ملف العدد < الرئيسية

الصين تساعد دول أفريقيا في حل مشكلات الغذاء

: مشاركة
2019-09-29 16:25:00 الصين اليوم:Source لي جيون:Author

في الثاني عشر من إبريل 2019، قامت الصين، بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، بشحن معونة غذائية طارئة إلى ثلاثة بلدان أفريقية، هي الصومال وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية، من مدينة شانغهاي في إطار صندوق الدعم للتعاون بين بلدان الجنوب.

ظل مجال التنمية الزراعية وإنتاج الأغذية في أفريقيا يعانيان منذ فترة طويلة من قيود شديدة بسبب عدة عوامل، من بينها عدم كفاية المنشآت الأساسية الزراعية، والافتقار إلى القدرة على تربية البذور، وسوء مستوى الميكنة الزراعية. وإلى جانب العديد من العوامل التي تأثرت  بها أفريقيا في السنوات الأخيرة، مثل الكوارث الطبيعية والأوبئة، فإن حالة الأمن الغذائي في العديد من البلدان الأفريقية لا تبعث على التفاؤل. في أفريقيا، وفي جنوب الصحراء على وجه الخصوص، ازداد معدل حدوث نقص الأغذية من 1ر21% في عام 2015 إلى 2ر23% في عام 2017. ولمعالجة هذه المشكلة، تعاونت الحكومة الصينية في عدة مناسبات مع برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة لمساعدة البلدان الأفريقية في حل أزمة الأمن الغذائي، بما في ذلك المساهمة بالمعونات الغذائية.

بالإضافة إلى نهج المعونة الغذائية، ساعدت الصين في السنوات الأخيرة البلدان الأفريقية على تعزيز قدراتها الإنتاجية الزراعية وعلى حل مشكلات الإمدادات الغذائية من خلال الجمع بين الاستثمار في المشروعات الزراعية، وإيفاد الخبراء الزراعيين لتقديم المساعدة التقنية، وتعزيز بناء المراكز النموذجية للتكنولوجيا الزراعية لمساعدة أفريقيا.

من بلد متلق للمعونة إلى بلد كبير مقدم للمعونة

في نوفمبر 2018، عقدت وزارة الزراعة والشؤون الريفية الصينية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) "المنتدى العالمي الرفيع المستوى بشأن التعاون الزراعي فيما بين بلدان الجنوب" في تشانغشا بمقاطعة هونان، واعتمدت ((إعلان تشانغشا))، الذي أشار إلى أن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة والصندوق الدولي للتنمية الزراعية وبرنامج الغذاء العالمي شهدت بأنفسها تحول الصين من بلد متلق للمعونة إلى أهم شريك وبلد مساهم في التعاون فيما بين بلدان الجنوب.

ظلت قضية الطعام والكساء أمرا هاما في تنمية الصين، كونها أكبر دولة نامية ذات أكثر عدد من السكان في العالم. بدأت الصين تلقي معونات غذائية من برنامج الغذاء العالمي للأمم المتحدة عندما قام بإعادة توطين اللاجئين الفيتناميين المغتربين الصينيين في عام 1978. بحلول نهاية عام 2015، وبعد مرور 26 سنة منذ بداية قبول المعونات الغذائية من الصين، نفذ برنامج الغذاء العالمي حوالي 70 مشروع إعانة غذائية مجانية في 214 مدينة ومحافظة في الصين، بمبلغ قدره 925 مليون دولار (الدولار الأمريكي يساوي 1ر7 يوانات حاليا)، استفاد منها أكثر من 35 مليون من سكان الصين الفقراء. وفي الوقت نفسه، وحتى في الأوقات الشديدة الصعوبة، ظلت الصين تقدم المساعدات الخارجية، وخاصة في عام 2005، عندما توقفت الصين عن تلقي المعونة، وأصبحت ثالث أكبر مانح للمعونات الغذائية في العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، حيث بلغ مجموع المساعدات التي قدمتها الصين في ذلك العام 577 ألف طن من الأغذية.

