ملف العدد < الرئيسية

قصص التخلص من الفقر

: مشاركة
2020-06-18 14:25:00 الصين اليوم:Source ما لي:Author

في صباح الثامن عشر من مايو 2020، ذهب تشنغ تشوان جيو، نائب المجلس الوطني الثالث عشر لنواب الشعب من محافظة تشنغآن إلى مدينة قوييانغ حاضرة مقاطعة قويتشو، من أجل السفر إلى بكين مع وفد مقاطعة قويتشو للمشاركة في دورة المجلس الوطني لنواب الشعب ودورة المؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني (الدورتين).

في ذات اليوم وقبل مغادرته قوييانغ، قصد تشنغ تشوان جيو عمدا إلى مصنعه الواقع في منطقة التنمية الاقتصادية بمحافظة تشنغآن للتحقق والاستفسار عن أحوال تسليم منتجات المصنع من آلات القيثارة. وبعد الزيارة، كتب التعليق التالي على تطبيق ويتشات: "أشكر بلادي على دعمها، مما مكننا شحن البضائع إلى أنحاء العالم في ظل تفشي فيروس كورونا الجديد."

القضاء على الفقر من خلال التنمية الصناعية

تقع محافظة تشنغآن، التي يعيش فيها تشنغ تشوان جيو، في أعماق جبال مدينة تسونيي بمقاطعة قويتشو، وهي تعد أكبر قاعدة لإنتاج آلة القيثارة في الصين، حيث يوجد فيها 27 مؤسسة مشهورة بتصنيع القيثارة، ويبلغ حجم الإنتاج ستة ملايين قيثارة سنويا، وتصدر المنتجات إلى أكثر من ثلاثين دولة ومنطقة.

استأنف قطاع تصنيع القيثارة في محافظة تشنغآن العمل في بداية مارس هذا العام، غير أن شركات منطقة التنمية الاقتصادية البالغ عددها 30 مؤسسة بمحافظة تشنغآن واجهت مشكلة التوقف عن العمل من جديد في نهاية مارس، لأن معظم العملاء الأجانب، الذين لم يقرروا إلغاء طلبياتهم بعد، طلبوا من تلك الشركات تأجيل تسليم البضائع إلى أجل غير مسمى بسبب انتشار الفيروس، مما وضع تلك الشركات في المأزق. قال تشنغ تشوان جيو: "موافقتنا على تأجيل تسليم البضائع لمدة ثلاثة أشهر يعني أن نتحمل عشرات الملايين من اليوانات (الدولار الأمريكي يساوي 1ر7 يوانات حاليا) لتخزين 150 ألف آلة قيثار، ومن المستحيل إدارة المصانع بدون سيولة مالية."

في ذلك الوقت الحرج، ساعدت الحكومة المحلية الشركات على حل الصعوبات. قال منغ شي، مدير لجنة الإدارة لمنطقة التنمية الاقتصادية بمحافظة تشنغآن: "لا يمكن لتلك الشركات التوقف عن العمل، وإلا سنواجه ضربة قاضية في تنفيذ سياسة التخفيف من حدة الفقر في محافظتنا." في مارس من هذا العام، خرجت محافظة تشنغآن من قائمة المحافظات الفقيرة على المستوى الوطني، ويعتبر قطاع تصنيع القيثارة أهم القطاعات التي تساهم في تخليص المحافظة من الفقر. تشتمل السلسلة الصناعية لآلة القيثارة على ٧٢ مؤسسة إنتاجية أو مرتبطة بإنتاجها، توفر  أكثر من ١٤ ألف وظيفة.

قررت الحكومة المحلية تقديم سلسلة من الدعم المالي لشركات إنتاج القيثارة، بما فيها الضمانات الحكومية وفوائد الخصومات الحكومية وغيرها، في الفترة من إبريل إلى يوليو 2020، لتحقيق استقرار السلسلة الصناعية والمحافظة على منجزات مكافحة الفقر. بالإضافة إلى ذلك، تبذل منطقة التنمية الاقتصادية بمحافظة تشنغآن جهودها لمساعدة صناعة القيثارة على جذب الاستثمارات من داخل الصين والمشاركة في منصات التجارة الإلكترونية وتوسيع التسويق الإلكتروني. كما تعمل المؤسسات في المنطقة، تحت مساعدة الحكومة المحلية، على توسيع قنوات التسويق عن طرق بيع المنتجات عبر البث المباشر وتنظيم مسابقات العزف على القيثارة على الإنترنت وغيرها، من أجل اكتشاف الفرص في هذه الأزمة. قال منغ شي: "حاليا، حقق أكثر من سبعين مؤسسة متعلقة بالقيثارة في تشنغآن الإنتاج الكامل، اعتمادا على زيادة الطلبات في الصين. مع السيطرة على الوباء، انتعشت طلبيات التجارة الخارجية تدريجيا، وبدأنا شحن المنتجات إلى الخارج أيضا."

