مجتمع < الرئيسية

"السياحة الحمراء" تنزع الفقر عن باشانغ

: مشاركة
2018-10-26 13:16:00 الصين اليوم:Source جين لو ياو:Author

جبل جينغقانغ في مقاطعة جيانغشي بجنوب غربي الصين، هو مهد الثورة الصينية، فقبل تسعين عاما أقيمت في منطقة الجبل القاعدة الثورية التي انطلقت منها شرارة الثورة وامتدت إلى جميع أنحاء البلاد. في شهر فبراير عام 2016، قبل أسبوع من عيد الربيع، زار الرئيس شي جين بينغ سكان منطقة جبل جينغقانغ، وأكد مجددا أن مسيرة بناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل لن تستثني أحدا، وقال إن منطقة جبل جينغقانغ ينبغي أن تكون مثالا يحتذى به في حملة التخلص من الفقر، مشيرا إلى أن روح جبل جينغقانغ ستكون مصدر إلهام جديدا في العصر الجديد.

بحلول شهر فبراير 2017، كانت منطقة جبل جينغقانغ قد نجحت في خلع قبعة الفقر من خلال تطوير "السياحة الحمراء" وغيرها من الإجراءات الشاملة لمساعدة الفقراء. انخفضت نسبة الفقراء في المنطقة من 8ر13% في عام 2014 إلى 42ر0% في عام 2017، ووصل متوسط دخل الفرد السنوي القابل للإنفاق في المناطق الريفية إلى 9606 يوانات (الدولار الأمريكي يساوي 9ر6 يوانات). قال ليو هونغ، أمين لجنة الحزب في منطقة جبل جينغقانغ: "التخلص من الفقر بسرعة ليس آخر أهدافنا. نحن نسعى جاهدين لتأمين حياة أفضل لجميع سكان منطقة القاعدة الثورية السابقة."

 لقد أصبحت قرية باشانغ التي كانت تعاني من الفقر مثالا يحتذى لسعي الناس لتحقيق حياة أفضل في منطقة جبل جينغقانغ.

"تجربة الجيش الأحمر" تجلب الثراء

تحمل قرية باشانغ لقب "قرية الجيش الأحمر"، فهي تقع في وسط منطقة القاعدة الثورية في جبل جينغقانغ، على مسافة ستة كيلومترات فقط من المسكن الذي أقام فيه الزعيم الصيني الراحل ماو تسي تونغ، وتوجد فيها أطلال مواقع التدريب التي كانت تابعة للجيش الأحمر في منطقة جبل بويون، ومقر القيادة العليا للفيلق الرابع للجيش الأحمر، وضريح شهيد الثورة يوان ون تساي.

في عام 2016، شرعت باشانغ في تطوير قطاع السياحة بها، مستفيدة من موارد الثورة الموجودة فيها. واغتنمت القرية فرصة حصولها على لقب "القاعدة الوطنية لتوعية الشباب في منطقة جبل جينغقانغ"، فخصصت أكثر من خمسة ملايين يوان لإطلاق برنامج سياحي بعنوان "يوم الجيش الأحمر" للتجربة والتدريب، يتضمن أنشطة مختلفة، مثل المسيرات السريعة، ووجبات الجيش الأحمر، والزيارات الميدانية، والاستماع إلى قصص الجيش الأحمر. في كل سنة، يشارك أكثر من أربعين ألف سائح في هذا البرنامج للتعرف على تفاصيل الحياة اليومية لأفراد الجيش الأحمر في ذلك الوقت.

جذب برنامج  "يوم الجيش الأحمر" السياح من جميع أنحاء الصين، الذين يتوافدون إلى القرية لخوض تجربة العيش كأحد أفراد الجيش الأحمر. قال يويه قوي يونغ، وهو طالب في كلية باودينغ بمقاطعة خبي: "استمتعت كثيرا بخوض تجربة المناورات، والعروض، والدراسة الميدانية."

انعكس رواج هذه التجربة المميزة إيجابيا على حياة السكان المحليين، حيث تحسنت ظروفهم المعيشية بفضل عائدات هذا البرنامج السياحي.

قبل عام 2013، كانت زراعة الأرز وتربية الخنازير مصدر الدخل الوحيد للسيدة وو يون يويه، وهي من سكان قرية باشانغ، وعانت من صعوبات الحياة بعد أن توفي زوجها قبل سنوات، تاركا لها طفلين تتولى رعايتهما بمفردها. حتى عندما كانت تتسنى لها بعض الفرص لكسب دخل إضافي من خلال القيام ببعض الأعمال داخل القرية، لم تكن تكسب أكثر من 17 يوانا في اليوم.

