كلنا شرق < الرئيسية

برغم الوباء..التعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية يزدهر

: مشاركة
2020-08-18 14:53:00 الصين اليوم:Source خليل لوه لين:Author

أقامت الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية والمعهد الصيني- الأفريقي وجامعة الشارقة بالإمارات، ندوة افتراضية بعنوان "التعاون بين الصين والشرق الأوسط في ظل وباء كوفيد- 19: تعميق الصداقة التقليدية وبناء المستقبل المشترك"، بالتنسيق مع جامعة شانغهاي للدراسات الدولية وجامعة بكين للغات والثقافة. في هذه الندوة التي استضافتها العاصمة الصينية بكين في الحادي عشر من يوليو 2020، ناقش دبلوماسيون وخبراء وباحثون من مجالات مختلفة عدة موضوعات لتعزيز الصداقة العريقة بين الصين والدول العربية وتكثيف التعاون بينهما في ظل الالتهاب الرئوي الناجم عن فيروس كورونا الجديد (كوفيد- 19)، ودفع عجلة بناء رابطة المصير المشترك بين الصين والدول العربية في المستقبل.

يتميز التعاون بين الصين والدول العربية بالمجالات الواسعة والإنجازات الضخمة منذ إقامة العلاقة الدبلوماسية بينها، ويعتبر التعاون الاقتصادي من أهم المجالات بل يعد "أساسا راسخا" و"منارة هادية" تقود العلاقة بين الصين والدول العربية إلى التطور والازدهار المشتركين.

منذ تفشي وباء كوفيد- 19 في بداية هذا العام، دخل كثير من الدول في العالم إلى حالة الطوارئ فبذلت أقصى جهودها في مكافحة الوباء. على الرغم من ذلك، ظلت العلاقة بين الصين والدول العربية تظهر حيويتها القوية، ويحقق التعاون الاقتصادي بين الجانبين تقدما ملموسا فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين الجانبين 337ر61 مليار دولار أمريكي (الدولار الأمريكي يساوي 7 يوانات حاليا) في الربع الأول من عام 2020، محققا زيادة بنسة 63ر2%.

تقدم مطرد في المشروعات الضخمة

تتعاون الصين والدول العربية في إنشاء كثير من المشروعات الكبيرة في الدول العربية، من أجل دفع تقدم مجتمعها وشعبها على المدى الطويل. لقد حققت الصين والدول العربية تقدما بارزا في هذا المجال حتى في الفترة الخاصة لمكافحة كوفيد- 19، الأمر الذي يعزز التطور السلس للدول العربية في المستقبل.

في السادس من فبراير 2020، وقعت شركة قويتشو للهندسة التابعة لمجموعة الطاقة الصينية مع شركة توتال الفرنسية وشركة ماروبيني اليابانية اتفاقيات لتنفيذ مشروع محطة الخرسعة للطاقة الشمسية في قطر، التي تعتبر أول محطة لإنتاج الطاقة الكهربائية باستخدام الوقود غير الأحفوري في قطر وتعمل على توفير احتياجات الدولة للكهرباء إلى حد ما. من المتوقع أن يبدأ هذا المشروع في إنتاج الكهرباء بصورة كاملة بحلول الربع الأول من 2022، قبل بطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.

أما التعاون بين الصين ومصر، فلم يتأثر بالوباء بشكل كبير أيضا. فقد حققت المشروعات المصرية الضخمة التي تقوم الصين ببنائها، مثل مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، ومشروع السكة الحديدية لمدينة العاشر من رمضان، ومحطة العاصمة الإدارية ومشروع المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تقدما سلسا، مما يقدم إسهامات كبيرة في دفع الاقتصاد وضمان معيشة الشعب في مصر.

