مجتمع < الرئيسية

جودكار.. يعزف منجزات العصر الجديد في سيمفونيات تبتية

: مشاركة
2020-03-10 15:29:00 الصين اليوم:Source لي يوان ولهادرون:Author

مرج دامشونغ، الذي يبعد أقل من مائتي كيلومتر عن مدينة لاسا حاضرة منطقة التبت الذاتية الحكم، منتجع سياحي رائع، يتيح لزائره أيضا التمتع بالمناظر الجميلة الساحرة لجبل نيانتشينغ تانغقولا وبحيرة نامتسو. في هذا المرج، ولد الفنان التبتي الموهوب جودكار، الذي يستوحي إلهامه الفني من المناظر الخلابة البديعة هناك.

جودكار ليس فنانا مبدعا فحسب، وإنما أيضا هو أول صيني يقوم بدراسات ما بعد الدكتوراه في اختصاص التأليف الموسيقي، كما أنه أول من نال درجتي الماجستير والدكتوراه في مجال الموسيقى التبتية في الصين. أطروحته للدكتوراه التي حملت عنوان ((بحث في بنية وشكل الموسيقى التبتية التقليدية)) تم اختيارها كأطروحة الدكتوراه الصينية الممتازة لعام ٢٠٠٧، وهي أطروحة الدكتوراه الوحيدة حول التأليف الموسيقي ضمن قائمة "المائة أطروحة دكتوراه الممتازة" في الصين حتى الآن. حاليا، يعمل جودكار أستاذا في معهد الفنون التابع لجامعة التبت لتدريس التأليف الموسيقي، بالإضافة إلى إسهاماته في إضافة السمات التبتية إلى السيمفونيات في أعماله وإبداعاته الموسيقية.

ملّحن قادم من المروج

وُلد جودكار في التبت الجديدة التي أسستها الصين بعد الإصلاح الديمقراطي في التبت. في فترة دراسته بالمرحلة الابتدائية، كان يجلس حول الموقد مع زملائه لكتابة الأحرف التبتية أحيانا، وأحيانا أخرى يقرأ ((مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسي تونغ)) في ساحة المدرسة، ويتعلم إنشاد الأغاني الثورية مع المعلّمين. لا ينسى جودكار هذه الذكريات من فترة طفولته.

تأثر جودكار بالعديد من الأشخاص الذين كان لهم دور في جعله ملحنا من طراز خاص. وفقا للسيد جودكار، فإن السيد دورجي الذي كان يشغل منصب أمين لجنة الحزب في حي نينغتشونغ (بلدة نينغتشونغ حاليا) دبر له فرصة للدراسة في كلية الفنون بجامعة التبت للمعلمين (كلية الفنون بجامعة التبت حاليا) مع ستة آخرين من أبناء الرعاة، من أجل تشكيل فريق فنون محلي للهواة. وانغ لي هوا معلمة من شانغهاي، كان تعمل بالتدريس متطوعة في التبت. يحترم جودكار هذه المعلّمة كثيرا. قال: "علمتنا نظرية الموسيقى الأساسية والصولفيج. كنا نعلمها اللغة التبتية، بينما تعلمنا هي لغة بوتونغهوا الصينية لكي ندرس الموسيقى بشكل أفضل. في فصل الشتاء، وعندما تصبح حجرة الدرس شديدة البرودة، يتشقق جلد يدي هذه المعلمة الرائعة. لا أنسى أبدا عندما استخدمت السيدة وانغ ذات مرة قماشا مطاطيا لتضميد أصابعها، وواصلت الكتابة على السبورة والعزف على البيانو لتشجعنا وتقدم لنا الأمثلة على الإصرار وتحدي الصعاب لتحقيق أحلامنا."

بعد التخرج في جامعة التبت للمعلمين، عمل جودكار كمعلم في الفرقة المحلية للفنون والدعاية، ثم عمل كموظف مؤقت في مستودع للحبوب. ظل جودكار آنذاك حريصا على تعلم ودراسة المعلومات المتعلقة بالموسيقى بنفسه خلال أوقات فراغه. اقترح السيد دودو، الموظف في محطة بيطرية بمحافظة دامشونغ، على جودكار أن يقدم طلبا للالتحاق بمعهد الفنون بمنطقة التبت الذاتية الحكم؛ وكانت تلك أولى خطواته في مسيرته المهنية في الموسيقى.

في السنة الثانية بجامعة الفنون بمنطقة التبت الذاتية الحكم، حصل جودكار على فرصة للدراسة في معهد سيتشوان للموسيقى. وقد استفاد كثيرا من ذلك المعهد لإرساء الأساس المهني المتين في تعلم التأليف الموسيقي. قال جودكار: "تعلمت العزف على آلة الفلوت مع الأستاذ تشانغ باو تشينغ، ودرست الصولفيج مع الأستاذ شيو قوانغ شيانغ. كما حضرت محاضرات الأستاذين لي يي شيان ودان قونغ بو وتعلمت على يديهما تآلف الألحان والعزف على البيانو، في نفس الوقت، حظيت بتعليم مستنير حول التأليف الموسيقي في محاضرات الأستاذ هه شيو تيان."

