أقيمت الدورة الأولى لمعرض الصين الدولي للاستيراد في المركز الوطني للمعارض والمؤتمرات بحي هونغتشياو بغربي بلدية شانغهاي في الفترة من الخامس إلى العاشر من نوفمبر 2018، وهو أول معرض وطني مخصص للاستيراد في الصين وحتى في العالم.

يعتبر المعرض الوطني الشامل للتجارة والاستثمار من الخصائص المميزة لمعرض الصين الدولي للاستيراد، حيث شاركت فيه 172 دولة ومنطقة ومنظمة دولية، من بينها دول متقدمة وأخرى نامية وثالثة أقل نموا. وقد شهد المعرض أجنحة مميزة لعرض الثقافة المحلية الفريدة وتفوق الصناعات المتميزة للدول الاثنتي عشرة ضيفة الشرف، بما فيها إندونيسيا وفيتنام وباكستان وجنوب أفريقيا ومصر وروسيا والمملكة المتحدة وهنغاريا وألمانيا وكندا والبرازيل والمكسيك.

اشتركت 3600 شركة من أنحاء العالم في المعرض، بما فيها 200 شركة من أقوى 500 شركة في العالم مثل جنرال إلكتريك ودوبونت وميتسوبيشي إلكتريك ومايكروسوفت، وطُرح أكثر من مائة منتج وتقنية جديدة خلال المعرض.

"البرسيم ذو الأربع أوراق" في شانغهاي

المركز الوطني للمعارض والمؤتمرات الذي أقيم فيه معرض الصين الدولي للاستيراد، تم تدشينه في عام 2015، وحمل لقب "البرسيم ذي الأربع أوراق" بسبب شكله الذي يشبه نبتة برسيم بأربع أوراق.

عند الحديث عن بناء هذا المعرض، لا بد أن نذكر شركة هندسة البناء الصينية- وهي شركة مملوكة للدولة- التي تعهدت ببناء ثماني بنايات وعدد من المرافق الأخرى تمثل نصف مشروع "البرسيم ذي الأوراق الأربعة" تقريبا.

خلال تسعمائة وستة وخمسين يوما من العمل في مساحة ستمائة ألف متر مربع، تغلبت شركة هندسة البناء الصينية على العديد من الصعوبات؛ فالمساحة الواسعة ومدة العمل القصيرة، فضلا عن معايير البناء العالية، كل ذلك شكل تحديا تلو الآخر.

يبلغ ارتفاع أعلى مكان في المركز 43 مترا، وكان تكييف الهواء في مكان مرتفع أمرا صعبا فيما يتعلق بتركيب المعدات الكهروميكانيكية. وقد طبقت شركة هندسة البناء الصينية تقنية السيطرة على البيئة الذكية لتحقيق التكييف التلقائي لدرجة الحرارة والرطوبة في داخل المركز. ولأن زوار المركز عددهم كبير، ركبت الشركة مراوح الاستشعار التي يمكنها فحص كثافة الدخان ومن ثم تعديل قوة تكييف الهواء في حالة الحرائق، وهذه تقنية تستخدم في الصين لأول مرة.

تم إنجاز بناء "البرسيم ذي الأربع أوراق" في اليوم الأخير لعام 2014، وحصل هذا المشروع على جائزة لوبان وجائزة تشانتيانيو والجائزة الذهبية للهيكل الفولاذي، وهي من أرفع الجوائز في مجال البناء بالصين.

إضافة إلى ذلك، تعهدت الشركة بتنفيذ مشروع إصلاح وتوسيع شبكة المواصلات، التي تشمل الطرق العامة في حي هونغتشياو، بما فيها طريق فانغجياتانغ وطريق هويهان وطريق لونغليان وطريق شيويمين وطريق بانخه.

طريق شيويمين هو الطريق الرئيسي بجوار المركز الوطني للمعارض والمؤتمرات، وقد استغرق 105 أيام بينما كانت المدة المخططة له 703 أيام.

الترابط العميق

رئيس الوزراء المصري المهندس مصطفى مدبولي، رأس وفد بلاده المشارك في معرض الصين الدولي للاستيراد. وخلال زيارته لشانغهاي، التقى مع رئيس مجلس الإدارة لشركة هندسة البناء الصينية في اليوم الرابع من سبتمبر عام 2018، وتبادل الطرفان الآراء حول بناء العاصمة الإدارية في مصر.

يعتبر مشروع العاصمة الإدارية الجديدة لمصر المشروع الرئيسي الأول الذي تنفذه الحكومة المصرية حاليا، تبلغ مساحته 700 كيلومتر مربع، ويشتمل على منطقة الأعمال المركزية التي تبنيها شركة هندسة البناء الصينية كمقاول عام، في قلب المرحلة الأولى من مشروع العاصمة الإدارية، بمساحة إجمالية 505 آلاف متر مربع، بما في ذلك أعلى بناية في أفريقيا بارتفاع نحو 385 مترا، واثنتا عشرة بناية تجارية مرتفعة، وخمس بنايات سكنية شاهقة وفندقان راقيان، بإجمالي عشرين وحدة بناء شاهقة ومشروعات بلدية هامة، بمساحة بناء إجمالية 7ر1 مليون متر مربع، وتكلفة تصل إلى ثلاث مليارات دولار أمريكي، ومدة التنفيذ 43 شهرا.

