مجتمع < الرئيسية

حظر الصيد في اليانغتسي لمدة عشر سنوات لحماية التنوع البيولوجي

: مشاركة
2020-12-03 12:41:00 الصين اليوم:Source تشو لين:Author

في الخامس عشر من يوليو عام 2020، قال يوي كانغ تشن، نائب وزير الزراعة والشؤون الريفية في مؤتمر صحفي: "اعتبارا من الأول من يناير من هذا العام، تنفذ 332 محمية للحياة المائية في حوض نهر اليانغتسي حظرا شاملا على الصيد كما هو مقرر. كما سيتم تطبيق حظر على الصيد لمدة عشر سنوات في المياه الرئيسية في نهر اليانغتسي اعتبارا من أول يناير من العام المقبل." وأضاف أن نحو مائة ألف صياد قد توقفوا عن صيد الأسماك مع نحو ثمانين ألف قارب صيد في المدن والمناطق المطلة على نهر اليانغتسي. وقد أتمت شانغهاي ومقاطعتا جيانغشي ويوننان وغيرها من المقاطعات والمدن منع الصيد أو أوقفت قوارب الصيد قبل الموعد المحدد. تهدف هذه الإجراءات إلى حماية واستعادة النظام البيئي لنهر اليانغتسي؛ النهر الأم.

حاجة ملحة لحماية اليانغتسي

قال بان ينغ جيه، نائب الرئيس التنفيذي لمركز الدراسات الإستراتيجية لحماية التنوع البيولوجي لنهر اليانغتسي والرئيس السابق لجامعة شانغهاي للبحار، إن هذا المشروع الهام يتعلق بنحو ثلاثمائة ألف صياد في إحدى عشرة مقاطعة أو مدينة. إنه أمر غير مسبوق في تاريخ إدارة الأنهار والبحار في العالم. إن هذه السياسة تعكس احترام الصين للطبيعة واهتمامها بحماية الموارد البحرية ورفاه الأجيال القادمة.

يعد نهر اليانغتسي النهر الأم للأمة الصينية وأحد الأنهار الأكثر تنوعا في الحيوانات البحرية في العالم. يتجه نهر اليانغتسي من مقاطعة تشينغهاي في شمال غربي الصين إلى مدينة شانغهاي في شرقي الصين بعد المرور بإحدى عشرة مقاطعة أو مدينة، ثم يصب في بحر الصين الشرقي في نهاية المطاف. يوجد في نهر اليانغتسي أكثر 4300 نوع من الكائنات المائية، منها أكثر من 430 نوعا من الأسماك وأكثر من 170 نوعا من الأسماك التي تعيش في نهر اليانغتسي فقط. في نفس الوقت، نهر اليانغتسي مهد أسماك المياه العذبة في الصين ويُعتبر قاعدة رئيسية لكثير من أنواع الأسماك الاقتصادية وبنك الجينات البيولوجية للمياه العذبة على مستوى العالم.

لكن البيئة البيولوجية في نهر اليانغتسي تدهورت بصورة مطردة في السنوات الماضية، نتيجة الأعمال البشرية مثل بناء السدود والتلوث المائي والصيد المفرط واستغلال الرمل والمحاجر، مما يؤثر على التنوع البيولوجي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية بشكل شديد. تواجه كثير من أنواع الأسماك النادرة مثل أسماك الحفش الصينية وحفش اليانغتسي، ودولفين اليانغتسي تحديات كبيرة. والأسوأ من ذلك، تنخفض أيضا أعداد الأسماك العادية في الصين مثل أسماك الرنجة وأسماك الشبوط العشبي وأسماك الكارب الفضي وأسماك الكارب الكبير الرأس بأكثر من 90% مقارنة مع ما كانت عليه في خمسينات القرن العشرين.

