ملف العدد < الرئيسية

القمة الثانية لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي

: مشاركة
2019-04-23 11:13:00 الصين اليوم:Source د. نادية حلمي:Author

عقدت القمة الثانية لمبادرة "الحزام والطريق" للتعاون الدولي في نهاية شهر أبريل 2019، بمشاركة حوالي 40 رئيس دولة مقابل 29 رئيسا في القمة الأولى عام 2017.

   وقد أكدت الصين خلال القمة، على الالتزام المشترك ببناء اقتصاد مفتوح وضمان تجارة شاملة وحرة ومواجهة كافة أشكال الحمائية، مع التأكيد على سعيها الحثيث إلى تعزيز نظام تجاري متعدد الأطراف يقوم على العالمية والالتزام بقواعد محددة والانفتاح وعدم التمييز والمساواة، وعلى أن تكون منظمة التجارة العالمية في القلب منه.     

    وفي الوقت الذي ينسحب فيه أكبر اقتصاد عالمي، الولايات المتحدة الأمريكية، نحو التركيز على الشؤون الداخلية، فإن جهود الصين في حشد الدعم من كافة أرجاء العالم لتعزيز العولمة والتعددية حظيت بدعم عالمي من كافة المشاركين.                                          

    كما أنه من خلال إنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في مجال البنية الأساسية، ومن خلال التعهد بالمزيد من الالتزامات الصينية مثل ضخ مائة مليار يوان (الدولار الأمريكي يساوي 7ر6 يوانات) إضافية في صندوق طريق الحرير، تظهر الصين أمام العالم أن توجهها نحو التنمية أكثر من مجرد خطاب سياسي، بل هو خطة عمل واقعية.                                                   

   إن رؤية الصين في هدم الجدران والحواجز في سبيل تحقيق التعاون المتبادل النفع بين البلدان تتوافق مع بناء مجتمع ذي مستقبل مشترك للبشرية كلها، وهي فكرة طرحها الرئيس شي جين بينغ في أواخر عام 2012، وكان حريصا على التأكيد عليها في جميع خطاباته اللاحقة.

لقد وفر المنتدى فرصة لتقييم مبادرة "الحزام والطريق" بعد ست سنوات من الإعلان عنها، وترافق ذلك مع وضع خريطة طريق جديدة للسنوات القادمة. لقد حدث الكثير منذ القمة الأولى لمنتدى الحزام والطريق للتعاون الدولي، بما في ذلك النص صراحةً على وضع المبادرة الصينية للحزام والطريق في دستور الحزب الشيوعي الصيني. وقدمت القمة الثانية للمنتدى أيضا الفرصة لدحض الآراء المنتقدة للمبادرة وحشد المزيد من الدعم الدولي لها. وبناء على ذلك، فإن أهم نتائج هذه القمة تتمثل فيما يلي:

أولا: رسم خريطة طريق أكثر واقعية لتطوير "الحزام والطريق". من المؤكد أن قمة 2017 للمنتدى، أعطت اهتماما عالميا لمبادرة "الحزام والطريق"، لكنه كان أقل من التفاصيل وكان مكتظا بدلائل عالية المستوى وطموحة. ولكن في عام 2019، فإن الأمر مختلف نظرا لأن المبادرة الصينية أصبحت معروفة عالميا، فهناك حاجة أقل للمشاركة في الترويج الذاتي لها من الصين. نتيجة لذلك، ركزت القمة الثانية أكثر على تنفيذ أجندات المبادرة. وربما ساعد هذا التركيز على التنفيذ وتحديد التوقعات بدقة للتعرف على أهمية تلك المبادرة في تحقيق ودفع عجلة التنمية العالمية، مع الإشارة إلى المبالغ الفعلية المستثمرة فعلا وما تم صرفه منها، وآليات ومحاور إنفاقها في كل دولة من الدول التي انضمت للمبادرة.

