ثقافة وفن < الرئيسية

الاكتشافات الأثرية الجديدة في سانشينغدوي.. عجائب للبشرية

: مشاركة
2021-06-21 08:30:00 الصين اليوم:Source وو شياو لينغ:Author

في العشرين من مارس عام 2021، أعلنت الصين عن اكتشافات أثرية جديدة في موقع أطلال سانشينغدوي التي تقع في الضفة الجنوبية لنهر ياتسي بمدينة قوانغهان في مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي الصين، مما أثار اهتماما واسعا داخل الصين وخارجها. بعد نحو ثلاثة وأربعين عاما على آخر اكتشاف آثري، عثر الأثريون الصينيون على ست حفر لتقديم القرابين جديدة وأكثر من خمسمائة قطعة أثرية، منها أقنعة برونزية وأشجار برونزية وتماثيل رؤوس برونزية عيونها مزينة برسوم ملونة.

موقع أطلال سانشينغدوي له تاريخ يعود إلى ما يتراوح بين ثلاثة إلى خمسة آلاف سنة، وتبلغ مساحته 12 كيلومترا مربعا. مدينة سانشينغدوي القديمة التي تبلغ مساحتها حوالي 6ر3 كيلومترات مربعة، هي المنطقة المركزية لموقع الأطلال. يعد موقع أطلال سانشينغدوي من أبرز الاكتشافات الأثرية في القرن العشرين، لأهميته في استجلاء أصول الثقافة الصينية.

رقاقة ذهبية كبيرة

اكتشف الأثريون الصينيون في الحفرة رقم 5 لموقع أطلال سانشينغدوي قناعا من الذهب، فكان دليلا على أهمية تلك الحفرة الصغيرة نسبيا مقارنة مع الخمس حفرات الأخرى.

 وفقا لترتيب أعمال التنقيب، قام الأثريون من معهد بحوث الآثار التاريخية بمقاطعة سيتشوان ومعهد علوم الآثار التاريخية بجامعة سيتشوان بالتنقيب عن الآثار في الحفرات رقم 5 و6 و7 بصورة مشتركة. قال لي يوي نيو، من معهد علوم الآثار التاريخية بجامعة سيتشوان إنه وزملاءه دخلوا إلى منطقة تقديم القرابين إلى الآلهة والأسلاف منذ بداية ديسمبر عام 2020، حيث اكتشفوا أقراصا من الذهب مستديرة وبها ثقوب صغيرة في عمق حوالي خمسين سنتيميترا تحت سطح الأرض، وعثروا على شظايا كثيرة باللونين الأبيض والأسود، ومن خلال تحليل المكونات وطرق الكشف الأخرى، تم تحديد أنها بقايا من العاج. بعد ذلك، وجدوا قطعة كبيرة من رقائق الذهب في مكان بجنوب غربي مركز الحفرة رقم 5. ذكر لي يوي نيو أنه لم يتوقع كثيرا في البداية، ولكنه نظف بدقة التربة المحيطة بها باستخدام عصاة وسكاكين من الخيزران وأقلام الرسوم الزيتية، حتى اكتشف الأثريون رقائق الذهب تلك كاملة في يناير عام 2021، فزادت حماستهم. استنتج الخبراء أن رقاقة الذهب هذه ليست عادية، بل قناع من الذهب في الأصل، بعد مقارنتها مع أقنعة الذهب المكتشفة من قبل في سانشينغدوي. وأوضحوا أن هذه الرقاقة تعرضت لعوامل الضغط والثني من الخارج في آلاف السنين الماضية. ولاحظوا أن الجزء المنحني لها يشبه شكل الأنف في أقنعة الذهب المكتشفة سابقا.

من أجل بحث ودراسة رقاقة الذهب هذه، دعا معهد بحوث الآثار التاريخية بمقاطعة سيتشوان خبيرين من المتحف الوطني في بكين لإجراء تحليل تفصيلي لها. قام الخبيران بتمديد رقاقة الذهب ببطء، فاتضح أن رقائق الذهب هي جزء من قناع ذهبي، رغم أنها لا تزيد عن نصف القناع فإنها أدهشت الأثريين الموجودين كثيرا.

ما يان رو، باحثة من المتحف الوطني لها خبرة واسعة في ترميم وحفظ الآثار التاريخية المصنوعة من الذهب والفضة. قالت إن قناع الذهب النصفي الذي قامت بتحليله، يبلغ عرضه 23 سنتيمترا وطوله 28 سنتيمترا. بالإضافة إلى ذلك، يتسم هذا القناع بأنه سميك.

رغم أن قناع الذهب هذا ليس كاملا حتى الآن، بإمكاننا اكتشاف النقاط المتشابهة بينه وبين أقنعة الذهب المكتشفة من قبل في سانشينغدوي وأطلال جينشا التي يرجع تاريخها إلى أكثر من ثلاثة آلاف سنة.

