حققت الصين إنجازات مرموقة في الزراعة والتنمية الريفية خلال فترة الخطة الخمسية الثالثة عشرة (2016- 2020)، حيث ظل الحجم السنوي لإنتاج الحبوب الغذائية أكثر من 65ر0 تريليون كيلوغرام خلال السنوات الخمس للخطة؛ وأحرزت النصر الكامل في المعركة الحاسمة لاستئصال الفقر المدقع وحققت معجزة في تاريخ البشرية لتخفيف الفقر. مع دخول الصين إلى مرحلة التنمية الجديدة خلال فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2021- 2025)، تحول الحكومة الصينية اهتمامها، فيما يتعلق بالزراعة والمزارعين والمناطق الريفية، من تركيز العمل على استئصال الفقر إلى دفع نهوض الأرياف بصورة كاملة. نظرا للتغيرات المعقدة في داخل الصين وخارجها، يجب على الصين اتخاذ سياسات وإجراءات متسلسلة ومستهدِفة لحث خطى نهوض الأرياف.

التمسك بمبدأ توطيد وتوسيع النتائج المحققة في معركة استئصال الفقر وضمان الأمن الغذائي

في ظل التغيرات غير المسبوقة منذ مائة سنة، وخاصة مع تداعيات تفشي فيروس كورونا الجديد (كوفيد- 19) على الاقتصاد العالمي، تتجلى يوما بعد يوم أهمية التنسيق والتوازن بين مواصلة التنمية وضمان أمن البلاد. وفيما يتعلق بالزراعة والمزارعين والمناطق الريفية، ينبغي التمسك بمبدأ توطيد وتوسيع النتائج المحققة في معركة استئصال الفقر وضمان الأمن الغذائي في فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة.

مع أن الصين حققت إنجازات تاريخية في معركة استئصال الفقر في عام 2020، حيث تخلص كل الفقراء الريفيين من الفقر وفقا للمعايير الحالية، وتم استئصال الفقر المدقع والفقر الإقليمي في الصين، مازال أساس التنمية في بعض المناطق ضعيفا، ومن المحتمل أن يعود بعض السكان فيها إلى وضع الفقر إذا حدثت تغيرات سلبية في البيئة الخارجية. وفي السنة الأولى من الخطة الخمسية الرابعة عشرة، لا يزال الوضع الدولي معقدا وخطيرا، وقد أدت التغييرات في جائحة كوفيد- 19 إلى زيادة عدم الاستقرار وعدم اليقين في البيئة الخارجية، ولا يمكن تجاهل مخاطر عودة بعض الأسر الفقيرة والهامشية إلى الفقر. فضلا عن ذلك، مع توسيع حجم الصناعات في المناطق الريفية التي تم تخليصها من الفقر، قد يؤدي التنافس بين الشركات المتشابهة إلى ظهور مشكلات في السوق. لذلك، يعتبر توطيد وتعزيز نتائج استئصال الفقر وتجنب العودة إلى الفقر بصورة جماعية من جديد، المهمة الأكثر إلحاحا في دفع نهوض الأرياف في فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة في الصين.

يبلغ عدد سكان الصين 4ر1 مليار نسمة، فلا نبالغ إذا قلنا إن الأمن الغذائي هو دائما أساس هام للأمن القومي، وإنه أيضا أولوية قصوى لحكم البلاد. أشارت الوثيقة رقم 1 لعام 2021، الصادرة من اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجلس الدولة الصيني، إلى أهمية تعزيز قدرة إمدادات الحبوب الغذائية والمنتجات الزراعية الرئيسية وضمان أمن إمدادات الحبوب الغذائية والقطن والزيت والسكر واللحوم، وطرحت سياسات وإجراءات جديدة لرفع قدرة إمدادات الحبوب والمنتجات الزراعية الرئيسية. مثل تحمل الحزب الشيوعي الصيني والحكومة الصينية المسؤولية المتساوية عن ضمان الأمن الغذائي، وتحديد مساحة زراعة الحبوب الغذائية ورفع إنتاجيتها في كل من المقاطعات والبلديات الخاضعة للحكومة المركزية مباشرة والمناطق الذاتية الحكم في الصين خلال فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة، وبناء أحزمة صناعية للأمن الغذائي الوطني، وزيادة مساحة الحقول القياسية العالية الإنتاجية في المناطق الرئيسية لإنتاج الحبوب الغذائية. والأهم في ذلك، تحسين الآليات التنفيذية لتلك السياسات ودفع تطبيقها بصورة أفضل.