ثانيا: تقييم مبادرة "الحزام والطريق" بعد ست سنوات من الإعلان عنها. في السنوات الست الأولى من عمر تلك المبادرة، شهدنا تحولها من مبادرة تركز فقط على البنية التحتية إلى واحدة من أعظم المبادرات الاقتصادية حول العالم، والتي تضم الآن أيضا كافة مكونات التعاون الاقتصادي والصناعي والتكنولوجي والثقافي والقانوني والبيئي. في الوقت نفسه، زادت مبادرة "الحزام والطريق" من نطاقها الجغرافي من خلال تحويل تركيزها من منطقة طريق الحرير التاريخية كي تشمل العالم بأسره. وبات صانعو السياسة الصينيون يضعون أهدافا متزايدة الطموح لـلمبادرة، من مجرد تحقيق التنمية الاقتصادية إلى بناء مجتمع الحياة الرغيدة من "المصير المشترك للبشرية جمعاء". ومن هنا، فقد أكدت الصين خلال أعمال القمة الثانية للمبادرة على تقييم منجزاتها في السنوات الست الأولى، حيث قامت مراكز الفكر والدوائر الحكومية الصينية بجمع التقييمات الخاصة بالقطاعات المختلفة، وتحديد مجالات النجاح ومجالات التحسين والتطوير من أجل الارتقاء بتلك المبادرة عالميا.

ثالثا: التركيز على الآثار المترتبة على الأعمال التجارية بين الصين ودول المبادرة. عندما أعلن الرئيس شي في قمة "أبيك" في بابوا غينيا الجديدة، عن القمة الثانية لمنتدى "الحزام والطريق"، قال إن أعضاء منتدى التعاون لآسيا والمحيط الهادئ (أبيك) موضع ترحيب لحضور المنتدى. وهذا يمثل تغييرا كبيرا مقارنة مع القمة الأولى في مايو 2017، حيث جاء معظم المشاركين من الحكومات والمؤسسات الفكرية.

  مع ملاحظة، أن هناك شهية متنامية من قبل الشركات الصينية والأجنبية على حد سواء، للاستفادة من الفرص التجارية التي تقدمها المبادرة. وحسب مصادر حكومية صينية، فإن أكثر من 80 شركة مملوكة للدولة نفذت حوالي 3111 مشروعا استثماريا في بلدان "الحزام والطريق". لكن حجم أعمال المبادرة دفع المزيد والمزيد من الشركات الأجنبية إلى التفكير في كيفية الاستفادة منها. وقد قام الجانب الصيني بتسليط الضوء على أمثلة للشركات الأجنبية المستفيدة بالفعل من المبادرة كنوع من الترويج العالمي لها.

رابعا: المنتدى فرصة لقياس اتجاه العولمة عالميا. على خلفية الاحتكاكات التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، أصبحت الشركات الصينية مهتمة بتدويل تلك المبادرة عالميا، كي تشمل كافة بلدان العالم، ربما باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية. وعلى الرغم من استمرار المفاوضات الصينية- الأمريكية، فإنه ليس من المتوقع التوصل إلى اتفاق ذي معنى، خاصةً بعد حلول الموعد النهائي للاتفاق بين الطرفين في الأول من مارس 2019، وفقا لما توافق عليه الطرفان. وقد اغتنمت الصين القمة الثانية لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي كفرصة أخرى لتأكيد أهمية استمرار العولمة، أي عولمة الأعمال والمشروعات الاقتصادية الدولية، مع التأكيد على مخاطر الحمائية.

خامسا: الرد المباشر على انتقادات مبادرة "الحزام والطريق". كانت القمة فرصة للرد المباشر على بعض الانتقادات الموجهة للمبادرة ودحضها. فقد تم التأكيد على أن استثمارات المبادرة تتم بتقييمات أكثر شمولا للمخاطر المالية والبيئية والاجتماعية، مع الإعلان عن تدابير جديدة لتحسين شفافية مشروعات المبادرة ومواءمتها مع المعايير الدولية عالية الجودة.

سادسا: مثلت القمة فرصة لقياس تصورات المبادرة وفرصة لإعادة ضبطها. لقد أرسلت عدة دول ممثلين إلى المنتدى الثاني للحزام والطرق للتعاون الدولي. وذلك للوقوف على قياس ووضع تصور حقيقي حول: كيف تنظر مختلف البلدان إلى المبادرة. ومن هنا كان حرص الرئيس شي والصين على رفع مستوى تمثيل الدول، وذلك على مستوى الرؤساء ورؤساء الوزراء.

إن القمة الثانية لمنتدى "الحزام والطريق" للتعاون الدولي التي عقدت في بكين، قدمت الفرصة لإعادة تعيين التصورات التي قد تحدث فيها مشكلات؛ خاصة حول المسائل المتعلقة بالديون والشفافية والخصوصية ومشاركة الطرف الثالث لمراقبة عمل تلك المشروعات الصينية مع دول المبادرة.

--

  د. نادية حلمي، مدرسة العلوم السياسية بكلية السياسة والإقتصاد في جامعة بني سويف المصرية.

 

 

 

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4