مال واقتصاد < الرئيسية

دفع إصلاح منظمة التجارة العالمية.. واجب ملزم على الصين

: مشاركة
2019-01-28 13:24:00 الصين اليوم:Source ياو لينغ:Author

الصين، بصفتها الدولة التي تحتل المرتبة الأولى عالميا في التجارة السلعية وصاحبة أكبر اقتصاد بين الدول النامية، ينبغي لها أن تشارك بنشاط في إصلاح منظمة التجارة العالمية، لجعلها تلبي الاحتياجات الواقعية للتنمية الاقتصادية والتجارية العالمية بشكل أفضل، ولتعزيز نمو الاقتصاد والتجارة في أنحاء العالم.

الحاجة الملحة من الخارج

تلعب منظمة التجارة العالمية، منذ تأسيسها في عام 1995، دورا لا غنى عنه في الحفاظ على حرية ونزاهة التجارة العالمية، ودعم نمو التجارة، وتعزيز تنمية الاقتصادات الناشئة والنامية في العالم. ​​وفقا لبيانات المنظمة، حتى نهاية عام 2017، رفع أعضاء منظمة التجارة العالمية دعاوى قضائية حول 308 منازعات تجارية وتم إنشاء فرق للخبراء بشأنها، من بينها 156 منازعة قُدمت طلبات استئناف بخصوصها إلى أجهزة التحكيم وصدرت تقارير الدعاوى القضائية. الجدير بالذكر أن نسبة الدعاوى القضائية المرفوعة من الاقتصاديات المتقدمة إلى الاقتصاديات النامية هي 2: 3.

هذه البيانات تظهر أيضا الدور الواضح للمنظمة في تعزيز نمو التجارة، فخلال الفترة من عام 1994 إلى عام 2017، زادت التجارة العالمية في صادرات السلع 3.1 مرة ، أسرع من معدل نمو الاقتصاد العالمي خلال نفس الفترة (1.9 مرة) ، وحققت الاقتصادات الناشئة والنامية تنمية سريعة في التجارة الخارجية، وارتفعت حصتها من الصادرات في الإجمالي العالمي من 3ر27% إلى 8ر47%، وزاد حجم صادرات الدول الأقل نموا ثماني مرات.

على الرغم من هذه العوامل الإيجابية، تواجه منظمة التجارة العالمية القائمة على قواعد التعددية، تحديات غير مسبوقة بسبب تزايد صدمات الأحادية والحمائية التجارية في العالم.

الشلل يقترب من هيئة الاستئناف. تتميز منظمة التجارة العالمية منذ إنشائها بثلاث وظائف، أي وظيفة استئناف الشكوى (فض المنازعات) ووظيفة المفاوضات التجارية (تحديد القواعد) ووظيفة المراقبة (الأعمال اليومية والشفافية).

 تعد وظيفة آلية تقديم الاستئناف لفض المنازعات "درة التاج" لمنظمة التجارة العالمية، التي تقوم على هدف فض المنازعات بقواعد المنظمة لضمان تمتع الاقتصادات المتقدمة والاقتصادات الناشئة ببيئة تجارية عادلة في نظام التعددية التجارية العالمية. ولكن منذ عام 2017، واجهت هذه الآلية أخطر أزمة منذ ولادتها. وفقا لقواعد منظمة التجارة العالمية، تتكون هيئة الاستئناف من سبعة أعضاء، إذا وصلت منازعة تجارية إلى مرحلة الاستئناف، تكون هناك حاجة إلى تشكيل فرقة حكم مكونة من ثلاثة أعضاء يتم اختيارهم من سبعة أعضاء في هيئة الاستئناف. ومع ذلك، أحبطت الولايات المتحدة الأمريكية بدء عملية اختيار الأعضاء الجدد، مما أدى إلى بقاء ثلاثة أعضاء فقط في هذه الهيئة حاليا، منهم اثنان ستنتهي مدة عضويتهما في ديسمبر عام 2019. وإذا لم يتغير هذا الوضع في النصف الأول لعام 2019، فإن هذه الهيئة مصيرها الشلل.

إعاقة شديدة للمفاوضات التجارية المتعددة الأطراف. منظمة التجارة العالمية هي خليفة الاتفاقية العامة للتعريفات والتجارة (GAAT)، التي أنشئت في أعقاب الحرب العالمية الثانية وكانت، في وقت مبكر، هيئة دولية هدفها إجراء مفاوضات خفض التعريفات بين الاقتصادات المتقدمة، حيث لم تشارك الاقتصادات الناشئة بنشاط في هذه المفاوضات. ولكن منذ جولة أوروغواي للمفاوضات التجارية (1986- 1994)، إلى ما بعد إنشاء منظمة التجارة العالمية في عام 1995، يتواصل ارتفاع صوت الاقتصادات النامية وحضورها في المنظمة. مع ذلك، وبسبب عوامل مثل زيادة العضوية ومطالب متنوعة من الاقتصادات المختلفة ومبدأ منظمة التجارة العالمية باتفاق الإجماع، لم تحقق مفاوضات جولة الدوحة أي تقدم، مما أدى إلى إعاقة شديدة لمهمة المنظمة في المفاوضات التجارية.

