مال واقتصاد < الرئيسية

بلوغ النمو الاقتصادي العالي الجودة

: مشاركة
2018-02-05 16:14:00 الصين اليوم:Source تشانغ هوا:Author

وضع مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي، الذي عُقد في نهاية عام 2017 خطط التنمية الاقتصادية في الصين لعام 2018، بعد استعراض التقدم المنجز على مدى السنوات الخمس الماضية وتحليل الوضع الاقتصادي الحالي. وخلص الاجتماع إلى أن الاقتصاد الصيني دخل، مع الاشتراكية الصينية، مرحلة جديدة، من بينها التحول من النمو الفائق السرعة إلى النمو العالي الجودة. كما أطلق وأوضح الاجتماع فكر شي جين بينغ حول الاقتصاد الاشتراكي ذي الخصائص الصينية للعصر الجديد.

 ((الصين اليوم)) أجرت مقابلة مع تشانغ يان شنغ، كبير الباحثين في مركز الصين للتبادلات الاقتصادية الدولية والباحث باللجنة الأكاديمية للتنمية الوطنية والإصلاح، حول النمو الاقتصادي المتسم بالجودة العالية الذي تسعى إليه الصين.

ثلاث عبارات رئيسية

لسنوات عديدة، ظلت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين تجذب اهتمام العالم. ومع ذلك، قلل مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي من أهمية الناتج المحلي الإجمالي، وبدلا من ذلك وضع المزيد من التركيز على نوعية التنمية الاقتصادية. حلل تشانغ يان شنغ هذا التطور من خلال ثلاث عبارات رئيسية؛ الأولى، هي الانتقال من النمو السريع المرتفع إلى النمو العالي الجودة. وقبل فهم هذا التغيير، قال تشانغ إنه يجب علينا أن نطرح السؤال التالي: لماذا كان التأكيد على سرعة معدل النمو؟ وأجاب: "يعود ذلك إلى ما كنا نراه سابقا، إذ كنا نحن الصينيين نقول لأنفسنا على مدى أكثر من 30 عاما من الإصلاح والانفتاح إن عدم استغلال الوقت للتنمية سيعني أن الأمة الصينية لن تجد مكانا في العالم. لذا، أصبحنا على قناعة بأن التنمية لها أهمية قصوى، وهي بالتالي الوسيلة والمفتاح لحل جميع المشكلات التي تواجه الأمة."

 بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما دخلت الصين المرحلة الجديدة من التنمية، التي يجب خلالها أن تهدف إلى تحقيق نمو أفضل بدلا من النمو السريع. ووفقا لإحصاءات البنك الدولي، يبلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين الآن 11 تريليون دولار أمريكي، محتلة المرتبة الثانية عالميا. مع مثل هذا الحجم، فإن كسب أي نقطة مئوية واحدة هو إنجاز كبير. خلال زيارته إلى أمريكا اللاتينية قال خبراء هناك للسيد تشانغ: "إننا لا نشعر بالقلق إزاء تباطؤ النمو الاقتصادي الصيني بالرغم من أن معدل نمو ناتجها المحلي الإجمالي انخفض إلى 7ر6% في عام 2016، فإن حجم زيادته سنويا ما زال يتراوح بين 700 و800 مليار دولار أمريكي. الكعكة لا تزال كبيرة، ما يهمنا حقا هو ما يمكننا الحصول عليه مما نحتاجه من هذه الكعكة."

قال تشانغ: "وعلى ضوء هذا المنظور، وصلت الصين إلى مرحلة تكون فيها نوعية وجودة النمو الاقتصادي أكثر أهمية من سرعة النمو". وأضاف: "على مدى أكثر من 30 عاما، أكدنا على زيادة الناتج المحلي الإجمالي ونصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي. ومع التركيز الآن على نوعية النمو، تم تقديم التخطيط الخماسي الشامل المتكامل (تعزيز التنسيق الاقتصادي والسياسي والثقافي والاجتماعي والإيكولوجي) وإستراتيجية الشوامل الأربعة (تحقيق جميع الخطوات الممكنة لبناء مجتمع الحياة الرغيدة على نحو شامل، وتعميق الإصلاح على نحو شامل، وتعزيز حكم القانون على نحو شامل، وتعزيز إدارة الحزب على نحو شامل)."

 وجاء في التقرير المقدم للمؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني، أن التناقض الرئيسي الذي يواجهه المجتمع الصيني قد تطور. وما تواجهه الصين الآن هو التناقض بين حاجة الشعب المتزايدة إلى حياة أفضل والتنمية غير المتوازنة وغير الكافية. فالشعب الصيني الآن لديه المزيد من التطلعات ليس فقط نحو الحياة المادية وإنما أيضا للديمقراطية وسيادة القانون والإنصاف والعدالة والأمن والبيئة. وقال تشانغ: "من الواضح أن ما تسعى الصين إلى تحقيقه هو التنمية البشرية الشاملة والتقدم الاجتماعي الشامل."