إبداع أعمال فنية رائعة في هضبة تشينغهاي- التبت

في عام ١٩٩٥، حصل جودكار على شهادة الماجستير في معهد سيتشوان للموسيقى، وتوفرت له فرصة للعمل في المعهد، لكنه تخلى عنها، وعاد إلى التبت حيث عمل مدرسا في جامعة الفنون بمنطقة التبت الذاتية الحكم. قال جودكار: "بعد دراسة النظريات الموسيقية بانتظام، أعتقد أن تدريب الأكفاء من الموسيقيين المحليين هو مفتاح تطوير موسيقى التبت ونقلها إلى العالم. يجب أن أضع خطة على المدى البعيد وتكريس كل وقتي لتحقيق هذا الهدف."

قَبِلِ جوكادر ستة طلاب من المدارس الإعدادية من شيقاتسي وشاننان ولينتشي وناتشو للدراسة، حاليا، التحق أربعة من طلابه الستة بالمعهد المركزي للموسيقى للدراسة في قسم التأليف الموسيقي.

درس جودكار في معهد شانغهاي المركزي للموسيقى للحصول على الدكتوراه، وقام بدراسات ما بعد الدكتوراه في المعهد المركزي للموسيقى. خلال تلك الفترة، انضم معهد الفنون بمنطقة التبت الذاتية الحكم إلى جامعة التبت. عمل جودكار كأستاذ في جامعة التبت بعد التخرج. حتى الآن، تلّمذ وتدرب على يديه خمسة أجيال من الطلاب الجامعيين النظاميين وسبعة أجيال من طلبة الماجستير، وقد صار أولئك الطلاب أكفاء معروفين في مجال الموسيقى التبتية المبتكرة. كما شكلت جامعة التبت فريق الأساتذة المتخصص في التأليف الموسيقي ونظرية التأليف الموسيقي، مما ساهم في تطوير تخصص الموسيقى. في نفس الوقت، وبفضل جهود جودكار، تمت الموافقة على افتتاح دراسة الدكتوراه المتخصصة في مجال موسيقى الأقليات القومية.

لا يزال جودكار يدرّب ويعلم الطلاب، فهو لا يكتفي باكتشاف طرق جديدة في تعليم الموسيقى وتقديم محاضرات جديدة فحسب، وإنما أيضا يرشد الطلاب للتقدم إلى مشروعات عملية مثل "البرنامج التجريبي المبتكر لطلاب الجامعات على مستوى الوطن"، ويرشد الطلاب ويشجعهم على بدء أعمالهم الخاصة. كما تولى على التوالي المسؤولية عن برنامج التمويل من الدرجة الأولى لدفع دراسات ما بعد الدكتوراه في الصين، وبرنامج التمويل الخاص لكتاب أطروحات الدكتوراه الممتازة في الصين، وبرنامج دعم المواهب الصينية في العصر الجديد بالجامعات، وغيرها. لذا، فاز جودكار بالعديد من الألقاب الفخرية، مثل، "المعلّم المتميز في منطقة التبت الذاتية الحكم" و "المعلّم النموذجي في الصين" و"الموظف المتقدم في الصين".

وقد أشاد تشو شيانغ بينغ، الأستاذ في معهد سيتشوان للموسيقى بأعمال ومنجزات جودكار، وقال: "رأيت الكثير من الناس يدرسون الموسيقى، لكن قليلا منهم يواصلون القيام بأعمال متعلقة بالموسيقى. الموهبة ليست السبب الرئيسي لمواصلة المسيرة الموسيقية، بل الهمة والإصرار والطموح، والأهم حب الموسيقى. أنا معجب بعزم وإصرار جودكار ورغبته في تطوير الموسيقى التبتية."

يعتقد جودكار أن الملحن ينبغي أن يتحمل مسؤولية توارث الثقافة التقليدية وتطوير الفنون المعاصرة. قال: "كان من المفترض أن أعمل بالرعي في المروج، لكن لحسن الحظ، حصلت على فرصة لتعلم الموسيقى. بالإضافة إلى طموحي وعزيمتي، استفدت كثيرا من وطني ومن بلدتي ومن العديد من الأشخاص الذين لولاهم ما كنت لأصل إلى هذا المستوى. يجب عليّ أن أعود بما اكتسبت إلى المجتمع والى بلدتي والناس."

الموسيقى لغة مشتركة للبشرية جمعاء

في التاسع والعشرين من أكتوبر عام 2016، أقيم حفل موسيقي لواحدة من سيمفونيات جودكار في قاعة تشونغشان للحفلات الموسيقية في بكين، وهو أول حفل موسيقي خاص لملحن من قومية التبت. يعتقد تان لي هوا، الموزع الموسيقي لذلك الحفل، أن جودكار ابتكر أنماطا وألحانا موسيقية وفقا للأساليب السيمفونية، لذا، تتميز أعماله الفنية بالعمق إضافة إلى جمالها، وتغلغل روح قومية التبت فيها.