قال تانغ ون تشياو، مدير قسم دراسة الأسماك بجامعة شانغهاي للبحار، إن بعض الصيادين يستخدمون طرقا غير مناسبة وغير مستدامة، ويصيدون الأسماك الصغيرة والكبيرة في نفس الوقت بدون تمييز، مما يقلل أنواع الأسماك في نهر اليانغتسي. وقد أدى الصيد بهذه الطريقة إلى وجود دائرة مفرغة في نهر اليانغتسي: كلما زاد الصيد انخفض عدد الأسماك، واشتد تدهور البيئة، وفقر الصيادين.

في الحقيقة، بدأ تطبيق نظام حظر الصيد في المجارى الوسطى والدنيا لنهر اليانغتسي لمدة ثلاثة أشهر في فصل الربيع كل سنة منذ عام 2002 بصورة تجريبية، ونفذ هذا الحظر في مجاري نهر اليانغتسي بشكل رسمي بعد الحصول على الموافقة من مجلس الدولة الصيني في عام 2003، ثم تم تمديد فترة حظر الصيد إلى أربعة أشهر كل سنة ابتداء من عام 2017. برغم الدور الهام الذي يلعبه حظر الصيد لمدة بضعة شهور كل سنة في حماية الموارد البيولوجية المائية وحماية البيئة نهر اليانغتسي، لا يمكن تغيير اتجاه تدهور موارد الأسماك في نهر اليانغتسي من الأصل.

أشارت الإحصاءات المعنية إلى أن الحجم السنوي لصيد الأسماك في نهر اليانغتسي انخفض من 427 ألف طن في عام 1954 إلى أقل من مائة ألف طن حاليا، وهو يمثل 15ر0% من إجمالي المنتجات المائية للصين. يمكن القول إن معظم الأسماك التي يتناولها الصينيون هي أسماك تتم تربيتها اصطناعيا. لكن، يجب علينا أن نهتم بالمشكلة الناجمة عن التربية الاصطناعية مثل انحطاط التنوع الجيني للأسماك جيلا بعد جيل والحاجة الملحة إلى تحسين جودة جينات الأسماك من خلال إضافة الأسماك البرية. في هذا الإطار، يعتبر نهر اليانغتسي أفضل بنك موارد للأسماك البرية، ينبغي لنا أن نحميه بشكل جيد.

أكد يوي كانغ تشن أن فرض الحظر على صيد الأسماك في نهر اليانغتسي إجراء رئيسي لتغيير وضع بيئة نهر اليانغتسي ودفع حماية نهر اليانغتسي وأعمال التنمية الخضراء للحزام الاقتصادي لنهر اليانغتسي.

إجراءات متنوعة لفرض الحظر

فرض الحظر على صيد الأسماك في نهر اليانغتسي ليس أمرا سهلا، وإنما هو مشروع نظامي على المدى الطويل. يرى تانغ يي، عميد معهد الثقافة البحرية والشؤون القانونية بجامعة شانغهاي للبحار ونائب رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية لحماية التنوع البيولوجي لنهر اليانغتسي، أن ثمة أمرين عاجلين؛ الأول هو ضمان إكمال أعمال انسحاب نحو ثلاثمائة ألف صياد من الصيد بصورة سلسة، الثاني هو السيطرة الفعالة على الصيد غير القانوني في نهر اليانغتسي. وأضاف أن فرض الحظر على الصيد في نهر اليانغتسي بحاجة للتعاون بين مصلحة المصايد والأجهزة المعنية معا.

قال بان ينغ جيه إن السبب الأصلي لعدم النجاح في منع الصيد غير القانوني يرجع إلى احتياج السوق للموارد البرية النهرية في اليانغتسي. لكن ما يبعث على السرور هو أن الحكومة الصينية بدأت في اتخاذ إجراءات صارمة لمنع بيع الأسماك التي يتم صيدها بشكل غير قانوني في نهر اليانغتسي في السوق، مما يساعد على تعويض عجز المراقبة على الصيد غير القانوني.

