مجتمع < الرئيسية

أول قرية محررة في التبت على طريق الحياة الرغيدة

: مشاركة
2020-05-16 14:55:00 الصين اليوم:Source داي لينغ:Author

في أكتوبر عام 1950، انطلقت معركة تحرير تشامدو على ضفة نهر جينشا ورفع لأول مرة العلم الأحمر ذي النجوم الخمس في قرية قانغتوه بالتبت، مما رمز إلى دخول جيش التحرير الشعبي الصيني إلى منطقة التبت وفتح صفحة جديدة لتحرير تشامدو. بعد تسعة وستين عاما، تحولت قرية قانغتوه من أول قرية تبتية محررة إلى قرية ثقافة إيكولوجية نموذجية على مستوى الدولة، واليوم تعمل على بناء منطقة سياحية وترفيهية بدرجة A4 في الصين. يواصل أبناء قرية قانغتوه كفاحهم لتحقيق نهضة قريتهم بكل اجتهاد.

انطلاقا من مدينة تشامدو بالتبت، وبعد اجتياز جبل تسونغلايي وجبل شيويهجيلا ونفق جبل آيلا  بالسيارة في رحلة استغرقت ست ساعات، وصلنا إلى قرية قانغتوه في محافظة جيانغدا على ضفة نهر جينشا. وقد شعرنا بخصائص القرية ومزايا أهلها وقوتهم وإمكانياتهم الضخمة، منذ لحظة وصولنا إلى هناك.

مزايا قرية قانغتوه

عند دخولنا إلى قرية قانغتوه، جذبت أنظارنا البيوت التبتية التقليدية التي تتكون من طابقين. يُبنى الطابق الأرضي بالأحجار أو بالطوب اللبن، والطابق الثاني بالخشب الأحمر. صارت هذه البيوت التبتية الجميلة منظرا رائعا في القرية.

قال تسوانغ بينغتسوه، الذي تجاوز عمره واحدا وثمانين عاما، إن هذا الأسلوب من البيوت يسمى بالتبتية "بنغوانغ"، أي "بنغكونغ في الهندسة المعمارية" وهو نمط من البناء ذو خصائص قومية التبت وتضاريس الهضبة ويتميز بالهيكل الخشبي. منذ طفولته، يرى تسوانغ بينغتسوه كل البيوت المجاورة المشيدة بهذا النمط والهيكل.

سرنا معا في دروب القرية، ورأينا الثمار على أشجار التفاح والخوخ فضلا عن زهور الشلجم الحقلي ذات اللون الذهبي وزهور البطاطس باللونين الأحمر والأبيض وزهور الطيون اليوناني باللون الأصفر وشعير الهضاب على وشك النضج باللونين الأخضر والأصفر، كلها تحيط بالبيوت التبتية، ما يشكل منظرا رائعا فريدا.

قال تسوانغ بينغتسوه إن كثيرا من السياح يرون منظر قريته الجميلة من بعيد على الطريق السريع الوطني رقم 317، ثم يدخلون إلى القرية للاستكشاف والتمتع. وأضاف، أنه يفتخر بموقع بيته الخاص، حيث يمكنه رؤية الصخرة المنقوش عليها رمزا الكتابة الصينيان "شي تسانغ" أي التبت، من شرفة الطابق الثاني في بيته.

في أكتوبر عام 1950، بعد انتصار جيش التحرير الشعبي في معركة تشامدو وعبوره نهر جينشا، نحت الجنود هذين الرمزين الصينيين على تلك الصخرة بضفة النهر ورفعوا العلم الأحمر ذي النجوم الخمس  لأول مرة في قرية قانغتوه، الأمر الذي جعلها أول قرية تبتية محررة.

يرجع تاريخ منزل تسوانغ بينغتسوه إلى أكثر من ثلاثة عقود. بعد توسيع البناء والترميم في هذه السنوات، أصبح منزله واحدا من المنازل القليلة المكونة من ثلاثة طوابق في القرية. الطابق الأسفل يستخدم كمخزن وحظيرة مواشي والطابق الأوسط للمعيشة والطابق الأعلى لحفظ "كنوزه".

لكن ما هي "الكنوز" بالنسبة لهذا العجوز التبتي؟ قام تسوانغ بينغتسوه بإحضارها من الطابق الأعلى وعرضها أمامنا، وهي ما كان يستخدمه الجنود من ثلاث غلايات ماء صدئة وعلبة غداء. قال: "لم يزعجنا جيش التحرير الشعبي قط بعد عبوره النهر، فقد التزم بالضوابط العسكرية الصارمة، بل قدم لنا الأطعمة والكثير من اللوازم اليومية. وهذه ما احتفظت بها من تلك الأيام العظيمة." في تلك السنة، كان تسوانغ بينغتسوه في الثانية عشرة من العمر ويتذكر دائما الأعمال الطيبة لجيش التحرير الشعبي بكل تفاصيلها وردد أكثر من مرة الكلمة التبتية "ياموقه" (أي الجيد في اللهجة التبتية بمدينة تشامدو). بسبب عدم وجود الطرق العامة آنذاك، شارك تسوانغ بينغتسوه مع الأهالي وأبناء القرية في مساعدة الجيش لنقل المواد.

