ملف العدد < الرئيسية

الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني: نموذج لبناء "الحزام والطريق"

: مشاركة
2019-04-23 11:12:00 الصين اليوم:Source تشانغ هوي:Author

الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني مشروع اقتصادي ضخم يهدف إلى إنشاء طريق بري يربط بين مدينة كاشغر الصينية وميناء غوادر الباكستاني. وهو واحد من المشروعات الرئيسية لمبادرة الحزام والطريق، ويشتمل على شبكة طرق وسكك حديدية وخطوط أنابيب للنفط والغاز لمسافة ثلاثة آلاف كيلومتر، ويعد محورا هاما على طريق الحرير البحري للقرن الحادي والعشرين، ويلعب دورا حيويا في مبادرة "الحزام والطريق".

بناء الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، اقترحه للمرة الأولى رئيس مجلس الدولة الصيني لي كه تشيانغ أثناء زيارته لباكستان في مايو عام 2013، بهدف تعزيز التواصل والتنمية المشتركة بين البلدين.

في العشرين من إبريل عام 2015، أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ، خلال زيارته الرسمية لباكستان، على الدور الرائد الذي يلعبه بناء الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني في التعاون البراغماتي بين البلدين، لتحقيق التنمية المشتركة، من خلال التركيز على أربعة مجالات رئيسية، هي: ميناء غوادر والطاقة والبنية التحتية للنقل والتعاون الصناعي.

في التاسع عشر من مارس 2019، قال عضو مجلس الدولة ووزير خارجية الصين وانغ يي، بعد مشاركته في الحوار الإستراتيجي مع نظيره الباكستاني شاه محمود قريشي في بكين، إن الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني مشروع تاريخي للتعاون الصيني الباكستاني في العصر الجديد، وهو أيضا مشروع رائد هام لمبادرة "الحزام والطريق". أضاف وانغ: "الممرّ الاقتصادي الصيني- الباكستاني" يستهدف باكستان بأكملها ولا يقتصر على مناطق بعينها. وسيتم توسيع نطاق الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني في المستقبل، بحيث يستفيد منه المزيد من الباكستانيين."

مشروع ضخم ذو تأثير بعيد المدى

في ديسمبر عام 2017، أُعلنت خطة الممرّ الاقتصادي الصيني- الباكستاني الطويلة المدى (2017-2030)، التي وافقت عليها حكومتا الصين وباكستان. الخطة تربط مبادرة "الحزام والطريق" مع "رؤية باكستان 2025"، وتحدد المجالات الرئيسية للتعاون الثنائي، بما في ذلك الاتصالات والطاقة والتجارة والحدائق الصناعية والزراعة وتخفيف حدة الفقر وتحسين معيشة الشعب والأعمال المصرفية.

منذ بدء العمل في الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، تم إنشاء آليات عديدة للتشاور والحوار المشترك لتسهيل التنسيق الثنائي فيما يتعلق بهذا المشروع الضخم، ومنها الحوار الإستراتيجي بين وزيري خارجية البلدين، وآلية التشاور المشترك للأحزاب السياسية في إطار الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، ولجنة التعاون المشترك في إطار الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني.

في التاسع عشر من مارس عام 2019، عقد في بكين الاجتماع الأول لآلية التشاور المشترك للأحزاب السياسية في إطار الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، حيث أشار سونغ تاو، رئيس دائرة الاتصال الدولي باللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، إلى أن آلية التشاور المشترك للأحزاب السياسية في إطار الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني تعد ابتكارا لتعميق علاقات الأحزاب السياسية بين الصين وباكستان، ومنصة جديدة لتعزيز التعاون الصيني- الباكستاني في ظل مبادرة "الحزام والطريق". وأضاف: "منذ إطلاق بناء الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، هناك ما يقرب من 22 مشروعا قيد الإنشاء، و قد تم إنشاء بعضها، باستثمارات إجمالية قدرها 19 مليار دولار أمريكي. وبفضل ذلك تم توفير أكثر من سبعين ألف وظيفة للسكان المحليين في باكستان، وتعزيز نمو الاقتصاد الباكستاني إلى حد كبير."

وفيما يتعلق بمسألة تمويل بناء الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، التي أثارت الكثير من الجدل في جميع أنحاء العالم، قال وانغ يي إن الجانب الصيني استثمر مباشرة أو قدم مساعدات مجانية لأكثر من 80% من مشروعات الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني الحالية، وفي أقل من 20% من مشروعات الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني استخدم الجانب الباكستاني قروضا من الجانب الصيني. لم تؤد مشروعات الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني إلى زيادة عبء الجانب الباكستاني، بل على العكس، تقدم المساعدة لضخ حيوية في الاقتصاد الباكستاني المحلي.

