سياحة < الرئيسية

وادي جيوتشايقو.. عالم الحكايات الخيالية

: مشاركة
2022-10-26 16:19:00 شينخوا:Source :Author

يقع وادي جيوتشايقو (وادي التسع قرى) في مقاطعة سيتشوان بالصين، حيث يعيش فيه أبناء تسع قرى تبتية منذ أجيال. يُعتبر هذا المكان تحفة فنية طبيعية، حيث تحيط به القمم الشاهقة المغطاة بالثلوج من جميع الاتجاهات، وبه بحيرات صافية وجميلة، وشلالات متنوعة الأشكال والألوان، وأنهار متدفقة، وغابات خضراء، لذلك يعتبره التبتيون مكانا لـ"الجبال والمياه المقدسة".

منحت الموارد الطبيعية الغنية والمناظر الطبيعية الخلابة وادي جيوتشايقو العديد من الألقاب، وهي: التراث الطبيعي العالمي، والموقع الوطني الرئيسي للمناظر الطبيعية، والمنطقة السياحية الوطنية بدرجة 5A، والمحمية الطبيعية على المستوى الوطني، والحديقة الجيولوجية على المستوى الوطني، كما أن وادي جيوتشايقو أيضا عضو في "برنامج الإنسان والمحيط الحيوي" التابع لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).

وادي جيوتشايقو هو أول محمية طبيعية في الصين تهدف بشكل رئيسي حماية المناظر الطبيعية، وتتميز منطقة المناظر الطبيعية به بالتنوع البيولوجي وكثرة الأحياء النادرة. حيث يوجد في وادي جيوتشايقو 122 نوعا من الفقريات البرية، من بينها 21 نوعا من الحيوانات، و93 نوعا من الطيور، وأربعة أنواع من الزواحف، وأربعة أنواع من البرمائيات. ويعيش فيه العديد من الحيوانات المحمية على المستوى الوطني ومنها الباندا والقرد الذهبي والفهد والأيل ذو الشفة البيضاء والدراج الأخضر الذيل. وتتجاوز نسبة تغطية الغابات في المحمية 80%، كما يوجد به أيضا أربعة وسبعون نوعا من النباتات النادرة المحمية على المستوى الوطني، من بينها النباتات المستخدمة في الأدوية الصينية مثل فطر اليرقة الصيني (كورديسيبس سينينسيس) ولوتس الثلج والثامنوليا، وفريتيلاريا، وجاستروديا إيلاتا، وغيرها.

بحيرة ووهوا

 يقال: "من يرى البحيرات في وادي جيوتشايقو لن يرغب في رؤية المياه في أي مكان آخر"، فمناظر المياه الساحرة في وادي جيوتشايقو لا مثيل لها. تُعد بحيرة ووهوا (الزهور الخمسة) أشهر وأجمل البحيرات العديدة في وادي جيوتشايقو، فلقد مرت عليها العديد من التغيرات والأوضاع. تقع بحيرة ووهوا على ارتفاع 2462 مترا عن سطح البحر، ويصل طولها إلى 450 مترا، وعرضها 313 مترا، بعمق تسعة أمتار، وهي بحيرة حاجزة تكونت بسبب انهيار التربة والسيول المحملة بالطين والحجارة والتي سدت الوادي الجليدي الأصلي. بسبب تكلس قاع البحيرة، وبسبب اختلاف توزيع أنواع الطحالب والنباتات المغمورة بها، تشكلت مجموعات متنوعة من الكتل الملونة في بحيرة ووهوا.

