مجتمع < الرئيسية

بخور التبت في نيمو!

: مشاركة
2020-04-28 16:32:00 الصين اليوم:Source وانغ يوي رن:Author

للبخور دور هام في حياة أبناء قومية التبت، وخاصة البخور الذي يصنع في محافظة نيمو التابعة لمدينة لاسا حاضرة منطقة التبت الذاتية الحكم لقومية التبت في جنوب غربي الصين. يرجع تاريخ صناعة "بخور نيمو" إلى عصر الإمبراطورية التبتية، عندما سافر تونمي سانغبوتشا إلى الهند لدراسة البوذية. بعد عودته إلى التبت، أبدع تونمي سانغبوتشا طريقة لإنتاج البخور وفقا للظروف المحلية فابتكر بخور نيمو وعلّم طريقة صنعه للمحليين (قرية توندا حاليا).

ميما تشاشي، وهو حرفي كبير في تصنيع وإنتاج بخور نيمو في قرية توندا، يصنع أعواد البخور بيديه بصورة دقيقة وماهرة. قال إنه شغوف برائحة دخان بخور نيمو منذ أن كان في الثانية عشرة من عمره. من أجل دراسة صنع وإنتاج البخور، كان يراقب أباه وهو يصنع البخور ويستمع إلى قصص تطور إنتاج بخور نيمو على مدى أكثر من ألف وثلاثمائة سنة. بعد العمل المتواصل لمدة خمس وعشرين سنة، تحسنت مهارة ميما تشاشي في كل مرحلة من مراحل صنع وإنتاج بخور نيمو، مثل اختيار المواد ومزجها وصنع القالب وتجفيف البخور بالتهوية. بفضل جهوده الدؤوبة، توج في كثير من مسابقات إنتاج البخور في التبت مما جذب كثيرا من الناس إليه لتعليمهم صنع البخور. حتى اليوم، لا نبالغ إذا قلنا إن كل البخور التبتي المستخدم في قصر بوتالا الشهير من صنع تلاميذ ميما تشاشي.

قال ميما تشاشي، وملابسه ملطخة بطين صنع البخور: نا مولع بصنع البخور التبتي. بفضل هذه المهارة، أعيش حياة سعيدة." وأضاف، في الماضي، كانت المكافأة اليومية التي يحصل عليها من صنع البخور خمسة يوانات فقط، وكانت لا تكفي لتلبية احتياجات أسرته الأساسية. أما اليوم، فيمكنه أن يكسب أكثر من ستة آلاف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 9ر6 يوانات حاليا) شهريا. ويمكنه بيع البخور إلى الأماكن البعيدة من خلال الجمعية التعاونية وإحدى الشركات في القرية. وعلاوة على ذلك، تدعوه الأجهزة والمؤسسات المعنية في مدينتي  ناتشيوي ولينغتشي بالتبت وولاية يويشو بمقاطعة تشينغهاي لإلقاء المحاضرات حول صنع وإنتاج البخور، الأمر الذي يساعد على استمرار ونقل هذه المهارة للأجيال التالية.

في قرية توندا، تحول أبناء القرية إلى أعمال صنع بخور نيمو التي أصبحت صناعة رئيسية للقرية، تحقق لهم دخلا جيدا وتحسن مستوى معيشتهم. من أجل الارتقاء بهذه الصناعة وتعزيزها، تم إنشاء ورش العمل والجمعيات التعاونية لزيادة حصة أبناء القرية في سوق بخور نيمو.

لكن، مع تطور أعمال تصنيع وإنتاج بخور نيمو في القرية، ظهرت مشكلات كثيرة، مثل قلة جودة المنتجات والأسعار غير الموحدة وشكوك المستهلكين، مما أدى إلى مناخ تنافسي غير صحي. لمعالجة هذه المشكلات، تم إنشاء جمعية البخور التبتي ووضع معايير موحدة للمنتجات، مما شجع مزيدا من المحليين للمشاركة في صنع البخور لسد حاجات السوق. وفي نفس الوقت، خصصت حكومة محافظة نيمو في عام 2000 الأموال لإنشاء مصنع للبخور التبتي في المحافظة لجمع الموارد المعنية لتطوير صناعة إنتاج البخور. فاعتمد المصنع نموذج عمل "الشركة + المزارع"، حيث يتحمل منتجو البخور التبتيين في قرية توندا المسؤولية عت ضمان جودة منتجاتهم بمهارتهم، في حين تعمل الشركة لتحسين كفاءة الإنتاج من خلال إدخال معدات تصنيع البخور وإنجاز بعض عمليات التصنيع، من أجل تلبية طلب السوق. فشهد بخور التبت في المحافظة تطورا تدريجيا ومستداما، بل واكتشفت المحافظة بذلك طريقا لتطوير صناعة البخور.

