مجتمع < الرئيسية

"إوزة برية على البحيرة" تانغ تشن يا

: مشاركة
2021-05-17 15:38:00 الصين اليوم:Source :Author

الإوز البري طائر مائي كبير يسكن بشكل أساسي البحيرات والبرك والأنهار والمستنقعات في الأراضي العشبية والسهول والمناطق المجاورة. تهاجر طيور الإوز البري، التي تسمى بالصينية "هونغيان" لمسافات طويلة على طول طرق محددة كل عام بين الشمال والجنوب، وقد استفاد الصينيون قديما من ذلك لنقل الرسائل عن طريق ربط مخطوطات صغيرة بأقدامها. ومن هنا جاء مصطلح "إوزة برية تسلم رسالة"، وبالصينية "هونغيان تشوان شو".

في حي هونغتسه بمدينة هوايآن في مقاطعة جيانغسو بشرقي الصين، ساعي بريد يجدف منذ أكثر من عشرين عاما قاربا صغيرا بمفرده كل يوم عبر الطريق البريدي المائي الذي يبلغ طوله عشرين كيلومترا في بحيرة هونغتسه. بهذا القارب، نقل مليون رسالة وصحيفة ومجلة، ووصل نطاق منطقة خدمته إلى أكثر من ثلاثمائة كيلومتر مربع. هو السيد تانغ تشن يا الذي أطلق عليه الصيادون في منطقة البحيرة لقب "الإوزة البرية في البحيرة". إنه عامل نموذجي ونموذج أخلاقي على المستوى الوطني، كما أنه عضو بالمؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني.

يعمل تانغ تشن يا، المولود في سنة 1964، في فرع بلدة لاوتسيشان لمكتب بريد حي هونغتسي في مدينة هوايآن بمقاطعة جيانغسو. يبلغ عدد سكان البلدة حوالي 16 ألف نسمة، يعيش نصفهم تقريبا مبعثرين في أكثر من خمسين تجمعا على ضفاف البحيرة، وتقع قرية ليوجيوي على مسافة أكثر من عشرين كيلومترا من لاوتسيشان، وهي الأبعد عن البلدة. قبل أن يلتحق تانغ تشن يا بعمله في فرع لاوتسيشان عام 1999، كان أحد عشر ساعي بريد قد غادروا هذا الفرع بسبب ظروف العمل الشاقة. منذ قيامه بهذا العمل قبل أكثر من عقدين من الزمان، حافظ تانغ تشن يا على سجل خال تماما من أي خطأ في تسليم الرسائل والطرود.

عمل ساعي البريد على الماء ليس مثل العمل على البر، فالصيادون يبحرون دائما فوق الماء ويتنقلون من وقت لآخر، وعناوينهم ليست ثابتة، مما يزيد بشكل كبير من صعوبة تسليم الرسائل. قال تانغ تشن يا: "في المناطق المائية، حالات العناوين غير المعروفة أكثر بكثير مقارنة بما في البر، ويستغرق توصيل الرسائل وقتا أطول". في حالة عدم معرفة اسم صاحب الرسالة أوعنوانه يكون وقت وجهد توصيل الرسالة في الغالب أضعاف ما يكون في البر. " هناك كثير من الرسائل التي لا تتوفر فيها شروط التوصيل، ومع ذلك أبذل قصارى جهدي لتوصيلها."

بالإضافة إلى صعوبة التسليم بسبب عدم معرفة العنوان، تواجه أعمال التوصيل في البحيرة مخاطر أخرى. في صيف أحد الأعوام، سلم تانغ تشن يا خطاب قبول جامعي إلى دو تشونغ شيانغ، وهو طالب من قرية تشانغشان. توجد ستة تجمعات سكنية في قرية تشانغشان، تبلغ المسافة بينها خمسة عشر كيلومترا. قام بالتجديف في البحيرة إلى تلك التجمعات واحدا تلو الآخر، بحثا عن الطالب، واكتشف أخيرا أن قارب أسرة دو تشونغ شيانغ كان يرسو في أحراش من القصب تسمى "جيانتساوقو" بالقرب من محافظة شيوييي.

في الصباح الذي قام فيه بتسليم الخطاب للطالب، كان الجو صافيا، فقاد القارب الصغير كالمعتاد إلى وجهته. ولكن هبت ريح قوية فجأة، وهو مازال على مسافة بعيدة عن "جيانتساوقو"، فأخذ القارب يتمايل مع الأمواج، حتى ضربته موجة عالية وانقلب في وسط البحيرة. ومع ذلك، لم يصب بالذعر، فهو نشأ وترعرع بالقرب من البحيرة ويجيد السباحة. صحيح أنه يستطيع تماما أن يسبح إلى مكان قريب، لكنه لم يفعل ذلك خوفا من أن يبتل الخطاب بالمياه في طريقه. فأمسك جانب القارب بيد ورفع الخطاب باليد الأخرى، وظل مغمورا في الماء لمدة ساعتين. ولحسن الحظ، مر قارب صيد وأنقذه هو والخطاب.

