ملف العدد < الرئيسية

خلق حياة سعيدة للشعب الصيني

: مشاركة
2019-09-02 08:25:00 الصين اليوم:Source تشانغ يونغ خه:Author

في الخامس والعشرين من يونيو عام 1945، اعتُمد بالإجماع ميثاق الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو في ختام مؤتمر الأمم المتحدة الخاص بنظام الهيئة الدولية. يوضح الميثاق الالتزام بدعم حقوق الإنسان للمواطنين، ويحدد مجموعة واسعة من المبادئ المتعلقة بتحقيق "مستويات معيشة أعلى"، ويعبر عن تصميم هذا الميثاق على "توظيف آلية دولية لتعزيز النهوض الاقتصادي والاجتماعي لجميع الشعوب". لكن في وقت لم يكن فيه العالم قد تعافى تماما من ويلات الحرب العالمية الثانية، بدا احتمال "حياة سعيدة" وكأنه شيء بعيد المنال للبشرية.

بعد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1948، أصبحت حقوق الإنسان قيما معترفا بها عالميا ينادي بها المجتمع الدولي، وقواعد أخلاقية مشتركة للمجتمع البشري. كما أنها السبيل والوسائل للبشرية لتحقيق حياة سعيدة. تنص ديباجة العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على ما يلي: "السبيل الوحيد لتحقيق المثل الأعلى المتمثل، وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في أن يكون البشر أحرارا ومتحررين من الخوف والفاقة، هو سبيل تهيئة الظروف الضرورية لتمكين كل إنسان من التمتع بحقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مثل تمكينه من التمتع بحقوقه المدنية والسياسية." في ديسمبر 1986، أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة "إعلان الأمم المتحدة بشأن الحق في التنمية"، الذي ينص على أن "الحق في التنمية هو حق إنساني غير قابل للتصرف بموجبه يحق لكل إنسان وجميع الشعوب المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمساهمة فيها والتمتع بها، والتي يمكن من خلالها إعمال جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية إعمالا تاما". وبالتالي تقر الأمم المتحدة بأن الحق في التنمية هو حق أساسي من حقوق الإنسان، وتأمل أن تضمن التنمية حقوق الإنسان لجميع الأفراد وحياة جيدة للبشرية بأكملها. في سبتمبر عام 2015، اعتمدت الأمم المتحدة خطة التنمية المستدامة لعام 2030، التي تشير إلى أن "مليارات من مواطنينا ما زالوا يعيشون في فقر وحرمان من حياة كريمة"، أملا في بناء عالم خال من الفقر والجوع." تهدف جميع وثائق الأمم المتحدة حول حقوق الإنسان إلى خلق حياة أفضل للبشرية، وبالتالي تؤكد أن جوهر مفهوم حقوق الإنسان هو حياة سعيدة.

لا يمكن إنكار أن كل بلد يجب أن يوافق على المثل الأعلى المتمثل في أن كل شخص يجب أن يتمتع بالكامل بالكرامة والحقوق الإنسانية وأن يُظهر الصدق في بذل الجهود لتحقيق ذلك. الأكثر أهمية من الموافقة على المثل الأعلى وإظهار الصدق هو كيفية ترجمة المثل الأعلى إلى حقوق حقيقية يتمتع بها الناس فعلاً. إن تحقيق حقوق الإنسان ليس بالأمر البسيط مثل وضعه في نص قانوني، بل من اللازم أن يواجه أيضا الشروط المحددة التي يجب أن تعتمد عليها حقوق الإنسان لتحقيقها.

