مجتمع < الرئيسية

ماو شيانغ لين: شق طريق الثراء فوق الجروف

: مشاركة
2021-04-16 17:16:00 الصين اليوم:Source :Author

في "حفل توزيع جوائز الشخصيات الأكثر تأثيرا في الصين عام 2020"، والذي أقيم في السابع عشر من فبراير 2021، تم تكريم السيد ماو شيانغ لين، البالغ من العمر اثنتين وستين سنة. 

بناء "طريق السماء"

ماو شيانغ لين هو أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني لقرية شياتشوانغ ببلدة تشوشيان في محافظة ووشان ببلدية تشونغتشينغ وأيضا رئيس لجنة القرية. شياتشوانغ، وهي قرية صغيرة لا يتجاوز عدد قاطنيها أربعمائة فرد، محاطة من كل الاتجاهات بجروف جبلية حادة يتراوح ارتفاعها بين مائتي متر وألف متر فوق سطح البحر. هذه القرية تكاد تكون منعزلة تماما عن العالم. هذه البيئة المنعزلة وظروف المواصلات البالغة الصعوبة جعلت حياة أهل القرية شاقة فلازمهم الفقر وظلوا "سجناء" هنا منذ أجيال. عندما وصل ماو شيانغ لين إلى شياتشوانغ، بدأ شق طريق خروجهم من عزلتهم.

في عام 1997، تم تعيين ماو شيانغ لين أمينا للجنة الحزب الشيوعي الصيني لقرية شياتشوانغ ورئيسا للجنة القرية، وكان عمره آنذاك ثمانية وثلاثين عاما. وفي يوليو من نفس العام، بعد عودته من دورة تدريبية لمسؤولي القرى أقيمت في بلدة تشوشيان، جلس على صخرة جرف مطل على القرية، وراح يتساءل بقلب مضطرب: بعد سنوات عديدة من الإصلاح والانفتاح، يتغير العالم خارج القرية يوما بعد يوم. إذا استمر الحال في شياتشوانغ على ما هو عليه بعد مرور سنوات أخرى، فسأشعر بالذنب، وسأكون قد أخفقت في مهمتي. في الوقت نفسه، وعى السيد ماو جيدا أن المواصلات الصعبة أكبر عقبة أمام تغيير الوضع، ومنذ ذلك الحين، أصبح بناء طريق للقرية على قمة أولوياته.  

في اليوم الذي وصل فيه إلى القرية، عقد في المساء اجتماعا للسكان، اقترح فيه بناء طريق جبلي. تباينت آراء أهل القرية، فمنهم من أيد الاقتراح، ومنهم من رفضه. بناء طريق على الجروف يحتاج إلى أموال ومعدات، وسكان القرية لا يمتلكون الثقة ولا الشجاعة القدرة على فعل ذلك. سأل أحدهم: "من أين نأتي بالمال؟ وبالمتفجرات لنسف الصخور؟"

أمام مخاوف أهل القرية وشكوكهم، تسلح ماو شيانغ لين بالأرقام والحقائق: منذ عام 1949، من بين 398 فردا يسكنون في القرية، لم يركب 315 منهم سيارة من قبل، ولم يشاهد 360 منهم جهاز التلفزيون قط؛ وبسبب السقوط من الجروف فقد 23 فردا حياتهم، وأصيب أكثر من 60 بجروح وأصيب 15 منهم بإعاقات. قال ماو شيانغ لين: "لكي تتحول الحيوانات التي نطعمها إلى نقود، فعلينا ذبحها وحمل لحومها في سلال على ظهورنا إلى السوق في بلدة تشوشيان لبيعها. نغادر بيوتنا في الصباح ونعود إليها بعد حلول الظلام. بعد وجود الطريق، سيمكن للسيارات أن تصل إلى أبواب منازلكم، وسيمكنكم نقل حيواناتكم وخضراواتكم إلى السوق مباشرة." بعد مناقشات مستفيضة وحسابات مفصلة، واجتماعات متكررة، توافقت آراء القرويين أخيرا ووافقوا على بناء الطريق! ساهم كل قروي بالمال. ومن أجل بناء الطريق، أخذ السيد ماو سبعمائة يوان (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات حاليا) من معاش والدته وثلاثة آلاف يوان كانت أخته قد ادخرتها لشراء أثاث جديد،  واقترض باسمه عشرة آلاف يوان من تعاونية ائتمانية.

