مجتمع < الرئيسية

غد أفضل للفتيات

: مشاركة
2020-08-18 14:51:00 الصين اليوم:Source وانغ بنغ ووانغ رو ياو:Author

 تدرك  وانغ فو مي، البالغة من العمر ثلاثة وثلاثين عاما مدى قوة التعليم من خلال تجربتها الشخصية. لم تتوقع هذه السيدة القروية، التي تنحدر من عائلة فقيرة في منطقة ريفية نائية في مقاطعة سيتشوان، أنها ستقود جدول الأعمال لضمان حصول الفتيات الريفيات على التعليم الإلزامي لمدة تسع سنوات كنائبة لرئيس بلدة دالا في جنوبي غرب الصين.

قبل ثمانية عشر عاما، كانت وانغ واحدة من الفتيات الفقيرات اللاتي يحتجن إلى المساعدة؛ وقد أشعل برنامج "براعم الربيع"- أحد برامج دعم التعليم- أمل الفتاة البالغة من العمر 15 عاما آنذاك والتي تركت المدرسة منذ ثلاث سنوات. بفضل الدعم، واصلت وانغ تعليمها وحصلت على دبلوم وحققت طموحها بالوصول إلى مكانتها الآن.

وانغ فو مي واحدة من آلاف الفتيات الريفيات الفقيرات، اللاتي تغير مصيرهن من خلال برنامج "براعم الربيع" الذي أطلقه صندوق الصين للطفل والنشء في عام 1989، بهدف مساعدة الفتيات الفقيرات اللاتي تسربن من المدرسة.

حتى الآن، حصل أكثر من ثلاثة ملايين وستمائة وتسعين ألف فتاة على دعم من هذا البرنامج التعليمي، مما يجعله البرنامج الأكثر رعاية والأطول تمويلا للفتيات منذ تأسيس جمهورية الصين الشعبية في عام 1949.

إعداد فتيات المستقبل

قبل نحو ثلاثين عاما، اضطر العديد من الأطفال في المناطق الفقيرة عبر الصين إلى ترك المدرسة بسبب الظروف المالية الصعبة. كان حوالي ثلثي هؤلاء الأطفال من الفتيات. لقد تغيرت حياتهن بفضل برنامج "براعم الربيع".

تنحدر لان تشي لين، من قومية ياو- إحدى الأقليات القومية في الصين- من محافظة رونغشوي الذاتية الحكم لهذه القومية بمنطقة قوانغشي الذاتية الحكم لقومية تشوانغ بجنوبي غرب الصين. قبل عام 1989، لم تذهب أي فتاة من قومية ياو إلى المدرسة ولم تتلق أي تعليم. وقد استفادت لان تشي لين من برنامج "براعم الربيع"، وأصبحت واحدة من أولى الفتيات المحليات التي تنال فرصة التعليم. وقد أكملت دراستها في مدرسة التمريض في ناننينغ، حاضرة المنطقة الذاتية الحكم.

وبفضل اعتقادها وإيمانها الراسخ بقدرتها على القيام بكل ما يمكن أن يفعله أقرانها الذكور، تمكنت لان تشي لين من مواصلة الدراسة والتفوق وأصبحت طبيبة في تخصص أمراض النساء والولادة تخدم مجتمعها. كانت لان أيضا أول طبيبة في تاريخ مجتمع قوميتها. واستلهاما من إنجازاتها، بدأت نساء القرى من قريناتها في الاستفادة من المرافق الطبية الحديثة والذهاب إلى المستشفى للولادة والخضوع لعلاجات طبية أخرى، متجاهلات حاجز اللغة. قالت لان تشي لين إن النساء واصلن متابعة دراستهن ولديهن الآن الشجاعة لكسر القواعد القديمة الراسخة التي يمليها المجتمع والتي تؤثر على النساء. إن الالتحاق بالمدرسة يحول مصير الفتاة، ويشكل شخصيتها المستقلة، بل ويساعد أبناء القومية على التحول من حالة الانغلاق إلى حالة الانفتاح.

لمواكبة الاتجاهات الحديثة، يتطور برنامج "براعم الربيع" باستمرار، وتوسعت الفئة المستفيدة من البرنامج. منذ عام 2001، حول البرنامج تركيزه إلى دعم الفتيات الفقيرات في المدارس الثانوية والجامعات، وشدد على ضرورة إعطاء الأولوية للطالبات المتفوقات أخلاقيا ودراسيا لتشجيعهن على الاعتماد على الذات والسعي لتنمية مواهبهن.

على مدى الثلاثين عاما الماضية، عزز برنامج "براعم الربيع" بلا كلل، فعالية دفع الرفاه العام، وحافظ على حيويته ووسع مجال التنمية، مما يضيء الطريق للمضي قدما بمساعدة ودعم المزيد من الفتيات.

حشد القوة الاجتماعية

لقد جمع برنامج "براعم الربيع" منذ إنشائه مليارين ومائة وعشرين مليون يوان (299 مليون دولار أمريكي) من التبرعات من الشركات وأكثر من 27 مليون شخص من جميع مناحي الحياة. وقد أسهم هذا في بناء ألف وثمانمائة وإحدى عشرة مدرسة تابعة لبرنامج "براعم الربيع".

