مجتمع < الرئيسية

محافظة قار.. التنمية الخضراء على الهضبة

: مشاركة
2021-12-13 17:16:00 الصين اليوم:Source لي يوان:Author

تقع محافظة قار في أقصى غربي ولاية نغاري بمنطقة التبت الذاتية الحكم، ويبلغ متوسط ارتفاعها عن سطح البحر أكثر من أربعة آلاف وخمسمائة متر، والمناخ فيها ينتمي إلى المناطق المناخية القاحلة وشبه المتجمدة. الأرض هنا قاحلة والنظام الإيكولوجي ضعيف، فكانت تُسمى بـ"المنطقة المحرمة على الحياة". ومع ذلك، لا يخشى سكان قار من البيئة الطبيعية القاسية، واستكشف أبناؤها من أجيال عديدة طرقا لزراعة الأشجار في صحراء غوبي منذ ثمانينات القرن العشرين. في الوقت الحاضر، تنمو أشجار الصفصاف الأحمر وصفصاف بانقونغ وصفصاف ماوتو وحور تشينغهاي على جانبي الشوارع في بلدة شيتشيوانخه. كما تتطور الحديقة الصناعية للزراعة الإيكولوجية بشكل مزدهر، فتزرع فيها الخضراوات والفواكه المختلفة عبر إدخال التقنيات الزراعية الحديثة، مما يوفر للمحليين الخضراوات والفواكه المحلية الطازجة.

في عام 2020، حددت وزارة البيئة الإيكولوجية الصينية ولاية نغاري كمنطقة عرض للحضارة الإيكولوجية، بفضل تنفيذ مفهوم التنمية الخضراء فيها.

معجزة زراعة الخضراوات في المنطقة المحرمة على الحياة

دَيْكي، وهي فتاة وُلدت في قار، شهدت التغيرات في مسقط رأسها، لا سيما في الغذاء. قالت: "في الماضي، كانت أنواع الفواكه والخضراوات لدينا قليلة، وحتى إذا كانت متوفرة، فلم تكن طازجة."

كان من المستحيل زراعة الفواكه والخضراوات في ولاية نغاري لفترة طويلة في الماضي بسبب البيئة الشديدة البرودة ونقص الأكسجين، فكانت الولاية تعتمد على الفواكه والخضراوات التي تأتيها من الخارج، وكان السكان المحليون يعانون من نقص الخضراوات وارتفاع أسعارها. ومن أجل القضاء على هذه المشكلة، تم بناء حديقة صناعية للزراعة الإيكولوجية في محافظة قار في يوليو عام 2017. تُستخدم في هذه الحديقة تقنيات زراعية حديثة، مثل الري بالرش وأنابيب الزراعة المائية وغيرهما، في الصوبات (الدفيئات) الزجاجية وفي الصوبات التقليدية أيضا، حيث تجد اليوم الطماطم والخضراوات الأخرى تنمو بصورة جيدة. إن زراعة الفواكه والخضراوات على نطاق واسع في هذه المنطقة العالية الارتفاع هو أمر جدير بالثناء.

قال ليو جيانغ، المسؤول عن الحديقة الصناعية للزراعة الإيكولوجية في محافظة قار، إنّ الحديقة استقدمت التقنيات الزراعية المتقدمة والخبراء التقنيين من المناطق الداخلية في الصين، وفيها الآن أكثر من أربعين صوبة، تزرع فيها ما يزيد عن عشرين نوعا من الخضراوات وأكثر من عشرة أنواع من الفواكه. وأضاف: "تحتل الخضراوات المنتجة في الحديقة الصناعية 40% من إمدادات السوق المحلية في الصيف و10% من إمداد السوق المحلية في الشتاء، مما مكّن السكان المحليين من التمتع بالأنواع المختلفة من الخضراوات، ووفر احتياجاتهم الأساسية في هذا الصدد. "

يبلغ المعدل السنوي للتبخّر في ولاية نغاري ثلاثين ضعف المعدل السنوي للمطر، فالطقس بها شديد الجفاف. من أجل المحافظة على الرطوبة والدفء، تم بناء الصوبات التقليدية كبناية شبه تحت الأرض، ترتبط جدرانها الصفراء بسقف بلاستيكي شبه دائري، وتُزوَّد بجهاز الري بالرش على سقفها، فيمكن سقي النباتات من فوق بجهاز الري عند فتح السقف. قال شي بي ننيغ، وهو تقني زراعي قادم من مقاطعة شنشي، يعرف الحديقة الصناعية للزراعة الإيكولوجية بمحافظة قار جيدا: "بذور البطيخ التي تُزرع هنا هي أصناف من المناطق الداخلية بالصين، والبطيخ المزروع هنا حلو بشكل خاص، بفضل مدة سطوع الشمس الطويلة."

