"دقيقة! صوت هذا المحرك يختلف عن أصوات المحركات الأخرى". كان هذا تعليق تشانغ يونغ تشونغ بعد سماع صوت محرك سيارة.

السيد تشانغ، وهو عامل خبير في تجميع وصيانة المحركات على مستوى الدولة في شركة تشانغآن للسيارات ببلدية تشونغتشينغ، يستطيع كشف الخلل في المحرك بمجرد سماع صوت تشغيله.

الجميع في شركة تشانغآن للسيارات يعرفون تشانغ يونغ تشونغ، فهو العامل الوحيد في الخطوط الأمامية الذي يتمتع بمعاملة نائب رئيس الشركة، وهو أيضا عضو المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، وعامل نموذجي على المستوى الوطني، وصمام الأمان لجودة محركات سيارات شركة تشانغآن.

ولد السيد تشانغ، البالغ من العمر سبعة وخمسين عاما، في حي جيانغبي ببلدية تشونغتشينغ، أتم دراسته في المرحلة الثانوية سنة 1981، ثم التحق مباشرة بجيش التحرير الشعبي الصيني. بعد تسريحه من الجيش، عاد إلى مسقط رأسه وحصل على وظيفة في مصنع جيانغلينغ للماكينات، حيث عمل في البداية نجارا، وكان عمله الرئيسي هو صنع الإطار الخارجي لساعات الطاولة وساعات الحائط. وبفضل اجتهاده وإخلاصه في عمله منذ البداية، ارتفعت قدرته ومهارته بسرعة، ووصل مستواه إلى مستوى العاملين القدامى. بعد تجميع الساعات، يجب فحص جودتها، ولا يسمح بطرحها في السوق إلا إذا توافقت مع معايير الجودة المحددة من المصنع. كان تشانغ يونغ تشونغ جادا في العمل، يعالج العيوب في بعض الساعات بدقة بالغة كلما وجدها، من أجل ضمان جودة الساعات. وقد أثار ذلك اهتمام مسؤولي المصنع، فاختاروه لتعلم الآلات مع ستة من زملائه الآخرين، من بينهم براّد ودهّان، وكلهم عمال عاديون لم يتلقوا التدريب المهني النظامي.

في البداية، لم يتأقلم السيد تشانغ وزملاؤه مع ظروف العمل الجديد. قال: "طلبوا منا ارتداء نعال خاصة قبل دخول الورشة، لتجنب دخول الرمال أو أي شيء لورشة العمل."  وأخبرهم المهندسون المختصون أن العمل في تجميع وصيانة محركات السيارات يتطلب الاهتمام بكل التفاصيل ويحتاج إلى تركيز شديد لأنه عمل دقيق للغاية، فحتى إذا سقطت خصلة شعر في المحرك، فقد تتسبب في حدوث عطل. بدأ السيد تشانغ وزملاؤه تعلم أسماء قطع الغيار من الأساس، وتعلم التعليمات باللغة الأجنبية، وفي نفس الوقت يقومون بتجميع وتعديل مكونات المحركات.

في البداية، كان بعض كبار المهندسين يقومون بتجميع المحرك، وكان بإمكان تشانغ وزملائه فقط المشاهدة والدراسة، وبعد ذلك بدأ تشانغ وزملاؤه تجميع المحرك بأنفسهم، وكرروا العملية عدة مرات. كانوا يقومون بتجميع محرك واحد، ثم يفككونه، ثم يجمعونه مرة أخرى. وهكذا تدربوا عدة مرات من أجل إجادة العمل. عندما كانت تواجههم مشكلة لا يمكن حلها بأنفسهم، دائما ما يأتيهم رئيس المصنع ومدير ورشة العمل لمساعدتهم في حل المشكلة في موقع العمل. أظهر تشانغ وزملاؤه روح المثابرة والإصرار، من أجل إتقان تجميع المحركات، حتى كانوا يعملون من الساعة السابعة صباحا إلى الساعة الحادية عشرة أو الثانية عشرة ليلا أحيانا.

أتقن تشانغ وزملاؤه مهارات تجميع المحركات بعد التدرب والممارسة لفترة طويلة. من عدم معرفة أي شيء عن تجميع المحركات إلى النجاح في ذلك اعتمادا على أنفسهم، يعتبر ذلك تقدما كبيرا لهم، كما أنه حفز حماستهم ورغبتهم في الاستكشاف في هذا المجال.

"المزيد من الأفعال والسؤال الدائم والتفكير" هو المبدأ الذي يتمسك به تشانغ يونغ تشونغ طوال حياته. قال إن المرء، بغض النظر عن الوظيفة التي يمارسها، يجب أن يحبها ويجتهد فيها. وبالفعل سرعان ما وقع في حب وظيفة تعديل المحركات، وصار أكثر ما يسعده هو اكتشاف المشكلة أو الخلل ومعرفة السبب وحل المشكلة.

