ملف العدد < الرئيسية

"تشانغ أه- 5": إطلاق رحلة جديدة من الاستكشاف بين النجوم

: مشاركة
2021-03-04 10:07:00 الصين اليوم:Source فو يي في:Author

في الرابع والعشرين من نوفمبر عام 2020، تم إطلاق صاروخ من طراز المسيرة الطويلة- 5 بنجاح، حاملا المركبة الفضائية "تشانغ آه- 5"، من موقع ونتشانغ لإطلاق المركبات الفضائية على ساحل مقاطعة هاينان بجنوبي الصين. بعد 23 يوما من الرحلة الفضائية، رجعت إلى الأرض كبسولة العودة للمسبار الصيني تشانغ آه- 5، حاملة نحو كيلوغرامين من العينات التي تم جمعها من القمر. تعد هذه الرحلة قفزة جديدة وعلامة مميزة لتطور الصناعة الفضائية في الصين، مما يشير إلى امتلاك الصين القدرة على التنقل ذهابا وإيابا بين الأرض والقمر، ويضع أساسا قويا لاستكشاف الصين للقمر والكواكب في المستقبل.

أخذ عينات سطح القمر تلقائيا بطرق متعددة

يعد مسبار تشانغ أه- 5، الذي طورته شركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية، واحدا من أكثر أنظمة المركبات الفضائية تعقيدا في تاريخ الفضاء الجوي الصيني. وهو يضم مركبة مدارية ومركبة هبوط ومركبة صعود ومركبة عودة، ويتضمن 15 نظاما فرعيا. كأحد المفاتيح الأساسية لمهمة "تشانغ آه- 5"، يعد الأخذ والتعبئة التلقائية لعينات سطح القمر الجزء الأكثر لفتا للنظر.

الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء التابعة لشركة علوم وتكنولوجيا الفضاء الصينية، هي المسؤولة عن أبحاث التكنولوجيا الجوهرية للمسبار. نفذ مصممو المسبار طريقتين لجمع العينات على القمر: استخدام أجهزة الحفر لجمع العينات تحت السطح وأخذ العينات على السطح باستخدام ذراع روبوتي. وتم جمع عينات متنوعة في مواقع مختلفة. بعد أن هبط تشانغ أه- 5 على منطقة محددة على سطح القمر، قام بجمع صخور وتراب من سطح القمر لمدة يومين. وتم إغلاق العينات من القمر بأحكام داخل المركبة الفضائية لضمان حفظها في فراغ وخلوها من التأثر بالبيئة الخارجية أثناء عودتها إلى الأرض، فتحققت بذلك أول عملية أخذ وتغليف عينات الأجرام السماوية خارج كوكب الأرض في تاريخ الصين. تم جمع نحو كيلوغرامين من العينات وتعبئتها.

وفقا لخبراء من الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء، تم تطوير جهاز أخذ عينات مهمة تشانغ أه- 5 مؤخرا بتكنولوجيا جديدة. وقد أُخذ في الاعتبار قياس المسبار والتحكم فيه وظروف الإضاءة وإمدادات الطاقة والتحكم الحراري وغيرها من الشروط، فضلا عن فترة أخذ العينات في بيئة تتسم بارتفاع درجة حرارة على سطح القمر والعديد من العوامل غير المؤكدة. لذلك، يعد أخذ وتعبئة العينات أحد الروابط الجوهرية لهذه المهمة.

اعتماد المركبة الفضائية على ذاتها في إقلاعها من سطح القمر

بعد الانتهاء من العمل على سطح القمر، انطلق المسبار تشانغ أه- 5 إلى الأرض.  ولكن اشتعال وانطلاق مركبة صعود تشانغ أه- 5 على سطح القمر عملية صعبة. نظرا لعدم وجود موقع إطلاق مسطح واسع على سطح القمر، وعدم وجود برج إطلاق ناضج وكامل، لا يمكن لمركبة الصعود الانطلاق إلا من مركبة الهبوط. إن بيئة سطح القمر معقدة، ولم تكن مركبة الهبوط بالضرورة في حالة مستقرة. من المحتمل جدا أن تهبط على منحدرات أو على تضاريس مختلفة مثل المطبات والمنخفضات، مما يزيد من صعوبة الإقلاع. علاوة على ذلك، يمكن أن تعتمد عملية الإقلاع بأكملها فقط على المركبة الفضائية ذاتها.