في الاجتماع الأول لآلية التشاور المشترك للأحزاب السياسية في إطار الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، أشار تشاي دونغ شنغ، مدير عام مركز تعزيز بناء "الحزام والطريق" التابع للجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، في كلمته إلى أنه بحلول نهاية عام 2018، تم تشغيل سبعة مشروعات للطاقة بقدرة توليد كهرباء إجمالية 5ر19 مليار كيلووات/ ساعة سنويا، وباستثمارات بلغت 1ر5 مليارات دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تلبي الطلب على الكهرباء لحوالي 6ر8 ملايين أسرة باكستانية. وحسب السيد تشاي، هناك خمسة مشروعات أخرى لتوليد الطاقة تحت الإنشاء باستثمارات إجمالية 2ر8 مليارات دولار أمريكي، أما في مجال النقل، فقد بدأ إطلاق ثلاثة مشروعات باستثمار إجمالي 8ر5 مليارات دولار أمريكي. كما أشار تشاي إلى أن الجانبين اتفقا على تعميق تعاونهما لتحسين معيشة السكان المحليين، بما في ذلك التعاون في مجالات الزراعة والتعليم والرعاية الصحية وإمدادات المياه وتخفيف حدة الفقر والتدريب المهني. ومن أجل تسريع عملية التصنيع في باكستان، قام الجانبان بتعزيز البناء الشامل لغوادر وتسريع خطى بناء المطار الدولي الجديد ومحطة تحلية مياه البحر ومستشفى الصداقة الصينية- الباكستانية ومدرسة مهنية، وغيرها.

قصة التعاون والفوز المشترك في ميناء غوادر

تطوير الشحن والتجارة في ميناء غوادر، بالاستفادة من موقعه الجغرافي المتميز وظروفه الطبيعية الممتازة، وبالتالي تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية في ميناء غوادر وكل محافظة بلوشستان، كان حلما طويل الأجل لباكستان حكومة وشعبا. ولكن، بعد ثماني سنوات من اكتمال بناء هذا الميناء في عام 2005، ظل ميناء غوادر يبدو وكأنه قرية صيد فقيرة.

في عام 2013، من أجل تلبية دعوة مبادرة "الحزام والطريق" وتعزيز التعاون الاقتصادي الصيني- الباكستاني، تسلمت شركة الصين القابضة المحدودة للموانئ التجارية حق إدارة وتطوير ميناء غوادر دون أي تغيير في اتفاقية التشغيل الأصلية للميناء.

استرجع تشانغ باو تشونغ، رئيس مجلس إدارة شركة الصين القابضة المحدودة للموانئ التجارية، أحوال الميناء قبل دخول شركته، فقال: "كان السكان المحليون يعيشون حياة صعبة بدون الكهرباء ومياه الصنبور."

حتى نهاية عام 2018، استثمرت شركة الصين القابضة المحدودة للموانئ التجارية أكثر من خمسين مليون دولار أمريكي في مشروع إصلاح الميناء، مثل إصلاح الطرق الوعرة، وتجديد المستودعات المتداعية، وإعادة تشغيل مصانع تحلية مياه البحر التي هُجرت تقريبا. وتم بناء ساحة تخزين مساحتها مائة ألف متر مربع، وخمس رافعات حاويات. كل ذلك جعل الميناء يتمتع بأعلى كفاءة تشغيل في المنطقة المجاورة. في السابع من مارس عام 2018، تم تشغيل "خط الملاحة البحرية بين غوادر والشرق الأوسط" لسفن الحاويات، رسميا، فتحقق هدف تنمية ميناء غوادر ليرتبط بالموانئ العالمية الرئيسية. في التاسع والعشرين من مارس عام 2019، بدأ مشروع بناء مطار غوادر الدولي الجديد رسميا.

بالإضافة إلى ذلك، في الثامن والعشرين من يناير عام 2018، افتتحت المرحلة الأولى لمنطقة التجارة الحرة في غوادر، بعد عامين من البناء، باستثمارات إجمالية قدرها 150 مليون دولار أمريكي. في منطقة التجارة الحرة، يمكن للمستثمرين الاستمتاع ببيئة عمل مريحة آمنة مع خدمات على مدار 24 ساعة كل يوم، مثل إمداد الكهرباء والمياه والاتصالات السلكية واللاسلكية. جذبت المرحلة الأولى لهذا المشروع ما يقرب من ثلاثة مليارات يوان، ومن المتوقع أن توفر منطقة التجارة الحرة عشرة آلاف وظيفة لمنطقة غوادر، وقيمة إنتاج سنوية مليار يوان بعد إنجاز بناء كل المشروع.

