مجتمع < الرئيسية

معاملة البيئة مثل معاملة الحياة

: مشاركة
2018-09-03 12:39:00 الصين اليوم:Source بان جيا هوا:Author

ما إن تظهر السحب البيضاء في السماء الزرقاء الصافية بمدينة بكين، حتى تغمر صور الجو الصحو تطبيق "دائرة الأصدقاء في ويتشات، ويهرع كثيرون من سكان المدينة إلى ضواحيها في عطلة نهاية الأسبوع، فتصبح صور مناظر البحيرات والجبال والزهور والطيور والحشرات والأسماك موضوعا رئيسيا في "دائرة الأصدقاء" على ويتشات. وإن الصينيين مثل الشعوب الأخرى في العالم يحبون الطبيعة الجميلة، ولكن تواجههم ضغوطا كبيرة لحماية البيئة.

من حسن الحظ أن حماية البيئة أصبحت من أكثر المشكلات التي يهتم بها كبار قادة الصين. في كلمته أمام الدورة الثامنة للمؤتمر الوطني لحماية البيئة الإيكولوجية، التي عقدت في مايو عام 2018، أكد الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ، أن بناء الحضارة الإيكولوجية مشروع أساسي يتعلق بالتنمية المستدامة الأبدية للأمة الصينية، وثمرة هامة لتقدم المجتمع البشري ومطلب حتمي لتحقيق التنمية المتناغمة بين الإنسان والطبيعة، وقضية سياسية هامة تتعلق برسالة وهدف الحزب الشيوعي، وموضوع اجتماعي هام يتعلق بمعيشة الشعب.

التقدم تحت الضغوط

أشار الأمين العام شي جين بينغ في المؤتمر الوطني لحماية البيئة الإيكولوجية، إلى أن "بناء الحضارة الإيكولوجية الصينية يقع في مرحلة مفتاحية تتضاعف فيها الضغوط وتتقدم فيها الصين حاملة الأعباء، وقد دخل مرحلة حاسمة توفر فيها الصين مزيدا من المنتجات الإيكولوجية الممتازة للوفاء بحاجات الشعب المتزايدة إلى البيئة الإيكولوجية الرائعة، وقد جاءت مرحلة رئيسية تتمتع فيها الصين بالظروف والقدرة على معالجة المشكلات البارزة للبيئة الإيكولوجية."

مع دخول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية إلى العصر الجديد، يواجه بناء الحضارة الإيكولوجية ضغوطا مختلفة، فأصبحت مقاومة الضغوط والتقدم إلى الأمام نقطة مفتاحية. الآن، هدف بناء الحضارة الإيكولوجية واضح، ومهمة الإصلاح الهيكلي لجانب العرض لإنتاج المنتجات الإيكولوجية الممتازة شاقة، وتبرز الحاجة الملحة لحياة الناس الجميلة إلى البيئة الإيكولوجية يوميا، فلا بد من تركيز قوى مختلف الأطراف للتغلب على الصعوبات معا. خلال أربعين سنة من الإصلاح والانفتاح، تطور اقتصاد الصين وتقنياتها وقدرتها على المعالجة الأساسية وظروف المعالجة الشاملة للمشكلات البارزة للبيئة الإيكولوجية، وقد أدرجت الصين بناء الحضارة الإيكولوجية في جدول أعمالها.

النتائج الإيجابية للوقاية من التلوث ومعالجته

دخلت التنمية الاقتصادية الصينية الوضع الطبيعي الجديد، وفي الحقيقة فإن الصين دخلت المرحلة الحاسمة لبناء البيئة الإيكولوجية. منذ عام 2012، أعلنت الصين حكومة ومجتمعا الحرب على التلوث، حيث حددت إجراءات الوقاية من تلوث الهواء والمياه والتربة ومعالجته وقد حققت تطورات ملموسة، حيث أن تركيز الجسيمات الدقيقة العالقة (PM2.5) في منطقة دلتا نهر اللؤلؤ انخفض إلى أقل من 35 مكروغرام لكل متر مكعب، وانخفض تركيز نسبة هذه الجسيمات الجسيمات في مجموعة المدن الواقعة في دلتا نهر اليانغتسي إلى أقل من 45 مكروغرام لكل متر مكعب، وانخفض تركيز  نسبتها في بكين من 5ر89 مكروغرام لكل متر مكعب في عام 2013 إلى 58 مكروغرام لكل متر مكعب. وحققت الصين نتائج إيجابية في الوقاية من تلوث المياه وتلوث التربة بالمعادن الثقيلة ومعالجته. منذ عام 2013، انخفض إجمالي حجم استهلاك الصين من الفحم للصين، وتحتل القدرة المركبة للطاقة المتجددة والقدرة المركبة لتوليد الكهرباء مكانة متقدمة في العالم. من أجل إنجاز مهمات إصلاح نظام الحضارة الإيكولوجية، أسست الصين الحديقة الوطنية لمنابع الأنهار الثلاثة (نهر اليانغتسي والنهر الأصفر ونهر لانتسانغ) والحديقة الوطنية للباندا والحديقة الوطنية للنمر السيبيري ونمر آمور. وبينما تتراجع مساحة الأرض الرطبة والغابات في العالم، ازدادت مساحة الأرض الرطبة والغابات في الصين كثيرا.