قال لي يوي، رئيس فريق التنقيب بمنطقة تقديم القرابين إلى الآلهة والأسلاف بموقع أطلال سانشينغدوي، إن وزن قناع الذهب النصفي حوالي 280 غراما وقد يتجاوز وزن قناع الذهب الكامل خمسمائة غرام، وهذا سيكون أكثر من وزن العصا الذهبية التي يبلغ وزنها 463 غراما والمعروفة بأنها أثقل قطعة ذهبية مكتشفة في الصين لنفس المرحلة التاريخية حتى الآن.

قصص وراء التنقيب عن الآثار

في سبتمبر عام 2020، شرعت 34 مؤسسة بحث صينية في جولة جديدة من أعمال التنقيب في موقع أطلال سانشينغدوي، بدعوة من معهد بحوث الآثار التاريخية بمقاطعة سيتشوان.

شيوي دان يانغ، التحق بالعمل في معهد بحوث الآثار التاريخية بمقاطعة سيتشوان بعد تخرجه في معهد علوم الآثار التاريخية بجامعة بكين في يونيو عام 2020، وشارك في أعمال التنقيب في موقع أطلال سانشينغدوي. قال إنه شعر بالحماسة للغاية عند وصوله إلى طبقة الرماد للحفرة رقم 4 في الرابع عشر من يناير عام 2021، إذ رأى عددا كبيرا من بقايا الحيوانات والنباتات، مثل الخيزران المتفحم وبقايا العظام في الرماد. إن هذا، وفقا للسيد شيوي دان يانغ، سيدفع أعمال البحوث في علم التسلسل الزمني وعلوم آثار الحيوان والنبات والبيئة وغيرها من علوم الآثار.

من أجل بحث مكونات طبقة الرماد وتقديم المعلومات اللازمة لأعمال التنقيب اللاحقة، قام شيوي دان يانغ بتشريح بقعة من التربة في شمال الحفرة رقم 4 بمساحة 15x 15 سنتيمترا. قال إنه اكتشف بقعة من التربة باللون البني المصفر في عمق عشرين سنتيمترا تحت سطح الأرض، وخمن أن الآثار الموجودة تحت طبقة الرماد قد لا تكون في حالة جيدة، وأن التربة باللون البني المصفر قد تكون من العاجيات المتأكلة. لتحديد مكونات تلك التربة، قام الأثريون بالتنقيب عن الآثار التي على شكل العاجيات داخل الحفرة. وأخيرا، في السادس عشر من يناير عام 2021، عثروا على قطعة على شكل القوس ذات رأسين أحدهما حاد والآخر مستدير في جنوبي الحفرة رقم 4. هكذا، اكتشف الأثريون قطع عاج كاملة في هذه الحفرة. هكذا، تيقن شيوي دان يانغ أن التربة ذات اللون البني المصفر جزء من العاج أيضا!

بالإضافة إلى ذلك، في يناير عام 2021، التقط تشياو قانغ، وهو موظف بمتحف سانشينغدوي، صورا لقدم الطائر البرونزي المكتشف في هذه الجولة من التنقيب. عندما دقق النظر في تلك الصور وجد المواد المتداخلة على القطعة من الآثار. هل هذه المواد من الحرير؟ عاد الموظفون المسؤولون عن حفظ الآثار إلى الحفرة لأخذ العينات وقاموا بمراقبتها بميكروسكوب فائق العمق فعثروا على بقايا من الحرير.

في السادس عشر من من مارس عام 2021، بعد عدة أشهر من التنقيب في الحفر، ظهرت الصورة الكاملة لطبقة الآثار في الحفرة رقم 3. أجرى الأثريون المسح الثلاثي الأبعاد والنمذجة واكتشفوا عددا كبيرا من القطع البرونزية والعاجيات.

الأجهزة التكنولوجية تسهل أعمال التنقيب

قال شياو تشينغ، وهو موظف بمعهد بحوث الآثار التاريخية في مقاطعة سيتشوان، إن أعمال التنقيب في هذه الجولة من التنقيب تختلف تماما عن الأعمال السابقة، إذ أنه وزملاءه استخدموا الأجهزة التكنولوجية العالية في أعمال تنقيب عن الآثار وحفظها. على سبيل المثال، قام الأثريون بالمسح وأخذ عينات التربة لاختبار درجة الحموضة والرطوبة في التربة لتحديد البيئة المحيطة بالآثار التاريخية بشكل عام كلما نقبوا عشرة سنتيمترات. من المعروف أن ظروف التربة في الأماكن المختلفة تؤثر في حالة الآثار إلى حد كبير، فيجب على الأثريين اتخاذ الإجراءات المعنية في التنقيب عن الآثار وحفظها.

