ملف العدد < الرئيسية

أبناء يي يحاربون الفقر بالعلم والتعليم

: مشاركة
2020-09-22 14:36:00 الصين اليوم:Source ون تشينغ:Author

في الحادي والعشرين من أغسطس، انتهى موسم الأمطار في ولاية ليانغشان بمقاطعة سيتشوان. في الصباح الباكر، غمرت السحب بلدة سالاديبو بقرية جيبانادا وملأها الضباب. استيقظ جيننغ شياو فيْ ذو الستة أعوام من النوم، وبعد أن انتهى من الاغتسال وتناول وجبة الفطور، كانت الشمس قد أشرقت واختفت السحب والضباب لتكشف الستار عن السماء الزرقاء. وكالمعتاد، ذهب جيننغ شياو فيْ إلى روضة الأطفال بالقرية ماسكا يد والدته.

"صفقوا، صفقوا بيديكم، واهتموا بالنظافة وغسل اليدين..." بدأ جيننغ شياو فيْ وزملاؤه يومهم الدراسي وهم ينشدون "أغنية غسل اليدين".

تقع قرية جيبانادا التي يتواجد بها جيننغ شياو فيْ بمحافظة تشاوجيويه في ولاية ليانغشان. وتعتبر تشاوجيويه أكبر محافظة فيها أبناء قومية يي في الصين، وهي إحدى محافظات سيتشوان التي لم تتخلص من الفقر حتى الآن. وسائل المواصلات غير السهلة والموقع الجغرافي المنغلق ونقص الموارد التعليمية، كل ذلك أدى إلى تخلف فكر ومفاهيم السكان المحليين هنا بشكل عام، ويعتبر ذلك من المسببات الرئيسية للفقر بها.

مع تنفيذ خطة الحد من الفقر، أدركت ولاية ليانغشان ضرورة البدء بالتعليم أولا من أجل التخلص من براثن الفقر، فأطلقت مشروع "تعلم لغة بوتونغهوا (اللغة الصينية الرسمية) قبل بدء التعليم المدرسي"، ويهدف ذلك المشروع إلى مساعدة أطفال قومية يي مثل جيننغ شياو فيْ وغيره من الأطفال على تعلم لغة بوتونغهوا، وإرساء أساس لغوي جيد لهم للدراسة والعمل في المستقبل.

تعلم بوتونغهوا قبل بدء التعليم المدرسي

قالت شياو لان والدة جيننغ شياو فيْ: "قبل أن يبدأ جيننغ شياو فيْ الدراسة، لم يكن يتحدث لغة بوتونغهوا، ولكنه الآن يتعلمها بشكل جيد جدا حتى أنه يعلمني كيف أتحدث بها عندما يعود إلى المنزل". اسم شياو لان الأصلي هو آه تشي ووجي. عندما خرجت للعمل قبل سنوات، وجدت أن الآخرين يواجهون صعوبة في ندائها بهذا الاسم، وهي أيضا كانت تشعر بالحرج من أجل ذلك، فأعطت نفسها اسما من أسماء قومية هان.

في المناطق التي يعيش بها أبناء قومية يي بولاية ليانغشان، يستخدم الناس لغة قومية يي في شتى تعاملاتهم وحياتهم اليومية، ولا يبدأ الأطفال تعلم لغة بوتونغهوا إلا بعد بدء المرحلة الابتدائية، وكان هذا هو حال جيننغ ووها شقيق جيننغ شياو فيْ. جيننغ ووها يبلغ من العمر تسع سنوات، في الصف الثاني من المرحلة الابتدائية، نتائجه الدراسية ليست جيدة، بدت شياو لان مستاءة للغاية عند الحديث عنه. نظرا لأنه لا يستطيع الفهم أو التحدث بلغة بوتونغهوا الرسمية، لم يستطع شقيق جيننغ شياو فيْ فهم ما يقوله المعلمون حتى الصف الثاني من المرحلة الابتدائية. وهذا أدى إلى عدم اهتمامه بالدراسة وضعف أدائه ونتائجه السيئة. قالت شياو لان: "أنا حقا قلقة للغاية".