نقطة انطلاق جديدة لتحديث الزراعة والمناطق الريفية في الصين

ترمز فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة في الصين إلى بداية مسيرة تحديث الزراعة والمناطق الريفية في الصين. يجب التمسك بوضع الأولوية في تنمية الزراعة والمناطق الريفية، وتعزيز التكامل والتفاعل بين الزراعة العالية الجودة والعالية الكفاءة، والقرى الصالحة للعيش والصناعات، والمزارعين الأثرياء.

وفي نفس الوقت، يجب على الأجهزة المعنية حل المشكلات الرئيسية بشأن بذور الحبوب والأراضي الزراعية. طرحت الوثيقة رقم 1 لعام 2021 للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، سياسات جديدة، مثل تحسين جودة بذور الحبوب الغذائية، تطبيق نظام حماية الأراضي الزراعية بصورة صارمة، تعزيز فعالية السياسات المعنية وتشجيع المناطق الرئيسية لإنتاج الحبوب الغذائية والمزارعين على رفع إنتاجية الحبوب، تطوير منظمات الخدمات الاجتماعية التخصصية الزراعية، وتشجيع الشركات المعنية على إنشاء مراكز الخدمات الزراعية والمتكاملة الإقليمية، وتعزيز الترابط الفعال بين المزارعين والزراعة الحديثة، وتقديم التسهيلات للارتقاء بالزراعة والتحول الأخضر للزراعة، وبناء النظام الصناعي الريفي الحديث، ودفع التنمية المتكاملة للزراعة والصناعة والخدمات في المناطق الريفية، وحث الزراعة والسلاسل الصناعية الريفية لتحسين آلية ربط المنافع، لترك المزيد من الفوائد للزراعة والمناطق الريفية والمزارعين.

من أجل تسريع خطى تحديث المناطق الريفية خلال فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة في الصين، ينبغي أخذ تنفيذ البناء الريفي كنقطة انطلاق، وتعزيز الدور الرائد للتخطيط الريفي، وتنسيق تخطيط مساحات الإنتاج الريفي والمعيشة، والبيئة، وتعزيز ارتباط الريف الشبكي والتحامه الفعال بالنظام الحضري الإقليمي، ودفع إنشاء نظام تخطيط مكاني يدمج المناطق الحضرية والريفية لتحقيق التكامل الحضري والريفي، ويعزز بناء نمط جديد من العلاقات الصناعية- الزراعية- الحضرية– الريفية. وعلى أساس ذلك، ينبغي تحسين المنشآت العامة والبيئة المعيشية والخدمات العامة في المناطق الريفية، ورفع جودة بيئة الاستهلاك في المناطق الريفية؛ كل هذا من أجل خلق ظروف أفضل لزيادة الوظائف الإنتاجية في المناطق الريفية، وتحسين البيئة والثقافة في المناطق الريفية وتعزيز حيوية المزارعين.

تعزيز قيادة الحزب الشيوعي الصيني في الأعمال المتعلقة بالزراعة والمناطق الريفية والمزارعين وتعميق الإصلاح في المجالات الهامة والأعمال الرئيسية

بفضل قيادة الحزب الشيوعي الصيني في أعمال الزراعة والمناطق الريفية والمزارعين، حققت الصين إنجازات بارزة خلال فترة الخطة الخمسية الثالثة عشرة. ومن الضروري أن يعزز الحزب قيادته الكاملة في تلك الأعمال في فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة.

تعميق الإصلاح في المجالات الهامة والأعمال الرئيسية هو الضمان لدفع نهوض الأرياف في فترة الخطة الخمسية الرابعة عشرة، فمن أجل تعزيز نهوض الأرياف بشكل شامل، يتعين على المناطق الريفية تعميق الإصلاحات في المجالات الرئيسية والحلقات الهامة لتعزيز تنشيط السوق، وتفعيل الهيئة الرئيسية، والعوامل، وتحسين نظام حقوق الملكية الريفية وتخصيص العوامل الموجه نحو السوق. مع تعميق الترابط والتفاعل بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية، برزت الحاجة لدفع دمج الريف والحضر والتنمية المتناسقة بينهما. في هذا السياق، يجب تعزيز الإصلاح والتنسيق في المناطق الريفية من أجل إرساء أساس قوي لدفع نهوض الأرياف بشكل كامل. على سبيل المثال، خلال فترة "الخطة الخمسية الرابعة عشرة"، ستصبح أهمية استكشاف الأشكال الفعالة لتجسيد ملكية المنازل وحقوق التأهيل وحقوق الاستخدام بارزة بشكل متزايد؛ كما أن التوسع في نطاق العمال المهاجرين الذين يدخلون المدن ويندمجون فيها، يتطلب تعميق ابتكار النظام وتكامل التخطيط الحضري والريفي.

جيانغ تشانغ يون، باحث ونائب رئيس معهد الاقتصاد الصناعي بالأكاديمية الصينية للاقتصاد الكلي.