وعلاوة عن ذلك، يسرنا أن نرى أن التعاون بين الصين وتونس تغلب على التحديات الناجمة عن فيروس كورونا الجديد ويظهر مرونة كبيرة. تم تشييد المستشفى الجامعي الجديد ببلدية طينة في ولاية صفاقس في نهاية 2019. تلبية لطلب من الجانب التونسي، تفكر الصين في تقديم بعض المعدات والأجهزة الطبية للمستشفى من أجل تقديم الخدمات الصحية للسكان المحليين. ويناقش الجانبان هذا الموضوع خلال هذه الأشهر بصورة شاملة وعميقة.

تمثل هذه الأمثلة إنجازات كبيرة في التعاون بين الصين والدول العربية في هذه الفترة الخاصة. تدرك كل من الصين والدول العربية أن تعزيز التعاون الاقتصادي أمر ضروري لاستعادة تطور ونمو الاقتصاد الإقليمي والعالمي إلى الوضع الطبيعي ودفع عولمة الاقتصاد إلى الأمام.

قوة مشتركة لمكافحة الوباء

الفيروس ليس له حدود، والمرض لا يميز بين الأجناس. يجب على الناس من كافة الدول أن يتضامنوا ويتعاونوا لمواجهة العدو المشترك للبشرية وتحقيق الانتصار في نهاية المطاف. في هذه الحالة الخاصة، تتعاون الصين والدول العربية في مكافحة الوباء بشكل شامل وعميق وبدون أي تردد.

شاركت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) في مكافحة كوفيد- 19 في الصين ولعبت دورا إيجابيا في هذه المعركة. في اللحظات الأولى لانتشار الفيروس، عانت الصين من نقص شديد في أجهزة التنفس. بعد معرفة هذه الحالة، قامت شركة سابك بالاتصال بالشركات المزودة بأسرع وقت ممكن لتقديم المواد اللازمة الكافية لإنتاج أجهزة التنفس. قدمت شركة سابك المواد الخام والمواد المعنية لإنتاج أكثر من أربعة آلاف جهاز تنفس والتي نُقلت إلى الجبهة الأمامية لإنقاذ المرضى المصابين بكوفيد- 19. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك شركة سابك شركة تعاونية مع مجموعة الصين للبتروكيماويات (سينوبك) وثلاث شركات ذات ملكية فردية في تشونغتشينغ وشانغهاي وقوانغتشو على التوالي. تنتج الشركات الأربع هذه منتجات البلاستيك للمواد الطبية. لم تتوقف الشركة التعاونية بين شركة سابك ومجموعة سينوبك عن أعمال الإنتاج طول فترة تفشي الوباء. استأنفت أعمال الإنتاج في ثلاث شركات أخرى منذ بداية مارس الماضي أيضا تحت قيادة الحكومات المحلية، وذلك من أجل توفير الإمدادات الطبية الكافية للمستشفيات الصينية. في نفس الوقت، تبرعت شركة سابك بثمانية ملايين يوان إلى المؤسسة الخيرية بمقاطعة هوبي في بداية فبراير الماضي.

في إبريل الماضي، حين كانت السعودية في المرحلة الصعبة لمكافحة كوفيد- 19، قدمت الصين دعمها الفعال. لتلبية حاجة السعودية لإجراء اختبار الحمض النووي لفيروس كورونا الجديد، قامت شركة هوادا جيين للتكنولوجيا بتصدير عدد كبير من مجموعات اختبار الحمض النووي لفيروس كورونا الجديد والمواد المعنية إلى السعودية. في 26 إبريل الماضي، وقعت الحكومة السعودية وشركة هوادا جيين اتفاقية بشأن التعاون في اختبار الحمض النووي لفيروس كورونا الجديد بقيمة حوالي 265 مليون دولار أمريكي. وفقا لهذه الاتفاقية، يتعاون الجانبان في إنشاء ستة مختبرات كبيرة في السعودية، من ضمنها مختبر متحرك يمكنه إجراء عشرة آلاف اختبار يوميا. بفضل دعم الصين، صار بإمكان السعودية إجراء 27 ألف اختبار للحمض النووي كل يوم.