تعمل الحكومة والمؤسسات المحلية معا لمواجهة تأثير فيروس كورونا الجديد على السلسلة الصناعية المحلية، وقد نجحت في تحمل الضغط والمحافظة على الوظائف وقدرة الإنتاج وتعزيز منجزات مكافحة الفقر.

تجدر الإشارة إلى أن تنمية الصناعة إستراتيجية أساسية للقضاء على الفقر. في الوقت الحاضر، فإن 92% من الفقراء الصينيين يشاركون في مشروع مساعدة الفقراء عن طريق تنمية الصناعات، و72% من الفقراء الذين تحرروا من ربقة الفقر، تشملهم سياسات الدعم بشأن التخفيف من حدة الفقر. حاليا، قامت ٥٢ محافظة فقيرة في الصين بتطوير ١٢٢ صناعة رئيسية، مما يساعد أكثر من ثلاثة ملايين فقير، فازداد متوسط دخل الفرد منهم بأكثر من ١٧٠٠ يوان.

الانتقال من الجرف الجبلي إلى السهول

في صباح الثالث عشر من مايو ٢٠٢٠، قام السيد موسه لالوه وزوجته جيكه جيننيو في قرية آتوليأر بحزم أمتعتهم من أجل الانتقال إلى مكان آخر. استعدت جيكه جيننيو لهذه اللحظة التاريخية بارتداء الزي التقليدي لقومية يي والأقراط التي ترتديها فقط في أيام الأعياد والمناسبات. فقد انتقل ٨٤ أسرة فقيرة مسجلة في القرية و٣٤٤ شخصا من الجبال هذه المرة.

تقع قرية آتوليأر في جبل شيتسي الذي يبلغ ارتفاعه 1700 متر، بمحافظة تشاوجيويه في ولاية ليانغشان الذاتية الحكم لقومية يي بمقاطعة سيتشوان، وتحمل لقب "قرية الجرف"، لأن القرويين عليهم تسلق منحدر بامتداد ٨٠٠ متر للوصول إلى القرية أوالخروج منها. في عام ٢٠١٥، جذب مقطع فيديو لأطفال في قرية آتوليأر يتسلقون السلم للذهاب إلى المدرسة اهتماما كبيرا من وسائل الإعلام في الداخل والخارج، لذا، أصبحت "قرية الجرف" معروفة. قال باتشا يوقه، أمين لجنة الحزب الشيوعي الصيني في قرية آتوليأر: "بسبب الطريق الوعر، كان الأطفال في قرية آتوليأر يضطرون للدراسة تحت الجبل لمدة عشرة أيام وأخذ إجازة لمدة خمسة أيام. وكان يتوجب على أولياء الأمور حملهم للنزول بهم على امتداد الجرف الجبلي." في هذا المكان لا يوجد موضع مستو بحجم راحة اليد يمكنك وضع قدمك عليه، وفقا لوصف السيد باتشا يوقه الذي قال إن أطفال القرية يلتحقون بالصف الأول الابتدائي في سن التاسعة، لأن الأطفال الأصغر من هذه السن   لا يستطيعون تسلق الجبل حتى بمساعدة أولياء أمورهم."

في عام ٢٠١٦، أنشأت حكومة محافظة تشاوجيويه مع حكومة ولاية ليانغشان الذاتية الحكم لقومية يي سلما من الفولاذ على الجرف لتسهيل الطريق إلى المدرسة. كما بُنيت روضة أطفال في القرية، وبدأ القرويون يعملون في السياحة الريفية تحت توجيه الحكومة المحلية. قال موسه لالوه: "على الرغم من بناء السلم، ظل طريق دخول القرية والخروج منها غير سهل.  ظل الأطفال يحتاجون إلى تسلق الجرف للذهاب إلى المدرسة، ولا نزال نتسلق الجرف لنقل البضائع إلى القرية."