قبل تأسيس جمهورية الصين الشعبية، عانى الصينيون بشدة في ظل اضطهاد الإمبريالية والإقطاع والرأسمالية البيروقراطية. لأكثر من قرن من الزمن، ناضلنا لإسقاط "هذه الجبال الثلاثة" التي كانت تحوم فوقنا وناضلنا من أجل حقوق الإنسان من جيل إلى آخر.  في النهاية، ظفرنا بالاستقلال وتحرير الوطن، مما أدى إلى تحسن ملحوظ في حقوق الإنسان. لكن هذا لا يعني الإعمال الكامل لحقوق الإنسان في الصين. إن الفقر لا يختفي بين عشية وضحاها، وما زالت الموارد الاقتصادية والاجتماعية اللازمة لضمان المستوى الأعلى لحقوق الإنسان غير كافية. بالنظر إلى هذه الظروف التاريخية والواقعية، فإن البقاء على قيد الحياة هو المنطق الأول، وإن اختيارنا الحتمي هو الإسراع بالتنمية بشرط ضمان عيش الناس وتمكينهم من التمتع بشكل أفضل بالحق في الحياة من خلال التنمية. ولأن الصين دولة نامية كبيرة وكثيرة السكان، فإنها تعطي أولوية للحق في البقاء والتنمية من بين كافة حقوق الإنسان. وباعتبارها أكثر الدول النامية سكانا، نهضت الصين على أساس اقتصادي ضعيف، وكانت تنميتها غير متوازنة. في مواجهة هذا الواقع، كان لا بد للصين أن تكتشف طريقها الخاص في ضمان حقوق الإنسان.

على مدار السبعين عاما المنصرمة منذ عام 1949، استكشفت الصين سبلا لضمان حقوق الإنسان والنهوض بها، من خلال الجمع بين المبادئ العالمية لحقوق الإنسان والحقائق السائدة في البلاد، فقد فتحت الصين طريقا جديدا لحقوق الإنسان يناسب ظروفها الوطنية. بدون الحق في الحياة، لا يمكن تحقيق أي حق إنساني آخر. تعتقد الصين أن التنمية وحدها هي التي يمكن أن تضمن الحقوق الأساسية للشعب، والتنمية وحدها هي التي يمكن أن تعالج السبب الجذري للتحديات التي تواجه العالم، كما أن التنمية وحدها هي التي يمكنها دفع عجلة تقدم المجتمع البشري. من خلال العمل على حماية وضمان الحق في الحياة والتنمية كأول وأهم حق من حقوق الإنسان، حققت الصين قفزة تاريخية من الفقر إلى الحياة الرغيدة، وعززت بشكل متزايد حقوق شعبها في التنمية في جميع المجالات، بما في ذلك الاقتصاد والسياسة والثقافة والشؤون الاجتماعية والبيئة. يعيش الشعب الصيني الآن حياة يسودها السلام والكرامة، والتي تجسد جوهر الاشتراكية ذات الخصائص الصينية، كما أنها المهمة التاريخية للحزب الشيوعي الصيني.

وضع الاستكشاف والتطوير في السنوات الثلاثين الأولى للجمهورية الشعبية الأساس لحماية حقوق المعيشة والتنمية، وقد أحدث الإصلاح والانفتاح في العقود التالية زخما جديدا لهذه القضية، وخلق ظروفا مادية لضمان هذه الحقوق وتحقيق تنمية عالية المستوى. على مدى السنوات الأربعين الماضية، أخرجت الصين أكثر من 700 مليون شخص من براثن الفقر، وهو ما يمثل 70% من تخفيض الفقر في العالم. في أواخر عام 2015 ، أصدرت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني ومجلس الدولة الصيني الأهداف العامة للفوز في المعركة ضد الفقر خلال الفترة 2016- 2020: بحلول عام 2020 ، سيحصل الفقراء في الريف على ما يكفي من الغذاء والكساء وسيحصلون على التعليم الإلزامي والرعاية الصحية الأساسية والسكن الآمن؛ ونصيب الفرد من الدخل القابل للإنفاق للفلاحين الذين يعيشون في المناطق الفقيرة سوف يزداد بمعدل أعلى من المتوسط الوطني، وستكون مؤشرات الخدمات العامة الأساسية لهذه المجموعة قريبة من المستوى المتوسط ​​الوطني؛ وستُخلص الصين جميع سكان الريف الذين يعيشون تحت خط الفقر حاليا من الفقر وسوف تقضي على الفقر في جميع محافظات المناطق الفقيرة.