بالإضافة إلى الإنجازات الكبيرة بين الصين والسعودية في مكافحة الوباء، حقق التعاون بين الصين ومصر تقدما بارزا في هذه الفترة الخاصة أيضا. في 7 إبريل الماضي، بدأ مشروع إنتاج الكمامات الطبية في مصر العمل رسميا بالتعاون بين شركة جياشانغ الصينية وشركة يوروميد للصناعات الطبية المصرية، الأمر الذي اجتذب اهتماما واسعا في مصر. تبلغ قيمة الاستثمار لهذا المشروع حوالي 350 مليون دولار أمريكي. من المتوقع أن يتجاوز عدد الكمامات المنتجة من هذا المشروع مليون كمامة يوميا، مما سيخفف الضغوط بسبب نقص الكمامات في مصر إلى حد كبير.

حيوية جديدة للتعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية

حققت الصين تطورا كبيرا في مجال الاقتصاد الرقمي والتقنيات المتقدمة في السنوات الماضية، مما يخدم تطور اقتصاد الدولة ويرفع مستوى معيشة شعبها إلى حد كبير. في فترة تفشي الوباء، من أجل تخفيف تجمع الناس والاحتكاك والتقارب الجسدي بينهم، يختار كثير من الناس العمل أو الدراسة في المنزل. في هذه الحالة، يعتبر التسوق عبر الإنترنت والمؤتمرات الافتراضية والدراسة عبر الإنترنت، وسائل هامة وفعالة لضمان إكمال الأعمال والدراسة بصورة سلسة، الأمر الذي يوفر مجالا جديدا لتعزيز التعاون بين الصين والدول العربية.

يغطي موقع التجارة عبر الإنترنت الذي أنشأته شركة جولي شيك الصينية أكثر من 80% من مستخدمي الإنترنت في الإمارات وعُمان والبحرين وقطر والكويت والسعودية. لذلك، يمكنهم شراء البضائع عبر الإنترنت بدون الخروج من منازلهم، مما يحفز الاستهلاك ويقلل تجمع الناس في السوق في نفس الوقت. من أجل تقديم تسهيلات أكثر للشعب، طرحت الحكومة السعودية سياسة معنية لدفع تطور هذا الموقع. بفضل دعم الحكومة السعودية وتفوق الموقع في الإدارة، ازداد عدد المدن التي يتمتع سكانها بخدمة تسليم البضائع إلى منازلهم بعد شرائها عبر الإنترنت من ستين مدينة قبل الوباء إلى نحو مائة مدينة الآن. عبر نائب رئيس مؤسسة البريد السعودي الدكتور خالد زين العابدين عن تقديره العالي لتقنيات الشركة الصينية وخبراتها في الدفع بواسطة الهاتف النقال، وقال إن السعودية ستستفيد من هذه التقنيات لزيادة حيويتها وإمكانياتها في التجارة.

بالنسبة للطلاب، بسبب الوباء، يبقى كثير منهم في منازلهم لعدة أشهر. من أجل إكمال الدراسة، أنشأت شركة "نت دراغون" الصينية، منصة Edmodo للتعليم عبر الإنترنت في مصر حيث يستخدم 22 مليون طالب مصري ومليون معلم مصري هذه المنصة لإجراء التعليم عبر الإنترنت. يرى ليانغ نيان جيان، نائب رئيس مجلس الإدارة بالشركة أن شركته تسعى إلى تعزيز التعاون في مجال الاقتصاد الرقمي مع دول "الحزام والطريق" لتخفيف المشكلات الناتجة عن التوزيع غير المتوازن للموارد التعليمية بين مختلف الدول.