مشروع مساعدة الفقراء بإعادة توطينهم وسيلة تغيّر حياة الفقراء في القرية بالكامل. في قرية آلوليأر ١٦٤ أسرة، منهم أربع وثمانون أسرة فقيرة أعيد توطينها هذه المرة. وفقا لمعايير التخفيف من حدة الفقر، يحصل كل فرد على مساحة سكنية قدرها 25 مترا مربعا، فحصلت عائلة موسه لالوه المكونة من أربعة أفراد على بيت جديد مجهز مساحته مائة متر مربع في محافظة تشاوجيويه بنفس المقاطعة. يمكن لطفلي موسه لالوه الذهاب إلى المدرسة القريبة من بيتهم الجديد. أصبحت العائلة مفعمة بالأمل في حياتها الجديدة، قال موسه لالوه: "لن يعاني أطفالنا من نقص الموارد والخدمات التعليمية مثلنا."

قال باتشا يوقه: "بعد انتقالهم إلى بيوت في المكان الجديد، سيتمتع الأطفال بتعليم أفضل وخدمات طبية وغيرها من الموارد العامة الأخرى. يمكن للشباب اختيار العمل في المحافظة أو مواصلة القيام بالسياحة في "قرية الجرف"؛ سوف تدعم الحكومة المحلية تنمية السياحة، مما يساعد القرويين داخل الجبال وخارجها على العيش والعمل في سلام وسعادة. كما قال باتشا يوقه إن موسه لالوه حصل على عمل في أحد مواقع البناء في المحافظة، وتقوم زوجته بعمل مؤقت في مطعم قريب من بيته.

الانتقال من الجبال إلى المحافظة هو الخطوة الأولى لمساعدة الفقراء، والأهم من ذلك هو معالجة المشكلات في الحياة بعد الانتقال إلى البيئة الجديدة. قال تسيكه لاقه، نائب رئيس ولاية ليانغشان الذاتية الحكم لقومية يي وأمين لجنة الحزب في محافظة تشاوجيويه: "يجب علينا معالجة مشكلة التوظيف على أساس تحقيق الحياة المستقرة للناس وتجنب الوقوع في براثن الفقر وتحقيق الحياة الغنية والسعيدة تدريجيا." قال تسيكه لاقه، إن أكثر من ١٨ ألف فقير مثل أبناء "قرية الجرف" سينتقلون إلى بيوت جديدة هذا العام، حاليا، بدأت الحكومة المحلية في بناء أكثر من عشر حدائق صناعية للزراعة الحديثة بالقرب من مواقع إعادة التوطين، من أجل توفير فرص عمل للفقراء وزيادة فرص التوظيف عن طريق تنمية الصناعة وزيادة الدخل لمعظمهم. علاوة على ذلك، قدمت محافظة تشاوجيويه أكثر من خمسة آلاف وظيفة رعاية اجتماعية للأشخاص الذين يصعب عليهم العمل خارج المحافظة.

تعتبر محافظة تشاوجيويه، التي تقع فيها "قرية الجرف"، منطقة فقر مدقع، وهي من أصعب أماكن تخفيف حدة الفقر. الآن، يوجد ٥٥ قرية فقيرة فيها، ويبلغ عدد الفقراء المسجلين ٣٣ ألف شخص. قال تسيكه لاقه إن الحكومة المحلية ستحقق التخفيف من حدة الفقر عن طرق إعادة توطين السكان وتنمية الصناعات وغيرها من الوسائل الفعالة.

حتى الآن، سوف تكمل حكومة مقاطعة سيتشوان مشروع إعادة التوطين الذي يغطي مليونا وثلاثمائة وستين ألفن شخص. في هذا العام، سيتخلص أكثر من ٦ر٩ ملايين فقير في الصين من الفقر عن طريق الانتقال إلى مكان سكن أفضل.