بالإضافة إلى الصوبات التقليدية بالأسقف البلاستيكية، تتمتع الحديقة الصناعية للزراعة الإيكولوجية في قار بميزة رئيسية أخرى، وهي الصوبات الزجاجية الحديثة، حيث تُستخدم طرق الزراعة المتنوعة، مثل الزراعة في أنابيب الماء، والزراعة على الركائز الجدارية، والزراعة بنظام الري بالرش، وغيرها. قال شي بي نينغ إن الخضراوات التي تزرع في الصوبة الزجاجية يمكنها أن تنمو دون انقطاع باستثناء في فترة الشتاء الشديد البرودة، وتنتج الخضراوات في عدة مواسم كل سنة.

توجد صوبة زجاجية لزراعة الزهور بجانب الصوبة الزجاجية لزراعة الخضراوات. على مساحة مئات الأمتار المربعة، تتفتح الزهور والنباتات المؤصصة المختلفة، مما يجعل الناس يشعرون بأنهم يعيشون في الربيع، وينسون تماما أنهم في ولاية نغاري الشديدة البرودة التي تعاني من نقص الأكسجين.

يقوم مونلانغ جيالتسن، البالغ من العمر ثمانية وثلاثين عاما، بأعمال مؤقتة في الحديقة الصناعية للزراعة الإيكولوجية، لأن منزله ليس بعيدا عن الحديقة، وهو راض عن دخله اليومي الذي يصل إلى مائتي يوان (الدولار الأمريكي يساوي 4ر6 يوانات حاليا). قال مونلانغ جيالتسن: "أعمل هنا لمدة ستة أو سبعة أشهر في السنة. المدرسة المحلية التي يدرس فيها ابني الأكبر لا تتقاضى رسوما دراسية، وتقوم زوجتي برعاية ابننا الأصغر في المنزل، وأنا أعمل في مكان ليس بعيدا عن المنزل، فأصبحت الحياة أفضل بكثير من ذي قبل."

تتخذ الحديقة الصناعية للزراعة الإيكولوجية بمحافظة قار نموذج التعاون "شركة+ جمعية تعاونية+ مزارعون ورعاة"، بمعنى أن الشركات تقدم الدعم المالي والتقني للجمعية التعاونية، ويشارك المزارعون والرعاة في الجمعية التعاونية للعمل فيها وكسب الأرباح منها. وبذلك توفر الحديقة الصناعية للزراعة الإيكولوجية فرص عمل للعائلات الفقيرة المحلية من أجل مساعدتها على التخلص من الفقر وتحقيق الثراء.

من "مدينة رملية" إلى واحة

شيونغ ينغ لونغ، مدير مكتب الغابات والمتنزهات بمحافظة قار، قال مازحا: "يوجد موسمان فقط هنا؛ الشتاء وشبه الشتاء." وأضاف مستذكرا مشهد قيادته المحليين لزراعة حور تشينغهاي قبل خمس سنوات: "كانت زراعة الحور أصعب من تربية الأطفال."