وعلاوة على ذلك، منذ عام 2006 وقعت الصين مذكرة تعاون مع منظمة "الفاو"، عمقت الصين بموجبها التعاون مع المنظمة، وفي عام 2009، تبرعت الصين للصندوق الاستئماني لـ"فاو" بمبلغ 30 مليون دولار أمريكي، ثم مرة أخرى في عام 2015 زادت الصين مساعدتها لمشروعات التعاون بين بلدان الجنوب إلى 50 مليون دولار أمريكي، وقد استفاد 37 بلدا ناميا في أفريقيا وآسيا والمحيط الهادئ ومنطقة البحر الكاريبي من الصندوق الائتماني للتعاون فيما بين بلدان الجنوب، بجانب إرسال الصين أكثر من ألف خبير وتقني زراعي لتنفيذ الخدمات التقنية في تلك البلدان. وفي الوقت نفسه، قدمت الصين التدريبات الخاصة في مجال بناء القدرات لأكثر من ألف موظف حكومي وفني في أكثر من مائة دولة نامية في العالم، وقدمت المساعدة التقنية والدعم المالي والبرامج الإنمائية لأكثر من مليون مزارع في بلدان نامية أخرى.

وقد أوجز لي شياو يون، رئيس أكاديمية الصين للتعاون فيما بين بلدان الجنوب في مجال الزراعة، الدروس المستفادة من مساعدات الصين الزراعية الخارجية ، وعبر عن اعتقاده بأن مساعدات الصين الزراعية الخارجية، بنيت على أساس التبادل المباشر للخبرات، مع التركيز على إنشاء المزارع ومراكز التجارب الزراعية في ستينات وسبعينات القرن العشرين، وتطبيق نظام المسؤولية التعاقدية على مشروعات المعونة الزراعية الخارجية منذ ثمانينات القرن العشرين، وفي السنوات العشر الماضية ، تم تطبيق نموذج نقل التكنولوجيا الزراعية المدفوع بالسوق على أعمال المساعدة الزراعية الخارجية في العصر الجديد. وقد شهدت المعونة والتعاون في مجال الزراعة بين الصين وأفريقيا عمليات مماثلة لما ذكر أعلاه.

"مشروع وانباو الصيني"

يقع مشروع حديقة وانباو الزراعية في موزمبيق (يُشار له لاحقا بـ "مشروع وانباو" أو "وانباو") في مدينة ساساي بمقاطعة غازا في موزمبيق، على بعد 210 كيلومترات من العاصمة مابوتو، وهو أكبر مشروع تعاوني استثمرته الصين في مجال زراعة الأرز في أفريقيا.

بدأ مشروع وانباو في عام 2011. وفي ذلك الوقت، لم يكن السكان المحليون يزرعون الأرز، وكانوا يعتمدون على محاصيل الكسافا والذرة وفول الصويا كغذاء رئيسي. وبعد مرور ثماني سنوات، صارت حديقة وانباو الزراعية تغطي مساحة 20 ألف هكتار، وبفضلها تم استصلاح 13 ألف هكتار من الأراضي الزراعية. أصبحت وانباو حديقة صناعية متكاملة لزراعة الأرز وإنتاجه وتخزينه وبيعه، وأدى توظيف أكثر من 900 مزارع محلي في فترة الذروة إلى إشراك نحو 500 أسرة محلية تعتمد على الزراعة في زراعة الأرز، مما أسهم في زيادة دخل المزارعين إلى أكثر من ثلاثة آلاف دولار أمريكي في السنة.

يعتمد مشروع وانباو على نموذج الزراعة التعاونية "شركة+ أسر زراعية صغيرة". بالإضافة إلى زراعتها الخاصة، تقوم الشركة بتدريب المزارعين المحليين من أجل نشر تكنولوجيا زراعة الأرز بينهم، حيث توفر الشركة البذور والآلات الزراعية وتقنيات الزراعة وما إلى ذلك للمزارعين المحليين، وتقوم الشركة بشراء الأرز بعد الحصاد، وتدفع ثمن المحاصيل الغذائية للمزارعين بعد استعادة تكلفة البذور والآلات الزراعية التي قدمتها للأسر الزراعية، مما يساعد المزارعين في حل مشكلة بيع الأرز. وبهذه الطريقة، منذ عام 2012 وحتى الآن، درب مشروع وانباو 1500 أسرة محلية على زراعة الأرز. أصبح المزارعون المحليون أسرة زراعية متقنة للتكنولوجيا وتحصل على دخل جيد. ففي الموسم الزراعي 2018- 2019،  ارتفع حجم الزراعة لشركة وانباو من 32 ألف مو (الهكتار يساوي 15 مو) إلى 36 ألف مو، في حين بلغ عدد أسر المزارعين المحلية المتعاونة حوالي 500 أسرة، وبلغ حجم الزراعة التعاونية بين الشركة والمزارعين المحليين حوالي 7600 مو، وبلغ متوسط إنتاجها ما يقرب من 500 كيلوغرام لمو واحد، وحصدت أكثر من 17 ألف طن من الأرز.