وفي الوقت نفسه، تقوم شركة الصين القابضة المحدودة للموانئ التجارية بنشاط بمسؤوليتها الاجتماعية في باكستان. منذ مايو عام 2018، ظلت الشركة تقدم للمواطنين المحليين ثلاثمائة ألف غالون من المياه العذبة يوميا، مما أدى إلى تخفيف النقص في إمدادات المياه للسكان المحليين إلى حد كبير. وبمساعدة المؤسسات الخيرية الصينية، استكملت الشركة بناء مدرسة ومركز للطوارئ الطبية في منطقة غوادر.

من وجهة نظر تشانغ باو تشونغ، لا تنفصل إنجازات شركته عن دعم حكومتي وشعبي البلدين. قال: "قلت في كثير من الأحيان للصحفيين إن غوادر مكان أكثر أمانا بالمقارنة مع باريس ونيويورك. في السنوات الخمس المنقضية، حافظ ميناء غوادر على سجل لا تشوبه شائبة من معدل الجريمة والحوادث والإصابات."

ممرّ يضع أجنحة حلم التنمية للمحليين

منذ إطلاق مشروعات الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، حصل على دعم من جميع أوساط المجتمع الباكستاني. أشار رئيس وزراء باكستان عمران خان في اجتماع داخلي عقد في يناير عام 2019، إلى أن مشروعات الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني المكتملة كانت في صالح باكستان، وستتيح للشعب الباكستاني فرصا كبيرة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية. وأعرب عمران خان عن أمله بالإسراع في بناء الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، وأصدر تعليمات بإنشاء لجنة استشارية لأعمال الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني لتزويد الحكومة بتوصيات سياسية لتشجيع بناء المجمع الصناعي في الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني.

وقال قاسم سوري، رئيس لجنة حزب حركة الإنصاف الباكستانية (پاکستان تحريک انصاف)، نائب رئيس البرلمان الباكستاني، في الاجتماع الأول لآلية التشاور المشترك للأحزاب السياسية في إطار الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني الذي عقد في 19 مارس عام 2019، "إن بناء الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني لا يفيد شعبي الصين وباكستان فحسب، وإنما تعم فائدته المنطقة بأسرها." وعبر عن اعتقاده بأن هذا المشروع الضخم يمثل فرصة واعدة وتاريخية لتحقيق التنمية الكبيرة في باكستان. وأضاف: ""بناء الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني لم يخلق الكثير من فرص العمل فحسب، وإنما أيضا أتاح لمواطنينا فرصة عظيمة للحصول على المهارات." كما أشاد بوفاء الشركات الصينية بمسؤولياتها الاجتماعية بشكل نشيط في باكستان، والمساعدة في حل المشكلات المعيشية للسكان المحليين، مثل توفير مياه الشرب لسكان غوادر. كما أعرب عن أمله في تعزيز التعاون بين باكستان والصين في كافة المجالات في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، وتعلم المزيد من تجربة الصين، على سبيل المثال في مجال الحد من الفقر.

وقال أمان الله خان محافظ بلوشستان في الاجتماع الأول لآلية التشاور المشترك للأحزاب السياسية في إطار الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني، "إن الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني يجسد الصداقة غير العادية بين البلدين، ويجلب للناس الأمل في مستقبل أكثر إشراقا. إن جميع الأوساط الباكستانية تتفق على أن هذا المشروع الاستثماري الطويل الأجل لا يجلب الأمل للناس في خلق حياة أفضل فحسب، وإنما أيضا يفيد الأجيال القادمة ويعزز التنمية الاقتصادية المستدامة." وأشار أمان الله إلى أن بناء ميناء غوادر يجلب فرص تنمية غير مسبوقة لهذه المنطقة، كما أن بناء الممر الاقتصادي الصيني- الباكستاني عزز السلام الإقليمي. وقال: "لا شك أن مبادرة "الحزام والطريق" تجعل الدول على طولها تشكل رابطة ذات مصير مشترك".

 

©China Today. All Rights Reserved.

24 Baiwanzhuang Road, Beijing, China. 100037

京ICP备10041721号-4