ولكن البيئة الطبيعية القاسية لم تمنع سكان محافظة قار من حب النباتات الخضراء. في عام 2005، وظفت حكومة ولاية نغاري خبراء غابات من مقاطعة شنشي لتقديم التوجيه التقني لزراعة النباتات. في عام 1989، أدرجت حكومة ولاية نغاري مكافحة الرياح الرملية في بلدة شيتشيوانخه بمحافظة قار في جدول أعمالها؛ في عام 1994، أطلقت حكومة ولاية نغاري رسميا مشروع مكافحة التصحر البيولوجي بحوض شيتشيوانخه. وابتداء من عام 2016، فإن محافظة قار باعتبارها الوحدة الرئيسية لتنفيذ تخضير المدن في ولاية نغاري، دعت مرارا وتكرارا خبراء وتقنيين معروفين في مجال التحريج لزيارة نغاري من أجل تحديد مواقع التشجير ومساحتها وكثافة النباتات وإدارة الزراعة بشكل علمي ومنهجي. من أجل التأكد من أن النباتات المستقدمة قابلة للتكيف مع البيئة المحلية، بعثت محافظة قار تقنيين لزيارة محافظة تشيليان ومحافظة منيوان الذاتية الحكم لقومية هوي بمقاطعة تشينغهاي ومدينة تشانغيه بمقاطعة قانسو وشمالي شنشي ومنغوليا الداخلية وغيرها، وخبراء الغابات وأصحاب مزارع الغابات الكبيرة. وقد أتت الجهود ثمارها، فبعد محاولات متكررة في الزراعة، استقرت زراعة البرسيم ونباتات أخرى أيضا على هضبة نغاري، بالإضافة الى حور تشينغهاي وحور شينجيانغ صفصاف بانقونغ والصفصاف الأحمر وغيرها من الأشجار المحلية. وهذا أثار حماسة سكان قار للقيام بأعمال التحريج بشكل كبير.

حاليا، تتفتح الزهور المتنوعة وتنمو الأشجار المختلفة، تُزيّن شوارع شيتشيوانخه وساحة شيانغشيونغ وساحة شينغكونغ وغيرها من الأماكن في محافظة قار. مع التقدم المستمر لمشروع مكافحة التصحر البيولوجي بحوض شيتشيوانخه، قد تم تشجير 53 ألف مو (الهكتار يساوي 15 مو) من الغابات، وزراعة 85ر8 ملايين شجرة وستة آلاف ومائة مو من العشب.

على أساس تلخيص تجربة التخضير في بلدة شيتشيوانخه، طرحت حكومة ولاية نغاري أفكارا كثيرة متعلقة بتعزيز التشجير، بما في ذلك التركيز على تعزيز التشجير في المدن وزراعة الأشجار على جانبي الشوارع على نطاق واسع وتوسيع مساحة التشجير في مختلف الوحدات وتحسين الحديقة الصناعية للزراعة الإيكولوجية وتنفيذ مشروع مكافحة التصحر البيولوجي على مستويات المحافظة والبلدة، وزراعة النباتات بين القرى والتجمعات السكنية، سعيا إلى تعزيز زراعة الأشجار والأعشاب في أحواض الأنهار الرئيسية والطرق الرئيسية والمدن والمحافظات والمناطق الريفية، وحث السكان الأغنياء نسبيا على زراعة الأشجار والأعشاب أمام المنازل وخلفها، وزراعة الزهور في منازلهم.

ثمة قاعدة معروفة في التشجير، وهي أنه "يجب بذل 30% من الجهود لتشجير الغابات، و70% من الجهود لإدارتها". اتخذت ولاية نغاري إجراءات صارمة لإدارة النباتات وحمايتها، مع زراعة الغابات بمعايير عالية، حيث تحدد مسؤوليات إدارة الغابات، وتعزز إدارة الغابات وحمايتها، وقد لخصت التجارب الثماني لإدارة الغابات التي يتم ترويجها في جميع أنحاء الولاية، والتي تضم حقن محلول المغذيات في النباتات واستخدام الشاش الزراعي واستخدام إطار الدعم ووضع عامل الإصلاح على الندبات وبناء الغطاء الواقي ووضع مسحوق التجذير على النباتات ووضع الأغشية البلاستيكية وحقن المواد المضادة للتبخر في النباتات. على سبيل المثال، في الحزام الأخضر لنهر شيتشيوانخه، بمكنك أن ترى أن كل شجرة محمية بغطاء واق من الأشجار، وأغشية بلاستيكية مقاومة للتجمد موضوعة على كل قطعة من العشب.