وفي عام 1962، شارك تسوانغ بينغتسوه وأكثر من ستين مواطنا من القرية في نقل المواد العسكرية أثناء الحرب الصينية- الهندية. خلال ستة أشهر في تلك السنة، تأثر تسوانغ بينغتسوه بروح جنود جيش التحرير الشعبي كثيرا، وقال إنهم  لم يترددوا في المعركة ولم يشكوا من أي صعوبة وكانوا يتميزون بروح التضامن وتقديم المساهمات.

قال يونغ هونغ، الأمين العام لفرع الحزب الشيوعي الصيني في قرية قانغتوه، "نفتخر كوننا أبناء أول قرية تبتية محررة. لذا، يجب علينا أن نجتهد في كل الأعمال. وفي مسيرة التنمية في الـتسع وستين سنة الماضية، لم ننس الغاية الأصلية متمسكين بروح جنود جيش التحرير الشعبي لتحقيق مزيد من الإنجازات."

روح الكفاح لأبناء القرية

 تم بناء أول جسر معلق على نهر جينشا في عام 1956، مما أنهى الأيام الصعبة لأبناء القرية الذين كان يعبرون النهر باستخدام طوافات مصنوعة من جلد البقر. في ديسمبر عام 1974، تم افتتاح جسر جينشاجيانغ، ثم افتتاح جسر جينشاجيانغ الجديد في أغسطس عام 2008. منذ أكثر من نصف قرن، يتمسك أهل قرية قانغتوه بروح جيش التحرير الشعبي ويكافحون من أجل رفع مستوى حياتهم.

نيما تسيرن، الذي يبلغ من العمر تسعة وستين عاما، افتتح  أول نُزُل عائلي في القرية قبل سبع أو ثماني سنوات بدعم مالي من الحكومة بقيمة ثلاثين ألف يوان (الدولار الأمريكي يساوي سبع يوانات حاليا). منحت مصلحة السياحة في تشامدو هذا النزل لقب "النزل النموذجي للسياحة الريفية".

قال نيما تسيرن: "في نزل عائلتي عشرة أسرّة. بعد إضافة بناء غرفتين، سنضيف عشرة أسرّة جديدة". يقود نيما تسيرن العاملين لترميم الغرف.

مقابل منزل نيما تسيرن بمسافة مائة متر، يقع منزل تسدنغ تشاشي، ابنه الأكبر، الذي يمارس التجارة طول السنة، فلا يسكن في المنزل. في السنة الماضية، استثمر نيما تسيرن مائة ألف يوان في ترميم منزل ابنه، وجعله نزلا عائليا آخر يشتمل على أكثر من عشرة أسرّة.

قال نيما تسيرن إن الحياة ستكون أجمل بفضل الكفاح. فضلا عن الاعتماد على سياسة الحزب الشيوعي الصيني، يجب على كل مواطن أن يكافح ويجتهد في العمل.

بالإضافة إلى القصص المؤثرة لكبار السن ومتوسطي العمر، يعمل الشباب في قرية قانغتوه أيضا لتحقيق أحلامهم.

تسوانغ دوجي، شاب عمره ثمانية وعشرون عاما، كان يبيع زبادي الياك والزبدة التبتية لمدة ثلاث سنوات. فتح متجرين فرعيين في مدينة تشامدو ومحافظة جيانغدا. قال تسوانغ دوجي إن والده يمارس تجارة نقل البضائع وعمه يتاجر في مواد البناء والعقارات. متأثرا بأهله، أراد أن يكون له مشروعه الخاص قبل سنوات. لكن لم يوافق أهله على تجارة بيع زبادي الياك والزبدة التبتية.

أضاف تسوانغ دوجي، أنه تعلم من جيل أبيه أهمية الكفاح والإصرار لتحقيق حلمه. لذا، قام بمشروعه الخاص ولم يكترث باعتراض أهله. في البداية، شارك في المشروع ثلاثة أشخاص من أماكن مختلفة، لكنه اليوم يدير مشروعه بمفرده. تحمل منتجاته العلامة التجارية "شيوييانغما" التي تعني البقر في اللغة التبتية. ويهدف في الخطوة التالية إلى بيع هذه المنتجات إلى لاسا وغيرها من الأماكن البعيدة، وهو واثق بمستقبل تجارته.

قال قوه بنغ في، الموظف من مصلحة تشامدو للسياحة والتنمية والمقيم في قرية قانغتوه ، إن كل أهل القرية مشغولون في كسب الأموال، ونادرا ما يوجد شخص من دون عمل.

الكفاح سمة متأصلة في أبناء قرية قانغتو، فهم يواصلون الكفاح والاجتهاد من أجل تحقيق مستقبل أفضل.