في ذات الوقت، أكمل مشروع وانباو تقريبا بناء مرافق محلية بما فيها القنوات ومحطات الضخ ومخازن المنتجات الزراعية، وتجديد موارد بذور المشروع، وتحسين التكنولوجيا في زراعة شتلات الأرز بالماكينات ونقع البذور، إلخ. وفي إطار المشروع تم تنظيم عشرين دورة للتدريب على استخدام المركبات الزراعية، وتم تدريب 150 سائقا محليا، بما أسهم في تعزيز التعاون بين التكنولوجيا وزراعة الأرز بحجم كبير، وحسن مستوى الإدارة الزراعية المحلية ومردود المحاصيل الزراعية.

في الطريق بجانب مشروع وانباو، تجد السكان المحليين يتوجهون إلى الصينيين ويرحبون بهم بحرارة، ويقولون: "الصين، وانباو!" وهي الطريقة التي يعربون بها عن إعجابهم بهذه المؤسسة الصينية التي أحدثت تغيرا جذريا إيجابيا في المنطقة. فروك رجل موزمبيقي يشغل حاليا منصب المساعد الإداري لمشروع وانباو، وقد بدأ العمل في هذا المشروع في عام 2007 كسائق جرار، وخلال 12 عاما، شهد هذا الرجل تغيرات هائلة في مسقط رأسه. اليوم، أتم ابنه وابنته دراساتهما الجامعية، وأصبحت ابنته معلمة للغة الإنجليزية، وقد أنهى ابنه تدريبه في مصنع وانباو لتصنيع الأرز. قال فروك: "خلال السنوات التي قضيتها في شركة وانباو، تعلمت الكثير من عمليات الآلات الزراعية، وتعلمت كيف أصبح مترجما، وكيف أصبح مساعدا إداريا، وتتحسن أحوال أسرتي مع تطور مشروع وانباو!"

يستفيد كثير من الأهالي المحليين مثل فروك من مشروع وانباو. وقد أطلق رئيس موزمبيق السابق، أرماندو إميليو جوبوزا، اسم "بوم غوستو" كعلامة تجارية للأرز المحلي، وهي علامة تجارية محلية معروفة.

في مارس 2019، ضرب إعصار إداي المداري القوي مدن شمالي وسط موزمبيق، مما تسبب في خسائر بشرية ومادية فادحة. وكان لشركة وانباو دور كبير في أعمال المعونة، فقد أتمت طلبات المشتريات التي قدمها برنامج الأغذية العالمي في أسرع وقت ممكن، مما ساعد على تلبية الاحتياجات العاجلة من الإمدادات الغذائية في المناطق المتضررة، وقدمت أيضا 100 طن من الأرز إلى موزمبيق في نفس الوقت، من خلال صندوق التنمية الصيني- الأفريقي، وهو صندوق مستثمر في المشروع، لدعم جهود الإعمار بعد تلك الكارثة.

باتخاذ مشروع وانباو كمثال ونموذج، في السنوات الأخيرة، تدعو حكومة الصين شركات صينية في جميع أنحاء الصين إلى الاستثمار في مشروعات في أفريقيا عن طريق منصة صندوق التنمية الصيني- الأفريقي ومنصات صناديق أخرى خاصة بأفريقيا. حتى نهاية عام 2017، استثمرت الشركات الصينية في 117 مشروعا زراعيا بما يزيد عن 5 ملايين يوان لكل منها، في أكثر من ثلثي البلدان الأفريقية، وتغطي مجالات زراعية متنوعة مثل الزراعة وصيد الأسماك وتصنيع المنتجات الزراعية. وفي بلدان أفريقية مثل زامبيا وغينيا- بيساو ومدغشقر، أصبحت مشروعات زراعة المحاصيل، مثل الأرز، بالتعاون مع الصين، مرشدا للتنمية الزراعية المحلية. ففي زامبيا، على سبيل المثال، وفرت مزرعة تشونغكن الصينية، التي أنشئت في سبعينات القرن العشرين في السهول الخالية من الماء والكهرباء، فرص عمل لأكثر من 4200 شخص محلي، ووفرت بيوتا مجانية لأكثر من 4000 أسرة، مما أدى إلى حل مشكلة توفير الغذاء لأكثر من 15000 شخص محلي.

دفع تنمية الزراعة المحلية من الاعتماد على المشروعات إلى الاعتماد على التكنولوجيا

في يونيو 2008، افتتح مركز مدغشقر النموذجي للأرز الهجين، الذي أنشأته أكاديمية العلوم الزراعية في مقاطعة هونان بالصين، في بلدة ماسيتش التي تبعد أكثر من 40 كيلومترا عن أنتاناناريفو، عاصمة مدغشقر. وفي نوفمبر من ذلك العام، وصل إلى مدغشقر خمسة خبراء في مجال الأرز الهجين من أكاديمية العلوم الزراعية في مقاطعة هونان.