يصبح أطفال قومية يي غير قادرين على الفهم بعد دخولهم في مرحلة التعليم الالزامي بسبب عدم التحدث بلغة بوتونغهوا ، وجعلهم ذلك غير قادرين على المواكبة وكره التعليم وتركه، فيخسرون السباق عند خط البداية. ليس ذلك فحسب، بل يؤثر ذلك بشكل سلبي على توظيفهم والعمل في المستقبل، وهذا ما تعرفه شياو لان جيدا. كانت شياو لان تعمل هي وزوجها في قوانغدونغ وقانسو وغيرهما من الأماكن من قبل. قالت: "عندما ذهبت لأول مرة خارج محافظتي لم أكن أفهم ما يقوله الآخرون، ولم أكن أتحدث بلغة بوتونغهوا أيضا، فكان الأمر صعبا للغاية". ولهذا السبب تأمل أن يتمكن أطفالها من التحدث باللغة الرسمية بشكل جيد.

أصبح التعليم ما قبل المدرسي نقطة انطلاق هامة لمنع انتشار الفقر في ليانغشان. وفي مايو عام 2018، أطلقت ولاية ليانغشان مشروعا تجريبيا "لتعلم لغة بوتونغهوا قبل بدء التعليم المدرسي"، وأنشأت 2724 روضة أطفال في القرى المختلفة بما فيها قرية جيبانادا، وبدأ 8ر112 ألف طفل من بينهم جيننغ شياو فيْ، تعلم بلغة بوتونغهوا.

قال لوه ينغ، وهو معلم بإحدى رياض الأطفال: "بالإضافة إلى تعليم الأطفال لغة بوتونغهوا، نقوم أيضا بتنمية عاداتهم الحياتية، مثل توعيتهم بغسل أقدامهم قبل الذهاب إلى الفراش كل ليلة وغسل أيديهم قبل تناول الطعام وما إلى ذلك." في الماضي، كان العديد من أبناء قومية يي يعيشون مع الحيوانات في مكان واحد ولا يكترثون بالنظافة، مما تسبب في سلسلة من المشكلات الصحية. لذلك، فإن مساعدة الأطفال وتنمية عادات حب النظافة لديهم هي إحدى مهام روضة الأطفال الأساسية.

ليانغشان واحدة من "الولايات والمناطق الثلاث" التي تعاني من الفقر الشديد والافتقار إلى الموارد المالية، أدى ذلك إلى ضعف وسوء التعليم. ومع تنفيذ إستراتيجيات الحد من الفقر، قامت ولاية ليانغشان بالعمل على تطوير التعليم بها بكل ما تملك من قوة، لتحقيق هدف "روضة واحدة لكل قرية" تدريجيا. وبناء رياض الأطفال سواء في المدارس الابتدائية بالقرى أو في غرف نشاطات لجان القرية بعد إصلاحها أو في منازل مستأجرة. ومن أجل جذب المزيد من الأطفال للتعلم، يتم تزويد الأطفال بإعانة غذاء يومية بقيمة ثلاثة يوانات. قالت هوانغ جينغ مديرة مكتب تعلم لغة بوتونغهوا بولاية ليانغشان: "في السابق، كان العديد من الآباء يرسلون أبناءهم بسبب وجبة الغداء المجانية ولكن بمرور الوقت لاحظنا أن الأطفال قد أحرزوا تقدما بالفعل، فنال ذلك دعم الآباء وتفاعلهم بشكل إيجابي للغاية."