إمكانيات ضخمة للتنمية

تتميز قرية قانغتوه بموقع جيد إذ تقع على ضفة نهر جينشا وتعد أول محطة للطريق السريع الوطني رقم 317 في منطقة التبت. وعند مدخل القرية نُصبت بوابة تذكارية نقشت عليها عبارة "أول قرية محررة"، وهي تجذب العديد من السياح.

بفضل الموقع الجيد لقرية قانغتو، اتفقت شركة شيبو يويشيا للثقافة والإعلام في مدينة تشنغدو بمقاطعة سيتشوان مع محافظة جيانغدا أوليا على التعاون في تطوير السياحة .

قال تشانغ لي، مؤسس شركة شيبو يويشيا للثقافة والإعلام: "قرية قانغتو أول محطة للسياح الذين يزورون التبت. تقديم معلومات حول التقاليد التبتية للزوار في هذه القرية سيزيد من متعة رحلتهم الشاملة." فضلا عن موارد القرية وموقعها الخاص، تحظى القرية بسياسات دعم كثيرة من حكومة تشامدو ومحافظة جيانغدا لتطوير السياحة.

أضاف تشانغ لي، أن سوق السياحة في غربي مقاطعة سيتشوان كبيرة وناضجة. اعتمادا على هذه السوق السياحية، ستحقق السياحة في قرية قانغتوه نجاحا ضخما. ينظم نادي السياحة بشركته كل سنة حوالي خمسة آلاف سائح للذهاب إلى محافظة دقه بمقاطعة سيتشوان التي تقع مقابل قرية قانغتوه. بفضل المسافة القريبة بين المكانين، وهي عشرون دقيقة فقط  بالسيارة، من المتوقع أن تطلق الشركة خطوط سياحية جديدة في المستقبل.

قال تسرن سونغمو، رئيس مصلحة جيانغدا للسياحة والتنمية، إن التقاليد التببية ومعبر شيباجيون على ضفة نهر جينشا تتميزان بقيمة تاريخية وإمكانية تطور ضخمة. وهناك الصخرة المنقوش عليها الرمزان الصينيان "شي تسانغ"، وحصن أرضي وضفة نهر جينشا الجميلة، وهي موارد سياحية مميزة في محافظة جيانغدا بل وفي كل تشامدو. لكن حتى الآن، لا توجد منطقة سياحية ناضجة بعلامة تجارية كبيرة في المحافظة، الأمر الذي يعطي فرصة نادرة لتطور السياحة في قرية قانغتوه. أضاف تسرن سونغمو أن القرية تقع بجانب مقاطعة سيتشوان فتجمع قرية قانغتوه موارد سياحية ومناظر طبيعية وإنسانية عالمية. لذا، هو واثق بأن مستقبل السياحة بالقرية سيكون واعدا.

منذ انعقاد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، بدأت قرية قانغتوه تستثمر ستين مليون يوان في أربعة عشر مشروعا. ويستخدم نصف مبالغ الاستثمار لتطوير السياحة والصناعة.

نظمت محافظة جيانغدا أربع دورات من نشاطات المشي بعنوان "المشي من جديد على الطريق الذي سار فيه جيش التحرير الشعبي" في الأربع سنوات الماضية في قرية قانغتوه. كما أقيم في القرية سـباق السيارات التجريبي ولعبة ويتشى لمرتين، مما يزيد من إمكانيات السياحة في قرية قانغتوه.

ولتسريع تطور السياحة في قرية قانغتوه، فقد بعثت حكومة تشامدو بعض الموظفين من مصلحة السياحة والتنمية بالمدينة إلى قرية قانغتوه لوضع خطط السياحة للقرية. وقد تم بناء حديقة آثارمعبر الجيش الثامن عشر، وافتتحت رسميا. في يوليو 2019، استثمرت قرية قانغتوه عشرة ملايين يوان في تحسين مواقع المناظر، لتوسيع الطرق والممرات وإقامة السياج الخشبي وتركيب صناديق القمامة، الخ.

بفضل المنظر الجيد لمنزل تسوانغ بينغتسوه ورغبته في المشاركة في تطوير السياحة، يساعده قسونغ تسيرن، رئيس فريق عمل الموظفين المقيمين في القرية من مصلحة تشامدو للسياحة والتنمية، على الاتصال بالشركات المعنية. قال قسونغ تسيرن إنه يريد أن يكون هذا النزل نموذجا للآخرين لزيادة حماسة بقية أهل القرية للمشاركة في السياحة.

ومن المتوقع أن تبني قرية قانغتوه منطقة سياحة ترفيهية بدرجة A4 اعتمادا على موقعها الجغرافي الجيد ومواردها الإنسانية والطبيعية الوافرة، مما سيزيد من سرعة تطور القرية وسيجذب مزيدا من أبناء القرى المجاورة للعمل فيها، ويجذب السياح من مختلف الأماكن للزيارة أيضا.

الصخرة المنقوش عليها الرمزان الصينيان "شي تسانغ" ستكون شاهدة على كفاح قرية قانغتوه وأهلها في مسيرة تحسين الحياة ونهوض القرية.

 

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4