مال واقتصاد < الرئيسية

عصر "اقتصاد الوظائف المؤقتة"

: مشاركة
2021-05-17 15:40:00 الصين اليوم:Source تشن جيون:Author

أدى انتشار كوفيد- 19 إلى ظهور وظائف جديدة تعتمد على الاقتصاد الرقمي. وفقا لبيانات وزارة الموارد البشرية والضمان الاجتماعي الصينية، يبلغ عدد أصحاب الوظائف المرنة في الصين مائتي مليون تقريبا، وهم يشكلون دعامة لاقتصاد الوظائف المؤقتة. وحيث أن حجم القوى العاملة في الصين يبلغ نحو تسعمائة مليون، فإن ذلك يعني أن فردا واحدا على الأقل من كل خمسة أفراد من القوى العاملة يشتغل بوظيفة مؤقتة. لقد حان عصر "اقتصاد الوظائف المؤقتة".

العمل المرن

"اقتصاد الوظائف المؤقتة" ليس شيئا جديدا. على وجه العموم، يتكون "اقتصاد الوظائف المؤقتة" من ثلاثة أقسام: العاملون في وظائف مؤقتة ومنصة الخدمات ومتلقي الخدمات. أدى التطور السريع لتكنولوجيا الإنترنت والمنصات الطرفية النقالة إلى تحسين كفاءة توزيع الوظائف المرنة وزيادة عدد المتلقيين وتوسيع نطاق "اقتصاد الوظائف المؤقتة".

خلال فترة انتشار كوفيد- 19، انتقلت الأنشطة الاستهلاكية في مجالات الطب والتعليم والوجبات الجاهزة إلى الإنترنت، مما خلق المزيد من فرص العمل، وأصبحت العمالة المرنة طريقة هامة لتعيين الموظفين، وتضطلع بدور إيجابي في ضمان التوظيف في الأوقات الخاصة. على سبيل المثال، تتعاون تطبيقات الإنترنت مثل خهما شيانشنغ وميتوان مايتساي مع المؤسسات المتخصصة في إعداد الطعام لتشغيل العمالة التشاركية. وقد أدى هذا إلى تخفيف حدة مشكلة نقص العمالة الناجمة عن زيادة الطلب في خهما شيانشنغ وميتوان مايتساي، وأيضا تقليل عبء الأجور التي تدفعها شركات الأطعمة، وضمان دخل موظفيها.

في عصر الاقتصاد الرقمي، زاد عدد أصحاب العمالة المرنة بشكل كبير، وذلك لأن "اقتصاد الوظائف المؤقتة" غيّر طريقة التوظيف وأشكال العمل التقليدية.

في الساعة الثامنة والنصف مساء، يكون السائق لي ليانغ مستعدا بسيارته في شارع وانفنغ ببكين لتلقي الطلبات عبر تطبيق السيارة. لي ليانغ، البالغ من العمر خمسة وثلاثين عاما، كان يدير مع زوجته مطعما للوجبات السريعة بالقرب من سوق هواشيانغ لتجارة السيارات المستعملة ببكين، قبل أن يعمل سائقا. بسبب تفشي كوفيد- 19، أغلق مطعم الوجبات السريعة، وقرر أن يستفيد من خبرته في قيادة السيارات بالعمل سائقا.

بالمقارنة مع إدارة مطعم الوجبات السريعة، لا يحتاج لي ليانغ إلى الاستيقاظ مبكرا لإعداد الطعام كل يوم، ويتمتع بمرونة كبيرة في العمل، فإذا شعر بالتعب يمكنه الاستراحة في البيت، ومواصلة العمل وكسب الرزق في اليوم التالي. قال لي ليانغ: "ساعة الذروة للطلبات التي يحصل عليها تمتد من التاسعة إلى الساعة العاشرة مساء كل يوم. أتلقى ثلاثة طلبات في المتوسط كل يوم، وأكسب خمسة آلاف آلاف يوان (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات) شهريا."

مرونة وقت العمل أكبر ميزة للعمالة المرنة. يعمل السيد وانغ، البالغ من العمر ثلاثين سنة، سائق تاكسي. قال إن الطلب على سيارات الأجرة يزداد خلال ساعات الذروة الصباحية والمسائية، فترفع منصة طلب السيارات أجر السائقين، لكن السائق يتحمل المزيد من النفقات لتزويد السيارة بالوقود بسبب الازدحام المروري. وعندما تكون حركة المرور سلسة خلال ساعات العمل العادية، فإن السائقين يتدافعون بحثا عن الطلبات. قال السائق وانغ: "أرتب وقت عملي بنفسي، فأتمتع بوقت أكثر مرونة. يمكنني أن أكسب نحو ثمانية آلاف يوان في الشهر إذا عملت لوقت أطول."