أقيم حفل وضع حجر الأساس لمنطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية في مارس 2018، تحت إشراف شركة هندسة البناء الصينية، وهو مقدمة لافتتاح العاصمة الإدارية لمصر. وخلال ذلك الحفل، قال رئيس وزراء مصر السابق شريف إسماعيل، إن منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة الإدارية، تضم 20 برجا. مضيفا أن المشروع سيوفر الآلاف من فرص العمل، كما أن استكمال المشروع سيعطي تجربة حية مختلفة للمصريين.

إن هذا المشروع يتمتع بأهمية كبيرة في تخفيف الضغوط المرورية على القاهرة وتخفيف الكثافة السكانية وتحسين جودة الهواء وغيرها، ويمكن وصف المشروع بأنه عظيم.

في الحقيقة، إن العاصمة الإدارية لمصر لا تحتاج إلى حشد الموارد وآلاف المصريين فحسب، وإنما أيضا بحاجة إلى مزيد من التعاون الدولي الفعال، والاستفادة من خبرة الصين الغنية في إنشاء المناطق الجديدة والمشروعات الكبرى، فهذا يساعد على إنجاز المشروع في الموقع المحدد.

مفهوم "التشاور المشترك والبناء المشترك والمنفعة المشتركة" ينفذ في الخارج

أكد تشنغ شيويه شيوان، نائب مدير عام شركة هندسة البناء الصينية، أن تنفيذ مفهوم "التشاور المشترك والبناء المشترك والمنفعة المشتركة" ساعد بشكل كبير على سير مشروع بناء العاصمة الإدارية لمصر بطريقة منظمة منذ توقيع العقد.

وفقا لخطة الجانب المصري، تتحمل العاصمة الإدارية الجديدة الوظائف الإدارية فقط، لنقل الإدارات الحكومية من وسط القاهرة إليها، من دون وظيفة اقتصادية. وخلال تقييم المشروع، وجدت شركة هندسة البناء الصينية وغيرها من شركات البناء الصينية صعوبة الفصل التام بين الوظائف الإدارية والتجارية. لذلك، اقترح الجانب الصيني على المسؤولين المصريين بناء مرافق تجارية داعمة، وحصلت في النهاية على الموافقة. ووفقا للخطة المنقحة، أعادت شركة هندسة البناء الصينية تصميم بناء مرافق المكاتب الحكومية كمنطقة تجارية مركزية.

"البناء المشترك" يتجسد في التمويل المشترك بين الصين ومصر ومشاركة الموظفين وتعاون الحكومة المحلية بشكل وثيق. تتشارك الصين ومصر في تحمل تكاليف المشروع والفائدة والمخاطر وغيرها، وتسير كافة الأعمال وفقا للمعايير الدولية.

اتفق الجانبان على أن يكون 90% من المهندسين والعمال في المشروع من المحليين، مما يساعد في حل مشكلة التوظيف في مصر. تدفع الشركة الصينية للمهندسين المصريين أجورا عالية بالمقارنة مع شركاتهم السابقة، وتهتم بمصالح الموظفين والضمان الاجتماعي واحترام التقاليد الدينية المحلية. تختار الشركة الصينية خبراء تقنيين صينيين لديهم خبرة البناء في الخارج، من أجل تعزيز المهارات المهنية للمهندسين المصريين، ويصل عدد أفراد فريق العمل إلى عشرة مهندسين من الجانبين. وقد اكتسب هذا الفريق خبرة كبيرة وأموالا وافرة خلال نصف عام من العمل. قال مهندس صيني كان يعمل في الجزائر وأماكن أخرى، إنه يمكن لمهندسي الجانبين إكمال بعضهما البعض من خلال تبادل الأعمال بفضل مستوى اللغة الإنجليزية الممتاز للمهندسين المصريين وحبهم للدراسة.

"المنفعة المشتركة" تنعكس بشكل رئيسي في الفوائد بعد اكتمال المشروع. وفقا لاتفاق بين الصين ومصر، سيستمر المستثمرون الصينيون والمصريون في تقاسم الدخل بعد الانتهاء من منطقة الأعمال المركزية. وقال سونغ آي قوه، سفير الصين لدى مصر، إن الشركات الصينية تشيد بنايات ذات قيمة تاريخية في قلب العاصمة الإدارية الجديدة لمصر، تتجاوز أهميتها العائد الاقتصادي. وهي لن تكون معيارا هاما للتعاون في القدرة الإنتاجية بين الصين ومصر فحسب، وإنما أيضا علامة هامة في "الحزام والطريق"، كما ترمز إلى الصداقة الطويلة بين الصين ومصر، والصين وأفريقيا. إن إنجاز المشروع سيخلق بيئة استثمارية جيدة للعاصمة الإدارية، ويعزز التنمية الاقتصادية في المناطق المجاورة، ويدفع خطة الإنعاش الوطني التي اقترحها الرئيس عبد الفتاح السيسي.