في عام 2013، شاركت السيدة وو في أنشطة البرنامج السياحي في القرية لإعداد "وجبات الجيش الأحمر"، وفي ذلك العام كسبت أكثر من ثلاثة آلاف يوان. بحلول عام 2016، كانت السيدة وو قد حققت دخلا صافيا بمتوسط سنوي وصل إلى خمسة عشر ألف يوان من خلال مشاركتها في البرنامج وإعداد الوجبات لأكثر من ألف زائر. قالت السيدة وو مبتسمة: "مازلت أقوم ببعض الأعمال في القرية أحيانا لكسب دخل إضافي. يحقق ابني دخلا يبلغ حوالي عشرين ألف يوان سنويا، وبهذا يصل دخل عائلتنا حاليا إلى نحو أربعين ألف يوان سنويا."

قال ليو وي دونغ، المسؤول في قرية باشانغ: "في عام 2017، شارك أكثر من خمسين أسرة في أنشطة البرنامج السياحي لإعداد وجبات الجيش الأحمر ورواية قصصه، وكسبت كل أسرة من خلال هذا العمل دخلا إضافيا بمتوسط عشرين ألف يوان." وأضاف: "تمكنت جميع الأسر ذات الدخل المنخفض في القرية من التخلص من الفقر. ساهم البرنامج فعلا في زيادة دخل أبناء القرية."

القاعدة التعليمية تجذب المزيد من الزوار

خلال شهر يوليو، الذي يعتبر ذروة الموسم السياحي في القرية، تكون أسرة دنغ تشو شيانغ في قمة انشغالها بإعداد وجبات الطعام التقليدية للزوار، وهو العمل الذي أصبح جزءا لا غنى عنه ضمن حياتهم اليومية بعد أن حولت دنغ جزءا من منزلها والمزرعة المحيطة به إلى ما يشبه النُزُل. تنشغل السيدة دنغ في مطبخ العائلة بتحضير الأطباق المطهوة على البخار في الفرن المصنوع من الطوب، وتقليب وقلي الخضراوات التي تقطفها من الفناء الخلفي للمنزل. تكلفة وجبة الطعام للفرد ثلاثة وثلاثون يوانا. تكسب أسرة دنغ من طاولة لعشرة أشخاص دخلا صافيا قدره مائة وثمانون يوانا، وهو ما يشكل دعما ماليا تحتاج إليه بشدة.

في شهر مايو عام 2018، تم تحويل مدرسة ابتدائية مهجورة في قرية باشانغ إلى "قاعدة تعليمية وتثقيفية في روح الجيش الأحمر"، ومنذ ذلك الحين بدأت القرية تستقبل الزوار الجدد من الأطفال الذين يأتون للمشاركة في المعسكرات الصيفية التي تنظمها القاعدة التثقيفية.

في أوائل شهر يوليو عام 2018، استضافت أسرة السيدة دنغ أربعة عشر تلميذا من طلاب المرحلة الابتدائية المشاركين في المعسكرات الصيفية لبضعة أيام، وحققت دخلا إضافيا يتراوح من ألف إلى ألفي يوان، حيث تبلغ التكلفة اليومية للغرفة بسرير واحد ثلاثين يوانا، والغرفة بسريرين خمسين يوانا، والغرفة المكيفة ثمانين يوانا.

قال لي قوه فنغ، أمين لجنة الحزب في قرية باشانغ: "ستوقع قرية باشانغ قريبا اتفاقية تعاون مع مجموعة نانتشانغ تيانقه للتعليم، بهدف تعزيز المعسكرات الصيفية وتوسيع التدريب. وبذلك سيكون باستطاعة القرية استيعاب مائتي طالب إضافي في اليوم الواحد." يحث السيد لي أبناء القرية على الاقتداء بما قامت به السيدة دنغ وتحويل جزء من بيوتهم الريفية إلى أماكن إقامة منزلية ليتم تأجيرها للطلاب المشاركين في نشاطات القاعدة التثقيفية، حيث أن هذا النوع من الاستثمار لمرة واحدة يمكن أن يحقق دخلا مستداما وكبيرا، كما يرى السيد لي أن من شأن هذا أن يساهم في زيادة حيوية قرية باشانغ ويفتح قنوات جديدة أمام المزارعين لكسب دخول أعلى وتحقيق الثراء مع الوقت.

أضاف لي قوه فنغ: "يجب أن نضمن نمو الاقتصاد الجماعي للقرية وزيادة دخول أبناء القرية، ونعمل على بناء القرية والأسر معا. تماشيا مع هذه المتطلبات، حققت قرية باشانغ مزيدا من التقدم هذا العام في مجال التخلص من الفقر، وتطورت فيها خدمات الإقامة المنزلية، وتعاظمت جهود المعالجة البيئية، مما ساهم في استمرار زيادة الدخل الجماعي للقرية. سنعمل على جعل مواردنا التاريخية والطبيعية مزايا تنموية من خلال السياحة الريفية والسياحة الحمراء." في هذا العام، عززت القرية قدراتها البيئية، واختارت عددا من بين أفضل المنازل ذات الأفنية الجميلة لتقديم خدمات الإقامة المنزلية، كان من بينها منزل أسرة السيدة دنغ. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يحقق الاقتصاد الجماعي للقرية هذ العام دخلا إضافيا حوالي ثمانين ألف يوان من صناعة توليد الطاقة الشمسية.