الوظائف المؤقتة المريحة التي يمكن بها كسب المال قليلة. قال السي لي والسيد وانغ إن المال الذي يكسبانه يأتي من العمل الشاق. وإذا كنت ترغب في كسب المزيد، يجب أن تعمل بجهد أكبر. مقارنة مع الموظفين الذين يعملون في الوظائف التقليدية، فإن دخل العمالة المرنة ليس مستقرا، فضلا عن ذلك، فإن أكبر عيب للعمالة المرنة هو الافتقار إلى التأمين الاجتماعي حتى الآن، فمع تقدم الفرد في السن وعدم قدرته على مزاولة الوظائف المرنة، سيواجه مأزق عدم وجود دخل مستقر ومعاش التقاعد.

أثبتت دراسات أجرتها وزارة الموارد البشرية والضمان الاجتماعي، أن مخاوف السائقين منطقية. وفي ظل عدم وجود تأمين ضد إصابات العمل، تقوم الكثير من المؤسسات بشراء التأمين التجاري لموظفيها كضمان لهم في حالة حدوث إصابات عمل. لكن بالمقارنة مع التأمين ضد إصابات العمل، فإن التأمين التجاري، الذي يشتريه أرباب الوظائف المرنة، له قيمة مضافة منخفضة وحماية أقل.

كيف يمكن حماية العمالة المرنة؟

أصبح "اقتصاد الوظائف المؤقتة" اتجاها سائدا تدريجيا، وتزداد أنواع العمل المؤقت أيضا. يمكن للعمالة المرنة اختيار المزيد من الأعمال الجديدة، مثل مذيع البث المباشر وتحضير وبيع أطعمة الحيوانات الأليفة، إلخ. كما تفضل المزيد من الشركات الآن تشغيل العمالة المرنة. وفقا لـ((تقرير تطور العمالة المرنة في الصين لعام 2021))، الصادر عن كلية العمل والموارد البشرية بجامعة رنمين الصينية، وصلت نسبة العمالة المرنة في المؤسسات الصينية إلى 68ر55% في عام 2020، بزيادة بلغت نسبتها 11% عن العام السابق. حوالي 30% من الشركات الصينية أبدت رغبتها في مواصلة استخدام هذه الطريقة أو توظيف المزيد من العمال المؤقتين.

لقد غيرت العمالة المرنة العلاقات التقليدية بين العمال وأرباب العمل، فتم التحول من نمط "الشركة+ الموظف" إلى نمط "المنصة+ الموظف". العلاقة بين مؤسسة التوظيف ومنصة التوظيف المرنة، والعلاقة بين منصة التوظيف المرنة والموظفين، شراكة تعاونية لا تخضع لقانون العمل أو قانون عقود العمل لجمهورية الصين الشعبية. لذلك، أصبحت كيفية حماية حقوق العمالة المرنة موضوعا ساخنا.

وفقا لإحصاءات وزارة العدل الصينية، فإن الدعاوى القضائية الأكبر عددا في نزاعات العمل هي الدعاوى التي تتعلق بالعمالة المرنة، هي  بسبب المطالبة بالأجور. على الرغم من أن هذا الأمر يبدو وكأنه يتناول فقط مشكلة أجور العاملين، فإنه يشير أحيانا إلى فرضية أن العامل يحتاج إلى تأكيد علاقة العمل. وثاني أكبر عدد من نزاعات العمل هو الدعاوى القضائية لطلب تأكيد علاقة العمل، ويأتي بعدها دعاوى المطالبة بتعويض أو تعويض عن إنهاء علاقة العمل.

في الحقيقة، خلال دورة 2020 للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، التقى الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني شي جين بينغ، مع ممثلي القطاع الاقتصادي، وقال: "أشكال العمل الجديدة ظهرت بشكل غير متوقع. فيجب علينا التكيف مع الوضع الجديد للاستفادة من تلك الأشياء الجديدة. ولا شك أننا نحتاج إلى وضع القوانين واللوائح المناسبة لتطوير أشكال العمل الجديدة في أسرع وقت ممكن." وأكد السيد شي على أن الصين ينبغي لها وضع قانون في الوقت المناسب لحل المشكلات المتعلقة بحماية حقوق العمال الذين يقومون بالأعمال المعنية الجديدة، وحماية حقوق المستهلكين ومصالحهم المشروعة.

أشار تقرير عمل الحكومة لعام 2021، إلى تشجيع سوق العمل وسوق الأكفاء وسوق العمل المؤقت واستكشاف المزيد من أشكال العمل الجديدة، من أجل خلق المزيد من فرص العمل المتكافئة لكل الراغبين والقادرين. كما أكد التقرير على مواصلة منح إعانات الضمان الاجتماعي للعمالة المرنة، ودفع العمل قدما لرفع قيود نظام السجل العائلي المفروضة على مَنْ يريد الاشتراك في التأمين الاجتماعي بمكان عمله. وهذا يعطي ضمانا للعمالة المرنة.