البث المباشر يحفز تنمية التجارة الإلكترونية في الريف

في العاشر من مايو 2020، شارك وانغ تاو، وهو كادر من بكين يعمل مؤقتا في مكتب التجارة والصناعة والتكنولوجيا لحكومة مدينة خوتان بمنطقة شينجيانغ الويغورية الذاتية الحكم، في فعاليات البث المباشر للتخفيف من حدة الفقر، والتي أقيمت في حي هايديان ببكين. خلال البث المباشر، قدم وانغ تاو للمشاهدين خبز نان المصنوع من الورد ومربى الورد وغيرهما من المنتجات الزراعية العالية الجودة من خوتان، فذاعت شهرة تلك المنتجات فجأة من خلال البث المباشر، حيث استغرق البث المباشر 90 دقيقة، وبلغ عدد المشاهدين 505 آلاف شخص، ونال 78 ألف "إعجاب" على الإنترنت. قال وانغ تاو إن مبيعات المنتجات الزراعية في خوتان شهدت انخفاضا حادا من يناير إلى مارس بسبب تأثير فيروس كورونا الجديد، وقد وجد مزايا اقتصاد الإنترنت الكبيرة من خلال قيامه بالبث المباشر في بكين. وفي خوتان، سمع وانغ تاو أيضا عن ردود فعل للبث المباشر من بعض الشركات المشاركة في مشروع التخفيف من حدة الفقر، حيث أخبره مسؤولو الشركات بسعادتهم بالدور البارز للبث المباشر في تسويق البضائع، فارتفعت المبيعات بنسبة ٢٠٪ مقارنة بالشهر نفسه من السنة السابقة. كما شجع وانغ تاو الشركات المحلية للتشاور مع البريد المحلي لحل مشكلات بطء النقل وتكاليف الشحن المرتفعة نسبيا.

في خوتان، تفضل المؤسسات التعاون مع الحكومة المحلية لبيع البضائع عبر البث المباشر على الإنترنت. قال وانغ تاو: "على الحكومة توفير منصة البث المباشر والمذيع وترتيب الخدمات اللوجستية، بينما ينبغي للمؤسسات تقديم عينات لمنتجاتها. البث المباشر لا يفيد في تسويق البضائع على الإنترنت فحسب، وإنما أيضا في خلق علامة تجارية لمدينة خوتان. على الرغم من أن خوتان تقع على بعد 4500 كيلومتر من بكين، قصَّر البث المباشر عبر الإنترنت "المسافة بين الإنتاج في خوتان والاستهلاك في بكين."

ترويج المنتجات عبر البث المباشر على الإنترنت يجعل بيع المنتجات الزراعية في المناطق الفقيرة أسهل وأكثر فعالية. خلال تفشي الوباء، تم بيع المنتجات الزراعية من مناطق فقيرة في أنحاء البلاد من خلال شاشات الهواتف النقالة. صارت عشرات الآلاف من الصوبات الزراعية والورش في الصين غرفا للقيام بالبث المباشر، كما يشارك رؤساء المدن والمحافظات والبلدات في قنوات البث المباشر لتقديم المنتجات المحلية. حاليا، أصبح تسويق المنتجات عبر البث المباشر وسيلة هامة للتخفيف من حدة الفقيرة ومساعدة البائعين على إيجاد قنوات التسويق الفعالة.

يعتقد شي لونغ شيويه، نائب رئيس معهد بكين للتنمية الحضرية، أن البث المباشر يحفز على تسويق المنتجات الزراعية عبر الإنترنت في الصين. بالإضافة إلى مواصلة تحسين جودة المنتجات الزراعية، يجب ربط قنوات التسويق عبر الإنترنت وخارج الإنترنت في المناطق الفقيرة، مما يشكل آلية طويلة الأجل للحد من الفقر.

وفقا لبيانات من وزارة التجارة، بلغت مبيعات التجزئة للمنتجات الزراعية عبر الإنترنت في الصين 5ر397 مليار يوان في عام 2019، بزيادة ضعف ونصف مقارنة مع عام 2016. حتى الآن، وصل عدد المتاجر الإلكترونية في الريف إلى أكثر من ١٣ مليونا، مما يجذب العديد من المزارعين والطلاب والمحاربين القدامى للعودة إلى مواطنهم وريادة الأعمال، وهذا يقدم قوة محركة جديدة للتخفيف من حدة الفقر في المناطق الفقيرة ونهضة الريف.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4