عُرضت أربعة مقطوعات موسيقية لجودكار خلال ذلك الحفل، من بينها مجموعة الأوركسترا الموسيقية "جينغجيه" وموسيقى أوركسترا "جيكوه". ابتكر جودكار معزوفة ((جينغجيه)) من وحي اللوحة الجدارية المعروفة باسم "شاماتا" في معبد بوذي بالتبت. في هذه المقطوعة الموسيقية، استخدم جودكار "لغة موسيقية" للتعبير عن منزلة وأهمية السلام. أما "جيكوه"، فتم تقديمها بالعزف على آلات نفخ وآلات وترية فكانت مثل "فردوس موسيقي" للمستمعين.

يعتقد تشو شيانغ بينغ أن هذه الأعمال الفنية الأربعة لجودكار تظهر ميزات الثقافة التبتية، وتعبر عن المعنى الفلسفي العميق، مما يعكس دمج ثقافة التبت مع الموسيقى المعاصرة.

يبذل جودكار جهوده في ابتكار موسيقى تتناسب مع العصر الحديث ليعكس الاتجاه العالمي المتنوع والحكمة الشخصية الخاصة. هكذا، يمكن للثقافة والموسيقى التبتية أن تندمج سيمفونيا مع الدول الغربية، ثم تنطلق هذه الموسيقى المحلية وتنتشر من الهضبة إلى كل العالم.

يحلم جودكار بدمج تقنيات التأليف الموسيقي في الدول الغربية مع الثقافة الصينية التقليدية وإثراء أنماط الموسيقى المعاصرة بالثقافة التبتية المتجذرة في الهضبة من خلال تعليمه وابتكاراته، مما يقدم لنا أعمالا ذات أهمية تاريخية ويضع الأساس لتطوير الموسيقى في المستقبل. قال جودكار: "أتمنى أن يعكس تطور وتنوع الموسيقى التبتية القوة الناعمة للثقافة الصينية."

عُرضت أعمال جودكار الموسيقية في آسيا وأمريكا الشمالية وأوروبا. قال جودكار: "الموسيقى وسيلة هامة في مجال التبادل بين مختلف الدول والشعوب والثقافات في أنحاء العالم. يمكننا عزف الموسيقى بأساليب مختلفة بفضل وجود فنانين مختلفين. العرض الموسيقي هو تكرار متجدد للإبداع، كما يُعتبر القيمة الحقيقية للحفلات الموسيقية." يأمل جودكار في أن يتحقق عرض أعماله الفنية بطرق وأساليب مختلفة ومتنوعة.

منذ الإصلاح الديمقراطي في التبت، تشهد المجالات المختلفة في تلك المنطقة الذاتية الحكم تطورا سريعا على مدار السنوات الستين الماضية. أصبحت الحياة المادية للمحليين أكثر ثراء وغنى، كما دخلت المزيد من الأشياء الجديدة إلى التبت. وعندما سُئل جودكار: "هل يمكن أن يؤدي تغير نمط الحياة ووفرة المواد إلى طمس الميزات الخاصة لقومية التبت في الموسيقى التبتية؟" رد قائلا: "تعمل الصين على الحفاظ على موسيقى البيئة الأصلية. يفتخر الشعب الصيني بتراثه الثقافي. في الماضي، كان الصينيون يفضلون الأشياء من الخارج، لأنهم يجهلون ميزات وقيمة ثقافة بلدهم، فيبتعدون عن الثقافة المحلية. لكن في نهاية المطاف، اكتشفوا عيوب تلك الأشياء القادمة من الخارج. حاليا، يتم حفظ كل أنواع الموسيقى والرقصات التقليدية بشكل جيد تحت توجيه سياسات الحكومة الصينية بشأن الحفاظ على التراث الثقافي غير مادي."

وفقا لوصف جودكار، تشهد الصين تحسنا في القوة الشاملة بعد دخول القرن الحادي والعشرين، فتطور مفهوم جديد حول اندماج الموسيقى الصينية مع الثقافة الصينية. بعد المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني، تبذل الصين جهودها في تعزيز الحوكمة الاجتماعية وتركز انتباهها على حكم القانون وتعزيز العدالة الاجتماعية، فيبدع المزيد من الموسيقيين أعمالا فنية تعكس الأحوال الاجتماعية الحالية. إن هذا يعكس الفخر والرضا بمسيرة التنمية الصينية والاعتزاز بكرامة السيادة والثقة الوطنية بالنفس.

في السنة الماضية، أقيمت ثلاثة حفلات موسيقية لجودكار وأساتذة فنون التأليف بكلية الفنون بجامعة التبت، في مدن كونيمنغ وقوانغتشو وتشنغدو. قال جودكار: "أقيمت الحفلات الموسيقية للتعبير عن قدرة الملحنين التبتيين على ابتكار الموسيقى ودفع تطورات ومنجزات التنمية في التبت. أعتقد أن هذه الأشكال الفنية المرتبطة بالثقافات في العالم لإبراز منجزات الإصلاح الديمقراطي في التبت في السنوات الستين الماضية على مستوى عال وبدقة وثقة متناهية."

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4