إذا نظرت إلى الأسفل، تجد أن ألوان بحيرة ووهوا زاهية تماما، فهي صافية حتى أنه يمكنك رؤية قاعها، فاللون الأخضر الفاتح والأخضر الداكن والأزرق الداكن والفيروزي والأصفر الذهبي واضحة ومتداخلة بشكل متناسق ولا يطغى أي منها على الآخر. لا يمكن للبحيرات الصناعية أن تصنع مثل هذا المشهد الملون الرائع الذي صنعته الطبيعة في بحيرة ووهوا. ولا يسع المرء إلا الشعور أن هذا المكان هو عالم القصص الخيالية الحقيقي والجنة الملونة الأسطورية. في فصل الخريف، تختلف ألوان الأشجار على ضفاف البحيرة، مكونة طبقات من الألوان الأحمر والأصفر والأخضر مع ألوان البحيرة الزاهية فتعكس الألوان بعضها البعض، كما لو كانت لوحة ألوان تمسك بها الطبيعة بين يديها. يأتي العديد من هواة التصوير من جميع أنحاء الصين في فصل الخريف لالتقاط صور للطبيعة الساحرة هنا.

بحيرة تشانغهاي وبحيرة ووتساي

بحيرة تشانغهاي مقصد آخر لا بد من زيارته في وادي جيوتشايقو، وتقع عند أعلى ارتفاع فيه وهي البحيرة الأعمق والأكبر من حيث المساحة وسعة التخزين من بين بحيرات وادي جيوتشايقو. تقع على ارتفاع 3101 متر عن سطح البحر، ويبلغ طولها الإجمالي 4350 مترا، وعرضها 300 متر، وعمقها 90 مترا، وتبلغ سعتها التخزينية خمسة وأربعين مليون متر مكعب، سطحها المائي على شكل حرف "S"، وهي عبارة عن بحيرة جليدية حاجزة، مياهها عذبة.

سطح مياه بحيرة تشانغهاي ذو لون أزرق داكن، والقمم الجبلية المجاورة للبحيرة مغطاة بالثلوج طوال العام، والغابات المحيطة بها خضراء زاهية. بالوقوف على منصة المشاهدة عند بحيرة تشانغهاي والنظر لأعلى، ستجد أن كل ما تراه عيناك هو السماء الزرقاء والسحب البيضاء والقمم الثلجية، وستشعر أن الجبال والسماء متصلان ولا تفصل أي مسافة بينها. يمكنك السير على الدرب الخشبي المجاور لمنصة المشاهدة إلى الأسفل حتى تصل إلى البحيرة التي يكون لونها كاليشم الأخضر. بمشاهدة بحيرة تشانغهاي عن قرب، ستشعر أن البحيرة واسعة كالبحر، والجبال الخضراء تقف شامخة تخترق السحب.

مصدر مياه بحيرة تشانغهاي هو الثلج الذائب من الجبال العالية، والغريب أنه لا توجد منافذ للمياه في بحيرة تشانغهاي، لكن لا تفيض المياه في مواسم الأمطار في فصلي الصيف والخريف، ولا تجف في فصلي الشتاء والربيع، لذلك يسميها السكان المحليون في وادي جيوتشايقو القَرْعَة الثمينة التي لا تمتلئ ولا تجف أبدا. في أبرد أيام الشتاء، يصل سُمْك الجليد في بحيرة تشانغهاي إلى 60 سنتيمترا، مما يجعلها مكانا مثاليا لممارسة رياضات الجليد.

بحيرة ووتساي (الألوان الخمسة) تقع على بُعد كيلومتر واحد أسفل بحيرة تشانغهاي، وهي من المياه الأكثر روعة في وادي جيوتشايقو، ومعروفة باسم "عين وادي جيوتشايقو". تقع بحيرة ووتساي على ارتفاع 3010 أمتار عن سطح البحر، بطول حوالي 100 متر، وعرض 60 مترا، وعمق 6ر6 أمتار، وهي مخبأة في وادي عميق أسفل الطريق العام. على الرغم من أن بحيرة ووتساي هي أصغر بحيرة في وادي جيوتشايقو، فإن ألوانها هي الأكثر روعة، والتي يمكن أن تُقارَن مع بحيرة ووهوا.

