثال، كانت سياسة الهجرة التي ينتهجها ترامب منحازة للبلدان ذات الأغلبية البيضاء منذ اليوم الأول في منصبه، حيث قال إنه "إذا استمرت الهجرة إلى الولايات المتحدة فإني أريد مهاجرين من دول مثل النرويج"، وفرض حظر السفر على المسلمين، ووصف بعض الدول بـ"القذرة"، واستمتع بإلقاء اللوم على "الصينيين" في تفشي جائحة كوفيد-19 مع علمه التام بأن نظريته بشأن المؤامرة ستغذي المشاعر المعادية للآسيويين.

ولم يُدخل ترامب العنصرية فجأة في السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وإنما لجأ فقط إلى مبدأ غير مكتوب في السياسة الخارجية للولايات المتحدة وحوله إلى كلمات. وعلى مدى عقود، تعاملت الولايات المتحدة مع البلدان الأخرى على أنها "مكان قذر" دائما، على الرغم من أن صانعي السياسة لم يسموها بهذه الطريقة علنا.

ورأت مجموعة الأزمات الدولية أن بعض القادة السياسيين الأمريكيين، بمَنْ فيهم ترامب، يبدو أنهم عازمون على استغلال الاختلافات العرقية بدلا من تعزيز الوحدة. وانتقدت منظمة العفو الدولية بشدة إدارة ترامب لإلغائها معظم خطط إعادة توطين اللاجئين الأمريكية وعدم الرغبة في قبول طالبي اللجوء وفرض حظر السفر على عدة دول ذات أغلبية سكانية من المسلمين ومواقفه العامة تجاه الهجرة، وقالت جوان لين، مديرة المناصرة والشؤون الحكومية في منظمة العفو الدولية بالولايات المتحدة إن الترياق المضاد لقومية ترامب العنصرية هو تقوية تيار الدُّوَلِيَّة (الأُمَميّة): إعادة الانضمام إلى المؤسسات الدولية التي انسحب منها ترامب، وإعادة الالتحاق بالاتفاقيات التي مزقها ترامب، وإعادة مشاركة الولايات المتحدة في بناء العالم بصبر على قدم المساواة.

وكتب إيشان ثارور، في عموده بصحيفة واشنطن بوست أن "سلوك الرئيس ترامب المخادع قد ترك أثرا عميقا على المجتمع الأمريكي، ووجد تحقيق أجراه زميلي وشمل 28000 حالة تنمر في المدارس في الولايات المتحدة أن تصريحات ترامب التحريضية قد اُستخدمت لمضايقة الأطفال في مئات الحوادث، وخاصة الطلاب من خلفيات أمريكا اللاتينية أو السود أو المسلمين". وقال إنه "منذ توليه الرئاسة، قد تسللت تصريحاته التحريضية التي غالبا ما تُدان باعتبارها تصريحات عنصرية وكراهية للأجانب، إلى المدارس في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ويستهدف العديد من المتنمرين الآن أطفالا مختلفين عن الماضي، ويقلد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 سنوات إهانات الرئيس والممارسات القاسية التي علمهم إياها".

وفي الواقع، قد أصبح التطرف الأبيض فتيل الصراعات العرقية في الولايات المتحدة. وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي في بيان إن حادث إطلاق النار في إل باسو 2019 أظهر التهديد المستمر الذي يشكله المتطرفون العنيفون ومجرمو الكراهية في البلاد". وفي الشهر الماضي، قال مكتب التحقيقات الفيدرالي إن هذا النوع من العنف آخذ في الارتفاع، وأن معظم هذه الأنشطة العنيفة مدفوعة بشكل من أشكال إيديولوجية تفوق العرق الأبيض.

وقال دانيال بنجامين، مدير مركز جون سلون ديكي للتفاهم الدولي في كلية دارتموث ومُنسِّق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية من 2009 إلى 2012، إن "أنشطة إرهاب تفوق العرق الأبيض لم تحظ بنفس القدر من الاهتمام الذي تحظى به الأنشطة الإرهابية الإسلامية".

وقال مايك جيرمان، وكيل مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق ويعمل الآن في مركز برينان للعدالة في جامعة نيويورك، إن مكتب التحقيقات الفيدرالي لا "يعامل جميع الإرهابيين على قدم المساواة". وأوضح أن عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي "ركزوا على المسلمين وكذلك المسلمين في الولايات المتحدة، لكن تجاهلوا التهديد القاتل الذي يشكله المتعصبون البيض في الوقت نفسه"، وأضاف أنه "ليس هناك شك في أن المتعصبون البيض والمنظمات اليمينية المتطرفة تقتل أشخاصا أكثر من المنظمات الأخرى، ولكن لدينا بقعة عمياء ضخمة للعنف اليميني المتطرف والعنصري".

