مجتمع < الرئيسية

"تشانغ فيّْ" يزيح الفقر بمقاطع الفيديو

: مشاركة
2020-07-02 16:34:00 الصين اليوم:Source ما لي:Author

يعمل السيد تشانغ فيّْ، البالغ من العمر أربعة وثلاثين عاما، كمسؤول خاص عن تخفيف حدة الفقر في قرية قانجياقو التابعة لولاية آبا الذاتية الحكم لقوميتي التبت وتشيانغ بمقاطعة سيتشوان. في يوليو عام 2019، نشر تشانغ فيّْ مقطع فيديو قصيرا له وهو يتناول طعام العشاء مع أفراد عائلته في فناء داره الذي ذاعت شهرته بعد نشر الفيديو، فحوله السيد تانغ إلى مطعم باسم "وانغيو يونتينغ". حقق هذا المقطع عشرات الملايين من المشاهدات، فأضحى الرجل من المشاهير على شبكة الإنترنت.

قال تشانغ فيّْ: "تناولت أنا وأفراد عائلتي وجبة العشاء في فناء داري، وقد سجّلتُ هذه اللحظات الجميلة. شكلت تلك الوجبة الساخنة الشهية والجبال العالية والحقول الزراعية المدرجة الجميلة في مقطع الفيديو منظرا جميلا لجذب انتباه المشاهدين." هذا الموقف جعل تشانغ فيّْ يدرك أن شبكة الإنترنت يمكن ان تساعد في تحقيق نهضة قرية قانجياقو، من خلال مقاطع الفيديو القصيرة التي لا يزيد طول الواحد منها على عشر ثوان.

منذ نشر أول مقطع فيديو قصير في نوفمبر عام 2016، لاحظ تشانغ فيّْ أن نشر مقاطع الفيديو القصيرة والقيام بالبث المباشر أسلوبان مفيدان لمساعدة المحليين على زيادة الدخل. قال: "في نهاية عام 2018، ساعدتُ القرويين في الحصول على أكثر من ثلاثمائة ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي ٧ يوانات حاليا) من بيع منتجات اللحوم؛ وفي صيف عام 2019، ساعدتهم في الحصول على أكثر من ثلاثمائة ألف يوان من بيع فطر الصنوبر." يعتقد تشانغ فيّْ أن اقتصاد الإنترنت يوفر للقرويين في الجبال فرصا أكثر لكسب الأموال، ويفتح عقولهم وقلوبهم. قال: "من المهم أن نحث المحليين على تحسين أنفسهم من ناحية تفكيرهم وسلوكهم وأعمالهم."

حتى نهاية عام 2018، تخلص من الفقر مائة وتسعة فقراء من ست وعشرين أسرة فقيرة بقرية قانجياقو، بفضل جهود الحكومة المحلية والفريق الخاص لمساعدة الفقراء. الآن، أصبح توطيد منجزات القضاء على الفقر وتحقيق نهضة القرية عملا رئيسيا يوميا للسيد تشانغ فيّْ، الذي قال: "خلال زيارته لمقاطعة شنشي، قال الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ إن التخلص من الفقر هو نقطة البداية لحياة جديدة. وعلينا القيام بأعمال كثيرة بعد ذلك."

يعمل السيد تشانغ على ربط السياحة الجبلية بالصناعات المحلية، لدمج الثقافة المحلية مع صناعة السياحة. قال: "علينا حث المحليين على المشاركة في تنمية الصناعات المحلية في ظل الظروف القائمة، مما يجعل الاقتصاد مستداما ويعزز تطوير الصناعات المحلية والسياحة."

في قانجياقو لأول مرة

وُلد تشانغ فيّْ في مقاطعة آنهوي، وبعد تقاعده من الجيش في سيتشوان، عمل في مكتب الثقافة والسياحة لمحافظة شياوجين في عام 2010، وفي عام 2016 تم اعتماده المسؤول الخاص عن تخفيف حدة الفقر في قرية قانجياقو.