للصين تجارب ناجحة في بناء الحضارة الإيكولوجية، مثل منع التلوث ومكافحته و"نظام مسؤول النهر" للإدارة الشاملة لأحواض الأنهار و"نظام مسؤول البحيرة" للإدارة الشاملة للبحيرات، ونظام تقييم وفحص البيئة الإيكولوجية وغيرها. الأهم، أن الوعي بالحضارة الإيكولوجية أصبح وعيا عاما في المجتمع. إن التمسك المشترك بالحماية العامة للحزام الاقتصادي لنهر اليانغتسي وعدم تطويره على نطاق واسع صار توافقا مشتركا للمجتمع. أصبحت مقولة "إن الجبال الخضراء والمياه النقية هي جبال من ذهب وجبال من فضة" الأساس القيّم للتنمية الخضراء.

الوقاية من التلوث ومعالجته تحتاج إلى التعاون الدولي والتفاهم

في القرن الحادي والعشرين، دخلت الصين مرحلة التصنيع السريع، وميزة ذلك هي تزويد العالم بمختلف المنتجات الممتازة الرخيصة، ولكن على حساب بيئة الصين في عملية العولمة. وفي الوقت نفسه، تخلصت الصين من الفقر على نطاق واسع، ورفعت مستوى التنمية الاقتصادية ودفعت عملية التحول الحضري. فيمكن القول إن الصين سارت الطريق الذي سارته الدول المتطورة سابقا، وهو طريق "التلوث أولا ثم معالجته"، فاتخذت موقفا متهاونا من تلويث البيئة وتخريب البيئة الإيكولوجية، ولم تنفذ القوانين والأنظمة الصارمة لحماية البيئة تجاه الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مما جعل البيئة تتدهور باستمرار، فمن هذه الزاوية، يمكن القول إن الصين دولة كبيرة في ناحية استهلاك الموارد والتلويث.

ولكن من زاوية أخرى، فإن تلوث الصين جاء نتيجة لتزويد العالم بالمنتجات الممتازة الرخيصة، وتطور الصين المتخلف نسبيا، وعدم إعطاء الأولوية للبيئة. بالإضافة إلى ذلك، أغرقت بعض الدول المتطورة الصين بكميات كبيرة من مخلفاتها، باعتبارها نفايات قابلة لإعادة التدوير، مما جعل الصين "ساحات نفايات" العالم. ومن هذه الزاوية، فإن الصين باعتبارها دولة كبيرة في استهلاك الموارد والتلويث، ساهمت في البيئة النظيفة للعالم وخاصة للدول المتطورة.

رغم ذلك، أدركت الصين قبل عشر سنوات أن حماية بيئة الصين ليست من أجل الصين وحدها فحسب، وإنما أيضا من أجل العالم ومن أجل مستقبل البشرية. فتدفع الصين بناء الحضارة الإيكولوجية بقوة، حيث حققت السيطرة على الحجم الإجمالي لانبعاث الملوثات وأصبحت صارمة في تحديد معايير انبعاث الملوثات للسيطرة عليها؛ وتطبق الاقتصاد الدوري والاقتصاد في استهلاك الموارد والطاقة؛ وقامت بإعادة البيئة الإيكولوجية إلى وضعها الأصلي وحماية التنوع الأحيائي.

وبما أن الفحم يشكل المكون الرئيسي في هيكل الطاقة الصيني (كان الفحم يشكل 70% من حجم استهلاك الطاقة قبل عشر سنوات) وبسبب برودة جو الشتاء في شمالي الصين، فإنه على الرغم من استخدام الصين لتقنية توليد الطاقة فوق الحرجة، التي تعتبر أحدث تقنية في العالم، ما زال حجم انبعاث ملوثات الهواء كبيرا، وخاصة الضباب الدخاني في الشتاء بشمالي الصين. أنجزت الصين بناء حزام التشجير في منطقة سانبي (شمال غربي الصين وشمالي الصين وشمال شرقي الصين) وإنشاء غابات سايهانبا من خلال إعادة الأراضي الزراعية إلى غابات وأراضي معشوشبة، والتشجير الاصطناعي بمساحة 800 كيلومتر مربع، وغير ذلك من أعمال بناء الحضارة الإيكولوجية، مما أدى إلى تقليل العواصف الرملية، ولكن ظهور الضباب الدخاني يُعتبر وجعا جديدا للتنمية. يُعد تدهور الجودة البيئية الصينية في عملية التصنيع والتحول الحضري واقعا، ولكن البيئة تتحسن، بلا انقطاع، وذلك واقع أيضا.

ينبغي النظر الى  مشكلة تلوث البيئة في الصين بشكل موضوعي وصحيح ومتطور، على سبيل المثال، كان معدل تركيز الجسيمات الدقيقة العالقة في بكين 5ر89 مكروغرام لكل متر مكعب في عام 2013، وبعد أربع سنوات من المعالجة، انخفض إلى 58 مكروغرام لكل متر مكعب في عام 2017، رغم أن هذا مازال كبيرا، فإن الإنجازات ليست قليلة. في عام 2017، منعت الصين استيراد "النفايات الأجنبية" لتقليل مصادر الملوثات من خارج الصين. وبرغم أن ذلك يعد إجراء إيجابيا، انتقدته بعض الدول بطريقة غير مباشرة. إن بناء صورة الصين كدولة كبيرة تتحمل المسؤولية، يحتاج إلى جهود الصين نفسها، كما يحتاج إلى الفهم الموضوعي والعادل من المجتمع الدولي. الملوثات تحتاج إلى إدارة وسيطرة من جانب الصين والعالم، وإلى التعاون الدولي والتفاهم أيضا.

--

 بان جيا هوا، رئيس مركز بحوث البيئة والتنمية الحضرية بالأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4