"السياسة المُنقسِمة" المنتشرة بشكل متزايد

أشار الكاتب الصحفي إيشان ثارور إلى أن الناس وجهوا تحذيرات عديدة بشأن ميول ترامب الاستبدادية خلال رئاسته. وقد كسر ترامب نظام الضوابط والتوازنات المهتز بشكل متزايد في الولايات المتحدة الأمريكية، مما أثار مخاوف النقاد. وبمساعدة اليمينيين، طرح ترامب أسلوب السرد الذي يدمج المصالح الوطنية مع مصالحه الشخصية، ويدمج حب الوطن مع الولاء غير المحدود لصاحب المكتب البيضاوي للبيت الأبيض.

وقالت عضوة الكونغرس الأمريكي إلهان عمر إن "وجهة نظر الرئيس ترامب الواضحة هي أن الناس من بعض الدول ذات الأغلبية السكانية من المسلمين يجب ألا يدخلوا بلادنا، فهذه ليست سياسة سيئة فحسب، بل إنها تهديد مباشر للحرية والديمقراطية". مضيفة أنه "في تاريخنا، قد اُستخدمت اللغة العنصرية مرارا وتكرارا لتحريض الأمريكيين ضد الأمريكيين، في حين استفادت النخبة الثرية منها".

وفي عام 2019، استخدم الرئيس الأمريكي ترامب العامل العنصري بشكل صارخ عند انتقاده الديمقراطيين الليبراليين، قائلا إنه يجب على أربع عضوات ملونات في الكونغرس العودة إلى الأماكن الفاشلة التي أتين منها حيث تتفشى الجريمة، لكن تجاهلت تصريحاته حقيقة أن النساء الأربع كن مواطنات أمريكيات، وأن ثلاث منهن ولدن في الولايات المتحدة. وأدان الديمقراطيون تصريحات ترامب الهجومية بشدة، زاعمين أن كلماته كانت عنصرية وستسبب انقسامات خطيرة، وقالت إلهان عمر في تغريدها "إنك تغذي النزعة القومية البيضاء، لأنك غاضب لأن أشخاصا مثلنا يخدمون في الكونغرس، ويحاربون أجندتك المليئة بالكراهية". ويرى مصطفى بيومي، أستاذ اللغة الإنجليزية بكلية بروكلين التابعة لجامعة مدينة نيويورك، أن إدارة ترامب اتبعت "سياسات مثيرة للانقسام" بشكل صارخ، وقال إن "دونالد ترامب دفع مسؤولية الوضع الراهن في الولايات المتحدة إلى غيره مرارا وتكرارا وبشكل غير معقول، وشهدنا هذه الاستراتيجية مرة أخرى".

حالة حقوق الإنسان مقلقة و"المعايير المزدوجة" مرفوضة

دعا براين هوك، رئيس تخطيط السياسة السابق في وزارة الخارجية الأمريكية في مذكرته التي سُرّبت قبل أعياد الميلاد لعام 2017، موجّهة للوزير ريكس تيلرسون، إلى استخدام الولايات المتحدة حقوق الإنسان كسلاح ضد المعارضين، مثل إيران والصين، لكن اقترح تجاهل مشاكل حقوق الإنسان في حلفاء الولايات المتحدة مثل مصر والسعودية. لنقرأ هذه المذكرة الآن، يبدو أنها توضح المبادئ التوجيهية لسياسة إدارة ترامب بشأن قضايا حقوق الإنسان، غالبا ما ضغط وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو على دول أخرى بشأن قضايا حقوق الإنسان، لكن جميع أهدافه هي الحكومات المعادية للولايات المتحدة، وكذلك الحكومات التي لديها مصالح استراتيجية محدودة مع الولايات المتحدة.

وقالت سارة سنايدر، أستاذة مدرسة الخدمة الدولية بالجامعة الأمريكية إن" حكومة ترامب تعتقد أن معظم مؤيديها لا يهتمون بانتهاكات حقوق الإنسان في المجتمع الدولي، ولا تقبل الرأي القائل بأن الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تكون مواطنا صالحا في قضايا حقوق الإنسان، وترفض الرأي القائل بأن الولايات المتحدة يجب عليها الالتزام بالاتفاقيات الدولية بشكل قاطع".

وأكد روب مارلي، الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة الأزمات الدولية على أن "الحكومة الأمريكية السابقة، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية، كانت لديها فجوة بين الأقوال والأفعال فيما يتعلق بتعزيز حقوق الإنسان وحماية المصالح الأمريكية، وتحت حكم ترامب، أصبحت هذه الفجوة واديا سحيقا"، وقال "أعتقد أن حكومة ترامب تختلف اختلافا جوهريا عن سابقاتها، ويبدو أن حقوق الإنسان تستخدم فقط كعملة للمعاملات".

ومن هذه التصريحات المذكورة أعلاه المتمثلة في "الأمريكيون ضد أمريكا"، يمكننا فهم أن الديمقراطية المنافقة على النمط الأمريكي لا تحظى بشعبية وستفشل حتما.

 

--

وانغ يو، باحث بمركز أبحاث شينجيانغ التابع لمعهد أبحاث الحدود الصينية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4