قام وزير خارجية الصين، عضو مجلس الدولة الصيني، وانغ يي بزيارة إلى مصر يومي الثامن والتاسع من يناير 2020، ضمن جولة أفريقية شملت أيضا جيبوتي وإرتيريا وبوروندي وزيمبابوي.

 وخلال لقائه مع السيد وانغ بالقاهرة في الثامن من يناير، أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن إشادته بإنجازات الصين على المستويين الاقتصادي والاجتماعي، وبالشراكة الإستراتيجية الشاملة بين البلدين، وتقديره لما قدمته الصين من دعم ثمين طويل الأجل لمصر. وأوضح الرئيس السيسي أن مصر، بوصفها مؤيدة قوية لمبادرة "الحزام والطريق"، تتطلع إلى أن تصبح شريكة رئيسية في تعزيز المبادرة الصينية. وأوضح السيسي أن مصر، وهي تمر الآن بمرحلة حاسمة في التنمية والنهضة، تتطلع إلى تعزيز التعاون المربح للطرفين مع الصين في مختلف المجالات وتعزيز التبادلات في إطار مكافحة الإرهاب والتطرف. وأشاد الرئيس السيسي بالموقف النزيه الذي حافظت الصين عليه دوما حيال الشؤون الدولية، معربا عن تطلعه إلى أن تلعب بكين دورا أعظم وأكثر نشاطا في معالجة الاضطراب الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط في الوقت الراهن.

ومن جانبه، دعا وانغ يي إلى النهوض بالشراكة الإستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر إلى مستوى أعلى، سعيا إلى رابطة المصير المشترك في العصر الجديد. وأكد وانغ أن الصين، بوصفها صديقة موثوقة لمصر منذ أمد طويل، تدعم مصر بقوة في الحفاظ على سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها، وفي اتخاذ طريق التنمية الملائم لأوضاعها الوطنية، وفي مكافحة قوى الإرهاب والتطرف بجميع أشكالها، وقال إن الصين تدعم مصر أيضا في جهودها لتحقيق نهضة الوطن ولعب دور أكبر في الشؤون الإقليمية والدولية، مشيرا إلى أنه مع نمو نطاق وعمق التعاون بين الصين ومصر، أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لمصر، مضيفا أن الاستثمارات الصينية في مصر شهدت نموا بلغت نسبته أكثر من 60% خلال 2019. وأكد وانغ أن الصين عازمة على تعميق التنسيق الإستراتيجي مع مصر، في إطار جهود مشتركة لدعم السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، والحفاظ على التعددية والنزاهة والعدالة، وحماية المصالح المشتركة لجميع الدول النامية.

وقد صرح المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية في مصر، بسام راضي، بأن الرئيس السيسي رحب بزيارة وانغ يي إلى مصر، وطلب منه نقل تحياته إلى رئيس جمهورية الصين الشعبية شي جين بينغ. وقال إن اللقاء تناول استعراض أوجه التعاون الثنائي بين البلدين، حيث أشار الرئيس السيسي إلى تكامل المبادرة الصينية "الحزام والطريق" مع جهود مصر التنموية، خاصة تلك المتعلقة بتنمية محور قناة السويس، وكذا تطوير البنية الأساسية بالدولة، لا سيما في مجالات الطرق والموانئ البحرية والطاقة. كما أعرب الرئيس عن التطلع لتعزيز التدفقات السياحية الصينية إلى مصر، فضلا عن تشجيع الشركات الصينية على تعظيم استثماراتها في مصر، لا سيما في إطار ما تحظى به الشركات الصينية من دعم من قبل الدولة المصرية. وقال راضي إن وزير خارجية الصين أكد أن مصر تعد سوقا واعدة للاستثمارات والشركات الصينية، ومن ثم تعكف الصين على دراسة سبل الارتقاء بالتبادل التجاري بين البلدين، خاصة في مجالات توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا.