وفقا لخبراء من الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء، في مواجهة الصعوبات التقنية للإطلاق على السطح المنحرف، من الضروري توضيح العوامل المختلفة لاستقرار الإقلاع وتأثيره. بالاعتماد على قدرات تحديد موقف المركبة بدقة لإكمال المحاذاة الجوية لتحقيق مدار دقيق، تتحقق الكثير من المحاكاة الأرضية والاختبارات من محرك الإقلاع والصعود. ومع ذلك، فإن خصوصية البيئة القمرية والجاذبية المنخفضة والفراغ العالي وغيرها من العوامل تجعل تحقق المحاكاة الأرضية أمرا صعبا.

بعد سلسلة من البحث التكنولوجي، أجرى فريق البحث العلمي التابع للأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء بنجاح العديد من التجارب والتحقق، وأنشأ مجموعة كاملة متشابكة من الأنظمة لضمان مغادرة مسبار تشانغ أه- 5 سطح القمر.

أول لقاء بين المركبات الفضائية غير المأهولة في مدار القمر في تاريخ البشرية

بعد أن أقلعت مركبة صعود تشانغ أه- 5 من سطح القمر، على الرغم من أنها طارت في مدار القمر، فإن إرسال عينات القمر مرة أخرى إلى الأرض بمفرده أمر يفوق قدرته. كانت ثمة حاجة أيضا إلى ربطها مع مجموعة المركبة المدارية- مركبة العودة في المدار القمري، وتسليم العينات إلى مركبة العودة لإكمال الرحلة التالية.

بعد عقود من الاستكشاف العملي، أتقنت الصين تقنية الالتقاء والالتحام في مدار الأرض المنخفض في مجال رحلات الفضاء المأهولة، لكن الالتقاء غير المأهول والالتحام على مدار القمر على بعد 380 ألف كيلومتر ليس المرة الأولى في تاريخ الفضاء الصيني فحسب، وإنما أيضا المرة الأولى في تاريخ رحلات الفضاء البشرية، جلب هذا تحديات كبيرة لفريق البحث التابع للأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء.

وفقا لخبراء من الأكاديمية الصينية لتكنولوجيا الفضاء، يتبنى التقاء والتحام تشانغ أه- 5 المداري طريقة الالتحام "الاصطياد" دون دعم إشارة الملاحة عبر الأقمار الاصطناعية. تتطلب عملية الالتحام ونقل العينات استقلالية عالية. من الضروري إكمال تصميم برنامج رحلة الالتقاء والالتحام مع الأخذ في الاعتبار القيود المختلفة لقياس المسبار والتحكم فيه وظروف الإضاءة والتحكم في موقف المسبار ومداره وإمدادات الطاقة والتحكم الحراري، إلخ.

في الوقت نفسه، أثناء الالتقاء المداري القمري وعملية الالتحام، تكون قدرة دعم القياس والتحكم من الأرض محدودة، ويتطلب دقة عالية للالتحام. بالإضافة إلى ذلك، يجب مراعاة تصميم جهاز نقل العينات في آلية التحام تشانغ أه- 5 لضمان أن تلبي دقة الالتحام المتطلبات المعنية بنقل العينة. كما أن التصميم المتكامل لآلية الالتحام وآلية نقل العينات أمر صعب أيضا.

منذ بداية دخول مركبة الصعود إلى المدار القمري، حتى التحام مركبة الصعود مع مجموعة المركبة المدارية- مركبة العودة في المدار القمري ونقل العينات إلى مركبة العودة، صمم المصمم بعناية الالتقاء والالتحام وتشغيل مجموعة المركبة المدارية- مركبة العودة وانفصال مركبة الصعود عن مجموعة المركبة المدارية- مركبة العودة وغيرها من الإجراءات الرئيسية، حيث أكمل تشانغ أه- 5 عملية التناوب لنقل العينات القمرية بدقة.

العودة إلى الأرض مع العينات القمرية بسرعة عالية

عندما تعود مركبة فضائية، في مدار أرضي منخفض، إلى الغلاف الجوي، تكون سرعتها عادة حوالي 9ر7 كيلومترات في الثانية، أي السرعة الكونية الأولى. ولكن عندما دخلت مركبة العودة لتشانغ أه- 5 إلى الغلاف الجوي، اقتربت سرعتها من السرعة الكونية الثانية البالغة 2ر11 كيلومترا في الثانية. التفاوت في السرعة، الذي يزيد عن ثلاثة كيلومترات في الثانية يؤدي إلى قوى مختلفة تماما. فإذا تهبط مركبة العودة لتشانغ أه- 5 إلى الأرض بسرعة عالية للغاية، وتصطدم بها فإن المهمة سوف تفشل تماما.