في الشهر الحادي عشر حسب التقويم القمري الصيني عام 1997، تبع أهل القرية ماو شيانغ لين وخطوا أولى خطواتهم لبناء الطريق الجبلي. طفق الرجال يعملون على الجرف، بينما تتولى النساء إعداد الطعام ونقل الإمدادات، وزراعة حقول القرية، في حين كانت مهمة المسنين الاعتناء بالأطفال الصغار، ويقوم الأطفال الأكبر سنا بالمساعدة في الخدمات اللوجستية مثل توصيل الإمدادات في عطلات نهاية الأسبوع. تراوحت أعمار الرجال العاملين في بناء الطريق بين سبعة عشر عاما وثلاثة وستين عاما. من أجل بناء الطريق، كانوا ينامون فوق الجروف، ولم يعودوا إلى منازلهم إلا مرة واحدة في الشهر. كانوا يبنون ملجأ مؤقتا لهم في شق قريب حيثما وصلت عملية بناء الطريق. خلال النهار، كان ماو شيانغ لين يبادر بحفر الثقوب في الجروف ويضع المتفجرات، ويسارع بنقل الأحجار وتمهيد الطريق. وفي الليل، كان ينام في طرف الملجأ المؤقت، مربوطا من خصره بواسطة حبل أمان في جذع شجرة قديم في شقوق الصخور. قال ماو شيانغ لين إنه أمين لجنة الحزب بالقرية وصاحب اقتراح بناء الطريق، وكان عليه أن يتقدم الصفوف في أصعب وأخطر الأعمال.

بناء طريق على جرف يمثل خطورة كبيرة على سلامة العاملين، وهذا أكثر ما يقلق ماو شيانغ لين. كان القرويون حذرين للغاية، وبذلوا قصارى جهدهم لحماية سلامتهم، لكن حدث الشيء المؤسف الذي كان يخشاه ماو شيانغ لين. في عام 1999، فقد شين تشينغ فو (28 عاما)، وهوانغ هوي يوان (36 عاما) حياتهما بسبب سقوطهما من على الجرف بعد مرور خمسين يوما من العمل في بناء الطريق. قال السيد ماو: "خاصة بعد وفاة هوانغ هوي يوان، كنت أخشى أن يؤدي بناء الطريق إلى وفاة شخص آخر." حينذاك، ولأول مرة، تسرب التردد إلى نفس ماو شيانغ لين.

ماو شيانغ لين هو صاحب اقتراح بناء الطريق، وهو الذي دعا هوانغ هوي يوان للمشاركة في أعمال بناء الطريق. إذا استمر العمل في بناء الطريق، فهل سيفقد شخص آخر حياته؟ في جنازة هوانغ هوي يوان، أفصح السيد ماو عن قلقه أمام أهل القرية، ليحدث ما لم يكن يخطر له على بال، إذ نهض هوانغ يي كون والد هوانغ هوي يوان من مكانه وقال: "على الرغم من موت ابني، لا يزال الطريق بحاجة إلى البناء. فقط بعد بنائه سنتمكن من استئصال الفقر."  كلمات الرجل العجوز المؤثرة شجعت ماو شيانغ لين وكل أهل القرية، فرفع كل منهم قبضته وهتفوا جميعا: "سنواصل بناء الطريق!" في اليوم التالي، بعد أن دفن القرويون هوانغ هوي يوان، واصلوا صعود الجبل لبناء الطريق. وانضمت يانغ تسي هوي- أرملة هوانغ هوي يوان، إلى فريق بناء الطريق.