لتحقيق الأهداف المذكورة أعلاه، وضعت الصين خططا على أساس دراسة استقصائية لسكانها ذوي الدخل المنخفض في نهاية عام 2014. أولا، ستساعد 30 مليون شخص قادرين على العمل ولديهم مهارات الإنتاج للقضاء على الفقر من خلال الدعم الصناعي. ثانيا، ستساعد 10 ملايين من سكان الريف على الخروج من الفقر من خلال العمل في القطاعات غير الزراعية؛ ثالثا، ستساعد 10 ملايين شخص آخرين على الخروج من الفقر بإعادة توطينهم في أماكن مناسبة أكثر؛ ورابعا، ستمنح إعانات معيشة للأشخاص الذين لا يستطيعون التخلص من الفقر اعتمادا على أنفسهم. هذه التدابير هي إسهامات كبيرة من الصين لبرنامج الأمم المتحدة للقضاء على الفقر.

توضح المعلومات التالية الإنجازات التي حققتها الصين في مجال حقوق الإنسان على مدار السبعين عاما المنقضية: بفضل إنشاء أكبر شبكة للضمان الاجتماعي في العالم، ارتفع متوسط ​​العمر المتوقع للفرد في الصين من 35 عاما قبل عام 1949 إلى 5ر76 في عام 2016. صار الصينيون يحصلون على تعليم أفضل، فبينما في عام 1949 كان أكثر من 80% من السكان أميين، وكان 20% فقط من الأطفال في سن الدراسة يلتحقون بالمدارس، فإن معدل الالتحاق بالمدارس الابتدائية حاليا 88ر99%، ومعدل إكمال التعليم الإلزامي لمدة تسع سنوات 93%، وتطور التعليم العالي حتى بات مقاربا لما في البلدان المتقدمة. يظهر "تقرير التنمية البشرية في الصين لعام 2016" الصادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، أن مؤشر التنمية البشرية (HDI) الصيني بلغ 727ر0 في عام 2014، وجاء في المرتبة 90 من بين 188 دولة/ منطقة، مما يشير إلى أن الصين قد دخلت مرحلة من التنمية البشرية العالية.

كثفت الصين جهودها لبناء حياة أفضل لشعبها على مدار الأعوام الماضية، وتسعى جاهدة لتلبية كل احتياجاتها المادية الملموسة والاحتياجات المؤسسية، والتي لا تشمل "الطلب الصلب" على الماديات فحسب، وإنما أيضا "الطلب اللين" المؤسسي غير المادي للديمقراطية وسيادة القانون والإنصاف والعدالة. في الحالة الأخيرة، لم يكن التقدم سلسا، وتخللته انتكاسات. ولكن من خلال الجهود المتواصلة، حسنت الصين بشكل كبير الحقوق المدنية والسياسية لمواطنيها.

لتحسين حماية الحقوق المدنية للمواطنين، أجرت الصين سلسلة من الإصلاحات المؤسسية لمكافحة الفساد وتقييد وتنظيم ممارسة السلطة العامة. كما أنشأت نظاما قانونيا كاملا وفقا للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والظروف الوطنية لضمان الحقوق الشخصية للمواطنين، وخاصة في الإجراءات الإدارية والقضائية. تتبع الصين سياسات بشأن حرية العقيدة لتحمي حرية الاعتقاد الديني لكل مواطنيها والمقيمين الأجانب في البلاد، وتحمي الحقوق المشروعة لكل من المؤمنين بالعقائد الدينية وغير المؤمنين بها.