العبارة الرئيسية الثانية، هي بناء النظام الاقتصادي الحديث. ولذلك حدد التقرير المقدم إلى المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني ست مهمات- تعزيز الإصلاح الهيكلي في جانب العرض؛ تسريع بناء بلد مبتكر؛ اتباع إستراتيجية النهوض بالريف؛ وتنفيذ إستراتيجية تنمية إقليمية منسقة؛ وتسريع تحسين نظام اقتصاد السوق الاشتراكي؛ وتعزيز تشكيل نمط جديد للانفتاح الكامل.

ويرى تشانغ، أن تعزيز الإصلاح الهيكلي في جانب العرض يأتي في المقام الأول من حيث الأهمية. هذا الإصلاح له ثلاثة أهداف. الأول، هو الانتقال من النمو الاقتصادي العالي السرعة إلى نمو عالي الجودة. والثاني هو تلبية مطالب الشعب. يقرّ التقرير المقدم إلى المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني بأن الشعب الصيني لديه الآن مطالب أكبر ومتعددة ومتنوعة ويجب الوفاء بها بزيادة العرض وتحسين نوعية التنمية. وتحقيقا لهذه الغاية، يجب الإصلاح في الجودة والكفاءة ودوافع النمو الاقتصادي، مما يرفع إنتاجية العوامل الإجمالية. الثالث، هو تعميق الإصلاحات. يجب أن يتم ذلك بطريقة قائمة على السوق وقائمة على القانون لتحقيق النتائج المرجوة.

في الاجتماع السادس عشر للمجموعة المركزية للشؤون المالية والاقتصادية، الذي عقد في 17 يوليو 2017، قال الرئيس الصيني شي جين بينغ: "يجب علينا مواصلة تحسين بيئة الاستثمار والسوق، وتسريع خطى الانفتاح، وتقليل كلفة عمليات السوق، وتهيئة بيئة عمل مستقرة وعادلة وشفافة وقابلة للتنبؤ، وتسريع بناء نظام اقتصادي جديد مفتوح لتعزيز التنمية المستدامة والصحية للاقتصاد الصيني".

أحد التدابير التي نفذتها الصين لتحسين بيئتها الاستثمارية، هو نظام المعاملة الوطنية قبل التأسيس بالإضافة إلى القائمة السلبية. وهذا جزء من الوعد الذي تعهدت به اللجنة المركزية الثامنة عشرة للحزب الشيوعي الصيني بضمان "أن تعمل الأجهزة الحكومية قدر المستطاع ما لا يمنعه القانون، وأن لا تعمل قط ما لا يكلفها به القانون، والوفاء حتما بكل التزام ينص عليه القانون."

العبارة الرئيسية الثالثة، هي تحسين بيئة السوق من خلال الإصلاحات. أوضحت الجلسة الكاملة الثالثة للجنة المركزية الثامنة عشرة للحزب الشيوعي الصيني أن إصلاح النظام الاقتصادي هو الأولوية في جهود الصين لتعميق الإصلاحات في جميع المجالات. وتتمثل القضية الرئيسية في هذا الصدد، في معالجة العلاقة بين الحكومة والسوق معالجة سليمة، بحيث تحسن حكومة أداءها، وقيام السوق بدور حاسم في تخصيص الموارد. يري تشانغ ضرورة تعميق الإصلاح حاليا في هاتين الناحيتين. وقال: "مثل البشر، يمر اقتصاد السوق بمراحل مختلفة خلال نموه، لذا يجب إصلاح آليات السوق وفقا لذلك."

ضرورة مواجهة التناقض الرئيسي

في السعي لتحقيق تنمية عالية الجودة، ينبغي للصين أن تعالج التناقض الرئيسي الذي يواجهه المجتمع الصيني، التناقض بين حاجة الشعب المتزايدة إلى حياة أفضل والتنمية غير المتوازنة وغير الكافية.هي الأثر المتبقي للسياسات السابقة. في السنوات الأولى من الإصلاح والانفتاح، شجعت الصين أولا أقلية من السكان على تحقيق الثراء، وتحديد المناطق الساحلية الشرقية لقيادة تلك الحملة، وفتحت أبوابها من حيث الأساس أمام البلدان الغربية. وقد تحققت إنجازات هائلة في العقود التالية، ولكن رافقتها اختلالات في التنمية الوطنية، وفي السنوات المقبلة، ستأخذ الصين طريق التنمية القوية والمتوازنة والمستدامة والشاملة لتصحيح هذه الاختلالات.