ارتفاع الأحادية والحمائية التجارية في العالم. بعد الأزمة المالية العالمية الأخيرة، ظل انتعاش الاقتصاد العالمي متعثرا. ووفر التباطؤ الاقتصادي بيئة خصبة للحمائية التجارية. ويواجه تحرير التجارة والعولمة الاقتصادية المزيد من الشكوك في الاقتصادات المتقدمة، وصار النظر إلى التجارة من زاوية الاقتصاد الوطني والأمن الوطني صوتا رئيسيا لكسب المزيد من دعم الناخبين في تلك الاقتصادات. وعلى هذه الخلفية، رفع دونالد ترامب بعد توليه منصبه رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، شعار   "أمريكا أولا"، وانسحبت بلاده من المنظمات الدولية المتعددة والاتفاقات المتعددة الأطراف، مثل اتفاق باريس للمناخ والاتحاد البريدي العالمي.

وفي الوقت نفسه، اتخذت إدارة ترامب خطوات أحادية، مثل فرض الرسوم الجمركية على الواردات بحجة الأمن الوطني، وأثارت حروبا تجارية، وهددت بإلغاء اتفاق التجارة الحرة لأمريكا الشمالية من أجل توقيع اتفاق ثلاثي جديد مع كندا والمكسيك، بل إن هذه الإدارة لا تتردد في الإضرار بمصالح حلفائها التقليديين بما فيها الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية من خلال الإعلان عن نيتها في فرض الرسوم الجمركية على السيارات المستوردة. من ناحية، ربما تحمي مصالحها الوطنية، ولكن من ناحية أخرى، عجلت هذه الخطوات بانهيار أركان النظام التجاري العالمي متعدد الأطراف.

تنمية الصين تحتاج إلى إصلاح منظمة التجارة العالمية

أشار الرئيس الصيني شي جين بينغ في تقرير ألقاه في المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني في عام 2017، إلى أن الاشتراكية ذات الخصائص الصينية قد دخلت عصرا جديدا؛ سيكون عصر اقتراب الصين من مركز المسرح العالمي وتقديم مساهمات أكبر للبشرية. تستعد الصين للمشاركة بنشاط في إصلاح منظمة التجارة العالمية وتقدم خطتها لبناء نظام التجارة العالمي.

تنمية الصين تحتاج إلى بيئة التجارة الدولية الشاملة والمنفتحة. الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية على حد سواء شركاء تجاريون رئيسيون للصين، فوارداتهما من الصين تشكل 4ر35% من إجمالي صادرات الصين. اختلافا عن الأحادية والحمائية التجارية، التي تتمسك الولايات المتحدة بها، لا تزال معظم الاقتصادات، بما فيها الاتحاد الأوروبي، تدعم النظام التجاري المتعدد الأطراف، القائم على التجارة الحرة والقواعد. في ظل التوتر التجاري الصيني- الأمريكي، يعد دفع إصلاح منظمة التجارة العالمية والحفاظ على شرعية وصلاحية هذه المنظمة مفتاح ضمان الاستقرار للبيئة التجارية الصينية تجاه الخارج.

الصين تحتاج إلى منصة دولية أوسع لبناء نفسها دولة تجارية قوية. منذ طرح الرئيس شي جين بينغ مبادرة "الحزام والطريق" عام 2013، تتمسك الصين بمبدأ التشاور والتعاون والمنفعة للجميع، وتعزز بنشاط التعاون في تحقيق ترابط المنشآت والتجارة دون عوائق والتكامل المالي مع البلدان الواقعة على الطول "الحزام والطريق" في آسيا وأوروبا وأفريقيا. وتلقى هذه المبادرة استجابة حارة من تلك البلدان.

أصبحت مبادرة "الحزام وطريق" منصة هامة للتعاون الدولي خلال خمس سنوات فقط، من خلال إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية وصندوق طريق الحرير، وتعزيز ربط إستراتيجيات التنمية لدول "الحزام والطريق"، ودفع بناء ستة ممرات اقتصادية. تجاوزت مبادرة "الحزام والطريق" مجال التجارة والاستثمار، إلى القطاعات الثقافية والاجتماعية وحماية البيئة وتعزيز التعاون المربح للجانبين والتنمية الشاملة.

مبادرة "الحزام وطريق"، كخطة صينية لدفع التنمية الاقتصادية العالمية، عززت تعاون المنفعة المتبادلة والفوز المشترك بين الصين والبلدان الواقعة على طول "الحزام وطريق"، أما إصلاح منظمة التجارة العالمية، الذي يضع الانفتاح والشمول وعدم التمييز كقيمة جوهرية، فسيضع حجر أساس للجولة الجديدة لنمو التجارة العالمية في مسرح أوسع أو مسرح متعدد الأطراف، مما سيساعد بلا شك في تحفيز تنمية الصين.

--

ياو لينغ: نائب رئيس الأكاديمية الصينية للتجارة الدولية والتعاون الاقتصادي التابعة لوزارة التجارة الصينية.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4