خلال ممارسته للعمل لفترة طويلة، اكتشف تشانغ يونغ تشونغ طريقة خاصة لفحص المحركات وحل المشكلات التي قد تظهر خلال التجميع، وهي تشبه الطريقة التي يتبعها ممارس الطب التقليدي الصين في تشخيص المرض: الملاحظة والشم والاستماع وجس النبض. الملاحظة، هي ملاحظة مظهر المحرك عند تشغيله؛ الشم، هو شم رائحة أنبوب العادم لمحركات السيارة وهي في حالة التشغيل؛ الاستماع، هو الاستماع إلى صوت المحرك، هل هناك صوت غير طبيعي؟؛ جس النبض، هو فحص وتأكيد مشكلة ملموسة في المحرك.

ذات مرة، وبينما كان السيد تشانغ يمر بإحدى ورش العمل، لاحظ أن عاملا يجمع محركا لكن صوت الأداة التي يطرق بها على المحرك يختلف عن الصوت المعتاد. ومن أجل ضمان جودة المنتج، قام تشانغ يونغ تشونغ بملاحظة جهاز العرض في أسرع وقت ممكن، ووجد أن السبب هو أن تشغيل العامل ليس بالقوة الكافية، وذلك قد يتسبب في أن يكون عزم القوة لصمولة ذراع التوصيل أقل من المعيار المطلوب، مما يؤدي إلى عدم توافق المحرك مع المعيار. وفي نفس اليوم، قام المصنع بفحص وتفتيش نفس الدفعة من المحركات، ونجح في تفادي دخول هذه الدفعة المكونة من ألف وخمسمائة محرك إلى السوق، وجنب المصنع خسارة في السمعة والعائد.

بواسطة الطريقة التي اكتشفها السيد تشانغ لمعالجة هذه المشكلة، صار بإمكان العاملين إيجاد مشكلة المحركات وحلها بدقة وسرعة، وقد أطلق على هذه الطريقة "طريقة العمل الكلاسيكية لتقنيي تجميع محركات السيارات في بلدية تشونغتشينغ"، وتم تعميمها في مجال السيارات على مستوى الصين.

بجانب اكتشافه لطريقة "الملاحظة والشم والاستماع وجس النبض"، اخترع السيد تشانغ وطور مجموعة من أدوات العمل، استنادا إلى خبرته في العمل.

في عام 1994، تم دمج مصنع تشانغآن للماكينات ومصنع جيانغلينغ للماكينات معا وإقامة شركة تشانغآن للسيارات. وفي إحدى التبادلات التقنية، اكتشف تشانغ يونغ تشونغ أن براغي ضبط صمام المحرك من سلسلة G الخاصة بالشركة ذات معدل خردة مرتفع، مما يؤدي إلى معدلات تأهيل منخفضة لضبط خلوص الصمامات، ويؤثر بشكل خطير على كفاءة الإنتاج.

قال السيد تشانغ: " يمكن للعمال يوميا إنتاج 300 إلى 400 محرك في خط التجميع. من الضروري انتظار آخر أربعة عاملين لضبط خلوص الصمامات قبل التأكد ما إذا كان المنتج مؤهلا أم لا. هذه الخطوة هامة للغاية: يحتاج كل محرك إلى ضبط 16 خلوص صمام. إذا لم يتم ضبط أي منها بشكل صحيح، لا مفر من إعادة تجميع المحرك، الأمر الذي يستغرق وقتا طويلا ويتطلب جهدا كثيفا.

خط الإنتاج مستورد من الخارج، وقد طلب تشانغ يونغ تشونغ من المصنع الأجنبي أن يجد حلا، وجاء رد المصنع بأنه إذا كانت الأداة اللازمة لضبط خلوص الصمامات بحاجة إلى تحسين، يجب إعادة إصلاحها وإنفاق الكثير من أموال البحث والتطوير، ومع ذلك لا يُضمن حل هذه المشكلة بنسبة 100٪. عندها قال تشانغ يونغ تشونغ: "لا أعتمد على الآخرين، سأفعل ذلك بنفسي." من أجل حل هذه المشكلة، عمل تشانغ يونغ تشونغ بجد ليلا ونهارا في التصميم وإجراء التجارب والمراجعة والإصلاح والبدء من جديد. لم تكن هناك سوى فكرة واحدة في ذهنه: "أريد فقط التغلب على هذا الصعوبة، يجب أن أفعل ذلك!" من خلال تكرار المحاولة والاستكشاف، طور أخيرا أداة خاصة، وبعد أن تم استخدامها، كان معدل تأهيل التجميع 100% ومعدل الخردة صفر. الأداة التي طورها بنفسه لم تحسن كفاءة الإنتاج فحسب، وإنما أيضا حصلت على براءة اختراع على المستوى الوطني. في الطابق الأول من الأستوديو الذي يعمل فيه تشانغ يونغ تشونغ، تم وضع العديد من الأدوات بما في ذلك مفتاح العزم، وقد حصل العديد منها على براءات اختراع على المستوى الوطني.

