مجتمع < الرئيسية

قراءة في بيان الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية التاسعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني

: مشاركة
2019-11-29 09:24:00 الصين اليوم:Source د. أشرف السيد:Author

في وقت كانت فيه جذوة بهجة الاحتفالات بمرور سبعين عاما على تأسيس جمهورية الصين الشعبية مازالت متقدة، عَقَدت اللجنة المركزية التاسعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني جلستها الكاملة الرابعة، وذلك في الفترة من الثامن والعشرين حتى الحادي والثلاثين من شهر أكتوبر سنة 2019 بمدينة بكين.

من نافلة القول إن اللجنة المركزية هي جهاز قيادة الحزب الشيوعي الصيني، ويتم انتخابها أثناء المؤتمر الوطني العام للحزب والذي يعقد كل خمس سنوات. مدة كل لجنة مركزية خمس سنوات، وتنتخب المكتب السياسي واللجنة الدائمة للمكتب السياسي والأمين العام للجنة المركزية للحزب.

على مدار أربعة أيام، ناقشت الجلسة الكاملة الرابعة، جملة واسعة من القضايا المحورية التي تجسد واقع الصين الراهن وترسم ملامح المستقبل خلال الفترة المقبلة. وقد ألقى السيد شي جين بينغ، الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، كلمة في تلك الجلسة التي عقدت برئاسة المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب.

 استمعت الجلسة الكاملة وناقشت تقرير العمل الذي قدمه الأمين العام شي جين بينغ، بتفويض من المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب. واستعرضت الجلسة واعتمدت قرار اللجنة المركزية للحزب بشأن عدد من القضايا الرئيسية الخاصة بكيفية الالتزام بنظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية وتحسينه، ودفع عملية تحديث نظام الحوكمة وقدرتها في الصين. وأصدرت الجلسة في ختام اجتماعها بيانا رسميا، جاء فيه أن "نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية هو نظام علمي طوره الحزب والشعب من خلال ممارسات واستكشافات طويلة الأمد". وأضاف البيان أن جميع أعمال الحوكمة الوطنية الصينية وأنشطتها، تُنفذ وفقا لنظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، مشيرا إلى أن نظام الحوكمة وقدرتها للبلاد هما بلورة لنظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية وقدرة تطبيقه.

ولا غرو أن ذلك البيان هو وثيقة بالغة الأهمية للصين وللعالم، من حيث أنه يواكب الذكرى السنوية السبعين لجمهورية الصين الشعبية، وقبل عامين من ذكرى مرور مائة سنة على تأسيس الحزب الشيوعي الصيني (المئوية الأولى). وفي استعراضه لمعجزتي التنمية الاقتصادية السريعة والاستقرار الاجتماعي الطويل الأجل في السنوات السبعين المنصرمة، أشار البيان إلى أنه وفقا لما أثبتته الممارسة، فإن نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية ونظام الحوكمة للصين، هما نظامان يتمتعان بحيوية قوية وقوة هائلة، وأن هذين النظامين قادران على دعم التقدم المتواصل للبلاد، التي يبلغ عدد سكانها نحو مليار وأربعمائة مليون نسمة، وضمان تحقيق الهدفين المئويين نحو النهضة العظيمة للأمة الصينية ذات الحضارة الممتدة خمسة آلاف عام.

وتكشف القراءة المتأنية لبيان الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية التاسعة عشرة للحزب الشيوعي الصيني عن عدد من الملاحظات الهامة، نذكر منها:

أولا، أن البيان يؤكد استمرارية فكر وقيادة وتوجهات الحزب الحاكم في الصين، فهو يدعو إلى تدعيم نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية وتحسينه ودفع تحديث نظام الحوكمة وقدرتها لدى الصين بتوجيه من الماركسية- اللينينية وفكر ماو تسي تونغ ونظرية دنغ شياو بينغ وأفكار التمثيلات الثلاثة الهامة ومفهوم التنمية العلمية وأفكار شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد.

ثانيا، أنه وفقا للبيان، فإن الحزب الشيوعي يتعهد برؤية تحسُّن الأنظمة في جميع المجالات بشكل ملحوظ عندما يحتفل الحزب الشيوعي الصيني بمرور مائة عام (في سنة 2021)، قبل تحقيق تحديث نظام الحوكمة وقدرتها لدى الصين بشكل أساسي بحلول عام 2035 وبتحقيقها بشكل كامل مع احتفال الصين الجديدة بمرور مائة عام على تأسيسها (في سنة 2049).