في النهاية، وبعد سبع سنوات من العمل الشاق، وتحديدا في مارس عام ألفين وأربعة، تم أخيرا تدشين "الطريق السماوي" الذي يبلغ عرضه مترين وطوله ثمانية كيلومترات على جرف شياتشوانغ. تحقق حلم أجيال من من أبناء قرية شياتشوانغ!

بعد اكتمال الطريق، تم بناء نصب تذكاري عند مدخل القرية، باقتراح من ماو شيانغ لين، نُقشت عليه أسماء كل من ضحوا بحياتهم من أجل بناء الطريق. قال ماو شيانغ لين إن أهل شياتشوانغ يجب أن يتذكروهم دائما.

شق "طريق إلى الثراء"

بُني الطريق أخيرا، لكن هذه ليست سوى الخطوة الأولى. من وجهة نظر ماو شيانغ لين، فإن الاستفادة الجيدة من هذا الطريق وجعل أهل القرية أثرياء يعيشون حياة جيدة هي أكبر مهامه.

بعد زيارة القرى المجاورة ودعوة الفنيين الزراعيين المحترفين لتفقد القرية، حشد ماو شيانغ لين أهل شياتشوانغ لزراعة البرتقال أبو سرة من صنف نيوهول. ومن أجل مساعدة أهل القرية في إتقان التقنيات الزراعية، قام بزيارة وتفقد جميع عائلات القرية، لتعليم القرويين كيفية زراعة البرتقال. وخلال سنوات قليلة، بلغت مساحة بساتين البرتقال من هذا الصنف في قرية شياتشوانغ 650 مو (الهكتار يساوي  15 مو)، وأقيمت جمعية تعاونية متخصصة لتولي الإدارة الموحدة لزراعته. من المتوقع أن تضيف زراعة هذا الصنف من البرتقال مليوني يوان إلى دخل أهل القرية. كما شجع ماو شيانغ لين القرويين على زراعة السمسم والقمح والبطيخ والقرع على مساحات شاسعة، لتشكيل نمط زراعي يعتمد على فصيلة القرعيات والفواكه كدعامة أساسية وتطوير الصناعات المتعددة. البطيخ وحده يوفر دخلا سنويا للفرد يبلغ ثلاثة آلاف يوان في المتوسط. بالإضافة إلى ذلك، قام ماو شيانغ لين بإرسال الأيدي العاملة الفائضة للعمل خارج القرية. خلال عشر سنوات، خرج أكثر من مائة فرد من شياتشوانغ للعمل خارجها، وزاد الدخل السنوي من العمل للقرية أكثر من مليوني يوان.

تحسن مستوى معيشة أهل قرية شياتشوانغ تدريجيا، لكن الطريق لم يعد كافيا لتلبية احتياجات القرية. مع النمو الكبير للصناعات في القرية، وجد أهلها أن الطريق الذي تم بناؤه من قبل على الجرف بات"قديما". فهو ضيق، تسير عليه الدراجات النارية والمركبات الزراعية الصغيرة فقط. وعندما تهطل الأمطار، غالبا ما يؤدي الطين والصخور المنجرفة من الجبل إلى إعاقة حركة المرور.

أصبح توسيع الطريق وتمتينه حلما آخر لأبناء شياوتشوانغ. في عام 2015، تم إطلاق جولة جديدة من أعمال التخفيف من حدة الفقر، وتم تحديد شياتشوانغ على أنها قرية فقيرة. حمل ماو شيانغ لين مرة أخرى راية بناء الطريق. بذل جهوده في البحث عن المساعدات وحصل على أكثر من أربعة ملايين يوان من أموال البناء من الإدارات الحكومية المعنية لتحسين هذا الطريق على الجرف. تم توسيع عرض الطريق إلى أربعة أمتار ونصف المتر، وتم تمتين سطح الطريق وإضافة حواجز حماية إلى جانب الجرف، وأصبح الطريق الممهد الذي تمناه أهل القرية منذ سنوات عديدة حقيقة واقعة!