لذا، طرح الباحثون الصينيون حلولا تقنية لأول مرة، باستخدام طريقة "القفزة في مسارها شبه الباليستي"، أي أن تدخل مركبة العودة لتشانغ أه- 5 الغلاف الجوي بسرعة عالية، ثم "تقفز" بمساعدة المصعد الذي يوفره سطح الغلاف الجوي، ثم تنخفض سرعتها إلى السرعة الكونية الأولى وتعود إلى الأرض.

قال بي تشاو يو، نائب مدير مركز استكشاف الفضاء وهندسة الفضاء التابع للمصلحة الوطنية للفضاء في الصين، إن نجاح إطلاق تشانغ أه- 5 يعني أن الصين نفذت عملية تخزين وتحليل وبحث كاملة للعينات القمرية لأول مرة.

خدمة البحث العلمي واستكشاف المجهول

من تدشين مشروع تشانغ أه- 5 إلى إطلاقه، أمضى فريق مهمة تشانغ أه- 5 عشر سنوات من العمل الشاق، قامت خلالها بدراسة مستفيضة حول العديد من التقنيات والصعوبات الجوهرية الرئيسية، وبحث وتوارث الخبرة الفنية في الأقمار الاصطناعية في المدار المنخفض والأقمار الاصطناعية في المدار العالي والالتقاء والالتحام المأهول في الفضاء والهبوط غير المأهول للأجرام السماوية خارج الأرض وعودة المركبات الفضائية وما إلى ذلك، وقد تغلبت وحدات الأبحاث المشتركة على كل تلك الصعوبات، لضمان تحقيق نجاح مهمة تشانغ أه- 5.

قال وو يان هوا، نائب مدير المصلحة الوطنية للفضاء في الصين ونائب قائد مشروع استكشاف القمر، في مؤتمر صحفي عقده مكتب الإعلام لمجلس الدولة في السابع عشر من ديسمبر عام 2020: "الإقلاع على سطح القمر والالتقاء والالتحام المداري والعودة إلى الأرض التي تم إجراؤها خلال مهمة تشانغ أه- 5، كلها تقنيات ضرورية للهبوط على سطح القمر في المستقبل. وسوف يخدم الهبوط المأهول الصيني على سطح القمر البحث العلمي واستكشاف المجهول بكل تأكيد."

أوضح وو يان هوا أن الصين نفذت المهمة الأولى لبرنامج استكشاف الكواكب، أي  أول مهمة استكشاف المريخ، بواسطة المسبار" تيانون- 1" التي تم إطلاقها بنجاح في وينتشانغ في الثالث والعشرين من يوليو عام 2020. إن المسبار الصيني لاستكشاف المريخ في حالة جيدة جدا حاليا. وقد قطع حوالي 370 مليون كيلومتر وابتعد أكثر من 100 مليون كيلومتر عن الأرض. وفقا للخطة، من المقدر أن يكون "تيانون- 1" قد وصل إلى المريخ في منتصف فبراير 2021 ليبدأ عملية الاستكشاف في الدوران حول المريخ، وتهبط على سطح المريخ في منتصف مايو 2021 للاستكشاف.

بالإضافة إلى ذلك، أتمت الصين التخطيط لثلاث مهام لاستكشاف الكواكب، بما في ذلك استكشاف الكويكبات وأخذ العينات، وأخذ عينات من المريخ، واكتشاف مدار المشتري واجتياز الكواكب.

وفقا لخطة "الخطوات الثلاث" لمشروع رحلات الفضاء المأهولة في الصين، فإن عامي 2021 و2022 فيهما عمل كثيف للغاية لبناء المرحلة الثالثة من رحلات الفضاء المأهولة. أوضح وو يان هوا أن الصين تخطط لإكمال 11 مهمة إطلاق إلى المحطة الفضائية في غضون عامين، بما في ذلك الكبسولة الأساسية لمحطة الفضاء، وكبسولتي الاختبار، و4 مركبات فضائية للشحن، و4 مركبات فضائية مأهولة. ثم ستجري الصين في وقت لاحق عددا كبيرا من التجارب العلمية على المدار.

قال وو يان هوا إن الصواريخ الحاملة تمثل القدرة على دخول الفضاء، وبعد إطلاق الصواريخ الحالية بنجاح، ستستخدم الصين أيضا الجيل الجديد من تكنولوجيا الصواريخ الحاملة لتحقيق تسلسل الصواريخ الجديدة والخالية من التلوث. ستضمن إعادة التكامل لتسلسل الجيل الجديد من الصواريخ الحاملة تلبية مهام الإطلاق لمدارات مختلفة ومركبات فضائية ذات وزن مختلف.

--

فو يي في، مراسلة صحيفة العلم والتكنولوجيا اليومية الصينية.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4