كلنا شرق < الرئيسية

دور تأسيس المركز الثقافي الصيني بالرباط في تعـزيز العلاقات الصينية- المغربية

: مشاركة
2019-01-28 12:34:00 الصين اليوم:Source فؤاد الغزيزر:Author

تعتبر العلاقات الصينية- المغربية متميزة بفضل التقارب الحاصل في المواقف والرؤى والدعم المتبادل في المنظمات الدولية من جهة، والرغبة المشتركة في مواصلة تعزيز أواصر الصداقة وتنويع التعاون من منظور التآزر والمنفعة المتبادلة من جهة أخرى.

ومنذ استقلال المغرب وإقامة العلاقات الدبلوماسية مع الصين في نوفمبر عام 1958، تعززت الروابط الثقافية الصينية- المغربية أكثر، خاصة مع التوقيع على اتفاقية التعاون الثقافي رسميا في سنة 1982، إلى جانب التوقيع على عدد من البرامج التنفيذية لاتفاقية التعاون الثقافي بين البلدين، كما أن لكل من الشعبين تراثا حضاريا قديما وهو عنصر جذب للطرفين.

ومع انضمام المغرب إلى "مبادرة الحزام والطريق" سنة 2017، شهدت العلاقات الثقافية بين البلدين تطورا مطردا توج بإنشاء مركز ثقافي صيني بالعاصمة الرباط، والذي يصادف الذكرى السنوية الستين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.

إن إنشاء هذا المركز سيلعب دورا كبيرا في التبادل الثقافي الصيني- المغربي، ويمكن أن تتجلى مظاهره في مجالات متعددة: منها المجال التعليمي والإعلام والشؤون الثقافية العامة.

التعاون التعليمي

ارتفاع في عدد المنح المقدمة للطلبة المغاربة: حيث تعتبر برامج المنح آلية هامة لتشجيع إقامة روابط بين الطلبة والمؤسسات المغربية والصينية.

التعاون بين المركز والمؤسسات التعليمية الصينية ونظيراتها المغربية: من خلال توقيع اتفاقيات التعاون في مجالات التعليم والبحث الأكاديمي بهدف تكوين الكفاءات الجامعية المغربية والرقي بمستوى البحث والتنمية في مجال التكنولوجيات الحديثة بالجامعات المغربية، وإحداث مراكز للبحوث والابتكار.

زيادة الاهتمام المغربي باللغة الصينية: تعتبر اللغة أهم جسر للتواصل بين شعوب العالم. وتزامنا مع تكثيف التبادل الثقافي والحضاري بين المغرب والصين، أصبح تعلم اللغة الصينية يحظى باهتمام مغربي متزايد. وفي هذا الإطار تم إحداث أول مركز لمعهد كونفوشيوس بمدينة الرباط في الرابع من نوفمبر عام 2009، بعد توقيع اتفاقية بين المقر العام لمعهد "كونفوشيوس" الصيني وجامعة محمد الخامس- أكدال بتاريخ 26 مارس 2008. وتهدف هذه الاتفاقية إلى تعزيز التعاون بين البلدين في المجال التربوي ودعم تعليم اللغة ونشر الثقافة الصينية بالمغرب.

كما تم فتح مقر ثان لمعهد كونفوشيوس بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء في 19 يناير سنة 2013، نتيجة تعاون مثمر بين جامعة الحسن الثاني عين الشق وجامعة شانغهاي للدراسات الدولية. وأعقب ذلك إنشاء أقسام للغة الصينية في كل من طنجة وتطوان وغيرهما من المدن المغربية. ولذلك فإنشاء هذا المركز سيساهم في زيادة الاهتمام باللغة الصينية لدى المغاربة، عن طريق عقد دورات تكوينية في هذا المجال.

استفادة الطلبة المغاربة من الكتب الصينية: سيكون في متناول الطلبة المغاربة ودارسي اللغة الصينية العديد من الكتب الصينية تساهم في تعزيز التعاون الثقافي لتعميق التفاهم المتبادل وأواصر الصداقة بين الشعبين. كما أن التبادل الثقافي بين المغرب والصين لا يقتصر على الجوانب التعليمية، بل يمتد نطاقه أيضا إلى مجالات متعددة كالإعلام والفن والشؤون الدينية، وغيرها من الجوانب الأخرى التي سنتعرض لبعض منها على النحو الآتي:

في المجال الإعــلامي: شهد التعاون الصيني- المغربي على صعيد العلاقات الإعلامية تطورا متناميا في السنوات الأخيرة، وذلك على ضوء الأهمية المتزايدة لدور الإعلام ووسائل الاتصال على الصعيد الدولي وارتباطا بالدور الأساسي للإعلام في تعريف شعبي البلدين بثقافة وحضارة الآخر، وإلقاء الضوء على التطورات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية في كلا البلدين، بهدف تعميق الفهم المشترك بين شعبي البلدين.