دعت جامعة سيتشوان مجموعة من الخبراء في مجالات التعدين والنباتات وعلوم البيئة والأنثروبولوجيا الفيزيائيّة والحيوانات وحفظ الآثار التاريخية، لتقديم الدعم المعني خلال أعمال التنقيب. إذا اكتشف الأثريون بقايا عظام في الحفر، أسرعوا إلى خبراء آثار الحيوانات والأنثروبولوجيا الفيزيائيّة لتحليل مكوناتها وتحديدها، الأمر الذي يوفر معلومات هامة لإجراء أعمال التنقيب في الفترة اللاحقة أو تعديل جدول الأعمال وتفاصيلها.

ران هونغ لين، وهو المسؤول عن التنقيب في منطقة تقديم القرابين إلى الآلهة والأسلاف في موقع أطلال سانشينغدوي ورئيس قسم بحوث أطلال سانشينغدوي التابع لمعهد بحوث الآثار التاريخية بمقاطعة سيتشوان، قال إن الهدف من تلك الجولة من التنقيب عن الآثار التاريخية، كان هو حل المشكلات الأكاديمية منذ البداية. بالإضافة إلى أعمال التنقيب، قام الأثريون والخبراء بتحليل واختبار تلك الآثار وحفظها وترميمها سعيا إلى اكتشاف المزيد من المعلومات التي تفيد البحوث العلمية في المستقبل.

منذ اكتشاف الحفرة رقم 3 في ديسمبر عام 2019، عُقدت خمس عشرة جلسة مشاورات لمناقشة الموضوعات المتعلقة بالتنقيب عن الآثار وحفظها. إذا اكتشف الأثريون الآثار القابلة للكسر مثل القطع البرونزية وقطع اليشم المحروقة، وبقايا المنسوجات والقطع المزينة بالرسوم الملونة، يتم توفير الحماية لها بشكل فوري. في هذه الحالة، يجب أن تسير أعمال التنقيب وحفظ الآثار معا.

فيما يتعلق بحماية الآثار التاريخية، تم إعداد خطط حماية مختلفة مسبقا لأنواع الآثار التي يمكن اكتشافها. قال شيه تشن بين، مدير مركز حفظ الآثار التاريخية بمعهد بحوث الآثار التاريخية بمقاطعة سيتشوان: "على سبيل المثال، ستشمل كيفية حماية حفرة تقديم القرابين التأكد من أن جسم الموقع لن يتعرض للانسحاق أو التصدع أو الانهيار بسبب التجفيف". فقد تم بناء منصة أثرية منفصلة لكل حفرة من حفر تقديم القرابين، وذلك لتسهيل التنقيب من ناحية، والمحافظة على على بيئة اكتشاف الآثار من ناحية أخرى، بحيث تظل نلك البيئة كما كانت قبل عمليات الاكتشاف.

وقد رأينا مقصورات التنقيب المغطاة بالزجاج المزدوج لعزل للحرارة والأشعة فوق البنفسجية والمزودة بأجهزة متابعة درجات الحرارة والرطوبة. هكذا، يمكن تحديد درجة الحرارة داخل المقصورة ما بين 20 إلى 25 درجة مئوية وعدم تجاوز تقلبات درجة الرطوبة 5%. فضلا عن ذلك، وضع الأثريون عشر خطط لحفظ الآثار المكتشفة وفقا لأنواعها.

قال شياو تشينغ، وهو من أفراد طاقم حماية الآثار في معهد الآثار لمقاطعة سيتشوان، إنه يتابع درجات الحرارة والرطوبة لمقصورات التنقيب ويعدل المؤشرات باستخدام التطبيق المثبت في الهاتف النقال والحاسوب. فضلا عن ذلك، ومن أجل تحديد البيئة داخل المقصورة، يتابع شياو تشينغ حجم ثاني أكسيد الكربون وأكسيد النيتروجين بصورة مكثفة للمحافظة على الحالة الجيدة للقطع المزينة بالطلاء المعدني، التي اُكتشفت في الحفرتين رقم 1 و2.

أضاف شيه تشن بين: "أدخلنا منصة تشغيل أثرية متعددة الوظائف، يمكنها حمل الأشخاص لتنظيف الآثار التاريخية الهشة في الهواء، وأيضا نقل الآثار إلى خارج الحفرة، وإجراء التحليل بالأجهزة الفائقة الطيفية والمسح والتصوير الثلاثي الأبعاد وغيرها من أعمال جمع المعلومات. كل هذا من أجل تحقيق أعمال التنقيب الدقيقة وتقديم الإجراءات الصحيحة والفورية لحفظ الآثار. فلا نبالغ إذا قلنا إن استخدام مثل هذه الأجهزة بشكل مكثف هو ابتكار في الصين، بل وفي العالم بأسره.

--

وو شياو لينغ  وو منغ لين  لي تينغ، صحفيون في جريدة ((سيتشوان اليومية)) الصينية.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4