ملف العدد < الرئيسية

الدورة الثانية لمعرض الصين الدولي للاستيراد.. حقائق ودلالات

: مشاركة
2019-11-29 09:12:00 الصين اليوم:Source عادل علي:Author

أقيمت خلال الفترة من الخامس إلى العاشر من نوفمبر 2019، الدورة الثانية لمعرض الصين الدولي للاستيراد في مدينة شانغهاي، وبالتوازي مع المعرض، عُقد منتدى هونغتشياو الاقتصادي الدولي. وثمة مجموعة من الحقائق والدلالات المهمة يمكن استقراؤها من معرض الصين الدولي للاستيراد في دورته الثانية، نرصدها في النقاط التالية:

الأولى: انفتاح الصين الاقتصادي على العالم سياسة ثابتة لا تراجع عنها

تواصل الصين السير بخطى ثابتة ومدروسة في سياسة الإصلاح والانفتاح، التي بدأتها منذ ما يربو على 40 عاما، بهدف تحقيق التنمية المشتركة، وتوثيق علاقاتها مع باقي دول العالم. ويُعد معرض الصين الدولي للاستيراد الذي أعلن عنه الرئيس الصيني شين جين بينغ في مايو عام 2017، أحد المنتجات العامة التي ابتكرتها بكين لتأسيس نمط جديد من الانفتاح الشامل على العالم. وهو يعكس مدى جديتها في تفعيل مبدأ التشارك والتعاون والتنافس النزيه مع كل دول العالم.

وفي خطابه الرئيسي الهام في افتتاح المعرض، قدم الرئيس شي مقترحات هامة من أجل تطوير التعاون الاقتصادي العالمي عبر "الاشتراك في بناء اقتصاد عالمي منفتح وتعاوني" يقوم على الإبداع والانفتاح والتشارك. ودعا جميع البلدان إلى توسيع كعكة السوق العالمية، وتنفيذ آلية التشارك، وإبداع طرق جديدة للتعاون الدولي، والعمل معا لدفع العولمة الاقتصادية وتقليل الحواجز والقيود المفروضة عليها.

وبصفتها ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وعدت الصين بزيادة انفتاحها على الاقتصاد العالمي، من خلال اتخاذ تدابير عديدة، أشار إليها الرئيس شي في خطابه، لتوفير المزيد من الفرص للتعاون الاقتصادي العالمي ولتوسيع آفاق التنمية الاقتصادية الصينية- العالمية، ومن بين أهم هذه التدابير التأكيد على أهمية "توسيع انفتاح السوق" و"مواصلة تحسين إطار الانفتاح"، و"مواصلة تعميق التعاون الثنائي والمتعدد الأطراف"، وخاصة "مواصلة البناء المشترك للحزام والطريق"، والذي من شأنه تعزيز آفاق المبادرة الصينية الهادفة إلى تحقيق الفوز لكل الدول.

وفي هذا السياق، أبدت الصين استعدادها للتفاوض على اتفاقيات تجارة حرة عالية المستوى مع المزيد من الدول، وتسريع عملية التفاوض حول اتفاقية الاستثمار الصينية- الأوروبية، واتفاقية التجارة الحرة مع اليابان وكوريا الجنوبية، وكذلك اتفاقية التجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي. ويمثل الإعلان عن تسريع التفاوض بشأن الاتفاقية الأخيرة خطوة جيدة جدا لدول المجلس، إذ يترتب على التوصل لهذه الاتفاقية تعزيز وزيادة حجم التجارة الثنائية بين الجانبين وتنوعها، الأمر الذي يتيح المزيد من الفرص أمام الشركات من الجانبين.

الثانية: سعي الصين إلى الريادة الدولية وتحمل مسؤوليتها كقوة دولية كبرى

تسعى الصين للتأكيد على ريادتها على الساحة الدولية، وخاصة في ظل الحرب التجارية التي تشنها واشنطن عليها، وصعود الأحادية والحمائية الدولية، بجانب تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي. ومن هنا، فإن معرض الصين الدولي للاستيراد يُعد فرصة ذهبية للدول المشاركة لعرض منتجاتها من أجل دعم النظام العالمي المتعدد الأطراف والحوكمة الاقتصادية وتعزيز التعاون بين الشركاء التجاريين بما يعود بالكسب على الجميع. وفي الآن ذاته، فإن المعرض يمثل آلية هامة للصين لتعزيز التعاون التجاري والعلاقات السياسية مع العالم ودعم الجهود التنموية والإصلاح الاقتصادي التي تتبناها الدول النامية والأقل نموا، حيث شاركت 40 دولة من دول العالم الأقل نموا في دورة هذا العام.