يعد نهر تشيشوي موطنا هاما لكثير من الأسماك النادرة في المجارى العليا لنهر اليانغتسي. بدأ فرض الحظر على الصيد في هذا القطاع من النهر بشكل كامل منذ الأول من يناير عام 2017، فبات أول رافد رئيسي يتم فرض حظر الصيد فيه لمدة عشر سنوات في نهر اليانغتسي.

قال أحد موظفي مراقبة الصيد غير القانوني إنه بسبب المساحة الكبيرة للنهر وقلة عدد العاملين، لا يمكن القيام بالمراقبة بصورة كاملة. فضلا عن ذلك، ولأن مدة الحظر تمتد شهورا قليلة فقط كل سنة، لا يمكن ضمان الحماية الكافية للأسماك الصغيرة. لذا، فرض الحظر على صيد الأسماك بصورة كاملة وشاملة خطوة هامة لإعادة الحيوية للموارد المائية بشكل تدريجي من حيث العدد والأنواع.

علينا أيضا ألا نتجاهل القدرة المحدودة لأجهزة شؤون المصايد على تنفيذ القانون في مجاري نهر اليانغتسي بسبب قلة عدد العاملين، وتخلف الآلات وعدم وجود المعدات المناسبة. يعمل مكتب إدارة ومراقبة شؤون المصايد في مجاري نهر اليانغتسي على حث الحكومات على المستويات المختلفة لتعزيز قدرة المراقبة على الصيد غير القانوني وتقديم التقنيات والآلات المتقدمة من أجل تحقيق المراقبة بالتعاون مع الأجهزة المختلفة وتنفيذ القانون وفرض العقوبات على الصيد غير القانوني، خاصة في بعض المناطق الرئيسية والفترات الهامة. وفقا للإحصاءات المعنية، قامت أجهزة إدارة ومراقبة شؤون المصايد على المستويات المختلفة بتنفيذ القانون بصورة مشتركة حوالي ثلاثين ألف مرة في عام 2019 وفرضت العقوبات على 5665 شخص/ مرة بسبب الصيد غير القانوني.

بالإضافة إلى ذلك، تم تقديم مشروع ((قانون جمهورية الصين الشعبية لحماية نهر اليانغتسي)) إلى اللجنة الدائمة للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني للنظر فيه لأول مرة. تنص المادة الرابعة والثلاثون على إجراء إدارة الصيد بصرامة في المناطق الهامة بمجاري نهر اليانغتسي؛ وفرض الحظر الشامل على الصيد الإنتاجي للأسماك في محميات الحيوانات المائية بمجاري نهر اليانغتسي؛ والحظر الكامل على الصيد الإنتاجي للأسماك في المناطق الهامة بالروافد والفروع الرئيسية لنهر اليانغتسي لمدة عشر سنوات ابتداء من تاريخ نفاذ هذا القانون، على أن تتولى الأجهزة المعنية بمجلس الدولة الصيني وضع اللوائح حول التفاصيل المعنية ونطاق وحدود المناطق المائية الهامة. نص مشروع القانون على فرض عقوبات مالية تتراوح بين خمسين ألفا وخمسمائة ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7ر6 يوانات حاليا) على الصيد غير القانوني حسب درجة الضرر؛ وعلى أن يتحمل من يقوم بالصيد غير القانوني تكاليف إصلاح النظام الإيكولوجي بشكل كامل في حالة وجود أضرار بيئية؛ وأن يتحمل المسؤولية الجنائية في حالة التسبب في جريمة.

حياة جديدة للصيادين

يساعد فرض الحظر على صيد الأسماك في مجاري نهر اليانغتسي على حل مشكلات تدهور الموارد المائية، وانخفاض تنوع الحيوانات ومعالجة تنافس الصيد غير المستدام بين الصيادين بل وتغيير الوضع السيء المزمن لهم، والمتمثل في أنهم "لا يجدون السمك في مياه النهر، ولا الأرض للزراعة".