قالت هوانغ جينغ: "الدفعة الأولى من الأطفال المتخرجين في الحضانة يدرسون حاليا في مرحلة التعليم الإلزامي. ومن خلال المتابعة الاستطلاعية التي قمنا بها، وجدنا أنهم أكثر تركيزا أثناء الفصول الدراسية، وعلى استعداد للتواصل والمشاركة مع المعلمين، كما تحسنت نتائجهم أيضا." في ديسمبر عام 2019، قامت جامعة الصين للاتصالات بإجراء تقييم لعينات عشوائية لمستوى التطور اللغوي للأطفال الذين تعلموا لغة بوتونغهوا قبل مرحلة التعليم المدرسي بولاية ليانغشان بعد دخولهم الصف الأول من المرحلة الابتدائية، وكان معدل النجاح 03ر99%. وأثناء تعلم لغة بوتونغهوا، قامت ولاية ليانغشان بتنفيذ التعليم الثنائي اللغة وفقا لوضعها الفعلي، لتوارث الثقافة المتميزة لقومية يي من خلال تقديم دورات لتدريس لغة قومية يي ودورات الثقافة التقليدية بها.

وصل جيننغ يون فو شقيق جيننغ شياو فيْ الأصغر لسن الالتحاق بروضة الأطفال في سبتمبر من العام الجاري. قالت شياو لان: "سوف أحرص على تعليمه لغة بوتونغهوا مثل شقيقه جيننغ شياو فيْ."

مدارس مسائية للمزارعين

مع التركيز على التعليم قبل المدرسي، تم أيضا إطلاق مدارس مسائية للمزارعين واحدة تلو الأخرى بولاية ليانغشان من أجل مساعدتهم على إتقان المهارات الزراعية وتقنيات تربية الحيوانات بشكل أفضل.

في صباح الرابع والعشرين من أغسطس هذا العام، امتطى القروي آهدي آتشيه البالغ من العمر 36 عاما دراجته النارية إلى المدرسة المسائية التي تقع في مركز قرية شياوشان، حيث يأتي فني زراعي من مكتب الزراعة بالمحافظة ليلقي عليهم محاضرة موضوعها "كيفية زيادة إنتاج البطاطس" التي يهتم به آهدي آتشيه. هطل الجليد عدة مرات هذا العام، ولن تنجو العديد من شتلات البطاطس، وقد ينخفض المحصول بشكل كبير، مما يجعل آهدي آتشيه في حالة قلق شديد. بعد وصول القرويين واحد تلو الآخر، بدأ الفني الزراعي لاما ووشا بإلقاء محاضرته بلغة قومية يي في تمام الساعة العاشرة صباحا. "عند زراعة البطاطس، وضع ثلاثة بذور في الحفرة الواحدة يضمن معدل بقاء واحدة منها على الأقل حية وإنتاج أكبر قدر ممكن."

تقع قرية شياوشان ببلدة ميانشان في محافظة شيده. كانت القرية الوحيدة الفقيرة في تلك المنطقة، وكان الافتقار إلى تقنيات الإنتاج وضعف مهارات العمل لدى أهلها أحد المسببات الأساسية للفقر المحلي بها. قال باجيوآرتيه، أمين اللجنة الفرعية للحزب الشيوعي بقرية شياوشان: "لن تكون مزارعا جيدا مادمت تفتقر إلى العلم والتكنولوجيا." في نوفمبر عام 2015، ولدت الخنازير التي كان باجيوآرتيه يربيها أكثر من عشرة خنازير صغيرة، ولكنها تجمدت جميعا حتى الموت بسبب الافتقار لتقنيات الحماية من البرد، مما أحزن جميع أفراد الأسرة للغاية.

من أجل تجنب حدوث ذلك للقرويين الآخرين، نظم وو شياو السكرتير الأول للقرية في ذلك الوقت مجموعة من مربي الماشية، وجعلهم يشاهدون مقاطع فيديو تعليمية لتقنيات تربية الخنازير في مقر لجنة القرية، لتعلم كيفية حماية الخنازير الصغيرة خلال موسم الشتاء. وبدأت المجموعات التي نظمتها القرية في تعلم المزيد والمزيد، فأقيمت على أساس ذلك مدارس مسائية للمزارعين تدريجيا.