تقع قرية قانجياقو في أعماق الجبال، ويبلغ متوسط ارتفاعها عن سطح البحر 3300 متر، ويعاني أهلها من الفقر المدقع بسبب الطبيعة القاسية وظروف النقل الصعبة. قال تشانغ فيّْ: "المستوى التعليمي لأبناء القرية بشكل عام منخفض، فالشباب في مثل عمري هنا معظمهم لم يحصل على الشهادة الابتدائية، ويصعب عليهم تقبل الأشاء الجديدة بسبب البيئة المنغلقة والمتخلفة." وأوضح تشانغ أن هؤلاء الشباب لا يستطيعون العمل في المدن الكبيرة بسبب مستوى تعليمهم المحدود، فيمارسون أعمالا مؤقتة بالقرب من محافظتهم لكسب القليل من الأموال. أما المسنّون فيقومون بالزراعة ورعي الماشية في القرية لكسب قوتهم.

بعد زيارة القرية وبحث ظروفها بشكل عميق، وجد تشانغ فيّْ أن السبيل الوحيد للتخلص من الفقر هو بيع المنتجات الزراعية، لكن من المستحيل أن ينقل القرويون منتجاتهم خارج الجبال بسبب ضعف وسائل النقل ونقص الخدمات اللوجستية. قال: "من الصعب الحصول على تصديق المنتجات الزراعية الخالية من التلوث من جهة، ومن جهة أخرى تؤدي تكاليف النقل المرتفعة إلى تقليل الأرباح لكي تصل تلك المنتجات إلى المستهلكين."

تقع قرية قانجياقو في الجبال على بُعد عشرة كيلومترات من مركز محافظة شياوجين، حيث لم تظهر التجارة الإلكترونية إلا منذ عام ٢٠١٦. أما مدينة تشنغدو، حاضرة مقاطعة سيتشوان، فتقع على بُعد خمسمائة كيلومتر من مركز محافظة شياوجين، وتقوم شركات التوصيل بنقل الطرود بينهما مرة واحدة فقط كل يومين. شعر تشانغ فيّْ لأول مرة بإرهاق وحيرة أمام المصاعب. قال: "كان سعر العبوة بوزن ٥ر٢ كيلوغرام من منتجات اللحوم المحلية الصنع ثلاثمائة يوان، لكن تكلفة وصولها إلى تشنغدو مائة يوان، تكلفة الشحن العالية تجعل المنتجات غير رائجة ولا تجذب الزبائن."

بينما كان تشانغ فيّْ يفكر بقلق في كيفية تسويق المنتجات الزراعية المحلية، اقترح عليه أخوه تجريب البث المباشر من أجل التسويق. منذ نوفمبر من عام ٢٠١٦، بدأ تشانغ فيّْ تجربة "البث المباشر+ تسويق المنتجات"، التي كان له قصب السبق فيها في قريته.

قال تشانغ فيّْ: "أقوم بالبث المباشر لعرض المناظر الجميلة في الجبال وحياة المحليين اليومية وأعمالي حول مساعدة الفقراء لجذب المشاهدين سعيا لتسويق منتجاتهم الزراعية." ما لم يتوقعه هو أن عمله هذا غيّر حياة القرويين بأكملها.

البث المباشر يخلق حياة سعيدة

بعد التشاور مع الجهات المعنية بإدارة القرية، في عام 2017، قرر تشانغ فيّْ قيادة القرويين لتربية الدجاج الطليق في المرعى وزيادة الإيرادات عبر البث المباشر على الإنترنت. قال: "يرى المشاهدون حياة الفقراء عبر البث المباشر، فيتبرعون بالأموال أو بعض المستلزمات عبر خدمة دفع الأموال على التطبيق. لذا، أعتقد أن البث المباشر ربما يكون طريقا مفيدا لتحسين حياة الفقراء."

بنى تشانغ فيّْ حظائر للدجاج، ونما الدجاج بشكل جيد، لكنه لم يشعر بالسعادة. عن حياته الصعبة والقلقة آنذاك قال: "في عام ٢٠١٧، انتشرت إنفلونزا الطيور في الصين. على الرغم من أننا قمنا بالحجر الصحي الصارم للدجاج، كان عدد قليل من المستهلكين يثقون بكلامنا، فبقي لدينا ألفا دجاجة لم يتم بيعها، فارتاب المحليون في جدوى تسويق المنتجات عبر البث المباشر."