تجدر الإشارة، إلى أن لمدغشقر تاريخا طويلا في زراعة الأرز، بيد أنها لا تزال تستورد من مائتين إلى ثلاثمئة ألف طن من الأرز سنويا بسبب قلة الأراضي الصالحة للزراعة في البلاد وضعف محصول إنتاج الأرز. هو يويه فانغ، خبير متخصص في مساعدة أفريقيا أرسلته أكاديمية العلوم الزراعية في مقاطعة هونان إلى مدغشقر قبل 10 سنوات. زار كل مناطق زراعة الأرز تقريبا في البلاد على مدى 10 سنوات من أجل إنتاج بذور عالية الغلة تتكيف مع مختلف ظروف المناخ في مدغشقر. وبفضل إرشاد عالم الزراعة الصيني يوان لونغ بينغ، نجح الفريق الذي قاده هو يويه فانغ في إنتاج ثلاثة أنواع من بذور الأرز الهجين العالية الغلة الملائمة لمناخ التربة المحلية. وفي يونيو من عام 2019، تم أخذ عينات منها لقياس كمية المحصول، حيث بلغ إنتاج الهكتار 8ر10 أطنان، أي أكثر بكثير من محصول الإنتاج المحلي الذي يبلغ نحو 3 أطنان لكل هكتار. هذا الأمر له أهمية كبيرة في زيادة الإنتاج الغذائي والاعتماد على الذات في حل المشكلات الغذائية في مدغشقر.

منذ إنشاء مركز مدغشقر النموذجي للأرز الهجين، وصل أكثر من 20 خبيرا زراعيا من الصين إلى المركز لتعميم تكنولوجيا زراعة الأرز الهجين في حوالي 40 ألف هكتار، مما أدى إلى زيادة إنتاج الأرز الهجين بأكثر من 120 ألف طن.

بجانب مدغشقر، في غينيا بيساو وبنين وموزمبيق والسودان وليبريا ورواندا وغيرها من الدول الأفريقية، توجد مراكز نموذجية للتكنولوجيا الزراعية شاركت الصين في بنائها. ولا يقتصر الأمر على جلب تقنيات زراعية متقدمة إلى السكان المحليين، مما ساعد على حل المشكلات الغذائية المحلية، وإنما تم أيضا إعداد دفعات كثيرة من المزارعين المحليين ذوي المهارات.

في سبتمبر 2018، أعلن الرئيس الصيني شي جين بينغ في مؤتمر قمة بكين لمنتدى التعاون الصيني- الأفريقي، أنه في الثلاث سنوات المقبلة وما بعدها، سيتم التركيز في المستقبل على تنفيذ التعاون الصيني- الأفريقي في إطار "ثماني مبادرات رئيسية"، وفي الوقت نفسه، "المساعدة في تحقيق الأمن الغذائي بصورة عامة في أفريقيا بحلول عام 2030، ووضع خطة تعاون لتحديث الزراعة بين أفريقيا والصين وخطة عملية مع أفريقيا، وتنفيذ 50 مشروعا للمساعدة الزراعية، وتقديم مليار يوان من المعونة الغذائية الطارئة إلى البلدان المتضررة في أفريقيا، وإيفاد 500 من كبار الخبراء الزراعيين إلى أفريقيا، وتربية المواهب من الشباب في مجال الزراعة والمزارعين."

وفقا للإحصاءات، وقعت الصين مذكرات تفاهم أو بروتوكولات بشأن التعاون الزراعي مع ما يقرب من 20 بلدا أفريقيا، وقدمت المساعدة في إنشاء مراكز نموذجية للتكنولوجيا الزراعية في 20 بلدا أفريقيا، وأرسلت ما يقرب من 100 فريق من الخبراء إلى ما يقرب من 40 بلدا، وجربت زراعة أكثر من 300 نوع من المحاصيل، مع تعليم 500 تقنية عملية في البلدان الأفريقية. وتعمل الصين جنبا إلى جنب مع مجموعة واسعة من البلدان النامية، بما فيها البلدان الأفريقية، من أجل حل مشكلة الغذاء العالمية وتحقيق الأهداف الإنمائية للألفية التي وضعتها الأمم المتحدة.

لي جيون: موظف في صندوق التعاون الصيني- الأفريقي

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4