ووجود المركز الثقافي الصيني سيكون له نتائج جيدة وهامة في إطار التعاون الصيني- المغربي في مجال الإعلام، على النحو التالي:

-         سيساهم في ازدياد وجود عدد من المكاتب التمثيلية في المغرب لعدد من الهيئات والمؤسسات الإعلامية الصينية، (مثل وكالة الأنباء الصينية "شينخوا" وصحيفة الشعب اليومية الصينية).

-         ازدياد ارتباط عدد من المؤسسات الإعلامية في البلدين باتفاقيات وبروتوكولات تعاون.

-         توزيع مجلة الصين اليوم بالمغرب بمختلف طبعاتها.

-         ازدياد التغطية المتزايدة من قبل الصحافة الصينية لما تنشره الصحافة المغربية، مثل ما تفعل وكالة "شينخوا"، حيث تخصص في طبعتها باللغة العربية حيزا يغطي أهم الأخبار التي تنشرها الصحف المغربية.

-         زيادة اهتمام قناة CGTN العربية بالمغرب في إطار الترويج للثقافة المغربية.

-         إن وجود هذا المركز سيتيح فرصا للباحث المغربي للاطلاع على تطور الأوضاع في الصين بصورة أكثر عمقا.

ونظرا لأهمية التواصل والتبادل الثقافي في توطيد العلاقات السياسية والفكرية بين الجانبين، دأب المكتب الثقافي لسفارة جمهورية الصين الشعبية بالمغرب على إقامة العديد من المعارض والأيام الثقافية التي تهدف إلى تعريف المواطن المغربي بالتطورات التي تشهدها الصين في عدة مجالات، كمعارض الصور الفوتوغرافية، إلى جانب معارض الرسوم التشكيلية لكبار فناني الصين، وأعمال الحرف اليدوية. وبالموازاة مع ذلك، نجد أن المكتب الثقافي الصيني بالمغرب ينظم بعض الاستعراضات الفنية من خلال استضافة فرق من الصين، بما فيها فرق الفنون الشعبية وفرق الأكروبات. ووجود هذا المركز سيساهم في ارتفاع عدد الأنشطة وانتظامها حسب المناسبات الثقافية.

إن التعاون الثقافي بين المغرب والصين لن يقف عند هذا الحد بل سيتعداه أيضا إلى مجالات أخرى، لذلك يمكن اعتبار تنمية العلاقات الثقافية مع الصين، شرطا أساسيا للدفع بالعلاقات الصينية- المغربية في مجملها إلى المزيد من التطور، فالتعاون الثقافي يمكن أن يوفر سياجا فكريا لهذه العلاقات في مجملها ويعطيها الوجه الحضاري الذي تستحقه، إيمانا بأن الحوار الحضاري ينبغي أن يكون لغة العصر وأن المغرب والصين يجب أن يكون لهما دور فاعل في هذا الحوار.

وعليه يمكن القول إن العلاقات الثقافية بين البلدين تحتاج إلى الدعم بزيادة اشتراك الطرفين في الندوات والفعاليات الثقافية الثنائية والمتعددة، وتواجد هذا المركز سيساهم في إقامة حوار صيني- مغربي للدفاع عن قيم الحضارة المغربية وبعدها العربي وفهم الحضارة الصينية وتقاليدها.

إن ما يزيد من أهمية التفاعل الثقافي الصيني- المغربي هو أن جمهورية الصين الشعبية تمتلك تجربة متقدمة في مجال مواجهة تحديات التنمية. من هنا تبرز مسألة النموذج الصيني في التنمية وهي مسألة تستحوذ على قدر كبير من الاهتمام، لأن أحد عناصر السياسة الصينية تجاه المغرب هو "مبدأ التعلم المتبادل" من خبرات كل طرف في مختلف المجالات، وهو مبدأ تطرحه الصين من خلال نموذجها التنموي وتجربتها في مختلف المجالات، وعادة ما يبدي المسؤولون المغاربة إعجابهم بهذا النموذج.

--

فؤاد الغزيزر، باحث في حوار الحضارات ومقارنة الأديان- جامعة سيدي محمد بن عبد الله- فاس- المغرب.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4