كما شهد لقاء الرئيس السيسي مع الوزير وانغ، تبادل الرؤى بالنسبة لتطورات الأوضاع في الشرق الأوسط، لا سيما في ظل التحديات التي تواجهها المنطقة، حيث ثمن وانغ يي في هذا الإطار دور مصر الرائد في صون السلم والأمن والاستقرار في المنطقة، خاصة من خلال مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، أو عن طريق الجهود المصرية الفاعلة في تحقيق التسوية السياسية لمختلف الأزمات في محيطها الإقليمي. وقد تم التطرق في هذا السياق إلى تطورات الأوضاع بالخليج؛ والتأكيد على أهمية استمرار التنسيق المتبادل لاحتواء الأوضاع بالمنطقة وعدم التصعيد والحفاظ على أمن وسلامة الخليج. وفيما يتعلق بالقضية الليبية؛ أكد الرئيس حرص مصر على وحدة واستقرار ليبيا، وأهمية العمل على حلحلة الموقف الداخلي الليبي الراهن، وكذا وضع حد لحجم التدخلات الدولية غير المشروعة، وتم التوافق في هذا الصدد على أن التصعيد الأخير في ليبيا يمثل خطورة على أمن وسلام المنطقة بأسرها، الأمر الذي يتطلب دعم كافة الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي شامل للأزمة في ليبيا.

كما التقى السيد وانغ مع نظيره المصري سامح شكري، في الثامن من يناير. وفي المؤتمر الصحفي المشترك عقب محادثاتهما، قال السيد وانغ إن بلاده تدعم مصر في الحفاظ على سيادتها ولعب دور أكبر في الشأنين الدولي والإقليمي. وأضاف أن الصين ومصر دولتان ناميتان كبيرتان ومن الأسواق الناشئة، وحجم التعاون بين البلدين يتجاوز النطاق الثنائي حيث تعتبر الصين مصر كشريك إستراتيجي شامل ولا بد من تعميق التعاون معها في المحافل الدولية، خاصة في مواجهة التصرفات المتنمرة من بعض الدول وكذلك التصرفات الأحادية. وشدد على ضرورة أن تسرع مصر بإكمال نهضتها الوطنية ولعب دور أكبر في المحافل الدولية كدولة كبيرة، بما يصب في مصلحة الصين ومصر وغيرهما من الدول النامية. وقال إن التدخلات العسكرية في ليبيا ستؤدي لتأجيج الخلافات، مشيرا إلى أن الحل السياسي هو الحل المثالي لهذه الأزمة. وحذر السيد وانغ من الخطر المتزايد لتجمع العناصر الإرهابية في ليبيا، مطالبا بعملية سياسية تقودها الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار. وشدد على ضرورة احترام آراء دول الجوار الليبي، وحشد المجتمع الدولي لحل الخلافات القائمة بين أطراف المنطقة بما لا ينتهك العدالة والإنصاف الدوليين.
وطالب وانغ يي بإنشاء منظومة أمنية مشتركة ومستدامة لتحقيق الأمن في الشرق الأوسط، مشيرا إلى أنه لا يجب تهميش القضية الفلسطينية في المحافل الدولية لأن الشعب الفلسطيني يعاني كثيرا ويجب ألا يتحمل المزيد من المماطلة في سعيه لإقامة دولته المستقلة. وقال إن الصين ستواصل الدعم للحفاظ على عملية السلام في المنطقة وتعزيز استقرار الشرق الأوسط.
وذكر أن هناك اتفاقا جديدا بين الحكومتين الصينية والمصرية، على إقامة لجنة للتعاون برئاسة وزيري خارجية البلدين، لتنسيق التعاون في جميع المجالات، معبرا عن ثقته بمستقبل هذا التعاون. وأشار إلى أن هناك بعض القوى الغربية تسعى لإفساد العلاقة بين الصين والعالم الإسلامي، محذرا من أن هذه الدول هي التي تسبب الحروب في منطقة الشرق الأوسط، ولا تحترم الحضارة الإسلامية وتقتل الأبرياء.

من جانبه قال سامح شكري: "إننا ننظر إلى الصين نظرة احترام وتقدير ونسعى للعمل على تدعيمها وتنميتها بما يحقق المصالح للبلدين، ولدينا ثقة كبيرة في الشريك الصيني بما يحقق التوافق الكبير في الرؤية تجاه القضايا الإقليمية والدولية، والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، واحترام مبادئ القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، وضرورة العمل على تحقيق الأمن والاستقرار على المستوى الدولي." وأضاف أن المحادثات تطرقت إلى مواجهة التحديات المشتركة بين البلدين، خاصة وأن مصر دولة إقليمية لها تأثيرها في محيطها والصين من الدول الكبرى في العالم ولها مقعد دائم في مجلس الأمن، مشيرا إلى أن الصين لها دور في دعم جهود مصر التنموية بما لديها من إمكانيات وتأثير، وهو ما يحقق القدرة على الاستفادة المتبادلة بين البلدين في كافة المجالات.