في عام 2009، تم إدراج مهارة إنتاج بخور نيمو ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي على المستوى الوطني في الصين، مما دفع ازدهار صناعة السياحة في قرية توندا؛ حيث يسافر إليها كثير من السياح للزيارة وشراء أجود أنواع البخور، بل جاءت إليها ذات مرة شركة سيارات لتصوير إعلان لسيارة جديدة. اقتنص مصنع البخور التبتي هذه الفرصة الثمينة، لإنشاء ورشات ومتاجر ومعارض للبخور بالقرب من الطريق السريع الوطني رقم 318، الأمر الذي جذب مزيدا من السياح، ومكّن أبناء قرية توندا من كسب المزيد من الأموال.

شهدت معالم قرية توندا تغيرا كبيرا بفضل تطور صناعة البخور التبتي والسياحة، حيث أنشأ المحليون تمثالا تذكاريا للسيد تونمي سانغبوتشا في مدخل القرية، وبنوا 282 محطة لصنع البخور على ضفة نهر تونتشيوي، مما يشكل منظرا مميزا. بالإضافة إلى ذلك، فإن كثيرا من المحليين بنوا بيوتا جديدة باللون الأبيض في القرية، مما زاد من سحر وجمال القرية.

بنمط التطور المتمثل في "صناعة إنتاج البخور التبتي+ السياحة الثقافية"، تحقق قرية تودا تطورا مزدهرا، وفازت بألقاب كثيرة مثل "القرية الثقافية التاريخية الصينية" و"قرية الفنون والثقافة الشعبية الصينية" و"القرية الثقافية السياحية الصينية"، وانضمت إلى قائمة البلدات المميزة على مستوى البلاد. مع زيادة شهرة القرية، بدأ أبناؤها أعمالا في التجارة الإلكترونية والصناعة الثقافية الإبداعية.

صوليانغ لوبوه، البالغ من العمر اثنتين وسبعين سنة، وهو والد ميما تشاتشي، قال إن حياته قبل تحرير التبت كانت قاسية وسيئة جدا. كان يعتمد على علف المواشي لسد جوعه. وعن حياته اليوم، قال إنه يكسب أكثر من عشرة آلاف يوان كل سنة من خلال صنع البخور التبتي، وهذا المبلغ يكفي لتلبية احتياجاته ولا يحتاج لطلب المال من أولاده.

بفضل قيادة فرع الحزب الشيوعي الصيني بالمحافظة والحكومة المحلية، تغلب أبناء قرية توندا على التحديات المختلفة التي واجهتهم على مدى السنوات الماضية في تنمية صناعة إنتاج البخور التبتي. قال كانغسانغ داوا، أمين فرع الحزب الشيوعي الصيني في بلدة تونبا بمحافظة نيمو: "كان من المستحيل أن تتمكن قرية توندا من تحقيق هذه الإنجازات الضخمة لو لم تحل الحكومة المشكلات والعراقيل التي واجهت تنمية صناعة إنتاج البخور التبتي، ولولا مساعدة الحكومة لما تطورت السياحة الثقافية في القرية."

مع الدخول إلى العصر الجديد، تلعب صناعة إنتاج البخور التبتي دورا جديدا فعالا لمساعدة الفقراء المقيمين في هضبة التبت، وفي تحقيق نهوض المناطق الريفية.

بسبب موقع نيمو الجغرافي النائي وقلة المواراد فيها، يقل الحجم الإجمالي لاقتصادها عن نظيره في محافظات لاسا الأخرى، فتحتاج هذه المحافظة إلى المساعدة من منطقة التبت ولاسا.

فرع الحزب الشيوعي الصيني بمحافظة نيمو والحكومة المحلية بأن توسيع نطاق صناعة إنتاج البخور التبتي وسيلة هامة للقضاء على الفقر وتعزيز الاقتصاد المحلي.

في عام 2016، طرح فرع الحزب الشيوعي الصيني بمحافظة نيمو والحكومة المحلية فكرة جديدة لتطوير صناعة إنتاج البخور التبتي، وهي إنشاء شركة كبيرة وهي شركة نيموتوندا المحدودة للبخور التبتي، التي تشمل أعمالها إنتاج البخور التبتي وتسويق المنتجات وعرضها في الأسواق.

يعد إنشاء هذه الشركة الكبيرة خطوة هامة في بناء آلية فعالة للقضاء على الفقر، إذ أصبح بإمكان الفقراء العمل في الشركة لكسب الأموال اعتمادا على أنفسهم. لكن، كيف تحقق الشركة تطورا ونجاحا على المدى الطويل وبصورة مستقرة؟

على أساس نمط التنمية لمصنع نيمو للبخور التبتي، تتخذ الشركة الجديدة نمط الأعمال المتمثل في "فرع الحزب الشيوعي الصيني"+ "الشركة"+ "الجمعية التعاونية"+ "الفقراء"+ "أبناء الفلاحين". دعت الشركة رواد الأعمال ووارثي إنتاج البخور التبتي ليصبحوا موظفين في الإدارة. فضلا عن ذلك، ابتكرت الشركة أربع آليات أخرى لرفع مهارة الفقراء وحماستهم في الأعمال، وضخ قوة محركة لتطوير الشركة وتقديم الوظائف المختلفة للفقراء وفقا لظروفهم.