مياه بحيرة ووتساي صافية جدا، حيث يمكنك رؤية عروق الصخور في قاع البحيرة، وهناك مجموعات من النباتات المائية في البحيرة مثل طحالب السبيوجيرا والحِبَاق والسراخس الصغيرة وغيرها، كما تنمو بها أعشاب عديدة مثل القصب والكنباث والأسل المفترش وغيرها. وتحتوي هذه المجموعات النباتية على درجات مختلفة من الكلوروفيل، فتظهر ألوانا مختلفة في مياه بحيرة ووتساي الغنية بكربونات الكالسيوم. وبسبب الألوان المختلفة للرواسب في قاع البحيرة والنباتات على ضفة البحيرة، أصبح لون سطح البحيرة، الذي كان أزرق في الأصل، زاهيا. في بحيرة واحدة، توجد مناطق المياه المختلفة الألوان، بعضها أزرق، وبعضها أخضر، وبعضها أصفر، وبعضها أزرق وردي، هذه المناظر الطبيعية النادرة تجعل الناس ينغمسون في المتعة حتى ينسون العودة.

الأكثر إثارة للدهشة هو أنه في فترة الشتاء القارس البرودة، لا تتجمد مياه البحيرة وتظل تتموّج، وتبدو مياه البحيرة كما لو أنها لا تزيد أو تنقص رغم تناوب الأمطار والجفاف عليها خلال فصول السنة الأربعة. ويرجع سبب ذلك إلى أن مياه البحيرة توفرها مياه بحيرة تشانغهاي الواقعة على مكان مرتفع من تحت الأرض، ولا تتجمد الأرض وتظل على درجة حرارة ثابتة طوال العام، فيكون مقدار المياه الذي توفره بحيرة تشانغهاي لبحيرة ووتساي مستقرا طوال العام أيضا.

ثقافة القرى

تمت تسمية وادي جيوتشايقو بهذا الاسم لأنه يتكون من تسع قرى تبتية، وقرية شوتشنغ هي القرية المفتوحة حاليا للزوار في وادي جيوتشايقو للمناظر الطبيعية. يستقبل أبناء القرية البسطاء واللطفاء كل زوار وادي جيوتشايقو بابتسامات مشرقة.

قرية شوتشنغ هي قرية لقوميتي التبت وتشيانغ، تقع في وادي شوتشنغ، يمكن فيها للزوار مشاهدة البنايات التبتية التقليدية، والرسوم الملونة على أبواب ونوافذ البيوت وأزياء أبناء قومية التبت، كما أن هناك أنزال تبتية مخصصة لتجربة الحياة اليومية لأبناء قومية التبت، فيمكن للزوار تجربة ملبس ومأكل وسكن ووسائل مواصلات أبناء قومية التبت.

داخل الأنزال، توضع المشغولات اليدوية المحلية واللوازم اليومية على الجدران المزخرفة التبتية التقليدية، وتمتلئ الموائد بالأطباق والمشروبات اللذيذة. ويشرح أبناء القرية، الذين يرتدون الأزياء التبتية التقليدية، تاريخ قوميتهم وعاداتهم وتقاليدهم المعيشية للزوار، ويمكن للزوار الجلوس على السجاد يستمعون لأبناء القرية وهم يحتسون المشروبات والشاي اللذيذ، يلي ذلك عروض غنائية ورقصات تبتية تقليدية، ويمكن للزوار الانضمام لهم والغناء والرقص معهم إن أرادوا.

يوجد خلف القرية جبل داقه الذي يبلغ ارتفاعه 4200 متر عن سطح البحر، وفي القرية تسع باغودات بيضاء، والتي تمثل الوحدة والتناغم والسعادة بين القرى التسع لقومية التبت. ترفرف رايات الصلاة الملونة مع الرياح، ويبدو المعبد الأبيض مضيئا تحت أشعة الشمس، ويأتي الزوار إلى هنا ويتعبدون بهدوء.

شكلت السماء الزرقاء، وأشعة الشمس الساطعة، والهواء النقي، والقرى القديمة المنتشرة فيما بينها صورة فنية جميلة من الوئام والوحدة، وتقدم البحيرة الصافية الملونة على خلفية الغابات الملونة والجبال المغطاة بالثلوج والأنزال القديمة البسيطة، عالما خياليا على الأرض، وتجعل الزوار، الذي لا حصر لعددهم، لا ينسون وادي جيوتشايقو أبدا.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4