"الأولمبياد الشتوية العالية التكنولوجيا"، إحدى الرؤى التي طرحتها بكين لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2022، بهدف استكشاف حلول مستقبلية أفضل للحياة الحضرية حول العالم، وتحقيق الهدف المستدام للحياة الحضرية البشرية الصديقة للإنسان والبيئة والصناعة والمجتمع.

من أجل تلبية متطلبات إقامة دورتي بكين للألعاب الأولمبية والبارالمبية الشتويتين، جرى تحويل سلسلة من الإنجازات التكنولوجية إلى منتجات ملموسة على أرض الواقع، من أجل دعم استضافة هذا الحدث الرائع، ويتجلى ذلك في الإستاد الوطني للتزلج السريع المعروف باسم "حزام الجليد" وبيئة المضامير الثلجية وبيئة مشاهدة المسابقات وتتبع سلسلة الأغذية المبردة وغيرها.

الاستعدادات المبكرة

في الحادي والثلاثين من شهر يوليو عام ألفين وخمسة عشر، أعلنت اللجنة الأولمبية الدولية فوز بكين وتشانغجياكو باستضافة دورتي الألعاب الأولمبية والبارالمبية الشتويتين لعام 2022. منذ ذلك الحين، وبدعم من وزارة العلوم والتكنولوجيا والوزارات واللجان الأخرى في الصين، شرعت حكومة بكين في إجراء الأبحاث المعنية لتنفيذ "الأولمبياد الشتوية العالية التكنولوجيا".

تتميز "الأولمبياد الشتوية العالية التكنولوجيا"، بالتصميم الإبداعي والروبوتات الخدمية. في وقت مبكر من عام ألفين وتسعة عشر، أطلقت لجنة العلوم والتكنولوجيا ببكين دعوة لتقديم أفكار إبداعية للأولمبياد الشتوية واختيار الروبوتات الخدمية.

قال شيوي شين تشاو، نائب مدير لجنة العلوم والتكنولوجيا ببكين ونائب مدير لجنة إدارة حديقة تشونغقوانتسون للعلوم والتكنولوجيا في بكين: " تُولِّي لجنة العلوم والتكنولوجيا ببكين أهمية كبيرة لجمع الأفكار الإبداعية واختيار الروبوتات الخدمية، وتنسق وتنظم بناء سيناريوهات للتطبيق العملي في المناطق الرئيسية ببكين، وتشجع على تصنيع وتسويق التقنيات والمنتجات المعنية."

حللت حكومة بلدية بكين بشكل شامل سيناريوهات التطبيق النموذجية للأولمبياد الشتوية والتنمية الحضرية، وقامت بتنفيذ اختبار في العالم الحقيقي والتطبيقات التوضيحية، حسب خصائص روبوتات الخدمة المبتكرة المختارة ومزاياها، لجعل الروبوتات مناسبة لسيناريوهات الاستخدام المختلفة وتقديم منتجات وحلول ممتازة للأولمبياد الشتوية.

ولتعزيز إقامة "الأولمبياد الشتوية العالية التكنولوجيا" ودفع استخدام التكنولوجيا والمنتجات الجديدة فيها، أقامت حكومة بلدية بكين كثيرا من الأنشطة الخاصة باستخدام العلوم والتكنولوجيا في الأولمبياد الشتوية. أشار شيوي شين تشاو إلى أنه من خلال الجمع بين المنصة السحابية الذكية لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية ونظام الأمان الشامل الذكي ودمج تكنولوجيا الروبوتات وموقع تجربة الخدمة الشاملة الذكية والسيارات الذكية المتصلة وغيرها، استطاعت حكومة بلدية بكين الاستفادة بشكل كامل من مزايا موارد الابتكار العلمي والتكنولوجي وجعل كثير من المنتجات التكنولوجية المبتكرة في مجالات الروبوتات الذكية والأمن الذكي وأنظمة العرض وغيرها، قابلة للاستخدام في مشروعات دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، مما وفّر دعما قويا للتحضير للأولمبياد الشتوية.