بلغ الدخل الصافي للشركة في السنة الأولى أكثر من خمسمائة ألف يوان، وازداد متوسط دخل الفرد من الفقراء في المحافظة بأكثر من أحد عشر ألف يوان. وبالإضافة إلى ذلك، حققت الجمعيات التعاونية في النقل والمجالات الأخرى تطورا أيضا، مما شكل منظومة متكاملة ناجحة.

قال كانغسانغ داوا، إن محافظة نيمو تخلصت من الفقر في أكتوبر عام 2018 بشكل كامل.

ولم تتوقف خطوات محافظة نيمو في التنمية والتطور بعد القضاء على الفقر. في عام 2018، أنشأ فرع الحزب الشيوعي الصيني بمحافظة نيمو والحكومة المحلية قاعدة نموذجية لمساعدة الفقراء بالتدابير الدقيقة الهادفة بالحديقة الصناعية للبخور التبتي في محافظة نيمو، باستخدام دعم مالي من بكين بقيمة أربعين مليون يوان. ومن المتوقع أن تبدأ هذه القاعدة أعمال الإنتاج في إبريل عام 2020. ومن المخطط أن تنتج هذه القاعدة خمسين طنا من البخور التبتي بقيمة عشرين مليون يوان، وبأرباح تصل إلى ستة ملايين يوان. بالإضافة إلى ذلك، يزداد متوسط الدخل السنوي لكل أسرة بأربعة وعشرين ألف يوان. تجمع الحديقة الصناعية إنتاج البخور التبتي وحماية وتطوير التراث الثقافي غير المادي والسياحة الثقافية على سواء، مما يقدم أكثر من مائتي وظيفة لزيادة دخل الأسر الفقيرة من المحليين والارتقاء بمستوى الصناعة.

أصبحت نيمو محافظة مشهورة بالبخور التبتي على الهضبة. وقد أقيم اجتماع لترويج المنتجات الجديدة لبخور نيمو في تشنغدو، حاضرة مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي الصين، بعد اليوم الوطني في عام 2019، الأمر الذي جذب عددا هائلا من الزوار للتمتع بسحر البخور التبتي.

قصة تطور محافظة نيمو، صورة لجهود التبت في القضاء على الفقر وتحسين معيشة الشعب خلال السنوات الماضية. زرت التبت قبل ثماني سنوات، وعندما عدت إليها مرة ثانية، رأيت التغيرات الكبيرة في كل مكان بها، الأمر الذي أسعدني كثيرا.

 تم ربط كل محافظات التبت بالطرق العامة. بفضل ظروف النقل الجيدة، يمكننا أن نرى كثيرا من السيارات والعربات على الطرق العامة. ويمكنك أن تزور التبت بكل يسر وسهولة، فقد انتهت عوائق وصعوبات التي كانت تصادفنا في الماضي.

انتقلت 365 أسرة إلى أربع مناطق سكنية جديدة، تسمى بـ"منطقة الربيع" و"منطقة الصيف" و"منطقة الخريف" و"منطقة الشتاء"، في قرية جيشيانغ بمحافظة تشيويشيوي. يعمل أفراد تلك الأسر في قاعدة زراعة الأعشاب الطبية التبتية والصينية التقليدية، الأمر الذي ساهم في زيادة دخلهم.

على ضوء مفهوم "الدمج بين حماية البيئة وتطوير الصناعات والقضاء على الفقر"، تعمل الشركة التكنولوجية للأعشاب الطبية التبتية على مكافحة التصحر والسيطرة عليه من جهة وزراعة الأعشاب الطبية التبتية من جهة أخرى. هكذا، يمكن للمحليين التمتع بالسماء الزرقاء مع زيادة متوسط دخلهم بأكثر من ثلاثة آلاف يوان.

بفضل هذه الجهود، تتحسن معيشة أبناء التبت، إذ انخفض العدد الإجمالي للفقراء المحليين بـ710 ألف فرد، وانخفضت نسبة حدوث الفقر من 2ر35% في عام 2012 إلى أقل من 6% في عام 2018. ومع تحسن ظروف النقل والسكن والخدمات الطبية إلى حد كبير، يشعر التبتيون بمزيد من السرور والسعادة والأمان.

يجب أن نشير إلى أن السبب الهام في تحقيق هذه الإنجازات والتطورات يرجع إلى التضامن بين أبناء مختلف القوميات، وحرصهم على بناء الصين لتكون أكثر جمالا وسعادة.   

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4