يعتقد بعض المتخصصين في دراسة أشكال العمل الجديدة، أنه ينبغي للصين مراعاة تكاليف العمالة للشركات، فضلا عن التفكير في حماية حقوق العمال، عندما تضع القوانين لتوحيد المعايير حول الوظائف المرنة. لا تحتاج الصين إلى وضع القانون المناسب فحسب، وإنما أيضا العمل على توجيه الممارسين لتنفيذ تلك الإجراءات بشأن الضمان الاجتماعي. بالنظر إلى التوازن بين تكاليف الشركات وحقوق العمال ومصالحهم، فإن إدخال التأمين التجاري هو وسيلة فعالة. على سبيل المثال، يمكن للشركة شراء تأمين مسؤولية صاحب العمل والتأمين الجماعي ضد الحوادث للعمال المؤقتين، طالما يتم تقديم عقد العمل. يمكن للعمال المؤقتين شراء التأمين ضد الحوادث وتأمين الدراجات النارية بأنفسهم، حتى لو لم يوقعوا عقد العمل مع الشركة. لذا، يمكن للعمال المؤقتين تحقيق من المزيد من الحماية لحقوقهم.

الابتكار في الحوكمة

الاقتصاد الذي يحمي الحقوق والمصالح هو "اقتصاد جيد" و"اقتصاد سليم". تعد حماية الحقوق والمصالح المشروعة للعمالة المرنة اختبارا لابتكار قدرة الحكومة على الحوكمة إلى حد كبير. مؤخرا، أصدر مجلس الدولة الصيني ((الاقتراحات بشأن دعم الوظائف المرنة من خلال قنوات متعددة))، والتي أشارت إلى أنه من الضروري تعزيز دعم الوظائف المرنة وحماية حقوق العمال ومصالحهم. على وجه التحديد، يجب وضع السياسات بشأن ضمان التوظيف وحماية حقوق العمال على المنصات المعنية لتوضيح مسؤوليات الشركات القائمة على شبكة الإنترنت في حماية حقوق العمال وتوجيه تلك الشركات والمؤسسات المعنية والعمال للتفاوض حول الأجور والإجازات وضمان السلامة المهنية، إلخ.

اتخذت الحكومات المحلية على كافة المستويات الإجراءات المعنية لاستكشاف طرق حماية حقوق العمالة المرنة. أصدرت الحكومة المحلية لمقاطعة شاندونغ ((الإشعار بشأن عشرين تدبيرا لدفع الوظائف المرنة)) بموجب ((الاقتراحات بشأن دعم الوظائف المرنة من خلال قنوات متعددة))، وأعلنت بوضوح الإجراءات المتعلقة بتعزيز التشاور الجماعي حول أشكال العمل الجديدة وتحسين نظام التأمين الاجتماعي للعمالة المرنة وتقديم إعانات التأمين الاجتماعي للعمالة المؤقتة وغيرها سعيا إلى الحث على التوظيف المتسم بالمرونة.

أصدرت الحكومة المحلية لمقاطعة جيانغشي ((الخطة بشأن قبول العمالة المرنة في النقابات والأعمال الخدمية))، لاستكشاف طرق جديدة لإنشاء النِقابات وتحسين الطريقة الفعالة لتأسيس النِقابات وقبول أعضائها.

وقد أطلقت نِقابة شانغهاي للعمال تطبيق شنقونغشه على الإنترنت، لتسليط الضوء على مسؤوليات النِقابات في حماية حقوق العمال. يمكن للعمال التمتع بالمساعدة القانونية المناسبة مجانا من خلال تطبيق شنقونغشه. بالإضافة إلى ذلك، يمكن لأعضاء نِقابة شانغهاي للعمال تقديم طلب للحصول على الخدمات المجانية مثل إعداد الأوراق القانونية وإيجاد الممثل القانوني في التحكيم أو الدعاوى القضائية. بلغ عدد أعضاء نِقابة شانغهاي للعمال أكثر من عشرين ألفا حتى الآن.

في ١٥ مارس ٢٠٢١، أكد الرئيس شي جين بينغ في الاجتماع التاسع للجنة المالية والاقتصادية التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، أن اقتصاد المنصات الصيني يمر بمرحلة تنمية هامة، ويجب على الصين تعزيز المجالات الضعيفة وخلق البيئة المناسبة للابتكار وحل التناقضات والمشكلات البارزة وتشجيع تطور اقتصاد المنصات بشكل منتظم ومستدام. إن هذا يشير إلى اتجاه التنمية السليمة والمستدامة لـ "اقتصاد الوظائف المؤقتة"، ليستفيد المزيد من الناس من المنافع المشتركة في عصر الإنترنت.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4