عندما عثر تانغ تشن يا أخيرا على قارب أسرة دو تشونغ شيانغ، نظر والد دو تشونغ شيانغ إلى هذا الرجل الذي ابتل كل جسمه بالماء، وعرف منه ما جرى، فقال له ممتنا: "خاطرت بحياتك لتوصيل الخطاب إلينا. كيف يمكن لعائلتنا بأكملها أن تشكرك؟ هل الخطاب أهم أم حياتك أهم؟" ابتسم تانغ تشن يا وقال بهدوء: "كنت معلما وأعرف كيف ينتظر الطالب خطاب القبول الجامعي. التوصيل الدقيق في الموعد هو أيضا مسؤوليتي".

نظرا للموقع الجغرافي الخاص لبلدة لاوتسيشان، يتم تسليم الرسائل والطرود فيها عن الطريق البرمائي، كما أن المسافة بين فرع البريد ومنزل تانغ تشن يا بعيدة، ولا يوجد ساعي بريد في الفرع غيره ، لذلك نادرا ما يكون لدي تانغ وقت يقضيه مع أسرته. كانت زوجة تانغ تعاني من تكيس المبيض، وتحتاج إلى عملية جراحية عاجلة، لكن ذلك حدث في وقت ذروة فترة التسليم، ولم يكن بإمكانه التخلي عن العمل الذي يقوم به، ولم يشأ إحراج مسؤول الفرع، فطلب من والدته وأخته مرافقة زوجته إلى مستشفى البلدة. كان في تلك الفترة يهرع إلى المستشفى على بعد حوالي 30 كيلومترا بعد أن ينتهى من توصيل الرسائل، ليرعى زوجته بدلا من أمه التي اعتنت بها وقت النهار. وفي الساعة الخامسة صباح اليوم التالي، ينطلق من المستشفى إلى فرع البريد. رقدت زوجته في المستشفى أكثر من عشرة أيام، وكان تانغ تشن يا يفعل ذلك كل يوم. قالت له زوجته بعد ان أفاقت من الجراحة التي أجريت لها: "لتترك هذا العمل. دخلك منه بضع مئات من اليوانات (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات) شهريا. يمكنك أن تفعل مثل الآخر في إدارة أحواض السمك وتحقق الثراء. لماذا لا تفعل كذلك؟"

"الآخر" الذي تحدثت عنه الزوجة، يعرفه تانغ تشن يا تماما. كان طالبا له عندما كان معلما. في ذلك العام، رسب الطالب في امتحان الالتحاق بالجامعة، وأدى إحباطه الشديد إلى حبس نفسه في المنزل طوال اليوم. بعد أن علم تانغ تشن يا هذا الأمر، بادر لإقناعه عدة مرات وساعده على إنشاء مشروع لتربية الأحياء المائية. بمساعدة تانغ تشن يا، نجح هذا الطالب في مشروعه ويكسب الآن أكثر من عشرة آلاف يوان سنويا.

أمسك تانغ تشن يا بيد زوجته وقال معتذرا: "لم أستطع أن أوفر لك حياة طيبة. كما أنني جعلتك قلقة عليّ طوال الوقت. أنا آسف لك ولعائلتنا." ثم غير مسار حديثه. بدأ في إقناع زوجته، قائلا: "لا أريد سوى شيء واحد فقط، وهو القيام بعملي بشكل جيد. بالإضافة إلى ذلك، يحتاجني الإخوة الصيادون، لا يمكنني تركهم، ولا يمكنني أن أخذلهم". مع إصراره، في النهاية، دعمته زوجته وتفهمت موقفه. سمعت أمه، التي كانت واقفة في خارج الغرفة، ما قال لزوجته، فقالت لحفيدها: "في قلب والدك، العمل دائما هو أهم شيء. يبدو أن هذه الحياة لا يمكن تغييرها."

أثناء قيامه بعمله على أكمل وجه، يساعد تانغ تشن يا الصيادين الأميين على قراءة الرسائل وكتابة الردود، ويحمل الضروريات اليومية ومواد الصيد للصيادين، ويدعو متخصصي الصيد لتعليم المزارعين بانتظام ومساعدتهم على حل المشكلات الإنتاجية.