في عام 2021، تم الكشف عن عديد من الإنجازات التكنولوجية المستخدمة في أولمبياد بكين الشتوية، وذلك في منتدى تشونغقوانتسون لعام 2021 والأسبوع الوطني لريادة الأعمال الجماعية والابتكار لعام 2021 في بكين، وتم عرض عديدٌ من التقنيات التي طُبِّقت في مشروعات الأولمبياد الشتوية، مثل نظام التخزين الذكي من شركة جينغدونغ وشاشات الصمام الثنائي الباعث للضوء (LED) من شركة ليارد (Leyard) وغيرها.

تطبيق التكنولوجيا

الإستاد الوطني للتزلج السريع، الذي يُعتَبر المكان الجديد الوحيد لمسابقة الجليد لأولمبياد بكين الشتوية، يسمى بـ"حزام الجليد". يبدو وكأنه "مضرب التنس" على السطح. وسقفه مصنوع من شبكة كابلات معدنية مجدولة. الأجزاء الرئيسية لشبكة الكابلات المجدولة مكونة من معدن الفاناديوم. في بداية بناء الإستاد لم يكن هذا المعدن يُنتِج في أي مصنع صيني. قال لي جيو لين، كبير مهندسي مشروع بناء الإستاد الوطني للتزلج السريع: "بعد فوزنا بمشروع بناء الإستاد الوطني للتزلج السريع، كان لدينا أمل في اغتنام هذه الفرصة لاختراق حواجز التكنولوجيا وتوطين التقنيات الأساسية."

في إبريل عام 2019، انتهى تركيب شبكة الكابلات المعدنية على سقف "حزام الجليد"، وأُنتج معدن الفاناديوم بنجاح في الصين. قال لي جيو لين: "إذا لم نتمكن من إتقان تكنولوجيا تصنيع شبكة الكابلات المصنعة من الفاناديوم كنا سنتحمل تكاليف التصنيع والنقل المرتفعة للغاية."

من المتوقع انخفاض الحرارة في تشانغجياكو إلى ما دون صفر درجة مئوية خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، لذا كان "البحث عن تقنيات توفر ظروفا مناسبة للمسابقات وبيئة مناسبة لمشاهدتها"، خطة البحث الصينية الرئيسية لإقامة "الأولمبياد الشتوية العالية التكنولوجيا"، سعيا إلى ضمان حماية فاعلة لدرجة حرارة ملائمة للجمهور والعاملين خلال الدورة.

منذ عام 2018، أجرى تساو بين، الأستاذ المشارك في كلية الهندسة المعمارية بجامعة تشينغهوا وفريقه، سلسلة من الأبحاث الأساسية وعملوا على تطوير المعدات لتوفير بيئة مشاهدة دافئة ومريحة للجمهور والعاملين في ظل ظروف البرد القارس في ملاعب رياضات الجليد والثلج، مما يُحسِّن تجربة مشاهدة المسابقات للمشاهدين.

قال تساو بين: "اعتمد فريق البحث على نظرية التنظيم الحراري لجسم الإنسان، واستخدم المانيكان الحراري لمحاكاة عملية إنتاج وتبديد الحرارة للشخص الحقيقي. كما وضع فريق البحث المانيكان الحراري تحت أحوال جوية مختلفة، ومن خلال تحليل درجة الحرارة لأجزائه الحرارية ومؤشراته جرى تحديد الراحة الحرارية للشخص الحقيقي."

منذ انتشار كوفيد- 19، أصبح منع تفشي الوباء عبر سلاسل التبريد قضية مهمة. لذا طوَّر معهد بكين لأبحاث الرقائق الدقيقة منصة تتبع للأغذية في سلسلة التبريد، استنادا إلى تقنية سلسلة الكتل، لتحقيق إمكانية تتبع المصدر وجميع عمليات سلسلة تبريد الأغذية بالكامل، كما تسمح بمراعاة خصوصية البيانات والمتطلبات التنظيمية عند الاستخدام. وبذلك تدعم الوقاية من وباء كوفيد- 19 ومكافحته ومراقبة سلسلة التبريد للأغذية خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية.

قال أحد العاملين بمعهد بكين لأبحاث الرقائق الدقيقة، إنه حتى نهاية أكتوبر عام 2021، شاركت أكثر من عشرين ألف شركة في منصة تتبع للأغذية في سلسلة التبريد في بكين، وتعقبت حكومة بكين 560 ألف طن من البضائع، وتعاملت مع مائتي حالة إيجابية لكوفيد- 19 في سلسلة التبريد."