 الطريق، الذي أعيد تأهيله، جعل ماو شيانغ لين أكثر ثقة بمساعدة القرويين على زيادة دخلهم. في عام 2018، بدأ بناء الخط السياحي الدائري الذي يربط بين طريق شانغهاي- تشونغتشينغ السريع ووادي دانغيانغ الذي يقع في شمالي محافظة ووشان. وإذا تم ربط قرية شياتشوانغ بالخط السياحي الدائري، سيتاح لها عرض مواردها السياحية الفريدة على العالم وجذب السياح وتطوير صناعة السياحة. قال ماو شيانغ لين: "سنتخذ ثلاث خطوات لتطوير السياحة." الخطوة الأولى هي جعل القرية تبدو جميلة: تحويل وتحديث المنازل الآيلة للسقوط، وبناء بيوت ريفية مميزة، تطوير وتوسيع سياحة النُزل الريفية؛ والخطوة الثانية إعلاء روح شياتشوانغ، نشر قصة بناء الطرق وتوريث روح شياتشوانغ بالاستعانة بمعرض شياتشوانغ الثقافي، لتحويل شياتشوانغ إلى قاعدة تدريب لتعزيز روح الاعتماد على الذات؛ أما الخطوة الثالثة فهي ربط الخط السياحي الدائري لتعزيز تنمية صناعة الحمضيات وصناعة البطيخ، وجذب السياح إلى القرية للترفيه. وفي حديثه عن مساعدة القرويين في التخلص من الفقر، قال ماو شيانغ لين بحزم: "سأعمل من أجل شياتشوانغ لبضع سنوات أخرى للوفاء بوعدي: جعل الجيل القادم يعيش حياة جيدة."

تحت قيادة ماو شيانغ لين وجهود أبناء قرية شياتشوانغ، تم انتشال 65 أسرة مكونة من 273 فردا في القرية من براثن الفقر، وبلغ متوسط الدخل السنوي للفرد 12670 يوانا في عام 2020. حقق ماو شيانغ لين مهمته وأخذ خطوة كبيرة نحو الوفاء بوعده.

في 25 فبراير عام 2021، عقد المؤتمر الوطني لتلخيص الخبرة والإشادة بالشخصيات والوحدات النموذجية في أعمال التخفيف من الفقر في بكين، حيث تم منح ماو شيانغ لين لقب "النموذج الوطني للتخفيف من الفقر". على المنصة، عندما تسلم ماو شيانغ لين الجائزة، قال له الرئيس الصيني شي جين بينغ: "شكرا على جهودك!" فرد ماو شيانغ لين: "لا، هذا واجبي!" إن تقدير الرئيس له جعل قلبه يفيض بالمشاعر. تذكر قرية شياتشوانغ وذلك الطريق والقرويين وخطتهم في تحقيق ازدهار القرية. ماو شيانغ لين يعتبر تقدير الرئيس له تقديرا لكل القرويين ولكل من يعملون في الجبهة الأمامية للتخفيف من حدة الفقر؛ وفي صميم قلبه، تظل مساعدة القرويين على التخفيف من الفقر واجبا وشرفا له!

 

ماو شيانغ لين: ولد في يناير عام 1959، انضم للحزب الشيوعي الصيني في سبتمبر عام 1992. يتولى ماو شيانغ لين منصب أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني لقرية شياتشوانغ ببلدة تشوشيان في محافظة ووشان ببلدية تشونغتشينغ ومنصب رئيس لجنة القرية. قاد أبناء شياتشوانغ لبناء طريق على الجرف منذ عام 1997، وأكملوا بناءه بعد سبع سنوات. ومنذ عام 2005، قاد أبناء القرية للتخلص من الفقر، ونجح في استكشاف نمط اقتصادي يتفق مع ظروف القرية على مدى ثلاث عشرة سنة. في سبتمبر عام 2019، تم اختياره ضمن "الأشخاص الطيبين في الصين"، وفي السابع عشر من فبراير عام 2021، حصل على لقب "الشخصية الأكثر تأثيرا في الصين لعام 2020"، قبل أن يتم تكريمه بلقب "النموذج الوطني لتخفيف من الفقر".

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4