وقد لاحظ تشانغ تغيرات مشجعة في هذا الصدد. وقال: "إن أكثرها وضوحا هو اعتماد إستراتيجية التنمية القائمة على الابتكار." وأضاف: "المناطق المتقدمة مثل قوانغدونغ وجيانغسو وتشجيانغ وشانغهاي وبكين وتيانجين وشاندونغ، تجاوزت الدول المتطورة ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية من حيث مستوى قوة البحث والتطوير. ما يجب علينا أن نفعله في السنوات العشر والعشرين والثلاثين القادمة هو الحفاظ على الاستثمار في الابتكار حتى يصل إلى مستوى لائق. وفي هذه العملية، سيبدأ عدد من الجامعات والمعاهد البحثية، ومنصات الابتكار في مجال الأعمال، والتكنولوجيات العامة الرئيسية، ونظام الخدمات التقنية العامة، في إحداث تحول عميق في دوافع نمو الصين.

أفكار شي جين بينغ تقود التنمية الجديدة

يرى تشانغ أن الصين دخلت مرحلة جديدة فعلا، وهي الآن تقف عند نقطة انطلاق في رحلة جديدة. وقال: "على سبيل المثال، في السنوات الخمس الماضية، توسعت حصة قطاع الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي للصين من 44٪ إلى 53٪، ومن الواضح أن عجلة الابتكار تعمل وتسير بنجاح. وفي إطار الإصلاحات الهيكلية، تأخذ النماذج وأشكال الأعمال الجديدة نصيبا أكبر في الاقتصاد الصيني. وهذا يضع الأساس لأفكار شي جين بينغ حول الاقتصاد الاشتراكي ذي الخصائص الصينية في العصر الجديد."

أيد مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي الأخير أفكار شي جين بينغ حول الاقتصاد الاشتراكي ذي الخصائص الصينية في العصر الجديد، والتي تم تفصيلها في تقرير الرئيس شي الذي يشغل أيضا منصب الأمين العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، والذي قدمه إلى المؤتمر الوطني التاسع عشر للحزب في أكتوبر 2017.

وردا على حقيقة أن الاقتصاد الصيني قد تحول من النمو العالي السريع إلى النمو العالي الجودة، دعا شي في تقريره إلى تسريع بناء نظام صناعي يعزز التنمية المنسقة للاقتصاد الحقيقي مع الابتكار التكنولوجي، والتمويل الحديث، والموارد البشرية. وقد أوضح تشانغ الموضوع بالتفصيل:

أولا، يعلق الرئيس أهمية كبيرة على الاقتصاد الحقيقي. وقال في التقرير: "في تنمية الاقتصاد الحديث، يجب أن نركز على الاقتصاد الحقيقي، وإعطاء الأولوية لتحسين نوعية نظام العرض، وتحسين قوة اقتصادنا من حيث الجودة."

ثانيا، الاهتمام بالابتكار العلمي والتكنولوجي، وقد أصبح ذلك بالفعل محركا قويا للاقتصاد في المناطق الصينية المتقدمة. فعلى سبيل المثال، بلغت كثافة البحث والتطوير في جيانغسو 66ر2% في عام 2016، مدعومة باستثمار ضخم بلغ 6ر202 مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 5ر6 يوانات) في السنة. وبلغت الكثافة 56ر2% في قوانغدونغ، مع استثمار سنوي بلغ 6ر203 مليارات يوان، و3% في تيانجين و1ر4% في شنتشن، وجميعها تجاوزت المتوسط في الدول المتقدمة. وبالمقارنة، كان المعدل هو 4ر2 % في بلدان منظمة التعاون والتنمية.

ولكن لا يمكن التغاضي عن حقيقة أن الاقتصاد المحلي في وسط الصين ما زال يعتمد على الاستثمار، وفي مناطق غربي الصين لا تزال الموارد الطبيعية هي الدافع للاقتصاد، ولهذا السبب فإن التقرير المقدم إلى المؤتمر الوطني الأخير للحزب الشيوعي الصيني يؤكد على تسوية التناقض في التنمية غير المتوازنة وغير الكافية، وجعل الابتكار أهم شيء لمعالجة التناقض، وهو محور أفكار شي جين بينغ حول الاقتصاد الاشتراكي ذي الخصائص الصينية للعصر الجديد.

ثالثا، بناء نظام مالي حديث، هو نقطة رئيسية أخرى لأفكار شي جين بينغ حول الاقتصاد الاشتراكي ذي الخصائص الصينية في العصر الجديد. إن معدل الادخار في الصين هو الأعلى في العالم، ولكن النظام المالي الحديث غائب عن تحويل المدخرات المصرفية الضخمة إلى استثمار. ولتغيير هذا الوضع، يتعين على الصين زيادة التمويل المباشر وتعزيز نظام سوق متعدد الطبقات لرأس المال يرتبط بالسوق العالمية لرأس المال.

رابعا، الموارد البشرية. في العصر الجديد للاقتصاد الصيني، هناك مهمة ومسؤولية ملحة لتربية وتنشئة القوى العاملة المتخصصة، وجذب المواهب، والاحتفاظ بها. مع هذه الرؤى الجديدة، سيسهم أفكار شي جين بينغ حول الاقتصاد الاشتراكي ذي الخصائص الصينية في العصر الجديد، في توجيه الصين نحو نمو من نوعية أفضل.

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4