خلال عشرات السنين من الجهود والعمل الشاق، ومع ما حصل عليه من العديد من التكريمات وشهادات براءات الاختراع على المستوى الوطني، فإن العمل الكثيف يضع عبئا كبيرا على جسد السيد تشانغ. في عام 2005، بدأ السيد تشانغ يشعر تدريجيا بألم في ساقيه، لكنه لم يأخذ الأمر على محمل الجد واستمر في العمل دون إخبار عائلته وزملائه. لكن في أحد الأيام من عام 2006، شعر فجأة بألم غير طبيعي لا يطاق في ساقيه. فذهب إلى المستشفى للفحص، وجاءت النتيجة أنه بسبب الإرهاق حدث نخر في عظام رأس الفخذ لكلا الساقين، فبقي في المستشفى لتلقي العلاج. لكنه واصل عمله وتوجيهاته وهو على سرير المستشفى. كان يستخدم هاتفه النقال لتقديم الاستشارات الفنية عن بُعد لزملائه في الشركة. بعد عملية جراحية، وبمجرد أن تمكن من التحرك بنفسه، سار بصعوبة متوكئا على عصا نحو المصنع، وعاد إلى موقعه بسرعة.

بحلول عام 2021، يكون تشانغ يونغ تشونغ قد أمضى تسعة وثلاثين عاما في العمل في هذا المجال، وسوف يتقاعد في غضون بضع سنوات. بالنسبة له، الشيء الأكثر إلحاحا الآن هو نقل الخبرات والمهارات التي اكتسبها على مدار العقود الماضية إلى العاملين الشباب. قال إن هذا واجب إلزامي له كعامل مخضرم. ولذلك، وقع تشانغ يونغ تشونغ مع العشرات من العاملين الشباب في الشركة اتفاقية "المعلم المشهور يقود طلابا متفوقين"، لنقل خبراته وتقنياته الخاصة إلى جيل الشباب الى أقصى حد ممكن.

قام تشانغ يونغ تشونغ بتعليم مهارات الصيانة التي أتقنها وتدرب عليها على مر السنين للجميع، ونجح في تدريب فريق وطني "شامل" يتقن مهارات ضبط المحركات. يرى تشانغ يونغ تشونغ أن "قيمة حياة الشخص تتجسد في أن يبذل قصارى جهده في العمل العادي لتحقيق أفضل إنجاز بقدر استطاعته". مازال يقود المزيد من الفنيين والمهرة للتغلب على الصعوبات ويحاول إنجاز العمل بصورة أحسن في الوظائف العادية، ويجعل الأمور العادية غير عادية. حتى الآن، استفاد من توجيهاته أكثر من 80% من الفنيين المتخصصين في ضبط وإصلاح المحركات في الخطوط الأمامية في الشركة، وتم تعيين خمسة منهم كفنيين ماهرين من المستوى الثاني والثالث.

بالإضافة إلى الفنيين في مقر الشركة، يطلب منه العاملون في محطات صيانة السيارات في جميع أنحاء البلاد النصيحة عندما يواجهون مشكلات صعبة. ابتسم هذا الرجل الاستثنائي وقال إنه سعيد جدا بمساعدتهم على اكتشاف الأخطاء وإصلاحها بسرعة، وإن أكبر أمنياته أن يكون لكل محرك "قلب قوي".

اليوم، لدى شركة تشانغآن للسيارات "كتاب أسود"، جمعت فيه خبرات تشانغ يونغ تشونغ وزملائه. فيه أجوبة لـ152 مشكلة شائعة في أعطال المحركات وأصبحت مواد تدريب للعاملين في هذا المجال.

فيما يتعلق بالعمل، قال تشانغ يونغ تشونغ لتلاميذه: "طالما أن أعمالنا صحيحة، فلنواصلها بشجاعة ولا نخاف من الإحباط والفشل. يحب أن يثابر كل منكم في عمله، وبعد التعلم والتفكير والممارسة الكافية، سوف تصبحون أقوياء بلا شك".

تشانغ يونغ تشونغ، من قومية هان، ولد في حي جيانغبي ببلدية تشونغتشينغ في مايو عام 1964، وهو من كبار الماهرين في إصلاح محركات السيارات في شركة تشانغآن للسيارات، انضم إلى الحزب الشيوعي الصيني في عام 2007. يعمل في الخطوط الأمامية لصناعة السيارات منذ أكثر من ثلاثين سنة، حصل على أربع براءات اختراع وطنية. وهو مبتكر طريقة "الملاحظة والشم والاستماع وجس النبض" لصيانة المحركات، والتي تسمى بـ"طريقة العمل الكلاسيكية لتقنيي تجميع محركات السيارات في بلدية تشونغتشينغ". حصل على لقب "الخبير الفني على المستوى الوطني" و"جائزة المهارات الصينية" و"جائزة المساهمة المتميزة في العلوم والتكنولوجيا في الصين" و"جائزة المساهمة المتميزة في تنمية الأكفاء المهرة على المستوى الوطني" و"العامل النموذجي على المستوى الوطني" وغيرها من التكريمات والجوائز.