المعرض الدولي للبستنة أو "أكسبو البستنة" الذي يقام سنويا، يعتبر بمثابة "الأولمبياد" في مجال البستنة. في دورة المعرض هذا العام التي تقام بمدينة بكين في الصين، يشارك حوالي مائة وعشر دولة ومنظمة دولية وأكثر من مائة وعشرين جهة غير حكومية، ما يسجل رقما قياسيا جديدا في تاريخ المعرض.

قال خبازان فرنسيان يعملان في جناح فرنسا: "عملنا طوال اليوم وبعنا كل أنواع المخبوزات لزوار المعرض، الذين يحبون مخبوزاتنا كثيرا." في التاسع والعشرين من إبريل 2019، وهو اليوم الأول لافتتاح المعرض، صنع هذان الخبازان نحو ألف قطعة من الخبز الفرنسي ومئات القطع من معجنات الكرواسان الشهيرة. داخل المخبز، يوجد لوح تقطيع وماكينة العجن والفرن ورف الخبر. من أجل القيام بعملية الخبز، تم نقل الطحين وكل مستلزمات الخبز من فرنسا إلى الصين. بفضل هذه الميزات، أصبح جناح فرنسا أحد أنجح الأجنحة المثيرة والجاذبة للزوار في دورة بكين للمعرض.

قالت سيليي سونيا إيان، من جناح فرنسا، وهي مسؤولة في الاتحاد الصيني- الفرنسي للتنمية المستدامة، إن موضوع هذه الدورة هو "الحياة الخضراء والبيت الجميل". بالنسبة لعامة الناس، هذا يعني مأكولات أفضل وصحة جيدة وبيئة معيشة جميلة وآمنة ووسائل نقل صديقة للبيئة وملابس خالية من السموم الكيميائية.

الحياة الخضراء

قال آلان بيرغر، الذي تولى رئاسة جناح فرنسا في معرض ميلان الدولي للبستنة  بإيطاليا في عام 2015: "موضوع المعرض يتعلق بكل شخص في العالم." وهو يرى أن تصميم جناح فرنسا في هذه الدورة مشابه لجناحها في معرض ميلان، حيث يدعو إلى عرض ونشر مفهوم الزراعة الخضراء في فرنسا من خلال الأطعمة.

في الطابق الأول للجناح، لوحة عرض مكتوب عليها معلومات حول المنتجات الزراعية العضوية والملابس المصنوعة بمواد خاصة صديقة للبيئة ومناسبة لصحة الإنسان، مثل الخيزران والألياف القابلة للتحلل، مما يمكن الزوار من التعرف على فكر وخطط فرنسا في بناء المدن الخضراء وحماية البيئة. وفي الطابق الثاني الذي خصص للترويج للشركات الفرنسية في الصين، قالت السيدة إيان، إنه من أجل توسيع نطاق سوق الشركات الفرنسية في الصين باغتنام منصة المعرض، قرر جناح فرنسا إقامة مأدبة مسائية كل شهر، حيث يقوم طباخ فرنسي بعرض حي لعملية الطهي. في زاوية المطعم، منطقة خاصة لشتلات الخضراوات والفواكه، حيث يمكن للطاهي التقاط الخضروات والفواكه الطازجة مباشرة من منبتها إلى قدر الطهي، وبذلك ينقل مفهوم الحياة البيئية والصحية. أما المنطقة الخارجية للجناح، فهي عبارة عن نظام إيكولوجي مصغر، حيث يتكون الجدار الخارجي من مربع من التربة ملفوف بقطعة قماش سوداء ومزروع بالزهور المتنوعة.

 وفي جانبي الجناح، تُزرع الخضروات والقمح ومحاصيل الحبوب. فضلا عن ذلك، هناك قناة مائية تجمع مياه الأمطار لري الزهور والمزروعات. يمكننا أن نرى أن كل العناصر في جناح فرنسا تظهر أفكارها في التنمية المستدامة والحماية الإيكولوجية.

وفي جناح بريطانيا، يمكننا أيضا أن نستكشف كثيرا من العناصر التي تعكس الحياة الخضراء. على سبيل المثال، يوضح "جناح التجديد الحضري" التابع لجناح بريطانيا كيفية تحويل العمارة الحضرية إلى مكان ترفيه مليء بالنباتات، وتشجيع الناس على احتضان الحياة المنزلية المستدامة، أو إعادة استخدام أو تجديد أو إعادة تدوير المواد اليومية. قالت سارا أفيرت، رئيسة الجناح إن هنا دعما متبادلا بين بريطانيا والصين من أجل دفع حماية البيئة وتعزيز أهمية حماية النباتات والبيئة بين الجماهير.