لتعزيز التعاون في التكنولوجيا المتقدمة، أطلقت شركة هواوي الصينية مشروع "حجرة الدرس بالذكاء الاصطناعي" مع وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلوات المصرية في يونيو الماضي في جامعة أسوان. وفقا لهذا المشروع، تقدم شركة هواوي دروس التدريب في الذكاء الاصطناعي والبيانات الكبرى وشبكة الاتصالات بالجيلين الرابع والخامس وشبكة النطاق العريض بالألياف الضوئية للطلاب في أسوان وغيرها من المناطق الضعيفة في موارد التعليم.

تطلعات للتعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية في "عصر ما بعد الوباء"

تعاونت الصين والدول العربية يدا بيد خلال فترة مكافحة كوفيد- 19 في النصف الأول من هذا العام، مما يشكل نموذجا هاما للتعاون الدولي في ظل الأوضاع الدولية المعقدة. في 6 يوليو الماضي، عقدت الدورة التاسعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون الصيني- العربي عبر الإنترنت وتم اعتماد ثلاث وثائق هامة: ((الإعلان المشترك بشأن التضامن في مكافحة فيروس كوفيد-19))، ((إعلان عَمان)) ((البرنامج التنفيذي لمنتدى التعاون الصيني- العربي بين عامي 2020-2022)) مما يؤكد على أهمية التضامن والتعاون بين الشعبين الصيني والعربي ويضخ قوة جديدة لتعميق التعاون بين الجانبين في كافة المجالات.

بدون أي شك، سيكون التعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية مجالا هاما لتوطيد العلاقات بين الجانبين. من أجل رفع مستوى التعاون الاقتصادي بينهما، يجب الاهتمام بالنقاط الثلاث التالية.

أولا: الاستفادة القصوى من التجارة عبر الإنترنت. يوفر الإنترنت فضاء واسعا لتعزيز التعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية فيمكن للتجار الصينيين والعرب المعرفة الشاملة للمنتجات وإكمال الصفقات عبر الإنترنت في وقت قصير بغض النظر عن مكانهم الفعلي. يعتبر أول معرض رقمي للتجارة والاقتصاد بين الصين والإمارات مثالا جيدا لإعطاء دفعة جديدة قوية للتبادل التجاري وتعميق الشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الجانبين.

ثانيا: تعزيز تقاسم التكنولوجيا وتبادل المعلومات. يجب على الصين والدول العربية أن تتعاون في بناء منصة المعلومات الإستراتيجية باستخدام التقنيات المتقدمة وذلك من أجل جمع أحدث المعلومات للشركات الصينية والعربية وتقنياتها. هكذا، يمكن رفع فعالية الابتكار التكنولوجي وتخفيض تكاليفه وتقديم دعم فعال لتطور التعاون الصيني- العربي على المدى الطويل.

ثالثا، مواصلة الانفتاح على الخارج والتشارك في بناء "الحزام والطريق". في 5 نوفمبر عام 2019، أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ في خطابه الرئيسي في مراسم افتتاح الدورة الثانية لمعرض الصين الدولي للاستيراد، إلى مواصلة الصين الانفتاح على الخارج وأعلن عن خمسة إجراءات جديدة لتوسيع نطاق انفتاح الصين في المرحلة التالية. تتفق هذه الإجراءات مع السياسات المعنية في الدول العربية ورغبات الشعب العربي إلى حد كبير. بالفعل، في هذه السنة، تعمل الصين على تخفيض التعريفات وتحسين البيئة التجارية وتقديم الخدمات المعنية وزيادة رفع القيود المفروضة على المستثمرين الأجانب، مما يشجع التعاون الاقتصادي بين الصين والدول العربية بقوة.

بفضل التضامن والتعاون بين الصين والدول العربية حكوميا وشعبيا، فإننا على ثقة تامة بأن التعاون الاقتصادي بين الجانبين سيحقق تطورا مشرقا وسيضيف قوة جديدة للاقتصاد العالمي في المستقبل.

--

خليل لوه لين، مدير أمانة الدراسات الدولية والإقليمية التابعة لوزارة التعليم الصينية، عميد كلية دراسات الشرق الأوسط في جامعة بكين للغات والثقافة.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4