يقال إن المحنة لا تخلو من منحة. تحسن حال تشانغ فيّْ بعد ذلك. ذات يوم، نشر تشانغ فيّْ مقطع فيديو قصيرا حول قروي  يرعى المواشي، اسمه سان وا. لم يتوقع تشانغ فيّْ أن هذا الفيديو سيصبح الموضوع الأكثر انتشارا ومشاركة على شبكة الإنترنت. بسبب الانتشار الواسع لهذا الفيديو، زاد عدد المتابعين لتشانغ فيّْ على الإنترنت من بضع مئات إلى أكثر من عشرين ألف متابع. فقام تشانغ فيّْ بالبث المباشر في الوقت المناسب لتسويق الدجاج الكاسد وتم بيعه كاملا، ما عزز ثقة تشانغ فيّْ في تسويق المنتجات عبر البث المباشر.

في عام ٢٠١٨، جذبت محافظة شياوجين شركات الخدمات اللوجستية لتقديم الخدمات اللوجستية للقرية بموجب سياسة تخفيف حدة الفقر، وبعد تحسين سرعة الأعمال اللوجستية، صار بإمكان الفقراء ترويج منتجاتهم الزراعية في سوق أوسع بالصين. قال تشانغ في: "نجحت قرية قانجياقو في تسويق منتجات اللحوم في غضون شهر واحد بعد تحسين الأعمال اللوجستية."

في نهاية عام ٢٠١٨، أخذ تشانغ فيّْ زوجته التي كانت تدير مطعما للمشويات في حاضرة محافظة شياوجين، إلى قرية ماتسو الواقعة قبالة قرية قانجياقو، حتى يمكنه أن يركز جهوده في القضاء على الفقر. ومنذ ذلك، استقر الزوجان في الجبال. قال تشانغ في: "تعيش أمي مع ابنتيّ في منزل مستأجر بمحافظة شياوجين، لأنهما تدرسان هناك وتأتيان مع أمي إلى منزلي في الجبال لقضاء عطلة نهاية الأسبوع معنا."

بعد  أن ذاعت شهرته، يحظي مقطع الفيديو للسيد تشانغ، والذي يظهر فيه وهو يتناول الطعام مع أسرته، مئات الآلاف بل الملايين من المشاهدات كل يوم. بعد ذلك، وجد القرويون أن قدرة البث المباشر على بيع المنتجات تفوق توقعاتهم. فقام جيران تشانغ فيّْ بالبث المباشر تحت قيادته وإرشاداته. في عطلة نهاية الأسبوع، يمكن للجيران طبخ الوجبات لاستقبال السياح الذين يأتون إلى الجبال.

 سان وا، القروي الذي سجل تشانغ فيّْ مقطع فيديو قصيرا عنه، عمره ٢٦ سنة. يعاني هو وأمه وأخته من مستويات مختلفة من الإعاقة الذهنية. يرعى سان وا المواشي لكسب قوت عائلته المسجلة ضمن الأسر الفقيرة في قرية قانجياقو. قال تشانغ فيّْ إن الكثير من مستخدمي الإنترنت يعتنون بسان وا بعد أن أصبح مشهورا بفضل الفيديو القصير الذي نشرته عن حالته.

عندما علم أحد المشاهدين أن سان وا يريد جهاز تشغيل صوتي (MP3) للاستماع إلى الأغاني، اشترى هاتفا ذكيا له. قال تشانغ في: "بسبب الحياة المغلقة على مدار السنة، لم يكن سان وا يحب التحدث مع الآخرين. بعد الأخذ بنصيحة المشاهد، ذهبتُ مع سان وا إلى حاضرة المحافظة لتذوق الطعام اللذيذ والتمتع بالمناظر الجميلة للمدينة الكبيرة، كما علمته كيفية شراء البضائع والدفع بالهاتف النقال، مما جعله يتمتع بالحياة السعيدة من مختلف الزوايا." وأضاف: "الآن، أصبح سان وا فرحا ونشيطا، يمكنه استخدام الهاتف لتصوير مقاطع الفيديو والتبادل مع المشاهدين."