كيف يمكن مساعدة ضعاف السمع على "مشاهدة" مسابقات دورة الألعاب الأولمبية الشتوية؟ من خلال الشخص الرقمي الذي يبث بلغة الإشارة، والذي طوَّرته أكاديمية بكين للذكاء الاصطناعي.

عندما يتحدث المذيع، يمكن للشخص الرقمي الذي يبث بلغة الإشارة إنشاء إيماءات لغة الإشارة تلقائيا في الوقت الفعليّ، وفقا للصوت الذي يسمعه، مما يمكن ضعاف السمع من فهم محتوى المعلومات التي يبثها المذيع. سيُستخدم الشخص الرقمي لبث الأخبار خلال أولمبياد بكين الشتوية، مما يسهل على ضعاف السمع مشاهدة تقارير المسابقات.

أشار تانغ جيه، نائب مدير أكاديمية بكين للذكاء الاصطناعي، إلى أن الشخص الرقمي الذين يبث بلغة الإشارة الرقمية يعتمد على نموذج التدريب المسبق الواسع النطاق "التنوير 2.0"، والذي يوفر خدمات توليد لغة الإشارة الذكية، مما يظهر تأثير التكنولوجيا على إمكانية الوصول إلى المعلومات، وجعل ضعاف السمع يتمتعون بالمسابقات الرائعة للأولمبياد الشتوية.

تنمية الصناعات

مع اقتراب أولمبياد بكين الشتوية، جذبت رياضات الجليد والثلج مزيدا من اهتمام الصينيين وحبهم، وتظهر صناعة الجليد والثلوج في الصين آفاقا واسعة.

حثت الصين بنشاط المؤسسات على تعزيز الابتكار والبحث والتطوير لمعدات الجليد والثلج لإقامة "الأولمبياد الشتوية العالية التكنولوجيا"، وقد حققت تقدما إيجابيا ونتائج مثمرة وعززت تنمية صناعة الجليد والثلج في الصين.

في الوقت الحاليّ، جرى بنجاح تحويل الإنجازات التقنية لـ"التلفريك القابل للفصل ذي السرعة العالية والسعة الكبيرة" إلى منتج على أرض الواقع، وأُقيم مشروع إيضاحي له في تشانغجياكو، وأدى إنتاج هذا التلفريك إلى زيادة إنتاج منتجات مماثلة في السوق المحلية بنسبة 50%.

علاوة على ذلك، حققت الصين تقدما كبيرا في الأبحاث المتعلقة بتكنولوجيا تصنيع الثلج الاصطناعي وتخزين الثلج فوق صفر درجة مئوية، من أجل التغلب على مشكلة صنع الثلج في الطقس الحار. وتتمكن الآلة التجريبية من تصنيع ستة أمتار مكعبة من الثلج في الساعة، مما يُحسِّن إلى حد كبير من جودة وكفاءة صناعة الثلج.

قال ني هوي تشونغ، نائب رئيس اللجنة الأولمبية الصينية ومدير مركز الألعاب الشتوية التابع للإدارة العامة للرياضة الصينية: "تغتنم الصين فرصة إقامة أولمبياد بكين الشتوية لتحقيق تطور قافز في رياضات الجليد والثلج الجماهيرية التنافسية، وكذلك تحسين صناعة الجليد والثلج."

وأشار "تقرير إرث دورتي بكين للألعاب الأولمبية والبارالمبية الشتويتين 2022 (2020)"، إلى أن الصين سارعت بتحسين نظام دعم السياسات لتنمية صناعة الجليد والثلج في السنوات الخمس الماضية، وعززت تنميتها. في نهاية عام 2019، بلغ الحجم الإجمالي لصناعة الجليد والثلج الصينية 5ر423 مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 4ر6 يوان حاليا)، بزيادة بلغت نسبتها 9ر56% مقارنة مع عام 2015.

قال وانغ تشي قانغ، إن "الأولمبياد الشتوية العالية التكنولوجيا" مكنت من استخدام الإنجازات التكنولوجية في أولمبياد بكين الشتوية بشكل كامل وفعّال. تتمسك الصين بمبدأ تلبية المتطلبات الحالية والاستخدام المستدام الطويل المدى، وتلبية الاحتياجات خلال الأولمبياد الشتوية وتعزيز تنمية الصناعات المعنية.

-- تشنغ جين وو، صحفي في جريدة ((العلوم الصينية اليومية)).