ثالثا، أن البيان حدد جملة من المهام والتدابير التي تضمن تحقيق الغايات المرجوة، وهي: (1) التمسك بالمنظومة المؤسسية لقيادة الحزب وتحسينها، لرفع مستويات الحزب في ممارسة السلطة بصورة علمية وديمقراطية وطبقاً للقانون؛ (2) التمسك بالمنظومة المؤسسية لكون الشعب سيدا للدولة وتحسينها، لتطوير السياسة الديمقراطية الاشتراكية؛ (3) التمسك بمنظومة حكم القانون الاشتراكي ذي الخصائص الصينية وتحسينها، لرفع قدرة الحزب على حكم الدولة وممارسة السلطة وفقا للقانون؛ (4) التمسك بالنظام الإداري للاشتراكية ذات الخصائص الصينية وتحسينه، وإنشاء منظومة للحوكمة الحكومية متسمة بتحديد الواجبات بوضوح وممارسة الإدارة حسب القانون؛ (5) التمسك بالنظام الاقتصادي الأساسي الاشتراكي وتحسينه، لدفع التنمية الاقتصادية العالية الجودة؛ (6) التمسك بنظام تنشيط وتطوير الثقافة المتقدمة الاشتراكية وتحسينه، لتوطيد الأساس الأيديولوجي المشترك لتضامن وكفاح كل أبناء الشعب؛ (7) التمسك بنظام التخطيط الموحد لضمان معيشة الشعب في الحضر والريف وتحسينه، للوفاء بحاجة الشعب المتزايدة إلى حياة أفضل؛ (8) التمسك بنظام الحوكمة الاجتماعية المتصفة بالتشارك والإدارة المشتركة والتنافع وتحسينه، للحفاظ على استقرار المجتمع وصون أمن الدولة؛ (9) التمسك بالنظام المؤسسي للحضارة الإيكولوجية وتحسينه، لتشجيع التعايش المنسجم بين الإنسان والطبيعة؛ (10) التمسك بنظام قيادة الحزب المطلقة للجيش الشعبي وتحسينه، لضمان أداء الجيش الشعبي رسالتَه ومهمتَه في العصر الجديد بصدق وأمانة؛ (11) التمسك بالمنظومة المؤسسية لـ"دولة واحدة ونظامان" وتحسينها، ودفع التوحيد السلمي للوطن الأم؛ (12) التمسك بالسياسة الخارجية السلمية المستقلة وتحسينها، لدفع بناء رابطة المصير المشترك للبشرية؛ (13) التمسك بمنظومة المراقبة للحزب والدولة وتحسينها، لتعزيز التقييد والمراقبة على ممارسة السلطة.

رابعا، أن بيان الجلسة الكاملة أكد على أن دعم وتحسين نظام الاشتراكية ذات الخصائص الصينية والمضي قدما في تحديث نظام الحوكمة وقدرتها لدى الصين مهمة إستراتيجية بالغة الأهمية للحزب، وشدد على أن جميع الأهداف والمهام التي حددتها الجلسة يجب أن تنجز بالكامل تحت قيادة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني.

خامسا، أن البيان يواصل نهج المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب، والمتمثل في التأكيد على قيادة الحزب للبلاد وأن يكون أعضاء الحزب نماذج تحتذى في العمل، إذ نص البيان على أنه يتعين على لجان الحزب والحكومات وكبار المسؤولين على جميع المستويات تعزيز وعيهم بالنظام بإخلاص وأخذ زمام المبادرة في حماية سلطة النظام وضرب المثل في تنفيذ النظام بالنسبة للحزب بأكمله والمجتمع ككل. كما أكد البيان على أنه ينبغي للحزب بأكمله والشعب الصيني بجميع القوميات الالتفاف بشكل وثيق حول اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، وفي القلب منها الرفيق شي جين بينغ.

سادسا، أن البيان الصادر في الحادي والثلاثين من أكتوبر، وبشكل غير مقصود وغير معد له سلفا، يمثل في مجمله تفنيدا موثقا لتصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو التي أدلى بها في الثلاثين من ذات الشهر، وكشفت على نحو أكثر الوجه الحقيقي للنوايا الأمريكية. السيد بومبيو قال إن بلاده لطالما اعتزت بصداقتها مع الشعب الصيني، ولكن زاد: "أن الحكومة الشيوعية ليست هي الشعب الصيني." بل ذهب كبير الدبلوماسيين الأمريكيين إلى ما هو أبعد من ذلك، في الكلمة التي ألقاها بحفل عشاء في معهد هدسون للأبحاث في نيويورك، قائلا: "إنهم (الصينيون) يبحثون عن الأساليب التي تخلق تحديات للولايات المتحدة الأمريكية والعالم ويستخدمونها، ونحن جميعا بحاجة إلى مواجهة هذه التحديات... وجها لوجه". وأضاف "لم يعد من المعقول تجاهل الاختلافات الأساسية بين نظامينا وتأثير هذه الاختلافات في النظامين على الأمن القومي الأمريكي".

لم تبالغ وزارة الخارجية الصينية في ردها، في الحادي والثلاثين من أكتوبر، على هجوم بومبيو عندما وصفت انتقاده للحزب الشيوعي الصيني بأنه "بالغ الخطورة" ويكشف عن "نواياه الشريرة".

وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية قنغ شوانغ إن هجوم بومبيو على النظام السياسي الصيني، ووصفه لبكين بأنها تهديد "مشحونة تماما بالتحامل الإيديولوجي" وهو ما تعارضه الصين بشدة. وأضاف قنغ: "أن بومبيو ينثر العداء ويغرس بذوره بين الشعب الصيني والحزب الشيوعي الصيني في محاولة للوقيعة بينهم. إن الحزب يعبر على الدوام عن مصالح الشعب ويحافظ عليها، وحاز على ثقته العميقة ودعمه المخلص. إن محاولات الوقيعة بين الشعب والحزب الشيوعي هي استفزاز موجه ضد الشعب الصيني بأسره وستبوء بالفشل."

إن أكثر ما يبرزه بيان الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني هو تماسك الصين حزبا وشعبا وحكومة، وإصرار الصين على وحدة أراضيها في بر الصين الرئيسي والمناطق التابعة لها سواء في هونغ كونغ وماكاو أو تايوان. الصين عازمة على المضي قدما في طريق التنمية السلمية وتحقيق الرخاء المشترك للبشرية، إذ صدر البيان قبل أسبوع تقريبا من افتتاح الدورة الثانية لمعرض الصين الدولي للاستيراد في شانغهاي، والذي يتيح لمنتجات العالم سوقا قوامها مليار وأربعمائة مليون مستهلك. هذا فضلا عن مبادرات الصين العديدة التي تعزز أمن وسلام العالم.

--

د. أشرف السيد، باحث مصري متخصص في الشؤون الدولية. 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4