حاليا، المنتجات الزراعية والمصنعة في القرية، مثل الفطر اليرقي وفطر الغوشنة في فصل الربيع، وفطر الصنوبر والكرز في الصيف، والتفاح والكمثرى في الخريف، ومنتجات اللحوم في الشتاء، تباع في أنحاء الصين عبر قناة البث المباشر لتشانغ فيّْ، وتتحسن حياة القرويين. يرى تشانغ فيّْ، بصفته المسؤول الخاص عن تخفيف حدة الفقر في قرية قانجياقو، أنه  ساعد القرية في تخفيف حدة الفقر فقط من خلال حل مشكلة الخدمات اللوجستية، وذلك لا يكفي أبدا، وينبغي له بذل جهود أكثر في المستقبل، من أجل تحقيق نهضة القرية.

مطعم مشهور على الإنترنت يعزز نهضة القرية

مطعم وانغيو يونتينغ، وهو المكان الذي تناول فيه تشانغ فيّْ وجبة العشاء مع أسرته في مقطع الفيديو، صار مكانا مشهورا على الإنترنت الآن. قال تشانغ فيّْ: "حجز ما يزيد عن خمسين زبونا 'مطعم وانغيو يونتينغ' في عطلة عيد العمال للتمتع بتناول الطعام وسط المناظر الطبيعية الجميلة."

يواجه تشانغ فيّْ مشكلات جديدة بعد أن صار أسلوب حياته والقرويين يجذب انتباه مستخدمي الإنترنت. قال تشانغ فيّْ: "انتقل معظم سكان القرية إلى سفوح الجبال بسبب الزلزال في عام 2008. في الوقت الحاضر، لا توجد سوى ثلاث عائلات من القرية فقط تسكن فوق الجبال، بما فيها عائلتي، ويعمل أفراد إحداها خارج القرية على مدار السنة. عائلتنا وحدها هي التي تستطيع استقبال السياح. حاليا، يسعى تشانغ فيّْ مع الحكومة المحلية لاستكشاف طريقة فعالة لتوفير المطاعم والمساكن الكافية للمزيد من الزوار.

يعتقد تشانغ فيّْ أن الإنترنت يلعب دورا كبيرا لجذب الزوار لزيارة قرية ماتسو التي استقر فيها مع زوجته. ولكن لا يمكن للقرية الآن إلا تقديم الخدمات الأساسية فقط للزبائن والسياح. إذا يريد السياح التمتع بخدمات ومناظر أفضل، فإن الحكومة المحلية بحاجة إلى أموال أكثر لتجديد المرافق. وقال تشانغ فيّْ: "يقترح العديد من مستخدمي الإنترنت أن تقوم الحكومة المحلية بإعادة بناء المنازل المهجورة وتزيينها من أجل توفير المنازل التي يمكن للزوار رؤية النجوم من سقوفها ولتصبح منتجع عطلات، كما يمكن  بناء مصنع للنبيذ للربط بين السياحة في الجبال وصناعة النبيذ في سفوح الجبال. وهذا هدفنا لتحقيق نهضة القرية في المستقبل أيضا." سيتقاعد تشانغ فيّْ المسؤول الخاص عن تخفيف حدة الفقر في قرية قانجياقو في نهاية العام، لكنه لم يفكر في مغادرة القرية. قال: "أشعر بالانتماء إلى هذه القرية، سوف أواصل العمل فيها لبذل جهودي في تحقيق نهضة القرية."

كما عبر تشانغ فيّْ عن ثقته في اقتصاد الإنترنت، بعد أن حقق منجزاته في السنوات الماضية، وأكد أن الإنترنت يحسن حياة الفقراء في القرية إلى حد كبير، في نفس الوقت، يقدم الرؤية والأفكار المنفتحة للمحليين. قال: "أنا سعيد بتلك التغيرات الجيدة خلال القيام بأعمال تخفيف حدة الفقر."

بعد أكثر من ثلاث سنوات من الجهود الدؤوبة، يصل عدد متابعي قناة تشانغ فيّْ على الإنترنت إلى ما يزيد عن ثمانمائة ألف شخص. قال تشانغ فيّْ: "خلال زيارته لمقاطعة شنشي، قال الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ إن أسلوب العمل التجاري 'البث المباشر+ تسويق البضائع' لديه إمكانيات كبيرة، لا يساعد التجار على تسويق المنتجات الذراعية وحث الفقراء على التخلص من الفقر فحسب، وإنما أيضا يعزز نهضة الريف. قوله ذلك قد شجعني كثيرا وحفزني لبذل الجهود لمساعدة الفقراء في القرية."

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4