وفي ظل التحديات التي تواجه العولمة الاقتصادية في الوقت الحالي، فإن معرض الصين الدولي للاستيراد يعتبر منصة هامة لدفع العولمة الاقتصادية، وذلك بما يتيحه المعرض من منصة للتجارة الدولية وفرص العمل المشتركة لجميع بلدان العالم، بجانب جلب فرص عمل ضخمة للشركات من جميع أنحاء العالم. بالإضافة إلى أنه يُظهر عزيمة الصين على توسيع الانفتاح باستمرار ودعمها الثابت للعولمة الاقتصادية والتجارة الحرة، علاوة على التزامها المستمر تجاه التكامل مع الاقتصاد العالمي.

الثالثة: إتاحة المجال أمام الدول النامية لتقاسم ثمار العولمة

يمنح معرض الصين الدولي للاستيراد الدول النامية فرصة ذهبية لتقاسم ثمار العولمة، حيث تقوم دول نامية من أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية بعرض منتجاتها المتنوعة في المنطقة المخصصة للمنتجات الغذائية والزراعية بالمعرض. وهو ما يعكس رغبة الدول النامية في دخول السوق الصينية. وكما حدث في الدورة الأولى، فقد وفرت الدورة الثانية للمعرض أيضا جناحين بالمجان للعارضين من البلدان الأقل نموا، وتم تنظيم سلسلة من الملتقيات التجارية الخاصة بالبلدان الأقل نموا لتوفير المزيد من الفرص لها. كما يقدم المعرض تسهيلات لدخول المؤسسات الصغيرة والمتوسطة الحجم من الدول النامية إلى الصين. وبفضل مزايا المنتجات المميزة حصلت الدول النامية والدول الأقل نموا على الفرص والأسواق في المعرض، حيث أصبح المعرض منصة العولمة الكبيرة التي تتشاطر فيها جميع الدول فرص التجارة.

الرابعة: السوق الصينية تمثل محركا جديدا للاقتصاد العالمي

يُعد معرض الصين الدولي للاستيراد الأول من نوعه على المستوى الوطني في العالم، وهو يعتبر أيضا أحد الإجراءات الهامة التي تبنتها الصين لفتح أسواقها أمام الدول الأخرى. وكان للنتائج المثمرة التي حققتها الدورة الأولى للمعرض في العام الماضي، بتوقيع صفقات بلغت قيمتها الإجمالية نحو 83ر57 مليار دولار أمريكي، إنعكاسات إيجابية جعلت التجار الأجانب على ثقة بأن السوق الصينية تحتوي على إمكانات هائلة يمكنها استيعاب المنتجات والخدمات العالية الجودة.

التوجه السابق يتناغم مع استطلاع رأي أجرته وحدة المعلومات الاقتصادية في مؤسسة الإيكونوميست البريطانية حول موقف المستثمرين العالميين تجاه الصن، ونشرت نتائجه في نوفمبر الجاري، أكد تخطيط أكثر من 80% من المستثمرين العالميين لزيادة استثماراتهم في الصين. وذلك في ضوء النمو الهائل للصين وجهودها المستمرة لإتاحة قدرة وصول أكبر إلى أسواقها للمستثمرين المحليين والعالميين.

الخامسة: الصين أكبر سوق استهلاكية في العالم

تمثل الصين بتعدادها السكاني الضخم البالغ حوالي 4ر1 مليار نسمة، من بينهم نحو 400 مليون شخص من ذوي الدخل المتوسط، أكبر سوق استهلاكية في العالم، إذ يشكل استهلاكها نحو 30% من الاستهلاك العالمي. وأصبح لعادات المستهلك الصيني تأثير مباشر على العالم ككل. وتتسم هذه السوق في الوقت الراهن بمجموعة خصائص متميزة. يأتي على رأسها تزايد "التسوق عبر الإنترنت" سواء في داخل الصين أو خارجها. فوفقا لوزارة التجارة الصينية، تجاوزت مبيعات التجزئة المحلية عبر الإنترنت في النصف الأول من العام الجاري 82ر4 تريليونات يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7 يوانات حاليا)، بزيادة 8ر17% عن العام الماضي، وتمثل 25% من إجمالي مبيعات التجزئة للسلع الاستهلاكية الصينية.

.

وسيساعد معرض الصين الدولي للاستيراد على تعزيز التنمية العالية الجودة للاقتصاد الصيني وتلبية احتياجات المستهلك الصيني لحياة أفضل وأكثر جودة.

السادسة: الحماية المتزايدة لحقوق الملكية الفكرية في الصين

يمكن تفسير النجاح السريع لمعرض الصين الدولي للاستيراد من خلال الحماية المتزايدة لحقوق الملكية الفكرية في الصين، والتحسن السريع للنظام القانوني للملكية الفكرية، وإنشاء نظام قانوني شامل للملكية الفكرية يتوافق مع القواعد المقبولة دوليا، وتكاثف جهود الوصول إلى مستوى دولي أعلى في هذا الجانب. وقد أسهم ذلك في تحسن بيئة الابتكار في الصين، وطمأن الشركات المتعددة الجنسيات على توسيع عملياتها في الصين.