تبرعت مجموعة الصين للكيماويات (صينوبك) للبرنامج بواحد وخمسين مليونا وسبعمائة وأربعين ألف مليون يوان منذ عام 2004، وقدمت الدعم المالي لثلاثة وعشرين ألفا وستمائة وثمان وسبعين فتاة. فيما تبرعت مجموعة هنغداجيتوان (إيفرغراند) بثمانين مليون يوان (3ر11 مليون دولار أمريكي) لصندوق الصين للطفل والنشء لدعم البرامج الخيرية المختلفة بما في ذلك برنامج "براعم الربيع". وأيضا تبرعت مجموعة شاندونغ ريتشاو للحديد والصلب القابضة المحدودة بمائة وثلاثين مليون يوان (4ر18 مليون دولار أمريكي) لإعادة توطين وتربية وتعليم 672 طفلا من الأيتام الذين فقدوا أهلهم بسبب زلزال ونتشوان عام 2008.

يغير برنامج "براعم الربيع" مصائر العديد من الفتيات، وفي نفس الوقت يعطي أبناء المناطق الفقيرة فهما جديدا للتعليم، حيث أصبحوا يرغبون في إرسال الفتيات إلى المدرسة، بعد أن كانوا يفعلون ذلك اضطرارا.

في بعض مناطق الأقليات القومية التي كانت فقيرة، غير هذا البرنامج أساليب الإنتاج الشعبية وأنماط الحياة والبيئة المعيشية، حيث بدأ الناس يطورون أساليب الإنتاج الزراعي المتخلفة، ويبتكرون أساليب جديدة للإنتاج، ويرتحلون إلى أماكن أخرى للبحث عن فرص العمل؛ وبالتالي التخلص من الفقر، ونفض غباره عن كواهلهم.

بروز تألق الإناث

ولدت لي يونغ هوا في محافظة مينخة الذاتية الحكم لقوميتي هوي وتو، بمقاطعة تشينغهاي في شمال غربي الصين. في سنوات دراستها الابتدائية، تسربت العديد من فتيات القرية من المدرسة قبل دخول الصفوف العليا. كانت لي دائما شغوفة بالدراسة، لكنها عانت من قيود الأسرة الفقيرة. لحسن الحظ، ساعدها برنامج "براعم الربيع" في تحقيق رغبتها، وكانت مجتهدة وممتازة في الدراسة حتى التحقت بكلية الحقوق في جامعة بكين قبل أن تواصل دراستها في تركيا لاحقا.

ومع ذلك، فإن قصة الفتاة الفقيرة لي  يونغ هوا ليست عادية، ولا تستطيع أغلبية الفتيات الفقيرات أن يفعلن مثلها. ويسعدنا  أن نجد أن الفتاة لي  يونغ هوا ظلت  تقدم مساعدة للأطفال الآخرين الذين يأتون من نفس الخلفية. في تركيا، عملت كمتطوعة وشاركت بعمق في عمليات التبادل الثقافي والتعليم لأكثر من أربعين يتيما سوريا لاجئا في دار للأيتام في جنوبي شرق تركيا، وشجعتهم على الدراسة الجادة والتغلب على ظروفهم.

بعد عودتها إلى الصين، اختارت لي يونغ هوا العمل كمدرسة للغة التركية في إحدى الكليات، وشاركت في بحث حول مبادرة "الحزام والطريق"، وهو أمر تهتم به بشدة. بفضل الدعم المالي البسيط، تمكنت لي يونغ هوا، التي كانت فتاة ريفية كادت تتسرب من المدرسة من الخروج من القرية الجبلية، وتوسيع آفاقها وممارسة مهنة تنطوي على التبادل بين الصين والدول الأجنبية.

وكما يوحي الاسم، شهد برنامج "براعم الربيع" في الثلاثين عاما الماضية العديد من براعم الربيع، مثل لي يونغ هوا، تتفتح وتزهو في مختلف مناحي الحياة. هؤلاء الإناث يفسرن روح "براعم الربيع" بأفعالهن، وهي روح التحسين الذاتي المتواصل، والتقدم نحو الخير، والسعي وراء الجمال، ويظهرن روعة الأسلوب الأنثوي في جميع مناحي الحياة.

من بين هؤلاء الإناث، هناك قائدات رائدات لديهن إنجازات بارزة في الحياة الأكاديمية والمهنية، بالإضافة إلى الشخصيات العادية في الوظائف العادية. لقد كرست الإناث، كزوجات وأمهات، جهودهن ومساهماتهن ليصبحن أفضل ما يمكن أن يكنّ فيه.

في سبتمبر عام 2019، أطلق صندوق الصين للطفل والنشء مبادرة "براعم الربيع- حلم المستقبل"، وهي النسخة المطورة من برنامج "براعم الربيع". هذه المبادرة الجديدة مخصصة لمساعدة المزيد من الطلاب على تحقيق أحلامهم من خلال أنشطة الممارسة الاجتماعية والدعم المالي، وحماية صحة ونمو الفتيات الصغيرات، والاستفادة من منصة الإنترنت لإشراك المزيد من الأشخاص في المشروع.

وفقا للجهة الراعية، لن يوقف برنامج "براعم الربيع" خطواته، ولكنه سيستمر في كتابة قصص تحويل حياة الشباب وخلق معجزات جديدة في هذه العملية.

--

وانغ بنغ، مراسل في وكالة شينخوا للأنباء.

وانغ رو ياو، موظف في صندوق الصين للطفل والنشء.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4