تعمل الصين على ضمان تمتع جميع الأطراف بالحق في محاكمة عادلة. على أساس التحسين المؤسسي العام والابتكار، تستخدم الصين أحدث التقنيات الرقمية لتحسين الخدمات القضائية. وقد أنشأت أكبر موقع إلكتروني مفتوح في العالم للجمهور للبحث عن أوراق المحاكم، وفتحت المحاكم الذكية، وتواصل استكشاف طرق لجعل الخدمات القضائية أكثر سهولة وشفافية وعدلا وإنصافا.

لحماية الحقوق السياسية للمواطنين، زادت الصين من شفافية الشؤون الحكومية، ومن خلال تعزيز انفتاح الشؤون الحكومية وبناء أشكال مختلفة من آلية المراقبة على مشاركة المواطنين، تتم حماية حق المواطنين في المعرفة والمشاركة والتعبير مراقبة الشؤون العامة. الصين لديها أكبر وسائل الإعلام الجماهيرية في العالم، وينتج مستخدمو الإنترنت في الصين نحو 30 مليار معلومة كل يوم. أدى التطور السريع لـ"نحن وسائل إعلام" في الصين إلى تعزيز إعمال الحقوق المختلفة للمواطنين. وفي الوقت نفسه، أدت الممارسة الواسعة للديمقراطية على مستوى المجتمع القاعدي في جميع أنحاء البلاد إلى نظام متكامل نسبيا للحكم الذاتي الديمقراطي على ذلك المستوى.

مفهوم الصين لحقوق الإنسان مقبول وتؤيده معظم الدول والمناطق حول العالم. في مارس عام 2017، تم دمج فكرة إقامة رابطة المصير المشترك للبشرية لأول مرة في قرار لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. في وقت لاحق من ذلك العام، ظهرت هذه الفكرة في مشروعي قرارين أقرتهما لجنة نزع السلاح والأمن الدولي في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة. أصبحت إقامة رابطة المصير المشترك للبشرية منذ ذلك الحين أمرا أساسيا للحوكمة الدولية لحقوق الإنسان. هذه مساهمة كبيرة قدمتها الصين لقضية حقوق الإنسان في العالم. في هذه الرابطة البشرية، لا يتفوق أي بلد على الآخرين في المصالح وحقوق الإنسان. تدعو الصين جميع بلدان العالم إلى مواجهة التحديات العالمية لحقوق الإنسان معا، مع تحسين الحماية المحلية لحقوق الإنسان بشكل مستمر ومراعاة مصالح الدول الأخرى. وكما قال الرئيس الصيني شي جين بينغ: "لا يمكن لأي بلد أن يواجه وحده التحديات الكثيرة التي تواجه البشرية، ولا يمكن لأي بلد أن ينسحب إلى عزلة ذاتية." على أساس الحوار والتشاور والمساهمة المشتركة والتعاون المتبادل المنفعة والتبادل والتعلم المتبادل والتنمية الخضراء المنخفضة الكربون، ينبغي لشعوب العالم كافة أن يبنوا معا مجتمعا ذا مستقبل مشترك يحقق السلام الدائم والأمن العالمي والازدهار المشترك والانفتاح والشمول والنظافة والجمال للعالم.

إن قضية حقوق الإنسان في الصين تسير في إطار الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، وتتبع طريقها الخاص الذي يناسب ظروفها الوطنية. قال الرئيس شي: "هناك دائما مجال لتحسين حقوق الإنسان." ومن خلال هذا الإيمان، لدينا كل الأسباب للاعتقاد بأن الصين ستصل إلى آفاق جديدة في حماية حقوق الإنسان في العقود المقبلة، وستمكن كافة مواطنيها من التمتع حياة أفضل.

--

تشانغ يونغ خه، العميد التنفيذي لمعهد أبحاث حقوق الإنسان بجامعة الجنوب الغربي للعلوم السياسية والقانون في تشونغتشينغ.

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4