ولا ينفصل الابتكار العلمي والتكنولوجي عن حماية حقوق الملكية الفكرية. في السنوات الأخيرة، حققت الصين تقدما كبيرا في حماية الملكية الفكرية. في عام 2018، بلغ عدد طلبات براءات الاختراع وطلبات تسجيل العلامات التجارية التي قدمتها الكيانات الأجنبية في الصين 148 ألفا و244 ألفا على التوالي، وسجل كلاهما أعلى مستوى.

السابعة: زيادة دمج السلع المستوردة في حياة المستهلكين الصينيين

إحدى النتائج المتوقعة للنسخة الثانية للمعرض تتمثل في زيادة دمج السلع المستوردة في حياة المستهلكين الصينيين، واستفادة الشركات الأجنبية بشكل أكبر من التحديث الذي تشهده السوق الصينية. وهو ما يعكس الفرص الضخمة الناتجة عن الانفتاح الواسع للصين. وبأخذ المنتجات الغذائية كمثال، تشير إحصاءات مصلحة الجمارك الصينية إلى أن تجارة المنتجات الغذائية المستوردة في الصين شهدت خلال السنوات العشر الماضية نموا بمعدل سنوي متوسط قدره 4ر17%، وللمرة الأولى في عام 2018، تجاوزت 70 مليار دولار أمريكي.

الثامنة: تبني الصين سلسلة تدابير لخلق بيئة أعمال أكثر جاذبية

بهدف خلق بيئة أعمال أكثر جاذبية، أصدرت الصين في 2019 سلسلة من السياسات والمبادرات الإيجابية. ففي مارس، أقرت قانون الاستثمار الأجنبي لجمهورية الصين الشعبية، بهدف تعزيز حماية الاستثمار الأجنبي. وفي يونيو، أصدرت النسخة الجديدة من القائمة السلبية لدخول الاستثمارات الأجنبية وقائمة الصناعات التي تشجع الاستثمار الأجنبي، وبدأت في تنفيذها رسميا منذ 30 يوليو 2019. وفي أغسطس، أنشأت شاندونغ وجيانغسو ويوننان وغيرها من ست مقاطعات ومناطق ذاتية الحكم في الصين مجموعة جديدة من مناطق التجارة الحرة. وفي أكتوبر، أدى التعديل الجديد للوائح إدارة شركات التأمين والبنوك ذات التمويل الأجنبي إلى مواصلة التخفيض من شروط دخول الأخيرة. وفي أكتوبر، أعلنت الصين "لائحة تحسين بيئة الأعمال التجارية"، التي حولت الخبرات الفعالة التي حصلت عليها الصين خلال السنوات الأخيرة من الإصلاح المتمثل في "تبسيط الإدارة وتحسين الخدمات" إلى لوائح قانونية. وأسست النظام الأساسي لبيئة الأعمال الذي يعامل جميع أنواع كيانات السوق المحلية منها والأجنبية على قدم المساواة.

التاسعة: إطلاق المزيد من المنتجات التكنولوجية فائقة الجودة

أدت التنمية السريعة والتقدم المستمر في المجالات التكنولوجية، إلى جعل اهتمام المستهلكين يتركز على التكنولوجيا التي تقدم مزيدا من التسهيلات للحياة اليومية. وشهدت دورة المعرض هذا العام عرض عدد من أحدث منتجات التكنولوجيا الفائقة لأول مرة في الصين والعالم. في الدورة الأولى من المعرض، تم إطلاق أكثر من 100 من المنتجات والتقنيات والخدمات المتقدمة في العالم. مقارنة بالدورة الأولى تعد الدورة الثانية للمعرض أكثر تقنية، حيث تنافست الشركات المشاركة في عرض أحدث ما توصلت إليه من تقنيات متطورة، شملت أحدث الأجهزة الذكية والرقمية والمعدات الطبية المتطورة، والمنتجات ذات الصلة بتقنية الجيل الخامس وأحدث حلول تلوث الهواء.

العاشرة: تفوق الدورة الثانية للمعرض على نظيرتها الأولى

تميزت دورة هذا العام من معرض الصين الدولي للاستيراد مقارنة بنظيرتها في العام الماضي بعدة سمات وخصائص رئيسية، تمثلت في الحضور الدولي الكبير، والتركيز على الجودة، والزيادة الكبيرة في مساحة المعرض، وارتفاع قيمة الصفقات التي تم عقدها في الدورة الثانية بنسبة 23%، مقارنة مع الدورة الأولى، وإطلاق منصة إعلامية للمرة الأولى، بهدف نشر وتوضيح سياسات الصين الرئيسية، والتقارير الهامة الصادرة عن المنظمات الدولية ومراكز الأبحاث المتخصصة، والتعريف بالمنتجات والتقنيات الجديدة التي تعرضها الصين.

--

عادل علي، إعلامي وباحث مصري في الشؤون الصينية.

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4