قال بايوآرتيه: "على الرغم من أنها تسمى بالمدرسة المسائية، لا يقتصر الوقت على المساء فقط. يتم شرح المعارف والمهارات وفقا لاحتياجات المزارعين، بشكل مرن للغاية ويمكن الشرح في أي مكان. عندما يكون الطقس جيدا، يجلس الجميع في الساحة التي تقع في مركز القرية ليستمعوا إلى الشرح وهم تحت أشعة الشمس." تعطي المدارس المسائية دروسا مرة إلى مرتين على الأقل شهريا. ويحاضر فيها مجموعة متنوعة من المعلمين منهم "السكرتير الأول ومسؤولو القرية من الخريجين الجامعيين وكوادر الحد من الفقر، الذين يشرحون الإستراتيجيات والقانون، والخبراء من مكتب الزراعة وتربية الحيوانات، الذين يشرحون المعلومات الزراعية وطرق تربية الماشية." بشكل أوضح، يتم استغلال والاستفادة من جميع الموارد المتاحة.

على سبيل المثال، تعتبر بداية شهر مايو فترة هامة جدا للحماية الربيعية للماشية والدواجن، فنقلت المدرسة المسائية "الفصل" إلى حظيرة الأغنام. وقامت بدعوة خبراء من مكتب الزراعة وتربية الحيوان لشرح طرق حقن التطعيمات والاحتياطات التي يجب اتخاذها. في كل عام أثناء مهرجان الشعلة السنوي والعام الجديد لقومية يي، يتم استغلال ذروة عودة العمال المهاجرين للقرية، لإجراء دورات تدريبية بشأن سياسات التحكيم العمالي وسلامة العمل، لتحسين قدرة المزارعين على حماية حقوقهم ومصالحهم المشروعة وفقا للقانون بشكل فعال. وخلال تلك العطلة التي تصل إلى أسبوعين، تقوم المدرسة المسائية أيضا بإجراء الدورات التدريبية لمهارات اللحام الكهربائي والحفارات والطهي وغيرها من المهارات وفقا لاحتياجات العمال المهاجرين.

يرى الفني الزراعي لاما ووشا أن التغير الأكبر الذي حدث للمزارعين الذين شاركوا في المدرسة المسائية هو أنهم أصبحوا يؤمنون بالعلم والتكنولوجيا. وقال لاما ووشا إن المزارعين لم يكونوا يؤمنون من قبل بالتطعيمات واللقاحات، ونقوم أثناء الدروس بتسليط الضوء على أهمية التطعيمات، فإن تم إعطاء التطعيم للحيوانات والوقاية فلن يحدث أي سوء، أما إن لم تتم الوقاية فيمكن أن تموت الماشية. والآن يتم تطعيم جميع المواشي بالقرية. أضاف: "بالإضافة إلى ذلك، نؤكد أيضا على ضرورة الحفاظ على نظافة الحظائر للتقليل من البكتريا وتقليل نسبة إصابة الماشية بالأمراض المزمنة."

قال آهدي آتشيه: "في السابق، كان العديد من المواشي يموت بسبب المرض كل عام، ولكننا لم نكن نؤمن بالتطعيمات. وبعد أن بدأنا الدراسة بالمدرسة المسائية واستمعنا لما يقوله المعلمون، لم تمرض الحيوانات حقا بعد تطعيمها." وأضاف: "الآن لا تموت أي من الأبقار والأغنام بسبب المرض تقريبا، وأصبح دخلنا أعلى. في المستقبل، طالما تواجدت في القرية، سأقوم بالمشاركة في الدورات التدريبية بالمدرسة المسائية بكل حماس لأتعلم المزيد من المعارف، وسأسعى جاهدا لأكون مزارعا حضاريا."

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4