جناح اليابان يعرض ويعكس أفكار هذه الدولة الآسيوية ورؤيتها للحياة الخضراء أيضا، إذ أنها تتمسك بفكرة دمج المناظر الطبيعية في الخارج مع التصميم الإنساني داخل الغرفة. هكذا، يمكن للناس أن يتمتعوا بالمناظر الطبيعية مباشرة وهم يقفون داخل الغرف.

التنمية المستدامة للمدينة

حاليا، يزداد عدد البنايات في المدن مع زيادة عدد السكان في المناطق الحضرية، وتؤدي  عملية تنمية المدن إلى تلوث موارد المياه والهواء والتربة إلى حد كبير. لذا، يتميز التعاون الدولي لحماية البيئة بمغزى عميق، وهذا أيضا سبب رئيسي لمشاركة كثير من الدول والمنظمات الدولية في هذه الدورة للمعرض. يمكننا أن نقول إن المعرض الدولي للبستنة يقدم منصة للتبادل والتواصل حيث تتقاسم مختلف الدول  التجارب والخبرات المفيدة لدفع التنمية المستدامة، مما يحث كل الدول على تحمل مسؤولية مواجهة تغير المناخ بصورة مشتركة.

بالإضافة إلى ذلك، يتميز كثير من الأجنحة بفكرة التنمية المستدامة وبناء المدينة الخضراء. على سبيل المثال، في الجناح الدولي، هناك "الغشاء الضوئي" فوق أربع وتسعين مظلة كبيرة بشكل زهور لتوليد الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية من أجل الإضاءة في المساء. وقمة مظلة الزهور منحدرة، ومزودة بأنابيب لجمع مياه الأمطار لاستخدامها في الري. فضلا عن ذلك، تُستخدم في الجناح الدولي التقنيات المستدامة الأخرى مثل تدوير مياه الأمطار وإعادة استخدامها.

في جناح ألمانيا، وفي إطار موضوع "زراعة بذور المستقبل"، تقدم المعروضات تاريخ تحويل منطقة الصناعة الألمانية إلى "المنطقة الخضراء الأوروبية". فضلا عن ذلك، يعرض الجناح المنتجات المصنوعة بالمواد المتجددة ومنها الطاولات والكراسي المصنوعة من الخيزران، الأحذية المطاطية المصنوعة من الذرة والأحذية الرياضية المصنوعة من نبات الفطر، الأمر الذي يظهر فكرة التنمية المستدامة للحياة الحضرية.

وفي جناح بلجيكا، دمج المصممون بين تضاريس الأرض والنباتات والأثاث والأجهزة السحابية لإبراز التناغم بين الإنسان والطبيعة. الأجهزة السحابية مصممة لتكون كمظلة شمسية ومظلة مطرية للزوار. يمكننا أن نقول إن التدوير وإعادة الاستخدام فكرتان هامتان في الجناح.

التعاون الدولي للمحافظة على التنوع الإيكولوجي

أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ في مراسم افتتاح معرض بكين الدولي للبستنة، في التاسع وعشرين من إبريل 2019، على أن بناء البيت الجميل هو حلم مشترك للبشرية. يعيش الناس من كل الدول بلا استثناء في رابطة المصير المشترك لمواجهة التحديات البيئية. لذا، ينبغي للشعوب من كل الدول التعاون للتغلب على كل الصعاب ولمواجهة تغير المناخ وتلوث المحيطات وقضية حماية الحيوانات وغيرها من القضايا العالمية وتحقيق أهداف التنمية المستدامة عام 2030 للأمم المتحدة. لذلك، التعاون هو الحل الوحيد لتعزيز التنمية الخضراء وبناء الحضارة الإيكولوجية العالمية.

يرى آلان بيرغر أن حديث الرئيس شي جين بينغ عن أهمية حماية البيئة وتنوع النباتات والحيوانات، حديث هام وله مغزى ورسالة للعالم. لذا، يجب على الناس جميعا أن يتحملوا مسؤولية حماية البيئة. لا نبالغ إذا قلنا إن تنوع النباتات والحيوانات هو مستقبل الأرض، ومستقبل الأرض هو مستقبل البشرية. ستستضيف الصين الدورة الخامسة عشرة من مؤتمر اتفاقية التنوع البيولوجي في عام 2020، حيث سيتطلع العالم إلى أداء ومساهمات الصين في حماية التنوع البيولوجي.

قال الرئيس شي جين بينغ في مراسم افتتاح المعرض إن موضوع "الحياة الخضراء والبيت الجميل" يعني احترام الطبيعة، والاندماج معها والتطلع إلى حياة أجمل وأفضل، لذلك، يأمل الرئيس شي جين بينغ أن تُنقل فكرة التنمية الخضراء في هذه الدورة إلى كل أنحاء العالم.