توارث روح الجيش الأحمر

بفضل تاريخه الثوري الرائع، يعتبر جبل جينغقانغ قاعدة للتعليم والتثقيف حول روح الحزب الشيوعي الصيني والمثل العليا والمعتقدات والتقاليد الثورية والوطنية.

لي تسو فانغ، حفيد شهيد الجيش الأحمر لي شياو فو، كان قائد فريق إنتاج عندما كان في الحادي والعشرين من عمره. في عام 1987، انضم تسو فانغ إلى الحزب الشيوعي الصيني وشغل منصب أمين الجنة الحزب في القرية. يروي لي، البالغ من العمر 61 سنة حاليا، والذي يعمل كمدرب تثقيفي في قاعدة التدريب "الأحمر" بمنطقة جبل جينغقانغ، قصص وحكايات الثورة بطريقة حماسية مفعمة بالعاطفة، ويدندن أغاني الجيش الأحمر بين الحين والآخر. يتمتع لي بشعبية كبيرة في القاعدة، وهو يحرص دائما على تذكير طلابه بأنه "يجب ألا ننسى أبدا من أين جاءت سعادة حياتنا اليوم، وأن نتناقل روح الجيش الأحمر.

"هذه هي الطريقة التي يتم بها صنع النقالة ...،" قال لي تسو فانغ، متوجها إلى الطلاب المشاركين في برنامج "يوم الجيش الأحمر"، وهو يمسك بعصي الخيزران وحبال القنب ويقوم بصنع نقالة بمهارة عالية. يرى السيد لي أن من واجبه ومسؤوليته تمكين جيل الشباب من الاطلاع على تجارب حياة أفراد الجيش الأحمر، وهو لا يكتفي بمهمة التدريس في قرية باشانغ الآن، بل يرغب في نشر قصص الجيش الأحمر وروح جبل جينغقانغ خارج حدود المنطقة، وقد قام بالفعل بنشر تلك القصص في جميع أنحاء البلاد. في نوفمبر 2017، زار السيد لي جامعة جنوب الصين للمعلمين في قوانغتشو لنشر "الجينات الحمراء"، وهو الآن يعمل كمعلم نشاطات اجتماعية في كلية الدراسات العليا بجامعة العاصمة للمعلمين في بكين.

قال السيد لي: "بعد إلقاء عدة محاضرات تلقيت دعوات لإلقاء المزيد من المحاضرات، وقد وصل عدد الذين استمعوا الى قصص الجيش الأحمر مني إلى حوالي ثلاثمائة ألف شخص\ مرة." انهماك لي تسو فانغ في إلقاء المحاضرات يشغله كثيرا، حتى عن تناول وجبة الغداء، كما يُطلب منه دائما المشاركة في التقاط صور تذكارية مع متابعيه ومحبيه، وذات مرة شارك في أكثر من مائة وثمانين صورة جماعية في يوم واحد.

في السابق، كان السيد لي يحقق دخلا شهريا يبلغ حوالي ألف يوان من خلال عمله خارج القرية والزراعة، ومنذ أن شارك في مشروع التخلص من الفقر في القرية في عام 2016، ازداد دخله السنوي بشكل كبير. قال: "في العام الماضي حققت دخلا وصل إلى ثلاثين ألف يوان، وهذه السنة قد يصل دخلي إلى خمسين ألف يوان."

عندما انطلقت حملة التخلص من الفقر، كان يعاني من الفقر في قرية باشانغ ست وثلاثون أسرة تضم اثنين وتسعين فردا. بحلول عام 2017، تقلص هذا العدد إلى أسرة واحدة فقط.

قال العم لي، أمين لجنة الحزب السابق في قرية باشانغ، إن التغيرات التي شهدناها على مدى السنوات الخمس الماضية عميقة بالفعل. الآن، حتى الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين الخامسة والسادسة يرمون القمامة في صناديق المهملات بوعي.

ستكون الحياة في قرية باشانغ في المستقبل أكثر ازدهارا، بفضل إستراتيجية التنمية التي تنفذها ناحية ماوبينغ التي تقع في دائرتها قرية باشانغ، تهدف الإستراتيجية إلى تشجيع السياحة في المنطقة بأكملها، وتعزيز ريادة الأعمال للجميع، وبناء بيئة جميلة، وبناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل. تسعى ناحية ماوبينغ لجعل "البلدة الحمراء" أكثر جمالا، وتركز على بناء حزام للمناظر الطبيعية لتشجيع السياحة البيئية، وتأسيس منطقة للتدريب والتثقيف الحزبي بروح الجيش الأحمر، وبناء منتجع للاستراحة والاستجمام، وقد تم إدراج منطقة التدريب في قرية باشانغ ضمن هذا المخطط.

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4