كلنا شرق < الرئيسية

مصر والصين.. شراكة إستراتيجية واعدة

: مشاركة
2021-05-30 10:21:00 الصين اليوم:Source حسن رجب:Author

يصادف عام 2021 الذكرى السنوية الخامسة والستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين مصر والصين، حيث تعبر هذه العلاقة عن وجه الحضارة الإنسانية المشرق على وجه العالم كتجسيد حي لثقافات عريقة متجذرة، وترجمة حقيقية على أرض الواقع لصداقة مثمرة وارفة الظلال عبر التاريخ التليد الذي يجمع بين البلدين، فمصر هي أول دولة عربية وأفريقية تقيم العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية الصين الشعبية في 30 مايو 1956، لتستمر تلك العلاقة بين الدولتين فى جو من المودة والصداقة وتبادل الدعم والمساندة، وفي ظل توافق الرؤى إزاء العديد من القضايا الإقليمية والدولية. وقد ساهمت الصين بمبلغ 58 مليون فرنك سويسري لتمويل بناء السد العالي عندما تخلى البنك الدولي عن تمويل المشروع ومؤازرة مصر ضد العدوان الثلاثي وتأميم قناة السويس عام  1956، بالإضافة إلى وقوفها إلى جانب مصر مع السعودية  في تأييد ثورة يونيو 2013 ومنع تدويل قضية مصر في مجلس الأمن.

وتُوجت هذه العلاقة المتميزة بتوقيع اتفاق الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الدولتين خلال زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي للصين في عام 2014، حيث كانت الصين أول دولة يقوم الرئيس السيسي بزيارتها بعد توليه مقاليد الحكم في مصر المحروسة، باعتبار أن الصين هي ثاني أكبر اقتصاد في العالم ولامتلاكها تجربة اقتصادية وتنموية شاملة استلهمت مصر روحها على أرض الواقع من بناء شبكة طرق عصرية حديثة وإقامة مشروعات استثمارية تضخ الدماء إلى شريان الاقتصاد المصري. وتشهد العلاقات المصرية- الصينية هذه الآونة أزهى عصورها من خلال التعاون الوثيق بين البلدين في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها، في ظل عالم جديد متعدد الأقطاب يقوم على المصالح والمنفعة المتبادلة.

وجاءت مبادرة "الحزام والطريق" التي طرحها الرئيس الصيني شي جين بينغ خلال زيارته إلى كازاخستان في عام 2013، والتي تعد نتيجة سياسة الانفتاح والإصلاح التي انتهجتها الصين عام 1978 وتريد أن تصدرها للعالم بشكل جديد لتصبح مصر الباب الذهبي لهذه المبادرة للدخول إلى قارة أفريقيا، كون مصر تعد شريكا حضاريا وتاريخيا. وتمثل هذه المبادرة إعادة لإحياء طريق الحرير القديم كما أنها تتجاوز بُعدها الاقتصادي إلى بُعد آخر ثقافي وحضاري يهدف إلى تحقيق الترابط بين الشعوب، وهي الأهداف التي طالما أيدتها مصر وتسعى إلى تعزيزها. وتتوافق هذه المبادرة مع رؤية القيادة السياسية في مصر، وخطة التنمية المستدامة للدولة المصرية 2030 من أجل بناء مشروع مصر الوطنىي والمساهمة فى إنشاء المنطقة الاقتصادية الخاصة بإقليم قناة السويس والتي تدعم الصين فيها مصر لتصبح المنطقة بمثابة "سنغافورة- مصر الجديدة" لتجارة الخدمات والدعم اللوجيستي.

 إضافة إلى اتفاق البلدين على عدد من المشروعات القومية العملاقة والاستثمارات المشتركة، من خلال بناء "حي المال والأعمال" و"البرج الأيقوني" ليصبح أكبر برج في أفريقيا وعنوانا للتعاون المصري- الصيني الناجح والمثمر ورمزا للثقافة الشرقية الخالدة التي تصهر البلدين في بوتقة واحدة.

ثم جاء انتشار فيروس كورونا الجديد مع بداية عام 2020 ليبرهن على قوة ومتانة العلاقة المتميزة بين البلدين، من خلال مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسي مع الرئيس شي جين بينغ في القمة الصينية- الأفريقية المصغرة عبر الفيديو كونفرانس في شهر يونيو 2020 تحت عنوان "القمة الاستثنائية لتعزيز التضامن الصيني- الأفريقي في مكافحة وباء كوفيد- 19"، كتعبير عن الإرادة الصلبة لاستمرار جسور التواصل بين مصر والصين من جانب والصين وأفريقيا من جانب آخر، وتوطيد التعاون والتضامن الأفريقي- الصيني في مكافحة انتشار كوفيد- 19.

 وتُوِج هذا التعاون الكبير من خلال إعلان الحكومة الصينية عن إهداء مصر 300 ألف جرعة من اللقاح الصيني المضاد لفيروس كورونا الجديد للمحافظة على صحة الشعب المصري وفق مبدأ "الصديق وقت الضيق"، ولتسجل هذه الخطوة من الصين صفحة جديدة مشرقة في التعاون المثمر بين البلدين.

وقام الرئيس عبدالفتاح السيسى بالاتصال بالرئيس شى جين بينغ لتقديم التهنئة للصين قيادة وحكومة وشعبا بمناسبة حلول السنة الصينية الجديدة، ومشيدا بما حققته الصين من نجاح منقطع النظير في القضاء على فيروس كورونا الجديد ومتطلعا إلى مزيد من التعاون والتنسيق في مجال الصحة بين البلدين، للاستفادة من آليات إدارة أزمة كوفيد- 19 في الصين على مختلف المستويات. كما تم التوافق على تعزيز مسار التعاون الإستراتيجي فيما يتعلق بنقل التكنولوجيا الصينية وتدريب الكوادر المصرية في مختلف المجالات.

إن تجربة النهضة الصينية والإنجازات التي حققتها في مجال التنمية الشاملة واضحة وضوح الشمس لكل ذي بصر وبصيرة، وهي تجربة دافعة وملهمة للنهضة الشاملة التي تحدث في مصر في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي وتحظى بدعم الحكومة الصينية على مختلف الأصعدة.

التعاون بين مصر والصين هو تعاون مثمر له مستقبل واعد ومزدهر، ويعد نموذجا ناجحا للتعاون بين الدول قائم على الصداقة والاحترام والمصالح والمنفعة المتبادلة، وذلك تمهيدا لخلق نظام عالمي جديد بدون إرهاب يقوم على نشر المحبة والسلام بين ربوع العالم. ومصداقا لقول الله تعالى: "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا"، صدق الله العظيم.

وبهذه المناسبة، أتقدم باسمي وباسم كلية الألسن جامعة قناة السويس بخالص التهنئة القلبية إلى جمهورية الصين الشعبية ومتمنيا لهذه العلاقة المتميزة بين البلدين الكبيرين المزيد من التقدم والازدهار. وعاشت دائما الصداقة المصرية الصينية رمزا للسلام والمحبة في العالم.

-

 

 أ. د. حسن رجب، عميد كلية الألسن ومدير معهد كونفوشيوس بجامعة قناة السويس في مصر.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4