بالإضافة إلى ذلك، تطوع تانغ تشن يا للعمل في خدمات الدعاية للحماية من الحرائق لمدة 20 عاما. قام بتسليم المواد الدعائية عن السلامة من الحرائق لكل صياد، وشرح إرشادات السلامة من الحرائق للصيادين باللهجة المحلية، وقام بتعليم الوقاية من الحرائق وطرق مكافحة الحرائق على المياه، ووزع تعليمات حول سلامة استخدام النار والكهرباء، وأرشد الصيادين وساعدهم على تصحيح مخاطر الحرائق. على مدى العقدين الماضيين، قطع أكثر من 200 ألف كيلومتر على البر والمياه، ووزع أكثر من مائة ألف دليل معرفي للسلامة من الحرائق، وفحص وصحح أكثر من خمسة آلاف من تعليمات مخاطر الحريق، ونفذ أكثر من ألفي نشاط دعائي للوقاية من الحرائق، وصل إلى مائة وسبعين ألف شخص. في عام 2010، بدأ تانغ تشن يا تشكيل فرقة الإطفاء التطوعية في لاوتسيشان، المجهزة بمدافع مائية وخراطيم ومضخات محمولة يدويا وحبال إنقاذ وغيرها من معدات مكافحة الحرائق والإنقاذ على قوارب الصيد، وأجرى عمليات فحص ودعاية للوقاية من حرائق في الأوقات العادية، ويسارع إلى الإنقاذ في أسرع وقت ممكن في حالة نشوب حريق أو فيضان، ونقل أكثر من سبعمائة شخص لإنقاذهم، وقام بحماية ممتلكات تبلغ قيمتها حوالي عشرة ملايين يوان.

من أجل مساعدة الصيادين على التخلص من الفقر وتحقيق الثراء، يجمع تانغ تشن يا ويصنف بعض معلومات مبيعات سوق المنتجات المائية في أيام الأسبوع. بتوجيه من هذه المعلومات، صار الصيادون الذين كانوا ينتظرون تجار الأسماك لشرائها على عتبات منازلهم يذهبون حاليا إلى مدينتي نانجينغ وشانغهاي لتسويق منتجاتهم المائية، فزاد دخلهم السنوي بشكل عام بأكثر من 30%.

بالإضافة إلى الدخل من المنتجات المائية، وبتنسيق من تانغ تشن يا وبتخطيط ومساعدة من مكتب السياحة بالمحافظة، شرعت قرية شينتان في التحول إلى قرية صيد نموذجية ذات خصائص الحياة والإنتاج البيئية الأصلية للصيادين في منطقة بحيرة هونغتسه، وذلك تحت شعار "قرية جميلة لصيد الأسماك". تم تنظيم قوارب الصيد المستخدمة في إنتاج الصيادين ومعيشتهم، وتجديدها وإعادة ترتيبها لاستقبال السياح، الذين يمكنهم تذوق منتجات البحيرة، ومشاهدة المناظر الطبيعية لمنطقة البحيرة، وتجربة الإنتاج والحياة في منطقة البحيرة. في عام 2016، تم إكمال بناء "مركز الخدمات السياحية الشاملة في قرية الصيادين"، وبدأت الدفعة الأولى من أربعين قارب صيد استقبال السياح. قال الصياد يان تشنغ تشون: "بفضل تشجيع تانغ تشن يا للانضمام إلى المركز السياحي، استقبلت هذا العام أكثر من ألفي سائح وكسبت أكثر من مائة ألف يوان."

بفضل عشرين عاما من العمل الجاد، تم إدراج تانغ تشن يا في قائمة "الصينيين الطيبين" وتم اختياره كنموذج أخلاقي على المستوى الوطني. عندما سُئل: الآن بعد أن أصبحت مشهورا، لماذا لا تطلب منصبا مريحا؟ أجاب تانغ تشن يا: "يأتي شرفي من تقديم الخدمات للصيادين. أنا لا شيء إذا تركت عمل توصيل الرسائل. طالما أن الصيادين في حاجة إليّ، أشعر أن عملي له قيمة عالية."

 

---

تانغ تشن يا، من مواليد شهر مايو عام 1964، ساعي بريد في فرع بلدة لاوتسيشان التابع لمكتب بريد حي هونغتسه في مدينة هوايآن بمقاطعة جيانغسو. انضم إلى الحزب الشيوعي الصيني في يونيو عام 2006، وهو عضو بالمؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني. منذ أكثر من عشرين عاما يجدف قاربا صغيرا بمفرده كل يوم عبر الطريق البريدي المائي الذي يبلغ طوله أربعين ميلا في بحيرة هونغتسه. بهذا القارب، نقل ملايين الرسائل والصحف والمجلات، ووصل نطاق منطقة خدمته إلى أكثر من ثلاثمائة كيلومتر مربع. أطلق عليه الصيادون في منطقة البحيرة لقب "الإوزة البرية في البحيرة". في أكتوبر 2018، تم إدراجه في قائمة "الصينيين الطيبين"، وفي سبتمبر 2019، تم اختياره كنموذج أخلاقي على المستوى الوطني.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4