نظرا لمستوى التعليم المحدود والتقدم في السن وقدرة والمهارات المتخصصة غير الجيدة لمعظم الصيادين المقيمين على امتداد نهر اليانغتسي، وبعضهم لا يمتلكون مهارات أخرى سوى صيد الأسماك، فيواجهون تحديات كبيرة بعد الانتهاء من الصيد. قال سونغ شين، نائب رئيس قسم تعزيز فرص العمل بوزارة الموارد البشرية والضمان الاجتماعي الصينية، إن الوزارة تتخذ إجراءات مُستهدِفة وفقا لأحوال الصيادين لحل صعوباتهم في الحياة.

تقوم الأجهزة المعنية على مستوى المحافظة والناحية بتسجيل وفحص الصيادين الذين يحملون تصريح صيد الأسماك لمعرفة أرقام التصريح ومنطقة الصيد وأوضاع العائلة ورغبة التوظيف بصورة تفصيلية. ثم تقوم بإعلان النتائج المعنية.

قال يوي كانغ تشن، إن الحكومات المعنية عملت على تخصيص أموال الدعم وتقديم الضمان الاجتماعي وتوفير الدعم المعني وتقييم الأعمال، وفقا للأحوال المسجلة لهؤلاء الصيادين منذ أول أغسطس عام 2020.

في منطقة نهر تشيشوي، توجد مجموعة من الصيادين الذين لا يحملون تصاريح العمل. من أجل حل مشكلاتهم بعد فرض الحظر على صيد الأسماك، تقوم الأجهزة المعنية المحلية بالدراسة والمناقشة للإطلاع على أحوالهم ورغباتهم. بعد التعديلات والتحسينات لأكثر من ثلاثين مرة، قدمت حكومة تشيشوي خطة عمل، تقضي بأن تقدم الحكومة مبلغا معينا كدعم كل سنة لكل عائلة تعيش على صيد الأسماك، ويتم إدراج الصيادين الذين يواجهون صعوبات كبيرة في الحياة ضمن نظام الضمان للحد الأدنى للمعيشة، وتوفر الحكومة مساكن محدودة التكلفة للصيادين الذين ليس لديهم مساكن، وتقدم أموال الدعم والقروض بفوائد مخفضة لبعض الصيادين الذين يقومون بريادة الأعمال بأنفسهم.

بعد الحصول على أموال التعويض وأموال الدعم، بدأ الصيادون حياتهم الجديدة. اشترى بعضهم شققا جديدة في مدينة تشيشوي وانتقلوا إلى المدينة ويعملون في قطاع المطاعم، وأنشأ البعض الآخر مزارع أسماك ويعملون في تربية أسماك المياه العذبة.

أشارت الإحصاءات من مجلس الزراعة التابع لحكومة شانغهاي، إلى أن 1262 صيادا مع 192 قارب صيد توقفوا عن الصيد بحلول أغسطس عام 2019، وقد تم فرض الحظر على صيد الأسماك في منطقة المياه لنهر اليانغتسي في شانغهاي طول السنة بشكل كامل. في عام 2005، أُدرج الصيادون في جزيرة تشونغمينغ بشانغهاي ضمن نظام الضمان الاجتماعي. فضلا عن ذلك، تقدم الشركات المحلية تدريبات تأهيل مهني للصيادين وتوفر فرص العمل لهم أيضا.

يقدم الصيادون مساهمات كبيرة في حماية نهر اليانغتسي ودفع التنمية الخضراء للحزام الاقتصادي لهذا النهر. لذا، توفير حياة أفضل لهم بعد تغير مهنتهم من الصيد إلى الفلاحة أو العمل في المدينة جزء هام لتقييم نتائج  فرض الحظر على الصيد في مجاري نهر اليانغتسي.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4