اليوم، عندما يتجول الناس على ضفتي نهر شيتشيوانخه، يجدون الصفصاف الأخضر على جانبي النهر والمياه الصافية، على امتداد عشرة أميال من المناظر الجميلة. في الماضي، لم يكن هناك حيوانات عند نهر شيتشيوانخه، ولا حتى العصافير، أما الآن، مع ظهور الغابات بشكل مزدهر بجانب النهر، فأصبح النهر جنة للنوارس البنية الرأس والطيور المائية الأخرى، تجعل الناس يستمتعون بالمناظر الطبيعية في منطقة جيانغنان (جنوب حوض نهر اليانغتسي). والجدير بالذكر هو أن محافظة قار لا تقوم بزراعة الأشجار في شوارع بلدة شيتشيوانخه فحسب، وإنما ايضا تنشر هذا الأسلوب في البلدات المحيطة بها مثل بلدات كونشا ومنشي وتشاشيقانغ وتسوتسوه.

لم تعد الغابات الخضراء جنة بعيدة لا يمكن الوصول لها بالنسبة لسكان قار.

طريق التنمية الخضراء يزداد اتساعا

الأرقام هي الأكثر إقناعا. بعد سنوات من العمل الشاق، زادت الفترة الخالية من الصقيع في بلدة شيتشيوانخه من 83 يوما في عام 1994 إلى 170 يوما حاليا، وارتفع متوسط هطول الأمطار السنوي من 5ر76 ملم في عام 1994 إلى 3ر135 ملم الآن، كما تبلغ نسبة أيام الهواء الجيد في المحافظات السبع بولاية نغاري أكثر من 99%.

المياه الصافية والجبال الخضراء هي كنوز من الذهب والفضة، والأرض المغطاة بالجليد والثلج هي من الذهب والفضة أيضا. لقد غيّرت الإجراءات المتعلقة بالتشجير البيئة القاسية في ولاية نغاري، ليتمتع المحليون بالبيئة الطبيعية الجيدة، وذلك يرسى أيضا أساسا متينا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحقيق الحياة الرغيدة في نغاري.

اليوم، يأتي المزيد من الزوار إلى جبل كايلاش، حيث تنتج الحديقة الصناعية للزراعة الإيكولوجية بمحافظة قار الفواكه والخضراوات الطازجة باستمرار، وتظهر المدينة الجديدة في الصحراء تحت جبل يانوي. قال نوربو وانغلا، نائب مدير مكتب الدعاية بولاية نغاري: "حاليا، لا تتمتع ولاية نغاري بالتنمية الاقتصادية الثابتة والتقدم الاجتماعي والحياة السعيدة للسكان فحسب، وإنما أيضا تتمتع بالمياه الصافية والسماء الزرقاء والنباتات والحيوانات المتنوعة. كما لا تزال معظم الجبال والأنهار في حالتها الأصلية."

تركز ولاية نغاري على دمج البيئة الإيكولوجية مع الصناعات المختلفة لتجعل أبناء نغاري يستفيدون منها. لا تزال حكومة ولاية نغاري تتمسك بالغاية الأصلية، فحددت بوضوح الخطة الرئيسية، وهي تطوير الحراجة الإيكولوجية لبناء الحاجز الأخضر، وتعزيز الصناعات المحلية الخاصة عبر زراعة الغابات الخضراء، وإعلاء الحضارة البيئية من خلال الحراجة الإنسانية. كما تتخذ حكومة ولاية نغاري المزيد من الإجراءات لتعزيز التشجير، وتعتبر بناء الحاجز الأمن الإيكولوجي الوطني لهضبة تشينغهاي- التبت كجوهر الأعمال، وتهدف إلى تحسين البيئة الإيكولوجية وجودة البيئة ومعيشة الناس، وتتخذ  بناء المنطقة البارزة للحضارة الإيكولوجية على المستوى الوطني كالمهمة الرئيسية.

قال تشو تشونغ كوي، أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني بولاية نغاري، واثقا من مستقبل ولاية نغاري:" وقد أشار الرئيس شي جين بينغ خلال زيارته لمقاطعة تشينغهاي إلى أن البيئة هي ثروتنا الثمينة. يجب على الكوادر والشعب من مختلف القوميات أن يتبعوا توجيهات الرئيس شي، وأن يتمسكوا باعتبار الشعب محورا، والسعي إلى تحقيق المنجزات الجديدة في حماية البيئة الإيكولوجية لهضبة تشينغهاي- التبت وتعزيز التنمية العالية الجودة، وإلى كتابة فصل نغاري بشأن بناء الصين دولة اشتراكية حديثة على نحو شامل."

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4